الخميس، 7 أبريل 2016

مروية بخارية والرجم والفلتة

مروية بخارية والرجم والفلتة

 من مروية بخارية طويلة:
[ 6442 ] حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن بن عباس ".................. فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ألا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم وقولوا عبد الله ورسوله ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه تغرة أن يقتلا ...............
هذه المروية تتضمن كوارث تكفي لنسف الدين واجتثاثه من جذوره:
الكارثة الأولى:
قوله: "فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف".
فهو إقرار بأنه كانت هناك آية يسميها عمر بآية الرجم، وأنها لم تُكتب، وهو كان يخشى من أن يتجاهلها الناس من بعد، وهذا القول يضع كتاب الله موضع الشك ويتنافى مع التعهد الإلهي بحفظه، وهذا مرفوض رفضا باتا من كل مؤمن، فلا يبقى إلا احتمال أن يكون علم عمر بالقرءان غير دقيق أو أنه كان مخطئا خطأً جسيما ولم يجد من يثنيه عن خطئه وإما أن القصة ملفقة، وهذا ينسف كتاب البخاري وينسف معه المذهب الذي يتخذ منه عمليا الكتاب الديني الأول والمصدر الأعلى للدين، هل يوجد أي احتمال آخر؟!
الكارثة الثانية:
قوله: ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم.
فما هي العلاقة بين هذا القول وبين القول الذي قبله؟! لا يجمعهما إلا الزعم بأنه هناك عبارات كانوا يعتبرونها من القرءان، ولم تُكتب!!! وهل هذا الكلام الركيك يصلح لأن يكون آية قرءانية أصلا، وكيف مرر مثله أرباب الفصاحة والبلاغة؟!
وهنا يتكرر ما سبق قوله:
وهذا القول يضع كتاب الله موضع الشك ويتنافى مع التعهد الإلهي بحفظه، وهذا مرفوض رفضا باتا من كل مؤمن، فلا يبقى إلا احتمال أن يكون علم عمر بالقرءان غير دقيق أو أنه كان مخطئا خطأً جسيما ولم يجد من يثنيه عن خطئه وإما أن القصة ملفقة، وهذا ينسف كتاب البخاري وينسف معه المذهب الذي يتخذ منه عمليا الكتاب الديني الأول والمصدر الأعلى للدين، هل يوجد أي احتمال آخر؟!
الكارثة الثالثة:
قوله: ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه تغرة أن يقتلا
فهذا إقرار بأن بيعة أبي بكر كانت فلتة، وقد زعم أن الله وقى شرها، وهو هنا يحمل الله المسؤولية عن أفعال بشرية ويتحدث بغير حق نيابة عنه، والحق هو أن شر هذه الفلتة كان مستطيرا، وقد دفع المسلمون والبشرية معهم ثمنها باهظا، فقد تحولت هذه الفلتة إلى دين ملزم تُستباح دماء الناس بسببها، وسيظل يوجد من يعتبر هذه الفلتة التي تحولت إلى نظام يسمونه بالخلافة الشيء الأقدس في الدين الذي يعرفه الدهماء وأئمتهم، وستظل حائلا رهيبا يمنع التطور الطبيعي للناس والأمة.
والمروية البخارية توضح أنهم لم يستندوا إلى أي نص قرءاني ولا إلى قول للرسول في فرض هذه الفلتة على الناس، جاء فيها:
حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نريدهم فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم فقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار فقالا لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا أمركم فقلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم فقلت من هذا فقالوا هذا سعد بن عبادة فقلت ما له قالوا يوعك فلما جلسنا قليلا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت فقال ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم أكره مما قال غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر اللهم إلا أن تسول لي نفسي عند الموت شيئا لا أجده.
هل رأى أحدكم أي احتجاج بكتاب الله أو بقول للرسول؟
الاحتجاج كان فقط بالقول: "ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا"!!!!
الاحتجاج كان بما جاء الإسلام ليقوضه!!! العلو القبلي والعنجهية القبلية!!!
ولكن هل تقبل العرب سيادة قريش عليهم باسم الدين؟!
كان الرد ظهور متنبئين وارتداد أكثر العرب وحروب دموية طاحنة انتهكت فيها كافة الأعراف والمقدسات، ولم يتم الالتزام فيها بشريعة الإسلام في القتال!!
وجاء في المروية البخارية العتيدة:
فقال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف فقلت (أي عمر بن الخطاب) ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة فقلت قتل الله سعد بن عبادة
هكذا تمَّ اختيار أبي بكر ليقوم بالأمر، وهذا ما يُراد فرضه على الناس إلى يوم القيامة كدين واجب الاتباع يكفرون من لا يؤمن به ويسفكون الدماء ويسعون في الأرض فسادا بسببه ويمزقون شمل المسلمين ويصدون الناس به عن سبيل ربهم.
ولكن ماذا فعل سيد الخزرج سعد بن عبادة لينزو عمر ومن معه عليه وهو مريض أعزل؟! هل ما فعله يتفق مع أي دين أو حتى إنسانية؟ ما هي جريمة سعد بن عبادة الذي لم ينطق بكلمة؟ سعد بن عبادة كان سيد القبيلة التي آوت المهاجرين ونصرت الرسول، وبسيوفهم انتصر الإسلام على قوى الكفر والشرك القرشية، وكان هو من النقباء الاثني عشر الذين كانوا أول من آمن وبايع الرسول من الأنصار، وتحمل أذى قريش التي طاردته وأمسكت به وأخذوه وربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله، وأدخلوه مكة وهم يضربونه، وهذا ما لا يتفق حتى مع تقاليد الجاهلية.
أما قول عمر "قتل الله سعد بن عبادة" فهو فيها يحمِّل الله تعالى المسؤولية عن أفعال بشرية ويتحدث بغير حق نيابة عنه، أما إذا كان يدعو على سعد بذلك فهذا خطأ جسيم في حق واحد من أكابر السابقين الأولين من الأنصار الذين قال الله فيهم:
{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} [الحشر:9]، {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم} [التوبة:100]
ولم يقترف سعد بن عبادة في السقيفة ما يوجب معاملته بهذه الغلظة والهمجية، بل كان مريضا مزملا لا يقوى على الحركة، وبافتراض أن قبيلته كانت تريده أن يلي الأمر، فهذه ليست جريمة توجب أو تبرر ما تعرض له.

والآن ماذا لو تمَّ عمل فيلم سينمائي يظهر للناس ما حدث في السقيفة وتم عرضه على الناس في الغرب مثلا، هل سيرون فيما حدث قيما عليا وأسوة حسنة يجب عليهم ترك نظمهم الحديثة واتباعها؟! أم سيرون أن ديمقراطية أثينا وجمهورية روما قبل السقيفة بقرون طويلة كانت أرقى وأمثل؟!
وسعد بن عبادة لم يحاول مقاومة ما حدث في السقيفة، ولكنه عندما تولى عمر الأمر بوصية من أبي بكر هاجر إلى حوران بالشام حيث تم ملاحقته هناك واغتياله، وتم نسبة هذه الجريمة للجن الأبرياء المساكين؛ أي بالعامية المصرية "لبسُّوها للجن"!!
أليس من الأفضل للمسلمين أن يفصلوا بين الأمور الدينية وبين الأمور التاريخية؟
أليس من الأفضل لهم أن يأخذوا بمنهجنا الذي بإعماله تم استخلاص البنيان الشامخ لدين الحق، وهو أرقى بكثير من المذاهب التي حلَّت محله والتي كان السبب في إحداثها الصراعات القبلية والسياسية والأمور التاريخية؟!



*******

هناك 3 تعليقات: