الأحد، 19 أبريل 2015

الأنعام 27-30


الأنعام 27-30

{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)} [الأنعام]

إن الله تعالى يعطي لكل إنسان ما يكفي من مجال لتصل نفسه إلى مرتبتها وتظهر حقيقتها، وهو الأعلم بالمدة الكافية اللازمة لذلك، وليس للإنسان أن يزعم لنفسه ما لا قدرة له عليه ولا أن يحاول أن يخادع ربه، فلن يخدع إلا نفسه، وليس لدى الإنسان القدرة على تغيير طبيعته الجوهرية التي ترتبت صورتها النهائية على أعماله الاختيارية بعد أن فقد آلات وآليات التغيير.
لذلك فخلود الذين أشركوا وكفروا في النار لا ظلم فيه، ولو عاشوا أبد الدهر لما اختاروا إلا ما سبق أن اختاروه لأنفسهم، ولكنها صدمة رؤية النتيجة الحقيقية للأعمال، وكلامهم يدل على ما كانوا يعلمونه بمقتضى الفطرة، ولكنهم اختاروا الكفر على الإيمان، وعليهم أن يتحملوا بمقتضى العدل عواقب اختياراتهم.
والمقولة الأساسية للكافرين هي: "إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ"، فكل من كان لديه عدم يقين باليوم الآخر فيه لا محالة شيء من الكفر، ولذلك فمن علاماتهم حتى يعرفوها في أنفسهم أن تكون الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم، لا يقيمون في أعماق أنفسهم أي وزن لشيء لا يحقق لهم نفعا دنيويا، يريدون أن ينالوا منها الحظ الأوفر في كل شيء، ولذلك كان من أركان الإيمان التي يجب أن يقويها الإنسان في نفسه الإيمان باليوم الآخر، ومن آمن بالله وباليوم الآخر يُرجى له الخير وإن طال المدى، وإن نودي من مكان بعيد.
وفي الآية 30 إشارة إلى الإقرار والعهد القديم: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين} [الأعراف:172]، لقد قالوا "بلى" قديما، وسيقولونها أيضا في اليوم الآخر، وسيقرون بأن كل ما قاله لهم ربهم هو الحق، ولكنه الإقرار بعد فوات الأوان، ولذلك كان هذا اليوم حسرة على الكافرين.


*******

هناك تعليق واحد: