الجمعة، 14 أكتوبر 2016

الرد المتعافي الساحق الماحق على المهرج سلهب الآبق

الرد الساحق الماحق على المهرج سلهب الآبق
عنوان بديل:
الرد الساحق المرعب على المهرج المسكين طحلب

لما واجه المسلمون الأمم العريقة التي عندها علم الكتاب وعندها الفلسفة وجدوا أنفسهم مطالبين من الآخرين بتقديم البراهين على صحة الرسالة وعلى صدق ما تضمنه القرءان من معلومات غيبية، ولم يكن من الممكن إحالتهم إلى كتاب هم لا يؤمنون به أصلاً، وكان مسلمو هذا العصر أنفسهم لا يقدرونه حق قدره ولا يحيطون بما فيه من علوم، ومازال هذا الوضع قائما إلي الآن، ولم يكن من الممكن الاستدلال بمعجزة حسية جاءت عن طريق مرويات يمكن لمن لا يسلم إلا بالضروريات إنكارها بكل سهولة، بل قد يستدل بها علي أن الأمر كان حديث خرافة.
ولقد تصدي المعتزلة للمجادلين من أهل الملل والنحل المختلفة، وحاولوا استعمال البراهين العقلية للرد على هؤلاء، وهم بذلك قد حاولوا إدخال قدر من العقلانية في الصيغة الدينية السائدة، والتي عمل الأمويون على نشرها وكأنها صحيح الإسلام، ولقد نجحوا في أن يجتذبوا إلي الإسلام أعدادا أكبر من تلك الذي أفلح الأثريون والحشويون في صدهم عنه، ثم ظهر المذهب الأشعري وكذلك الماتردي كمحاولة للتوفيق بين المعتزلة وبين أهل الأثر، فظهور هذه الاتجاهات أملتها ظروف العصور قديما.
ولذلك لا يجوز إنكار مجهودات وإنجازات المتكلمين أو رجال العقائد والأصول من المسلمين، ومنهم المعتزلة، ولكن لا يجوز أيضًا اعتبار أن ما توصلوا إليه هو الحق المطلق، فقد كانوا مقيدين بأحوال عصرهم وسقفه الحضاري، وكانوا منبهرين كغيرهم من المتكلمين بالفلسفة والمنطق اليوناني، ومن المعلوم أن دراسة المنطق الصوري كان وما زال جزءا من مناهج المتكلمين، أما حججهم فهي الآن لا يمكن أن تجتذب أحدا إلى الإسلام، وإنما يمكن أن تسبب في انفجاره إما من الضحك وإما من الغيظ.
وفي كل الأحوال فكل كلامهم لا يرقى إلى مستوى دين الحق، وما لديهم من مفاهيم Concepts عن رب العالمين لا ترقى إلى مستوى المفهوم الإسلامي، وقد تجاوز العصر الحديث مقولاتهم وأسسهم، ويكفي القول بأن حقيقة أن الزمان نسبي تقوض الكثير من مقولاتهم.
ومن البديهي ومن الأمانة والشرف أن كل طائفة تزعم أنها إسلامية يكون من الواجب عليها الإذعان لما هو منصوص عليه في القرءان أو لما هو من منطوق ومفهوم نصوصه، ومن النفاق المستفحل والضلال المبين أن تتجاهل أية طائفة القرءان عند صياغتها لعقيدتها.
لذلك عندما يرد نصّ على أن القرءان كلام الله يجب أولا التسليم به، هذا مع الإقرار بأن الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، ولكن هذا التنزيه لا يعني نفي ما أثبته الله تعالى لنفسه من أسماء وما تشير إليه من أفعال وسمات، لذلك قال تعالى في نفس النص: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير}، فأثبت بذلك لنفسه السمع وأثبت أنه يسمع، ولا جدوى من محاولة المعتزلة نفي فعل السمع لورود النص: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير}[المجادلة:1].
فالله تعالى يثبت لنفسه بذلك فعل السمع، وأنه يسمع الكلام البشري، ولا يوجد أي مبرر لنفي فعل أو سمة السمع لحساب سمة وفعل العلم، فلا يوجد أي تعارض بين الأمرين، ولقد نسب الله تعالى العلم إلى نفسه فعلا وسمة واسما.
سيقولون إن إضافة الكلام إليه هي إضافة تشريف وملكية مثلما أضاف الناقة إلى نفسه، والرد عليهم هو أن الكلام سمة وفعل وليس عينا من الأعيان أو جسما من الأجسام، ولقد أثبت الله تعالى لنفسه فعل الكلام، فلا يوجد ما يبرر صرفه عنه أو تأويل إضافة الكلام إليه، قال تعالى: {.... وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء:164]، ولقد قصَّ على الناس في كتابه كلامه لموسى وقال إنه المتكلم بكافة الأساليب، وضمَّن كتابه هذا الكلام، قال تعالى:
{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي} [طه:14]، {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} [النمل:9]، {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} [القصص:30]
لذلك، فرغم مآثر المعتزلة فقد تسببوا في كوارث كبرى أثَّرت على بنيان الدين وطرق التعامل معه، ولقد قمنا بتحليل وتفنيد بعض مقولاتهم في الأمور العقائدية، ولقد نشرنا بعض ذلك في رسائل قصيرة على صفحة الفيسبوك، ولقد نشرنا كثيرا منشورات تتضمن ذكرا لبعض كوارث وكفريات الطائفة الضالة المسماة بالمعتزلة حتى لا يضل الناس بها.

من كوارث وكفريات المعتزلة:
1.     إنكارهم السمات (الصفات) الإلهية الثابتة بالقرءان، والسمات ثابتة لله في القرءان إما بثبوت الأسماء الحسنى؛ فكل اسم من الأسماء يشير لا محالة إلى سمة، وإما بورود السمة صراحة في القرءان منسوبة إلى الله تعالى، أو الفعل الذي هو من مقتضياتها، ومن السمات التي وردت في القرءان صراحة: الرحمة، المغفرة، العلم، الجلال، القوة، العزة، الحمد، الحكم، الكبرياء، الفضل، السلام، الولاية، الطول، ... الخ.
2.     محاولاتهم اختزال السمات وتفريغها من معانيها، ومن ذلك إرجاع بعض السمات إلى سمة أخرى أثيرة لديهم، ومن ذلك  محاولاتهم إرجاع السمع والبصر إلى العلم، هذا مع أنهم ينكرون السمات (الصفات) أصلا.
3.     زعمهم أن أسماء الله أعلام محضة مترادفة لا تدل إلا على ذات الله فقط، وليست دالة على سمات لله تعالى، وهذا من الإلحاد في أسماء الله.
4.     ظنهم أن الخلق هو الفعل الإلهي الوحيد أو الأعلى المهيمن على كل الأفعال الأخرى، والحق هو أن لله تعالى من الأفعال ما لا حصر له، وقد ذكر القرءان بعضها صراحة أو ذكر الأسماء الحسنى التي تقتضيها، وكل فعل يتميز عن الآخر بمعناه الخاص، فلا تكرار فيها ولا ترادف، وكل فعل منها له مجاله وأفعاله ونواتج أفعاله، وهذا الخطأ هو سبب قولهم بأن القرءان مخلوق؛ فهم بذلك ينكرون من الأفعال الإلهية: التكليم، الإرادة، القضاء، الأمر، النهي، الإكرام، العقاب، المشيئة، الإرادة، القضاء، الخلق، الأمر، الكلام، الحكم، التصوير، الجعل، القول كن، التقدير، التدبير، التفصيل، التجلي، الفطر، الإحسان، الإنعام، الرزق، التبيين، الجمع، الإنذار، التبشير، الإرسال، الصلاة، الكتابة، التوصية، الشرع، الإحياء، الإماتة، التوفي، النهي، الهدي، الإضلال، الإخراج، الرضى، الغضب، الانتقام، العقاب، التعذيب، الختم، الطبع، الابتلاء، المسّ بالضر، القبض، البسط، الإنشاء، الإتمام ..... الخ، هذا فضلا عن الأفعال التي هي مقتضيات الأسماء الحسنى.
5.     عدم التمييز بين السمة (الصفة) الإلهية وبين مجالها، فيبدو أنهم يجهلون أن اللغة العربية تستعمل المصدر (اسم المعنى) للدلالة على المعنى وعلى مجال المعنى أيضا! (السمة هي الأمر أو المعنى الثابت لله تعالى، أما الصفة فهي ما لدى الناس من تصور أو مفهوم عنها).
6.     عدم التمييز بين الفعل وبين مجاله، فيبدو أنهم يجهلون أن اللغة العربية تستعمل المصدر (اسم المعنى) للدلالة على الفعل وعلى مفعول الفعل أو مجال الفعل!
7.     قولهم بأن القرءان مخلوق.
8.     ظنهم أن القضايا الإيمانية تخضع لمنطقهم المتخلف!
9.     تحكيمهم ما يسمونه بـ(العقل) الذي لا يكادون يعرفون عنه شيئا في الأمور الإلهية والغيبية.
10.  جعلهم ما يسمونه بـ(العقل) الحكم الوحيد فيما يسمونه بحسن أو قبح الأفعال وأن الله يثيب ويعاقب وفق مقتضى هذا العقل، وهم بذلك يحاولون إخضاعه سبحانه لأحكام عقولهم المحدودة.
11.  محاولتهم إلزام الله بأقوالهم وتصورات عقولهم.
12.  قياسهم لله تعالى الذي له العلو المطلق والغيب المطلق على مخلوقاته، وهم يريدون إلزامه بأمور مثل "قياس الغائب على الشاهد وقياس المخالفة".
13.  إهمالهم الجوانب الوجدانية من الدين.
14.  قولهم إن الإنسان يخلق أفعاله.
15.  قولهم بأن مقترف الجريم فاسق مخلد في النار، وليس بمؤمن!

16.  نفيهم للشفاعة، مع نص القرءان على أن هناك شفاعة بإذنه.

ولذلك كان العامة الذين يأخذون العقيدة من محض آيات القرءان أفضل منهم إيمانا وأسلم قلوبا وأعظم تقوى.
ويتحدث المعتزلة (وهم طائفة ضالة من الطوائف التي ابتليت بهم الأمة) عما يسمونه بـ (العقل) وكأنه إله معصوم له الحكم التام والفصل في كل الأمور، فهل هذا صحيح؟
ولا علاقة لمفهومهم عن العقل بشيء حقاني موضوعي، فلا علاقة له بالقرءان الكريم، ولا علاقة له بالعلم الحديث، ولا علاقة له حتى بالفلسفة.
وما يسمونه بـ(العقل) يبقى ملكة إنسانية محدودة بحدود الإنسان نسبية مقيدة مثله، فلا يمكن لمخلوق مقيد أن يمتلك ملكة مطلقة، وهو بعد كل ذلك أسير ما بُرمج عليه فقير إلى معطيات الحواس وإلى المعلومات.
ولكل ذلك فحكمه على الأشياء نسبي محدود مقيد، ولا يمكن لأحد يماري في ذلك!
وهم يتكلمون عن العقل وكأنه هو ملكة الحكم على الأشياء، والمقصود بها هنا الأفعال الإنسانية، فهل هذا صحيح؟ كلا بالطبع فالحكم على الأشياء من وجهة النظر الدينية هو لله تعالى وحده، لا شريك له في ذلك، ومن يقل إن لغيره الحكم معه في أمر أو شأن ديني فهو ضال مشرك!
ووجود ظاهرة الرسل والأنبياء والرسالات الإلهية هي دليل قاطع وبرهان مبين على أن (العقل) الإنساني ليس كافيا لإدراك أمور عالم الغيب وحقائق الأمور.
وما يسمونه بالعقل ليس في الحقيقة إلا الملكة الذهنية للإنسان، هذه الملكة تنمو في ظل البيئة التي يحيا فيها الإنسان وتستمد منها منطقها وتصوراتها، فهي تتشبع بالكيانات الأمرية في البيئة وتُبرمج على العمل بها، فهي نسبية كمَّا ونوعا، فلا يجوز لها أن تحكم فيما هو خارج نطاقها، وبالطبع هناك نقاط مشتركة فيما بين كل الناس تؤدي إلى تشابه عقولهم في مجالات كثيرة.
*****
نشرنا منذ حوالي ثلاث سنوات منشورا يتضمن ذكرا لبعض كوارث المعتزلة، ويوجد شويخص ظريف اسمه "سلهب" يحاول عبثا إحياء مذهب المعتزلة البالي، ذهب هذا البوق الأجوف إلى أحد المواقع التي لا نعرفها، وكتب هناك ما يتصور أنه ردود على المنشور، بعد مدة أخبرنا أحد المتابعين بما فعله، قرأنا ردوده التافهة بسرعة، قمنا بالردّ عليه على إحدى صفحاتنا في حينه، فلم يجرؤ على التعقيب، ثم جاء أحد دراويشه وعبيده حديثا وزعم أنه ناظرنا وغلبنا!! فجنى هذا الكذاب الأشر على نفسه وعلى ربه المزيف، هذا الأحمق يزعم أن سلهب إمام، وأنه لا يسأل عما يفعل!!! ويبدو أن سلهب ودراويشه لم يدركوا أنهم وقعوا في هذه المرة بيد من لا يرحم الضالين والمهرجين المفتونين.
والمنشور والردود موجودة باختصار في كتابنا المطبوع:
رسائل وتعليقات منشورة على شبكة المعلومات (VIII)، 2013
وسننشر في هذه المقالة المنشور والردود المزعومة عليه والردود على هذه الردود.
والحق أنه بصفة عامة لم يقدم أي ردود بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة، وإنما كان يسوق بعض العبارات كيفما تيسر له، وهو يعلم جيدا أن دراويشه سيعتبرون كتابة أي كلام تحت المنشور ردا، فلقد تبيَّن أنهم لا يكادون يعلمون شيئا عن مذهبهم، وبالفعل كلما قرأ أحدهم على صفحتنا نقدا لمذهبهم الذي لا يفقهونه صرخ: سلهب سلهب سلهب!!!!!
ورغم سوء أدب هذا السليهب فلم نطرده من الصفحة في حينه، وقد شكر لنا ذلك، ولم نطرده إلا حديثا، وكان ذلك إنقاذا له من الورطة التي أوقعه فيها دراويشه السفهاء.
وحيث أن ردود سلهب المزعومة مازالت موجودة في مقال على شبكة المعلومات فإننا نجد أنفسنا مضطرين إلى نشر ردودنا عليها من باب رد العدوان والانتصار من أهل البغي والتصدي للمبطلين والنهي عن المنكر، وحتى لا يضل بسببه المزيد من المساكين، وبالطبع لا قيمة لدراويشه السفهاء بعد أن أثبتوا بسلوكهم المشين أنهم يستحقون عن جدارة واستحقاق شتيمة بشعة لا يجوز التلفظ بها.
ولقد أثبت المعتزلة الجدد أنهم لا يملكون إلا الجعجعة والجدل العقيم والسفسطة والمغالطة والأساليب الصبيانية، أما أسلافهم فكانوا لا يتورعون عن الاستعانة بالسلطات على خصومهم، فلما ارتد سلاحهم عليهم زعموا أنهم شهداء العدل والعقل فأثبتوا أنهم بلا عدل ولا عقل وأنهم إذا حدثوا كذبوا وإذا خاصموا فجروا!
*******
الردود على هراء سلهب

سننشر هاهنا أقوالنا في المنشور الأصلي وردود سلهب المزعومة عليها وتفنيد ما يتوهم أنه ردود
قلنا: مهما كانت أسباب نشأة المعتزلة فقد كان أثر ظهورهم كارثيا على الأمة لأسباب كثيرة منها:
لقد جعلوا المنطق الصوري هو أساس البحث في الإيمانيات، ومن المعلوم أن هذا المنطق أجوف لا يمكن أن يعطيك من نتائج أية مسألة تخضعها له أكثر مما أودعته في مقدماته أصلا، فهو مجرد محلولات لإثبات أن أ = أ باختصار شديد.
قال سلهب: ((( طبعا لا يعرف أن المعتزلة والأوائل خصوصا لا يستخدمون المنطق الصوري وانما يستخدمون منطقا غير صوري, وعلى العكس شنوا هجوما على المنطق الصوري ونقدوه كثيرا كما فعل الإمام النظام, ومناظرة السيرافي مع ابن متى المنطقي لدليل أيضا على هذا, ولكن كالعادة الدكتور الجهبذ يحاكمنا إلى جهله ويرفض أن يستمع إلى الأدلة والحقائق))).
قولنا: ما هي هذه "العادة" التي يتحدث عنها هذا المتخلف؟! ولماذا يعمد منذ البداية إلى الإساءة؟ ألا يثبت بذلك سوء خلقه؟ هل كانت توجد أية خصومة شخصية من قبل تستدعي هذا الرد العدواني؟! ألم يكن من الأفضل له أن يحاول أن يعطي إجابة شافية عما هو مكتوب في الرسالة؟ ولماذا لم يكتب ما يسميه بالأدلة والحقائق؟
وأي منطق استعمله المعتزلة في استنتاج تخاريفهم المشهورة وتحكماتهم التي يريدون إلزام رب العالمين بها؟ إننا ندعو كل المهتمين إلى مطالعة أقوالهم التي ساقوها لإثبات أصولهم المعلومة، وليقولوا لنا أي نوعٍ من المنطق استعمله المعتزلة، هل هو المنطق الصوري أو العلمي أو الرمزي .. الخ؟ هل استعمل المعتزلة المنطق العلمي قبل وجوده مثلا؟ وهل كان يجوز أصلا إخضاع رب العالمين لأي نوع من أنواع المنطق؟ ألا تتعالى أسماء الله الحسنى التي سمَّى بها نفسه علوا كبيرا على كل أنواع المنطق المستخلص من هذا العالم المشهود؟ هل تخضع الكيانات الدقيقة مثلا لمنطق المعتزلة الذي يريدون إلزام رب العالمين به؟
وجلّ استدلالات المعتزلة قائمة على اقتطاع جزء من الآية القرءانية بعيدا عن سياقها الخاص وعن السياق القرءاني العام ثم فرض رأيهم على هذا الجزء باتباع منطقهم المعوج.
وكما هو في المنشور كان مسلك المعتزلة عقيما كارثيا، فمنطقهم لا يمكن أن ينتج علما دينيا حقيقيا كما هو ثابت، وهم في الحقيقة لم يستطيعوا الوفاء بالشرط المذكور، وهو إثبات أن أ = أ إلا في حالات محدودة، ولكنهم في أحيان كثيرة تجاهلوا أكثر القرءان ليجردوا حتى (أ) هذه من معناها ومقوماتها، ويكفي لبيان تهافتهم التصور الذي لديهم عن رب العالمين، إن إله المعتزلة ليس هو الإله الحقيقي الذي أنزل القرءان وأكمل للناس الإسلام، إنهم لا يعبدون إلا تصورا مختلقا وملفقا وخاضعا لمنطقهم الأجوف، ولذلك لا دين عندهم ولا خلاق لهم، ورغم شعارهم المرفوع بأن العقل أول الأدلة فقد أثبتوا بالتجربة العملية أنهم أخسّ وأكذب وأفجر الأضلَّة.
***
قولنا: أكثر أقوالهم في العقائد خاطئة مثل نفيهم للسمات الإلهية وقولهم بأن القرءان مخلوق وقولهم بأن الإنسان يخلق أفعاله وقولهم بالمنزلة بين المنزلتين وقولهم في الشفاعة وقولهم في الوعيد وقولهم في طبيعة الفعل الإنساني وقولهم في الحكم على الأفعال بالحسن أو بالقبح.....الخ.
 ((( نعم أنكرنا أن يكون لله صفات للعشرات من الأسباب التي يجهلها الدكتور ومنها :
1 – كلمة "صفة" وجمعها " صفات " لم ترد في القرآن الكريم حكاية عن أحكام ذات الله عز وجل فلذلك هي محدثة وبدعة.
2- الصفة في المخلوق هي معان زائدة عن ذاته ومنفكة، ففلان كريم فيغدو بخيلا، والإنسان حي بمعنى منفك عن ذاته وهو الحياة فيموت الإنسان، وأهل الإسلام على أن الله حي لا يموت وبذلك فلا يجيزون معنى ينفك عن ذات الله وهذا ما تقوله المعتزلة.
3- ولذلك فإن المعتزلة تثبت لله معان غير منفكة عنه ولازمة له، فتقول المعتزلة الله عليم بعلم هو ذاته وقادر بقدرة هي ذاته.
4 – أما عن " اليد " و"العين" و" والجنب " و" الساق " وما شابهها , فهل يوجد عربي من الأقحاح يقول عن تلكم الكلمات أنها " صفات "، هذه والله عجمة لا تعرفها العرب.
5- من وصفَ الله سبحانه فقد قَرَنَهُ، ومَنْ قَرَنهُ فقد ثنّاه، ومَن ثنّاه فقد جزّأه، ومن جزّأه فقد جهله، ومن جَهله فقد أشار إليه، ومَن أشار إليه فقد حدّه، ومَن حدّه فقد عدّه. ))).
قلنا: زعم هذا المهرج أن لديه عشرات الأسباب ليثبت مزاعمهم، ثم لم يستطع أن يقدم إلا سببين يمكن دحضهما بسهولة ليثبت على نفسه أنه  مهرج وأنه كذاب أشر، كما يثبت هذا المسكين المنفكّ على نفسه وعلى أربابه المعتزلة الكفر بما تحدث به الله عن نفسه في القرءان الكريم، ولقد نزَّه الله تعالى نفسه عما يصفون، ولكنه أثبت لنفسه أيضًا الأسماء والسمات في آيات محكمة قطعية الدلالة، فالسمات ثابتة لله تعالى في القرءان إما صراحة وإما بإثبات الأسماء، ولقد تجاهل هذا الأفاق تماما كل ما أثبته الله لنفسه في القرءان!!!
ويجهل هذا الشخص أننا ننزه الله تعالى عما يصفون كما ورد في القرءان ونثبت له الأسماء الحسنى والسمات كما أثبتها لنفسه، والسمات ثابتة لله في القرءان إما بإثبات الأسماء الحسنى؛ فكل اسم من الأسماء يشير لا محالة إلى سمة، وإما بورود السمة صراحة في القرءان منسوبة إلى الله تعالى، ومن السمات التي وردت في القرءان صراحة:
الرحمة، المغفرة، العلم، الجلال، القوة، العزة، الحمد، الحكم، الكبرياء، الفضل، السلام، الولاية، الطول، البطش، الأخذ.... الخ.
هذا مع العلم بأن الأسماء الإلهية تشير إلى سمات إلهية، إنه يجب العلم بأن:
القوي = ذو القوة، العزيز = ربّ العزة.
ومن السمات والأفعال الثابتة بثبوت الأسماء الحسنى:
الربوبية، الألوهية، الحقانية، الحياة، القيومية، الأحدية، الصمدية، الواحدية، النورانية، اللطف، العلم، الخبرة، الإحاطة، الشهادة، الحفظ، الولاية، الغنى، العلوّ، الكرم، السمع، البصر، الحكم، الحكمة، القدرة، العظمة، الملك، الرحمة، المغفرة، التوبة، الوهب، الفعالية، الرزق، الفتح، الإبداع، الخلق، الفطر، القرب، الرقابة، القهر، الحساب، الوكالة، النصر، العزة، الجلال، الإكرام، الفضل، الحمد، الخيرية، البقاء، البرّ، البرء، التصوير، الإجابة، القدوسية، السلام، الإيمان، الهيمنة، الجبروت، التكبر، الجعل، الحلم، الرأفة، الودّ، الأولية، الآخرية، الظهور، البطون، القوة، المتانة، الهدي، الوسع، الجمع، الإبانة، الشكر، الرفعة، المجد، الورث، الإنزال، الفصل، المكر، الشدة، الانتقام، الغلبة، الكتابة، الصدق، الإرسال، الإنذار، الابتلاء، السرعة، الكشف، الإخراج، الإتمام، الإنشاء، .... الخ
ومن الأفعال الإلهية التي وردت في جمل فعلية:
التكليم، الإرادة، القضاء، الأمر، النهي، الإكرام، العقاب، المشيئة، الإرادة، القضاء، الخلق، الأمر، الكلام، الحكم، التصوير، الجعل، القول كن، التقدير، التدبير، التفصيل، التجلي، الفطر، الإحسان، الإنعام، الرزق، التبيين، الجمع، الإنذار، التبشير، الإرسال، الصلاة، الكتابة، التوصية، الشرع، الإحياء، الإماتة، التوفي، النهي، الهدي، الإضلال، الإخراج، الرضى، الغضب، الانتقام، العقاب، التعذيب، الختم، الطبع، الابتلاء، البدء، الإعادة، المسّ بالضر، القبض، البسط، الفصل، الإنشاء، الإتمام، التقبل ..... الخ.
ومن الآيات التي تذكر السمات الإلهية:
{وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِين}[الأنعام:133]، {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً} [الكهف:58]، {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَاب}[الرعد:6، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَام}[الرحمن:78]، {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين} [الذاريات:58]، {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِين}[الجاثية:36]، {وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}[الجاثية:37]، {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم} [يونس:64]، {لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا}[النساء:166]، {فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام}[إبراهيم:47]، {مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيم}[فصلت:43]، {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيد}[هود:102]، {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيد}[البروج:12]، {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون} [الصافات:180]، {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِير}[غافر:3].
لقد تجاهل المعتزلة مثل هذه الآيات تجاهلا تاما ليفرضوا على الناس إله بعض المذاهب الفلسفية! فهل يعي دراويش المعتزلة ذلك؟
أما القول "من وصفَ الله سبحانه فقد قَرَنَهُ، ومَنْ قَرَنهُ فقد ثنّاه، ومَن ثنّاه فقد جزّأه، ومن جزّأه فقد جهله، ومن جَهله فقد أشار إليه، ومَن أشار إليه فقد حدّه، ومَن حدّه فقد عدّه" فهو صحيح، فالله تعالى منزه عما يصفه به الناس، فالله يتعالى علوا مطلقا فوق كل ما لدى الناس من أوصاف وصفات، ولكنه أثبت لنفسه الأسماء الحسنى والسمات كما يعلمها هو وليس كما يتصورها الناس.
والسمات في مصطلحنا تختلف عن الصفات، فالصفات هي المفهوم الذي لدى الناس عن السمات، لذلك يجب تنزيه الله تعالى عنها لعلوه المطلق فوق كل التصورات المستخلصة من هذا العالم المشهود، ولكن في الوقت ذاته يجب أن نؤمن بما أثبته الله لنفسه، ومن لا يؤمن بذلك يكون قد كفر بالقرءان وبالإله الذي أنزل القرءان.
فلقد أضاف الله تعالى السمات (الصفات) إلى نفسه في كتابه في عبارات صريحة، لذلك يبطل قولهم إن صفاته عين ذاته، فهم بذلك يضيفون ذاته إلى ذاته، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
ويلاحظ أن الآية التي تنزه الله تعالى عَمَّا يَصِفُون تثبت له سمة العزة، قال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون} [الصافات:180]، وفي ذلك أبلغ ردّ على من ينفون السمات الإلهية. 
وقول المعتزلة: عالم بعلم هو ذاته = ذاته بذاته هي ذاته! ولما كان الله تعالى قد نسب إلى نفسه السمات إما صراحة وإما عن طريق ذكر الاسم الذي يشير إليها فإن القول بأن كل سمة منها هي ذاته لا يعني إلا تكرار القول السابق بقدر عدد السمات!!! فأكثر كلامهم عند تحليله يتبين أنه محض هراء!
وقولهم: إن "القدرة هي ذاته والعلم هو ذاته ..... الخ " فهو خلف من القول، ولا يستحق الالتفات إليه أصلا! فهو لا يعني إلا: "ذاته هي ذاته، القدرة هي القدرة، العلم هو العلم"، فمذهب المعتزلة عقيم لا يمكن أن ينتج شيئا له قيمة!
ويزعم المعتزلة أن أسماء الله أعلام محضة مترادفة لا تدل إلا على ذات الله فقط، وليست دالة على سمات لله تعالى، وذلك مثل تسميتك ذاتا واحدة عادل وزيد وحمدان مثلا، فهذه أعلام خالصة لا تدل على صفة لهذه الذات المسماة بها، هذا قولهم.
فلماذا وُصفت الأسماء بأنها الحسنى إذًا؟ ولماذا أمر الله الناس بدعائه بها؟ ولماذا كان العباد الصالحون كما ذكر القرءان يطلبون التوبة من التواب الرحيم وليس من شديد العقاب مثلا؟ ولماذا يطلبون المغفرة من الغفار والغفور الرحيم والرحيم الودود، وليس من العزيز ذي الانتقام مثلا؟
ولماذا لا يطلبون الرزق من خير الرازقين وتقبل العمل من السميع العليم، ولماذا كان الله تعالى يختم الكثير من آياته القرءانية بالاسم الذي يقتضيها؟ ألم يقرؤوا مثلا:
{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم}[البقرة:127]، {.... وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم}[البقرة:128]، {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}[نوح:10]، {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}[البقرة:199]، {... وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}[المزمل:20]، {وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُود}[هود:90]، {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِين}[المائدة:114]، {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِين}[المؤمنون:109]، {... أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِين}[الأعراف:155]
{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيم}[سبأ:26]،{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير}[المجادلة:1]  
ألم يروا أن الله تعالى قد ختم كل آية بالاسم الذي يقتضي ما هو مذكور فيها؟ إن العبد يتوجه إلى الاسم الإلهي الذي يعلم أنه يتضمن السمة المناسبة لحاله والذي يعلم أنه يقتضي من الأفعال ما يلزمه، وهو بالطبع يعلم أن الله واحد أحد.
ولقد نزَّه الله نفسه عما يصفون، ولكنه لم ينف ما له من سمات بل أثبتها لنفسه إما مباشرة وإما بإثبات أسمائه الحسنى له، أما ما يصفه الناس به فهو مقيد بمراتبهم وإمكاناتهم ومداركهم، ولذلك فهو لا يمكن أن يرقى أبدًا إليه، بل له العلو المطلق فوقه.
إن الاسم الإلهي هو علم على الذات الإلهية، وهو أيضًا علم على السمة التي يشير إليها والتي يتجلى الله للعامين بها، فالتجلي بالرحمة ليس كالتجلي بالانتقام.
ولقد بنى الضالون من المعتزلة مذهبهم في صفات الله تعالى على مقدمات وأقيسة عقلية جعلوها أصولا لدينهم، هذه الأصول خالية عن البرهان ومعطلة عن الدليل وقائمة على آراء وأهواء وتصورات أصحابها المستمدة من عقولهم القاصرة ومنطقهم الأجوف، وهم يتجاهلون فيها كل ما يقوضها من آيات القرءان.
خلاصة القول هي أن المعتزلة بإنكارهم السمات الإلهية وبتجريدهم السماء الحسنى من معانيها ودلالاتها الظاهرة يكونون قد كفروا كفرا صريحا بالإله الذي أنزل القران والذي له الأسماء الحسنى وعبدا تصورا من نسج ضلالهم.
أما كلام سلهب عن اليد والعين.... الخ، فليوجهه إلى غيرنا، فهو لا يعرف قولنا فيها، ولن نستعمل هنا كلمة الجهل أو مشتقاته التي يظهر أن هذا الصبي الغرّ مولع باستخدامها، وعلى العموم فكلمة "جهل" هي أرقى من أن تكون صفة لمثله.
وكلامنا في الإيمانيات القرءانية هو أقوى وأسمى من كلام كل الطوائف مثل السلفيين والأشعرية وغيرهم!! فهذا المسكين يرد على ما لم نقله! وهو يرد هنا على العقيدة السلفية!!!"، فهو كما هو واضح يتصرف تصرف المفلس ويحاول حشد أكبر عدد من العبارات ليوهم جوقة المخابيل التي تتبعه أنه لديه ما يرد به!
وفي حين شغل هذا المسكين نفسه بالرد على ما لم نقله فإنه لم يرد على شيء من الكوارث الكبرى التي انفرد بها المعتزلة وذكرناها مثل قولهم بأن القرءان مخلوق وقولهم بأن الإنسان يخلق أفعاله وقولهم بالمنزلة بين المنزلتين وقولهم في الشفاعة وقولهم في الوعيد وقولهم في طبيعة الفعل الإنساني وقولهم في الحكم على الأفعال بالحسن أو بالقبح..... الخ، وكل أقوالهم فيها تتضمن تكذيبا صريحا لآيات القرءان هو بلا شك كفر بواح.
انظروا في كلامه المنشور باسمه وقولوا لنا: ما هو رده المزعوم على كلامنا؟ ولكنه يعلم أنه يوجه حديثه أساسا إلى دراويشه المخابيل الذين يظنون وجود أي كلام هو رد على ما هو منشور.
*****
قلنا: يتحدثون عما يسمونه بالعقل وكأنه إله مكتمل الأوصاف لا نهائي القدرات، وهم لا يعرفون أصلا شيئا عما يسمونه بالعقل، ومن المعلوم أن القرءان لم يتحدث عنه ككائن مستقل ولا حتى كعضو وإنما كعمل من أعمال القلب!
يقول سلهب: ((( القرآن يسمي العقل قلبا، ويستخدم القرآن فعل عقل للنشاطات العقلية، ويكفي أن نعلم أنه أداة إدراك أي شيء والتمييز بين الأشياء والحكم عليها بمختلف الأحكام، وأن الإنسان ليس له إلا عقله لكي يميّز بين كل الدعاوي والمزاعم التي تلقى عليه ليل نهار )))).
قلنا: "القرءان لا يسمي العقل قلبا، وإنما يتحدث عنه كعمل قلبي؛ أي كعمل من أعمال القلب، قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}الحج46
وليس العقل هو وظيفة القلب الوحيدة، بل هناك وظائف عديدة، ومنها الفقه:
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179
ومنها البصر:
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} الحج46
ومنها الذكر والتذكر:
{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} الكهف28
وتكفي هذه الآيات لإثبات كذب وجهل وضلال المعتزلي لمن لديه ذرة من إيمانٍ وفقه.
وكلامنا بالطبع هو عن القلب الذي هو لبّ الكيان الإنساني الجوهري، وليس عن المضخة المعروفة!
وهذا الـ(عقل) هو في النهاية نسبي ومحدود القدرات وابن عصره، والناس متفاوتون في قدراتهم العقلية، و(العقل) ولا يحكم إلا وفق ما هو مبرمج عليه ومتوفر لديه من المعلومات، وهو فقير إلى معطيات الحواس والأجهزة التي تمد نطاق عمل هذه الحواس!
فالعقل بحاجة إلى مسلمات أو بينات أو مصادرات يستطيع أن يبنى عليها أنساقه المعرفية ويصطنع موازينه المنطقية، هذا فضلا عن احتياجه إلى المعلومات، لكل ذلك فلا جدوى ولا معنى بل هي مغالطة لغوية وعلمية ومنطقية أن يعتبر العقل كائنا مستقلا أو أن يقام كسلطة مستقلة حاكمة بإزاء نصوص الكتاب العزيز وما يتضمنه من علوم غيبية، وكلما كانت المسلمات والبينات التي يبرمج عليها العقل حقانية كلما أمكن للإنسان الحكم الصائب على الأمور.
ولا يعنى ما سبق ذكره أن على الإنسان ألا يقيم وزنا لعقله وألا يعول على ما يستنبطه بل إنه من أركان الإسلام عندنا أن يُعمل الإنسان عقله بل سائر ملكاته الذهنية والوجدانية في آيات الله الكتابية والكونية، وذلك من لوازم تحقيق المقصد العظم الثاني، فالمطلوب أن يعمل الإنسان ملكاته الذهنية في مجالاتها الطبيعية وهى متسعة بل تكاد تكون لانهائية، فتلك المجالات تشمل الظواهر الطبيعية والآيات والسنن الكونية والنفسية فضلا عن الآيات الكتابية، هذا بالإضافة إلى الأحداث والوقائع التاريخية.
ويجب دائما التسليم بأن الأحكام والاستنباطات التي يصل إليها الإنسان بإعمال عقله أو ملكاته الذهنية يشوبها قدر كبير من الذاتية، ذلك لأن الإنسان نفسه قد تعينت ماهيته وتشكلت مادته تحت تأثير كل ما سبق وجوده من شروط حدية وابتدائية، لذلك كان لابد من آلية تسمح بتبادل نتائج إعمال الملكات الذهنية الفردية للوصول إلى الرأي الأمثل في كل أمر، ولذلك كانت الشورى في الأمر ركنا دينيا وفرضا لازما على الفرد وعلى أولى الأمر.
ومن البديهي أن عقل المجادل "سلهب" لا يصلح للحكم على الأشياء أو التمييز بينها كما هو واضح وجليّ، فهو لا يزيد كثيرا على عقل طحلب!
*****
قلنا: نقلوا كل خلاف فيما يتعلق بعالم الشهادة إلى معارك فيما يتعلق بحقيقة الذات الإلهية وأسمائها وأفعالها، فخاضوا فيما لا يملكون أدوات البحث فيه.
قال سلهب: ((( هذا لأن الدكتور يجهل حقيقة قياس الغائب على الشاهد وقياس المخالفة وقياس الأولى التي جاء بها القرآن نفسه, وحاولنا أن نفهمه ما هي وكيفها وكيف استخدمها القرآن ولكن تولى كبره )))).
هذا رد يدل من جديد على سفالة هذا السفيه السلهب وإصراره على تحويل المسألة إلى معركة شخصية، هل من المستحيل بالنسبة إليه إعطاء رد موضوعي دون أن يتعرض لشخص من لم يطلب حوارا معه أصلا؟ 
أين ومتى حاول هذا الكذاب الأشر أن (يشرح لنا) حقيقة القياس؟  وكيف يرمينا بالجهل بأنواع القياس، من أين له هذا؟ ولقد نقدنا القياس في كتبنا المنشورة والمودعة في دار الكتب المصرية من قبل أن نُبتلى بمعرفة هذا الطحلب بكثير، ومنها:
نظرات جديدة في الحقائق والأصول، 2005 المودع برقم 8465، والكلام عن القياس فيه يبدأ من الصفحة 142  
وغيره من الكتب، وقد أثبتنا فيها أن القياس لا يصلح أصلا لإنتاج حكم ديني، وقوائم كتبنا نشرناها كثيرا على المواقع الإلكترونية، وكان من الأولى بهذا الضال أن يتثبت من قوله أو ألا يورط نفسه في الكذب.
وكشف كذب هذا المدعي هنا يكفي تماما لدحض كل كلامه، فهو يبني أحكامه على ظنون وأوهام ولا يتورع عن اقتراف الكذب.
وهذا الكذب لا يليق إلا بضال مثله، وهو على كل حال -بردِّه هذا- قد أثبت على نفسه وعلى مذهبه الضال أنهم يحاولون إخضاع الذات الإلهية لأقيستهم!!! والحق هو أنه لا يجوز قياس الله تعالى على مخلوقاته! وبعد ذلك هو لم يرد على ما اقترفه سدنة مذهبه من ضلالات في هذا الشأن" وإنما اكتفى بإلقاء تهمة، وهذا مسلك المضلين التافهين.
هل أجاب سلهب بشيء عن الكارثة المعتزلية المنشورة؟ وهل فقه المقصود بها أصلا ليستطيع الرد؟ هل استطاع أن ينفي أن المعتزلة قد خاضوا بالفعل فيما لا يملكون أدوات البحث فيه في كلامهم عن الذات الإلهية؟
فهذا الضال قد كشف للناس على أية حال حقيقة مذهبهم فهم يقيسون الله تعالى الذي له العلو المطلق والغيب المطلق على مخلوقاته، وهم يريدون إلزامه بأمور مثل "قياس الغائب على الشاهد" و"قياس المخالفة"، ولقد جهل هذا الضال مثل أرباب مذهبه أن لله تعالى العلو اللانهائي المطلق على كل المقولات والقياسات والتصورات المستخلصة من عالم الشهادة أو العالم الطبيعي، فكلها لا ترقى أبدا إليه، بل إن بعض مخلوقاته مثل الكيانات الدقيقة Elementary entities لا تخضع لها، وليتهم ألزموا أنفسهم بما ذكره الله تعالى عن نفسه في كتابه.
 والحق هو أنهم لا يؤمنون بالإله الذي أنزل القرءان وإنما بما لديهم من تصور عنه منقول عن الفلسفة اليونانية بصفة أساسية، وهذا لا يغني عنهم شيئا، ولذلك ليس لديهم حرارة الإيمان التي عند العوام، لذلك نقول كما قال أئمة المسلمين دائما إن إيمان عوام المسلمين أفضل من إيمانهم.
إن أكثر الضلال الذي وقع فيه الفلاسفة والمعتزلة وعبيد المذاهب المحسوبة علي الإسلام جاء من قياس عالم الغيب على عالم الشهادة ومحاولة فرض التصورات المألوفة على الأمور غير المألوفة، وقد أثبت العلم الحديث أن ذلك المسلك فاشل حتى على مستوى الكيانات المادية، فما بالك بمن يفوق المادة من حيث الكنه؟ وبعضهم يحتجون بالعقل الذي لا يعرفون عنه شيئا يُعتد به!
والأمور المألوفة هي المستخلصة من العالم المادي الطبيعي؛ أي عالم الشهادة، وهي في متناول حواس الإنسان، وهي أيضا ما ألفه من المعاني والأحاسيس الوجدانية، أما غير المألوفة فهي التي ليست في متناول حواسه ولا مداركه، ومنها الأمور الغيبية المطلوب الإيمان بها مثل الملائكة وكل ما يتعلق باليوم الآخر! أما الغيب المطلق فهو كل ما يتعلق بالذات الإلهية وحقائق أسمائها وشئونها.
فالمعتزلة يقيسون الله تعالى الذي له العلو المطلق والغيب المطلق على مخلوقاته، وهم يريدون إلزامه بأمور مثل "قياس الغائب على الشاهد وقياس المخالفة وقياس الأولى"، وهم يقولون بكل وقاحة وتبجح يجب عليه كذا!! ولا يجوز له كذا!! ولقد جهل هؤلاء الضالون أن لله تعالى العلو المطلق على كل المقولات والمفاهيم والتصورات والقياسات المستخلصة من عالم الشهادة أو العالم الطبيعي، فكلها لا ترقى أبدا إليه، فالله سبحانه وحده هو الذي له حق التحدث والإخبار عن نفسه، وكل محسوب على الإسلام ملزم بأن يؤمن بالقرءان وبكلام الله عن نفسه في القرءان، ولا يجوز لأحد أن يتجاهل كل ذلك اتباعا لظنونه وأوهامه.
*****
قلنا: فرقوا بين الأفعال الإلهية وجعلوا العلوّ المطلق لفعل الخلق.
قال سلهب: ((( وهل تعرفت على الله إلا من خلال فعل الخلق ؟؟؟!!!!))).
قلنا: أين هو الردّ؟ هذا ليس ردا!! وعلى العموم فقوله يتضمن إقرارا بالكارثة التي قالوا بها، والتي ترتب عليها زعمهم بأن القرءان مخلوق.
وأفعال الله تعالى لا تتناهى عددا وقد ذكر القرءان الكثير منها، وفعل الخلق هو واحد منها! ومن الأفعال الإلهية التي ذكرها القرءان: التكليم، الإرادة، القضاء، الأمر، النهي، الإكرام، العقاب، المشيئة، الإرادة، القضاء، الخلق، الأمر، الكلام، الحكم، التصوير، الجعل، القول كن، التقدير، التدبير، التفصيل، التجلي، الفطر، الإحسان، الإنعام، الرزق، التبيين، الجمع، الإنذار، التبشير، الإرسال، الصلاة، الكتابة، التوصية، الشرع، البدء، الإعادة، الوحي، الإحياء، الإماتة، التوفي، النهي، الفصل، الهدي، الإضلال، الإخراج، الرضى، الغضب، الانتقام، العقاب، التعذيب، الختم، الطبع، الابتلاء، المسّ بالضر، القبض، البسط، الإنشاء، الإتمام ..... الخ.
هذا بالإضافة إلى الأفعال الإلهية التي هي مقتضيات الأسماء الحسنى، فلكل اسم إلهي فعله ومجاله، والقرءان يذكر أفعالا إلهية كثيرة لم يورد الاسم المناظر لها، فمثل هذا الفعل يكون عادة من مقتضيات منظومة من منظومات الأسماء، وكل فعل له نواتجه الخاصة ومجالاته الخاصة، فوسائل العلم بالله تعالى تتعدد بمقدار أفعاله التي لا حصر لها، فالله تعالى هو الذي عرفنا بنفسه بكل أسمائه الحسنى وسماته وأفعاله ورسالاته، ولا يجوز التفرقة بين أفعاله، كما لا يجوز مصادرتها كلها لحساب فعلٍ واحدٍ منها.
والله تعالى ينسب إلى نفسه الأفعال مباشرة دون أن يدخل فعل "الخلق" كوسيط بينه وبين فعله، قال تعالى:
{وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء:164]، {لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا}[النساء:166]، {... وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَاب}[الرعد:41]، {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء:58]
فالله تعالى يقصّ القصص ويكلم موسى ويَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَى رسوله، أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ، يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، ويأمر وينهى، ألا يكفي كل ذلك وغيره من مئات الآيات التي تثبت لله أفعاله مباشرة لدحض ضلاليات هذه الفئة الصبيانية الضالة؟!
ولم يكن فعل الخلق هو الفعل الوحيد الذي عرف الإنسان ربه به، لقد عرفه أيضًا عن طريق الوحي بكافة صوره وعن طريق رسالاته إليهم، وها هو القرءان الذي هو كلامه وروح من أمره يتضمن أسمى معرفة بالله تعالى، وقد عرف الإنسان ربه أيضًا عن طريق تجلياته التي لا تتناهى وعن طريق آياته وسننه، والسنن من عالم الأمر، ولا يمكن فصل فعل الخلق عن منظومة أسمائه وأفعاله.
وبالطبع كلامنا موجه لمن يؤمن بالقرءان وبأن كل ما ذكره الله تعالى عن نفسه فيه مسلمات يجب الإيمان بها.
*****
قلنا: حولوا العقيدة إلى جدل بيزنطي وجردوا الدين من حقيقة الإيمان.
قال سلهب: ((( وحوارات المعتزلة غير سوفسطائية بشهادة علماء الفلسفة ولكن تحاكمنا إلى جهلك، خصوصا وشهادة العشرات أنهم أرسوا فلسفة حسية امبريقية وأساسات في فلسفة اللغة وفي منهج الشك التحليلي وفي التجريب العلمي، وهذا مبسوط في جليل الكلام وفي دقيق الكلام عند المعتزلة وفي مصنفاتهم الكثيرة أيضا, ولكن كالعادة يحاكمنا إلى جهله))).
قولنا: هذا السفيه الأحمق يستعرض من جديد بذاءته المعهودة، هذا رغم أن ما يذكره في رده لا علاقة له أصلا بما هو مذكور، نقول "حولوا العقيدة إلى جدل بيزنطي وجردوا الدين من حقيقة الإيمان"، وهذه حقيقة لا ريب فيها، ومازالت الأمة تعاني منها إلى الآن، هل في ذلك أي إنكار أو مجرد حديث عن الإمبريقية أو فلسفة اللغة أو منهج الشك ... ؟
أما حديثه عن إنجازاتهم اللغوية فلم ننكرها، أما أثرهم على الفلسفة فلا قيمة له، وأكثر القضايا التي أثاروها قضايا فارغة خالية من المضمون، بل لا يعتبرها بعض الفلاسفة قضايا أصلا وإنما محض هراء، وأكثر أقوالهم في العقائد قد قوضها العلم الحديث، والقول بنسبية الزمن يقوض أكثر كلامهم في الإلهيات.
ولا قيمة لما كان يحدث في قصور الخلفاء العاطلين من إحضار بعض ممثلي المذاهب ليتعاركوا في حضرة الخليفة الذي يظهر بمظهر الحريص على الدين وعلى نقاء العقيدة باستغلال بعض المغفلين المتعالمين الذين ابتليت بهم الأمة، ولذلك كان العلماء الحقيقيون يربؤون بأنفسهم عن مثل هذه الأمور ويتحاشون مجالس السلاطين، وكان بعض المتصوفة يعتبرون رؤية السلاطين من الكبائر الموجبة للاستغفار!!
والمعتزلة هم الذين ألزموا الناس بمعالجة الأمور وفق النظرة الانقسامية، وافتعلوا تعارضا بين أمور غير متعارضة بالضرورة، وألزموا الناس بما لا يلزم، بل حاولوا إلزام الله بتصوراتهم ومقولاتهم وأحكامهم، وجعلوا المناظرات السفسطية الجوفاء من الأركان الحقيقية للدين، ونحن نعمل على كشف ودحض أباطيلهم، ولقد تسببوا بعنادهم الصبياني وغطرستهم الحمقاء في النظرة العدائية للعقل التي لطخت تاريخ الأمة وعوقت مسيرتها، وكما نقول دائما هم يحاولون التسوية بين الكيلوجرام وبين الكيلومتر ثم بناء أحكامهم على ذلك!!!
*****
قلنا تسببوا في انحراف دائم ساهم في تشكيل المذاهب التي حلت محل الإنسان فظهرت الأشعرية والماتوردية في محاولة للتوفيق بين آرائهم وبين ما جاء في القرءان وما يؤمن به الناس، كما أدى ذلك إلى غلو الأثرية والحشوية في عقائدهم.
قال سلهب: ((( على العكس الكل يعرف أننا جئنا ردا على الانحرافات، وأن ظهور من تزعمهم بعدنا هو محاولة إرضاء للسلطة بالجمع بين خط الكلام وخط الحشو وخط السلطان، ولكن كالعادة ))).
قولنا: ردّ لا علاقة له بالموضوع، ليس موضوع القول هو بحث كيفية نشأة المعتزلة، ولكن ما تسببوا فيه، فهو لم يستطع الرد على قولنا، ومعالجة الانحراف لا تكون بإحداث انحراف مضاد، وإنما بمحاولة العودة إلى الحق، وقولنا كما هو، لقد سارت العقيدة بسبب المعتزلة في مسار خاطئ يزداد بعدا عن إيمانيات القرءان باستمرار السير، وتحولت العقيدة الحية الموحية إلى جدل بيزنطي عقيم ومناظرات جوفاء تافهة، ولا يمكن أن ينتج الجدل البيزنطي إيمانا حقيقيا.
ولقد ظهرت الأشعرية بالفعل كردّ فعل على غطرسة المعتزلة الجوفاء ومقولاتهم الضلالية، وسيرة مؤسسها أبي الحسن الأشعري معلومة، هذا وإن كان الانخلاع عن مذهب المعتزلة لم يكن يستلزم منه خلع ثوبه على المنبر ليبين ذلك للناس!
ولكن ما هو البديل؟ البديل هو في الحقيقة الأصل؛ أي هو دين الحق، إنه الإيمان بما ذكره القرءان الكريم وتدبره والتفقه فيه وتذكره والتعايش معه والحكم به على غيره من العقائد والفلسفات.
*****
قلنا: تركوا البنيان الديني مهلهلا لا يصلح لأداء الوظائف المنوطة به.
قال سلهب: (((صحيح والعدالة الاجتماعية وطرح إيمان عقلاني وصمود الإسلام أمام التحديات ومواجهة الظالمين والطغاة تشهد لك يا دكتور على جهلك))).
قلنا: ليس هذا ردا، ولا دخل لهذا الكلام بما قلناه، ليست المسألة هي مناقشة سلوك بعض شخصيات المعتزلة، ولكن هذا السلهب لا يترك مناسبة إلا ويظهر فيها أنه سفيه بذيء أحمق، الحديث هو عن البنيان الديني  The religious structure.
والمسلم الذي يتبنى العقيدة المعتزلية يكون قد خالف الإسلام أصلا وكفر بأصوله الإيمانية، فما لديه من مفهوم أو فكرة أو عقيدة عن الألوهية لا تصلح لتجعل منه مسلما حقيقيا، وإنما مجادلا بيزنطيا أو سفيها سلهبيا، والمؤمن بدين الحق يعمل بآيات القرءان التي تأمر بالعدل والإحسان وأداء الأمانات إلى أهلها دونما حاجة إلى سفسطات المعتزلة، والمناداة بالعدالة لا تصلح حجة للكفر بكتاب الله أو بالأديان، وقد زعمت الشيوعية ذلك وفشلت، وكل الفوضويين والمهرجين ينادون دائما بالعدالة الاجتماعية فلا يتسببون إلا في ترسيخ الظلم.
والإيمان هو الإيمان، وهو في دين الحق لا يخضع لتصورات العقول بل يسمو بهذه العقول، وإذا كان المعتزلة يتوهمون أنهم قدموا للناس إيماناً عقلانيا فقد قدموا مجموعة تصورات وفق السقف الحضاري والمعرفي لعصرهم المتخلف، وقد تجاوزها هذا العصر نظرا لمعطيات العلم الحديث والتي ارتقت بالتصورات البشرية وقوضت الكثير من التصورات القديمة، ولا دخل للمعتزلة بصمود الإسلام أمام التحديات، والتاريخ الإسلامي معلوم، وكان القادة والمشايخ الذين تصدوا للغزوات الصليبية والمغولية والتتارية الماحقة من الأشعرية الشافعية، وليس من المعتزلة، ولا من الأثرية.
وليس المطلوب من علماء الإسلام تكييف الإيمان ليتوافق مع متطلبات (العقل) في عصر معين، والعقل الإنساني الآن يتقبل من الحقائق والمعلومات ما لم يكن يمكن للسلف أن يتقبلوه، فللتطور أحكامه، أما العدالة الاجتماعية فلم يكن للمعتزلة ولا لغيرهم أن يستعملوا مصطلحا كهذا أصلا، فهو مفهوم حديث، وحديث المعتزلة هو عما يتصورون أنه "العدل" الإلهي، وتصورهم دفعهم إلى الخطأ في حق الله تعالى وإلى تبني تصورات عنه لا علاقة لها بالإسلام، كما دفعهم إلى القول بأن الإنسان يخلق أفعاله. 
ومن الواضح أن المجادل لم يدرك المقصود بالبنيان الديني، البنيان الديني هو ذلك النسق من منظومات الدين وعناصره الذي يلبي كل متطلبات الإنسان بما فيها متطلبات أعمق أعماق قلبه، ولذلك لم يستطع المعتزلة أن يقدموا أعلاما في الحب الإلهي مثلا مثلما فعل المذهب الأشعري مثلا أو حتى ما يمكن أن نسميه بالمذهب العامي!!
*****
قلنا: سلكوا سلوكًا مشينا مع خصومهم العقائديين عندما استمالوا المتسلطين فاستعملوهم لاضطهاد خصومهم من الأثرية مما زاد من شعبية لدى العامة فانتصر العداء للعقلانية في العالم المحسوب على الإسلام انتصارا حاسما دفعت الأمة ثمنه غاليا، فتوقف التطور والتقدم في مجال العلوم الطبيعية وانتشر العداء للفلسفة، ورأى المتسلطون أن التحالف مع الأثرية والحشوية هو أفضل السبل، فتوقف التطور السياسي للأمة.
قال سلهب: (((( الملاحظ يا سادة بالدراسة التاريخية التي قام بها الكثير من الباحثين المتخصصين كالدكتور فهمي جدعان والجابري والوريمي والسمهوري وغيرهم أن المعتزلة براء من موضوع " المحنة " كتيار، فهم أولا مع حرية الدين والمعتقد، ومع الحوار وصراع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان، وضد إكراه الناس على معتقد بالقوة، والقوة الوحيدة التي يرونها في مثل هذه المسائل هي الدليل والحجة والبرهان، ولكن ما حدث في الصراع بين الأمين والمأمون واصطفاف حشوية أهل الحديث مع الأمين أدى ذلك أن يسرها لهم المأمون في نفسه، حتى إذا استحكم أعد لهم حسابا عسيرا، وهو امتحانهم ( فالمسألة كانت مسألة تصفية حسابات سياسية )، خصوصا أن كثيرا ممن امتحن المحدثين كان من الجهمية والضرارية وغيرهم ممن يقول بخلق القرآن، فكما تعلمون فالمعتزلة ليست هي المدرسة الفكرية الوحيدة التي تقول بأن القرآن مخلوق، وفي هذه الحقيقة يقرر ابن تيمية فيقول : ((( فإن ابن أبي دؤاد كان قد جمع للإمام أحمد من أمكنه من متكلمي البصرة وبغداد وغيرهم ممن يقول: إن القرآن مخلوق، وهذا القول لم يكن مختصًا بالمعتزلة كما يظنه بعض الناس، فإن كثيرًا من أولئك المتكلمين أو أكثرهم لم يكونوا معتزلة، وبشر المْرِيسي لم يكن من المعتزلة، بل فيهم نجارية، ومنهم برغوث، وفيهم ضرارية، وحفص الفرد الذي ناظر الشافعي كان من الضرارية أتباع ضرار بن عمرو، وفيهم مرجئة، ومنهم بشر المريسي، ومنهم جهمية محضة، ومنهم معتزلة، وابن أبي دُؤَاد لم يكن معتزليًا، بل كان جهميًّا ينفي الصفات، والمعتزلة تنفي الصفات، فنفاة الصفات الجهمية أعم من المعتزلة” ا.هـ (مجموع الفتاوى 17: 299).
وكما يصرح ابن تيمية أيضا في كتاب النبوات ـ وهو من أواخر ما كتب ـ (ص211 طبعة مؤسسة الرسالة بتحقيق أبو صهيب الرومي وعصام الحرستاني، عام 1422هـ)، يقول:“وكذلك الإمام أحمد خصومه من أهل الكلام هم الجهمية الذين ناظروه في القرآن مثل أبي عيسى برغوث وأمثاله، ولم يكونوا قدرية، ولا كان النـزاع في مسائل القدر، ولهذا يصرح أحمد وأمثاله من السلف بذم الجهمية أكثر من سائر الطوائف”. ا.هـ ))).
ومن يلاحظ سياسات المأمون يعلم أنها ليست سياسات معتزلية، وليست من قضايا المعتزلة مثل: تولية العهد لعلي بن موسى الكاظم، وأمر الجند بطرح السواد ولبس الخضرة وإعلان لعن معاوية على المنابر وإعلان أفضلية علي رضوان الله عليه، وإجازة زواج المتعة وغيرها من مسائل !!!!!.
وللعلم فإن المأمون كتب بالمحنة وقاضي قضاته هو يحيى بن أكثم الحنبلي!!!! وكتبها من طرسوس وطرسوس معقل الجهمية وليس المعتزلة.
ولكن عند انهاء المحنة على يد المتوكل فوجد خصوم المعتزلة فرصة ذهبية للتخلص من أقوى اعدائهم الفكريين، ووجد أصحاب الأنظمة الوراثية وأكل أموال الناس بالباطل نفس الفرصة في إصدار واحدة من أكثر فضائح ومخازي التاريخ عارا الوثيقة القادرية لقمع المعتزلة وتصفيتهم والتخلص منهم.
ثم بدأت آلة تزوير الوعي، والتشهير الإعلامي والكذب والدعاية السوداء في شن أكبر حملة تلطيخ سمعة وتشويه لواحدة من أنبل التيارات الفكرية الإنسانية وهم المعتزلة. )))).
قلنا: حاول المجادل تبرئة المعتزلة مما اقترفوه من جرائم في حق الأمة أيام العباسيين استنادا إلى أقوال بعض الباحثين الجدد، وبالطبع لا قيمة لآرائهم، فهناك اتجاه عند هؤلاء للتعاطف مع المعتزلة نكاية في المذهب السني والسلفي، وبعض الجهلة المتعالمين لا يعلم عن المعتزلة إلا أنهم أهل العدل والتوحيد دون أن يدرك ماذا يقصدون بذلك!! ولقد كان كل علماء المسلمين يُحملون من شتى بقاع العالم الإسلامي إلى بغداد لامتحانهم في الإلقاء الشيطاني الذي أحدثه المعتزلة وليس غيرهم، وإلقاء الشيطان للمعتزلة هو قولهم بأن القرءان مخلوق، وهذا القول منهم كان وما زال من الأسس الراسخة لمذهبهم، وقد تعرض خيار المسلمين للتعذيب والقتل بسبب ما أججه المعتزلة من فتنة، وما حدث لأحمد بن حنبل معلوم، وقصة البويطي الشافعي المصري معروفة، وقد مات في قيوده في سجون العباسيين بسبب الفتنة التي أجج المعتزلة نيرانها! وقصة الرجل الصالح أحمد بن نصر الخزاعي معلومة، وقد ابى القول بأن القرءان مخلوق فقتلوه وصلبوه، أما البخاري فقد قال إن القرءان مخلوق لينجو بنفسه، فلا جدوى من الدفاع عن هذ الجريمة النكراء لفئة المعتزلة الضالة.
هذا رغم أن انتصار الأثرية في النهاية كان وبالا على هذه الأمة، وكانت تصرفات المعتزلة المشينة وغطرستهم الخرقاء من أسباب ثورة الرأي العام ضدهم وضد الاتجاهات العقلية بصفة عامة، فتوقف التطور والتقدم في مجال العلوم الطبيعية وانتشر العداء للفلسفة، ورأى المتسلطون أن التحالف مع الأثرية والحشوية هو أفضل السبل للتنعم بالسلطة، فتوقف التطور السياسي للأمة.
وقد حاول سلهب الدفاع عن المعتزلة فأثبت أنهم كانوا نعالا بأيدي السلطة، ويُلاحظ أن رده كان مطولا في هذه النقطة بينما لم يستطع أن يدافع عن أي شيء من مقولات المعتزلة الشهيرة، والتي من الواضح أنه لا يكاد يفقه منها شيئا.
وكان من العار أن يحاول المعتزلة الذين يزعمون أنهم فرسان العدل والعقلانية فرض آرائهم على الناس بقوة الخلفاء أو أن يجعلوا من أنفسهم كما أثبت سلهب سلاحا رخيصا قذرا ضد خصوم المأمون، ولكن من العجب أيضا أن يصب البعض جام غضبهم علي المعتزلة لموقفهم أثناء الجدل حول طبيعة القرءان ولا يعلقون بقليل أو كثير علي موقف الخلفاء العباسيين الذين أقحموا أنفسهم في هذا النزاع وحاولوا كما حاول القياصرة من قبلهم فرض رأيهم أو عقيدتهم علي الأمة بالبطش والترويع والاسترهاب، وذلك في عصر زعموا أنه العصر الذهبي للخلافة العباسية أو للحضارة الإسلامية، ومن العجب أن يُحمل (الفقهاء) من أرجاء الإمبراطورية ليمتحنوا في عقيدتهم وليسجنوا أو يقتلوا إذا ما خالفت عقيدتهم عقيدة المتسلط.
ومما يثير العجب أنه بعد خمود تلك الفتنة بدأ انهيار الخلافة العباسية، وبذلك كان أول خليفة فتك به حرسه هو الذي أدرك أن مصلحة الخلافة هي مع أهل المذهب الأثري والذي جعله بذلك مذهبا رسمياً للدولة ونكَّل بالمذاهب المختلفة معه، ولقد أصبح الخلفاء العباسيون من بعده ألعوبة في أيدي حرسهم الخاص من الجنود الترك، وهم كانوا مثل الأعراب القدامى في الجهل والهمجية ولكن بدون أي قيم أو مبادئ أو شرف أو نخوة.
*****
قلنا: أما بخصوص جدل المعتزلة مع الآخرين فهم لا يمكن أن يقنعوا أحدا بشيء، ويوجد الآن بعض منتحلي الاعتزال لم نجد عندهم علما وإنما بذاءة وتعالم وجدل بيزنطي وتشدق بنتائج العلوم الطبيعية التي لا يعرفون عنها إلا القشور، وكم أضحكني تشدقهم بالحديث عن ماكسويل ونظرياته ونشأة الكون وعمره! وهم بمثل هذه الأحاديث قد يخدعون السذج الجهلة فيظنون أنهم على شيء.
قال سلهب: (((صحيح تعالم وجدل بيزنطي خصوصا بعد كل ردودي تلك أتمنى أن يظهر للقارئ الكريم من المتعالم وصاحب الجدل البيزنطي والمراء))).
قلنا: أين الردّ؟ ما نقوله هو عن تجارب شخصية مع هذه الأبواق التافهة المفتونة، ولا علاقة للمعتزلة القدامى ولا الجدد بالعلم ولا بالمنهج العلمي لمعالجة الأمور، فكل أساليبهم تجاوزها العصر الحديث بكثير، وكل كلامهم هو ظل شاحب لفلسفة بائدة فاشلة، هذا فضلا عن أنه لا علاقة لهم بالإسلام أصلا، فهم مجرد أيديولوجية محسوبة عليه، وهي مجردة تماما من أموره الكبرى والجوهرية.
*****
قلنا: والحق هو أن السلفية المستنيرة كمذهب هي أفضل منهم بكثير!
قال سلهب: ((( هنيئا لك بالسلفية )))
قولنا: وهل هذا ردّ؟ إن كان هذا ردا فهو رد أحمق أخرق واستظراف سخيف لا يصدر إلا عن صبي غرّ، كان ينبغي أن يسأل عن المقصود بالسلفية المستنيرة، السلفية المستنيرة هي التي كان عليها المسلمون قبل ظهور المذاهب الكلامية، وهي تأخذ محض الإيمانيات من القرءان الكريم، ولا تتورط في الكلاميات ولا في الجدل العقيم، ولا تخوض في المتشابهات، ولا يعلمون شيئا من خرافيات ىالمعتزلة وكفرياتهم، وهؤلاء يجعلون همهم القيام بالأوامر القرءانية وأخذ دينهم بما يلزم من جدية، وهم يحاولون التحلي بالتقوى ومكارم الأخلاق، بالإضافة إلى غيرتهم الشديدة على الإسلام، وكان منهم محمد الغزالي وكثير من شيوخ مصر الذين هجروا المذاهب الكلامية في هذا العصر، فهؤلاء بلا ريب أفضل من المعتزلة الذين لا يؤمنون بالإله الذي أنزل القرءان وإنما بكلام سدنتهم عنه وتصورهم له! ولا يكادون يعلمون شيئا عن جوهر الدين ومنظومة أخلاقه، فلا تقوى عندهم ولا خلاق لهم، وهم يؤمنون بأن الدين هو المناظرة والمجادلة.
أما السلفية العدوانية الشائعة الآن، فالكل يعرفون موقفنا منهم، ولم يهاجمهم أحد بمثل ما هاجمناهم به، ومع ذلك نحن نقول دائما بأنه لا يخلو مذهب، بما في ذلك المذهب السلفي، من حق وباطل، فلا يجوز لأحد الكفر بما فيه من الحق بسبب ما فيه من الباطل! وينطبق نفس الكلام على المعتزلة.
ومن المعلوم أن أكثر المسلمين العاديين والمثقفين الآن هم من أتباع هذه السلفية المستنيرة، ورغم أنه من المفترض أنهم أشاعرة فهم لا يعلمون شيئا عن المذهب الأشعري أو المذهب الماتريدي أو المذهب الوهابي، وهم يأخذون بظاهر النصوص مع التنزيه الإجمالي، وهم يأخذون عقيدتهم من القرءان والمرويات دون الخوض في التأويل ولا حتى التفكير العميق في شيء منها، ولا مانع عندهم من قبول التصوف البسيط غير الفلسفي، ولو تعوزل (اعتنق العقيدة المعتزلية) أحدهم لترك ما كان يقوم به من أوامر الدين النافعة ولانشغل بحفظ هرطقات المعتزلة وكيف يمكن الدفاع عنها ولصارت حياته الدينية جدلا أجوف مضروبا في جدل عقيم مضروبا في هزول بذيء، وسيفقد بذلك حرارة الإيمان والتقوى، وربما باء بسوء الخاتمة بسبب ذلك!
ويلاحظ أن التافه الغرّ سلهب لم يستطع أن يقدم أي رد يتعلق بأسس مذهبه، ذلك لأنه أجهل من دابة كما هو واضح! فأكثر كلامه في تاريخ المعتزلة والدفاع عنهم بصفة عامة دون الخوض في أسس مذهبهم.
وكما تبين هو يسوق أي كلام ليرد به على انتقاد كوارث أربابه، وهو على ثقة بأن أتباعه الجهلة المخابيل سيعتبرون أي هراء يكتبه ردا على ما لا يفقهونه أصلا!
إن هذا الرد ليس المقصود به إهانة أحد، ولا التنديد بطائفة المعتزلة، ولا إثبات إن مذهبهم هو الباطل المطلق أو الكفر البواح، وإنما بيان ما فيه من باطل وكفر صريح حتى يعلم الحق من جهله ويرعوي عن الغي من لهج به.
أما ما في الردّ من تنديد بالمجادل التافه فهو من باب رد العدوان والانتصار على أهل البغي والقصاص العادل منهم وكشف أمرهم للناس حتى لا يضلوا بسببهم، وقد تبين أن أكثر دراويشه لا يعلمون شيئا عن حقيقة مذهب المعتزلة وأنهم كلما سمعوا أو قرأوا انتقادا لشيء من مذهبهم أخذوا يصرخون باسمه ويستغيثون به.
فكلما اضطررنا لانتقاد أحد مقولاتهم مثلما نفعل مع غيرهم استغاثوا بواحدٍ منهم فقط! فماذا يفعل الآخرون؟ وجوابنا كان دائما:
استدعٍ أيضًا: واصل بن عطاء، عمرو بن عبيد، حمدان بن الهذيل، إبراهيم بن يسار، بشر بن المعتمر، ثمامة بن أشرس، القاضي عبد الجبار ...... الخ
وقد وجهنا إلى المعتزلة سؤالا في صميم مذهبهم، لم يستطيعوا الردّ عليه واستدعوه، فلم يستطع الردّ عليه كما يعلم الجميع، ثم أخذ دراويشه يشتمون ويتطاولون!!! والآن كلما وجه إليه أحدهم نفس السؤال أعطاهم الرابط القديم!!! أما دراويشه المخابيل فيعتبرون مجرد وجود الرابط ردّا!!!!!
ويقول سلهب إنه لا يوجد مذهب يمكن أن يصمد أمام مذهبه؛ هذا القول من مزاعمهم الجوفاء، وهو ليس إلا هراءً مختلطا بخراء، ومن فشل في الحصول على الابتدائية ليس من حقه الزعم أنه قادر على الحصول على الدكتوراه، ومن يثبت عجزه في العمليات الحسابية البسيطة مثل الجمع والطرح ليس من الحكمة مطالبته بحل مسائل في التفاضل والتكامل هذه بديهية.
*******
خلاصة القصة مع المطاريد الحمقى الجبناء والمعتزلة السفهاء والأبواق الجوفاء
كنا قد نشرنا رسالة موجهة إلى المعتزلة كان المقصد منها أن يكتبوا بعض عقائدهم المنكَرة بأنفسهم، وذلك لأنهم يمكن أن ينكروها كما يفعل بعضهم عندما يُحاصر بما يقوضها من أدلة، وكان ذلك لنتولى دحضها على الهواء؛ أي في بثّ حيّ مباشر كما يقولون، وقد جاء فيها:
سنقوم كل مدة بنشر بعض كوارث أو كفريات المعتزلة ونتحدى أي معتزلي أن يجادلنا فيها:
قال المعتزلة: "الله لا يخلق أفعال العباد، العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم إن خيرا وإن شرا، والعقل مستقل بالتحسين والتقبيح، فما حسنه العقل كان حسنا، وما قبحه كان قبيحا، وأوجبوا الثواب على فعل ما استحسنه العقل، والعقاب على فعل ما استقبحه".
مطلوب من المعتزلي أن يبين المقصود بنفسه لنتولى دحضه دحضا لا يسمح لأي معتزلي أن يردد مثل هذا الهراء من بعد!
كيف يخلق الإنسان أفعاله؟ هل أنت تخلق النوم في نفسك؟ هل تخلق الحركة الاختيارية في يدك؟
ما هو العقل الذي جعلتموه أول الأدلة وأعطيتموه سلطة التحسين والتقبيح وألزمتم الله باتباع أحكامه؟
وبعد ثبوت فشلهم وجبنهم وخوفهم من الرد ركزنا الأسئلة في سؤال واحد كبداية: "ما هو العقل الذي جعلتموه أول الأدلة وأعطيتموه سلطة التحسين والتقبيح؟! وألزمتم الله باتباع أحكامه؟"
فشلوا فشلا ذريعا في تقديم أية إجابة، وثبت للناس خيبتهم الثقيلة، ثم ذهبوا إلى صفحاتهم يصرخون ويشتمون ويولولون ويزعمون أننا قد (هربنا) منهم!!! ولكنهم رغم كل ذلك لم يجيبوا عن السؤال الذي مازال قائما!!
والمضحك أنه قد انضم إليهم حشد من الموتورين والمطرودين لشتى الأسباب من شتى المذاهب والجنسيات، ولكن أحدا لم يطالبهم بتقديم الإجابة!!!!! فأكثرهم لا يعرفون عن المعتزلة شيئا، ولا يريدون أن يعلموا شيئا! كما أن أكثرهم لا يفقهون ولا يعقلون، ولقد أثبتوا من جديد أنه لا جدوى من حوار مع السفهاء والأبواق الجوفاء.
تمَّ تكرار السؤال عدة مرات، وحاول بعضهم الإجابة ففشلوا فشلا مخزيا، وظللوا يرددون كلاما لا علاقة له بالسؤال ليوهموا المتابعين أن لديهم ما يقولونه!! حتى ألغينا صداقتهم لنخرجهم من موقفهم المَهين المخزي، وأعلنا لهم ذلك، وهذا ما يسمونه في الأخلاق بكرم الكرم.
وجاء كبيرهم ليطالب بمناظرة، قلنا له إن الحوار القائم والسؤال معلوم، فأصرّ على تحديد زمان ومكان: قلنا له: الزمان الآن، والمكان هنا! والشرط ألا ننتقل إلى نقطة قبل الفراغ من التي قبلها، وأن تجيب فورا دون الإحالة إلى مراجع.
لم يستطع الإجابة وظل يطالب بمناظرة، وموقفنا من الهراء المسمى بالمناظرات معلوم، ومن أسسه أننا لا نجادل أبواقا جوفاء أصلا، فلا قيمة لهم ولا أمل فيهم، كل العقائد معلومة، ولن تغير منها المناظرات شيئا، ويوجد منشور يشرح بالتفصيل موقفنا من المناظرات، ونعيد ذكره هنا لإتمام الإفادة:
القول الساحق الفصْل لعشاق المناظرات والهزل:
1.           آراء الأئمة الحقيقيين لأي مذهب منشورة يمكن النظر فيها وتقييمها ونقدها دون الالتفات إلى صبية المقلدين الذين ثبت دائما أنهم لا يكادون يفقهونها.
2.           لا جدوى من أي مناظرة مع من هو مجرد بوق أجوف لأقوال غيره.
3.           أكثر الأبواق الجوفاء لا خلاق لهم كما ثبت دائما ولا يملكون أية قدرة على طلب الحق واتباعه، فسيلجؤون إلى الكذب والفجر في الخصومة والتدليس والتبرؤ من مقولات مذهبهم إذا انكشف ضحالتها وزيفها.
4.           مهارة البوق الأجوف هي فقط في السفسطة والمغالطات وجذب اهتمام الغوغاء والسفلة والدهماء.
5.           لم يحدث أبدًا أن أية مناظرة جاء منها أي خير، فلم تكن أكثر من وسيلة لتسلية المتسلطين والدهماء وتأجيج العداوة بين الناس بدلا من التعاون على طلب الحق.
6.           أكثر المتابعين لا يعنيهم طلب الحق في شيء وبالأحرى لا يعنيهم اتباعه، ويمكن لأيٍّ منهم أن يختبر نفسه.
7.           أكثر المتابعين تحكمهم أهواء قومية وعرقية ومذهبية وشخصية.
8.           أكثر المتابعين لا يعلمون شيئا عن أسس المذاهب الكلامية مثل المعتزلة وغيرهم.
9.           معاتيه المذاهب يعملون على تحويل الحوار إلى صراع بين صبية الطرقات، أو بين النسوة (الرداحات) اللاتي كنَّ يستأجرهن البعض قديما للنيل من خصومهم والتشهير بهم.
10.        لا وقت لدينا للانشغال بمجادلات عقيمة مع صبية متخلفين يعتنقون مذاهب أكل عليها الدهر وشرب وتجاوزها التطور وفلسفة العلم، الأسئلة موجودة، ومن أراد معرفة رأينا في أي مذهب لن نبخل عليه به.
11.        بالنسبة للمعتزلة فقد تبين أنهم لا يكادون يعلمون شيئا عن مقولات مذهبهم، وقد عجزوا عن الإجابة عن أي سؤال يتعلق بصميم مذهبهم، ومن يعجز عن إثبات أسس مذهبه هو أعجز عما يليه، وأية إجابة سيقدمونها -بافتراض أن ذلك من الممكن-ستكشف للناس مدى بعدهم عن دين الحق وكتابه وقصور ما لديهم من مفاهيم عن رب العالمين.
12.        بعد ثبوت عجزهم لكل المتابعين في أي حوار تثبت ردود أفعالهم مدى سوء أخلاقهم وبعدهم عن مفهوم الدين وجوهره، فهم الكذابون في الحديث الفجرة في الخصومة، وهم بذلك مجرد أداة لصد الناس عن الحقيقة، وهم لن يثوبوا أبدا إلى الحق، ولن يسلموا أبدًا بهزيمتهم بل سيقلبون الأمر إلى وصلات "ردح" وشتائم!!
13.        كما نقول دائما، لا يخلو أي مذهب من حقٍّ وباطل وإن تفاوتت النسب، ونحن نرجو النجاة لأتباع أي مذهب باعتصامهم بما فيه من الحق وحرصهم على طلب الحق واتباعه.

استمر سلهب حوالي نصف ساعة يطالب بمناظرة ويكرر كلامه بدلا من يجيب عن السؤال المطروح للجميع، فلما لمسنا حرج موقفه وأنه لا يريد إلا الخروج من الموقف المخزي المهين الذي وضع نفسه فيه أعلناه بذلك أمام المتابعين، وألغينا صداقته، فذهب ليولول ويتهمنا بالهرب!
هذا هو الكذب الصراح والفجر في الخصومة، لم يكن المطلوب عمل مناظرة أصلا، كان المطلوب الإجابة عن أسئلة محددة، ومن البديهي أنه ليس لغرّ تافه أن يفرض على أحد العلماء أن يناظره ثم يعتبر رفضه لذلك هربا منه!! وكما كتبنا في أحد الردود على واحد من المتعاطفين معه: إن من يثبت عجزه في العمليات الحسابية البسيطة مثل الجمع والطرح ليس من الحكمة مطالبته بحل مسائل في التفاضل والتكامل.
ثم انضم إليه جوقة من الموتورين والمطاريد القدامى والمحدثين أخذت تتطاول وتشتم وتقذف بالباطل على صفحة من نعتبره صديقا ومتابعا جيدا!
قلنا: أيها المساكين! اقرؤوا شيئا من كلامنا، وحاولوا أن تنقدوه بموضوعية، فإن لم تستطيعوا فتعلموا منه، أو على الأقل لا تكذبوا ولا تفجروا!
*******
من ردودنا على بعض من حاول المجادلة:
-      الإنسان لا يخلق فعل الأكل في نفسه، ولكنه ببساطة يأكل، ولا يخلق فعل الكلام في نفسه، ولكنه ببساطة يتكلم.
-      المعتزلة الذين زعموا أن القرءان مخلوق لله أبوا أن يجعلوا أفعال الإنسان مخلوقة لله، ولم يميزوا بين الفعل وبين الحكم على الفعل، ذلك لأنهم قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون.
-       المعتزلة لا يريدون أن يفقهوا أن الفعل "خلق" هو فعل من الأفعال وليس رب الأفعال ولا القيم على الأفعال، لذلك هم يريدون إقحامه دائما بين الفاعل وبين فعله، فبدلا من أن يقولوا مثلا: هذا الرجل يأكل الآن يقولون هذا الرجل يخلق فعل الأكل في نفسه الآن، وهكذا بدلا من أن يقولوا: الله تكلم فكان القرءان فإنهم يقولون الله خلق القرءان أو خلق الكلام فكان القرءان من هذا الخلق. 
-      من يعرف للعلم قدره لا يتملق السفهاء ولا يجعل من صفحته منبرا لقذف العلماء.
ثم قال أحدهم إن كلامنا رفيع المستوى جدا، وأخذ يشكك في أنه لنا، ويجادل في ذلك!! نقول لأمثاله:
لا شك أنك أحمق جاهل وكذاب أشر، إذا كان هذا الكلام رفيع المستوى كما تقرّ بذلك فلماذا لا تنتفع به بدلا من الانشغال بشأن قائله؟
*******
مازال أذناب المعتزلة يصرخون ويشتمون ويولولون، ولكنهم لم يجيبوا عن السؤال:
"ما هو العقل الذي جعلتموه أول الأدلة وأعطيتموه سلطة التحسين والتقبيح؟! وألزمتم الله باتباع أحكامه؟"
قال المعتزلة إن العقل هو الذي يحكم هل الفعل حسن أو قبيح، وقال جمهور أهل السنة إن الشرع هو الذي يحكم على الفعل، وبالطبع حظي جمهور أهل السنة من أشاعرة وماتوردية وأثرية بسخرية المعتزلة المرة، والآن بعد أن رأى الناس وعاينوا أن (العقل) الغربي لا يرى قبحا في أبشع الممارسات الجنسية وقد أباحتها دول في الغرب والباقي في الطريق، ولا يرى قبحا في التآمر على الشعوب الأخرى ونهب ثرواتها ولا في تخريب البلاد بدعوى نشر الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان والحيوان، فمن كان منهم المخطئ ومن المصيب؟
ومشكلة المعتزلة أنهم لا يملكون تعريفا لهذا العقل الذي ناطوا به أكثر الأفعال الإلهية، بل تركوا له مهمة وضع تصور عن الذات الإلهية بعيدا عن النصوص القرءانية أو بتأويلها كما يحلو لهم! فالمشكلة أنهم لم يعبدوا الله الذي أنزل على عبده الكتاب ونسب إلى نفسه الأسماء والشؤون والأفعال الواردة فيه وإنما عبدوا تصورا عنه وضعوه كما يحلو لهم!
وقد قدم أحدهم تعريفًا للعقل هو للأسف سفسطة فارغة، ثم قال: "إن عجز بعض العقول عن اكتشاف هذه القيم لا يلغي وجودها"، فكلامه متناقض مع قولهم بأن العقل أول الأدلة!
ردود:
-      يجب أولا أن تحدد تعريف "العقل" تحديدا دقيقا، وهل ستعرفه وفقا للقرءان أم وفقا لفلسفة مثالية أم وفقا لفلسفة مادية أو وفقاً للعلوم الحديثة، ثم يجب عليك أن تحدد مصدر القيم!
-      في الحقيقة كلامكم هو عبارة عن "خلط x هراء"، الفقه ملكة كالعقل تماما وفقا للقرءان الذي اتخذتموه وراءكم ظهريا، ويجب أن تميز بين المعرفة الدينية وبين المعرفة بالعلوم الطبيعية والسنن الكونية.
-      العقل مفتقر إلى العلوم وإلى معطيات الحواس، وهو يختلف من عصر إلى عصر، ومن فرد إلى آخر، فكيف تعطي لـ (عقل) هذا حاله سلطة الحكم على الأوامر الإلهية والأفعال الإنسانية من الناحية الدينية؟! هل علمت أنها قضية هرائية؟!
-      لا يجوز المقارنة بين أمرين مختلفين من حيث الحقيقة والطبيعة، بمثل ما أنه لا يجوز مقارنة كيلو متر بكيلوجرام.
-      إن الإنسان الذي يختار أن يقترف إثما أو فاحشة لا يخلق الأدوات التي تمكنه من ذلك ولكنه يحاول استغلال ما هو مستخلف فيه والتوافق مع السنن الكونية ليقترف الإثم أو الفاحشة، فهو مثلا لا يخلق الزنى، وإنما هو ببساطة يختار أن يزني ثم يزني! ولا فرق من الناحية الطبيعية المحض بين الجماع المشروع وبين الزنى، وإنما الحكم الشرعي هو الذي يفرق بينهما، وفي حين أن بعض الناس مثلا يرون في العلاقة الجنسية خارج الزواج كارثة فغيرهم يراها أمرا طبيعيا كالأكل والشرب.
*******
من ضلالات المعتزلة الجدد: يقول أحدهم في سياق جدله: "إن كل كلام مادة، ولذلك فكلام الله مادة، وبالتالي فهو مخلوق، وبالتالي فالقرءان مخلوق"، وذلك في سياق دفاعهم عن الضلالة الكبرى التي ألقاها الشيطان إلى المعتزلة ففرقوا بها قديما شمل الأمة واضطهدوا بسببها خيرة علماء المسلمين الأتقياء، وشغلوا بها علماء الأصول بهرائيات لا جدوى منها وأمور ليس لديهم أدوات البحث فيها، وهذا القول منهم هو سفسطة فارغة مثل أكثر قضاياهم، ولا يدل إلا على جهلهم بحقيقة الكلام عندما يُنسب إلى الله تعالى وإلى عدم تمييزهم بين الكلام وبين نواتجه والتي يُسمى جماعها بالكلام أيضا وإلى جهلهم بحقيقة المادة!!
والمعتزلي يجهل المقصود بالمادة أصلا، وقد سألناه: "ما هي المادة؟" ففرَّ هاربا، وما زال السؤال قائما، وقد سألناه من قبل عن العقل الذي يقولون إنه أول الأدلة فولى هاربا هو وعصابته!
ويتحدث المعتزلة عما بسمونه بالجوهر والعرض...الخ، وهم نقلوا هذا الكلام عن الفلاسفة، ومازال عبيدهم الجدد يستخدمونه، وبالطبع لا مكان لهذه الأشياء والمصطلحات البالية في العلم الحديث ولا في الفلسفة الطبيعية، ولا يجوز الحديث عن الله تعالى ولا الملأ الأعلى باستخدام مثل هذه المصطلحات أبدًا، ولكن مبدأ الضالين من المعتزلة هو قياس الغائب على الشاهد في أمور لا قبل لهم بها ولا ذوق لهم فيها.
*******
السؤال الذي سحقنا به باطل المعتزلة: ما هو العقل الذي جعلتموه أول الأدلة وأعطيتموه سلطة التحسين والتقبيح؟! وألزمتم الله باتباع أحكامه؟
إجابة هذا السؤال العبقري البسيط = دحض مذهب الاعتزال وكشف كفرهم بالكثير من الأسماء والأفعال الإلهية
*******
بعضهم في سياق دفاعه عن المعتزلة ينكر المشهور من أقوالهم!! إنه يجب العلم بأن مذهب المعتزلة معلوم ومنشور يمكن لأي امرئٍ أن يطلع عليه، والمعتزلة هم ممثَّلون بما هو معلومٌ عنهم من أصول وأقوال، وليس بمعتقدات أحد عنهم، وإذا كانت لدى أحد الناس اعتقادات أخرى عن مذهبهم فليذهب إليهم في مظانهم وليناقشهم فيها.
فكل مذهب من المذاهب ممثل بمقولاته الأساسية وأصوله، وليس بأشخاصه، والذي يعنينا كل مقولة من هذه المقولات، فيلزم النظر إليها من وجهة نظر القرءان الكريم وما يتضمنه من البراهين والبينات، وبافتراض المستحيل، وهو أن الطائفة التي أحدثت هذا المذهب لم توجد أبدا، وأن قوة خفية هي التي كتبت مذهبهم، فهذا لن يغير من الأمر شيئا، يجب التصدي لما في مذهبهم من الباطل مع الإقرار بما فيه من الحق، وذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة للمسلمين.
وعلى سبيل المثال معلوم أن المعتزلة يقولون بأن القرءان مخلوق وأن الإنسان يخلق افعاله وأن (العقل) يستقل بالتحسين والتقبيح وأن الله تعالى ملزم بأحكام عقولهم وبما تقرره، ويقولون بما يسمونه بالمنزلة بين المنزلتين وينكرون الشفاعة، ومعلوم أنهم أوعزوا إلى الخلفاء العباسيين بحمل الناس على أقوالهم وجلد وتعذيب من يأبى، فإذا ثبت مثلا أن الذي فعل ذلك بعض الكائنات الفضائية فإن ذلك لن يغير من الأمر شيئا، يجب تفنيد هذه الأقوال وكشف ما فيها من زيف وبطلان وإدانة سلوك هذه الكائنات الفضائية.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى كل شخصية تاريخية، فهي ممثلة بأفعالها وصفاتها التي سجلها لها التاريخ، ويجب الحكم عليها من حيث ذلك حتى لا يتأسى بها الناس إذا كان النظر في تاريخها يثبت أنها كانت شخصية إجرامية مثلا، فلا يجوز اتخاذ المجرمين أسوة ولا أربابا، ولكن لا يجوز لأحد افتراض صورة من عنده لا أصل لها ثم الزعم أنها كانت لهذه الشخصية إلا إذا أثبت ذلك بأدلة حاسمة، إنه يجب النظر إلى التاريخ كما هو وليس كما نتمنى أن يكون.
*******
من الفروق بين كفريات المعتزلة الضالين وبين إيمانيات دين الحق المبين 1
المعتزلة متفقون على نفي صفتي السمع والبصر عن الله تعالى؛ فلا الصفتان قديمتان – عندهم –  ولا حادثتان.
ويقولون – معللين زعمهم استحالة كون الله سميعا بصيرا: وجه استحالته أنه إن كان سمعه وبصره حادثين كان محلا للحوادث، وهو محال، وإن كانا قديمين فكيف يسمع صوتا معدوما، وكيف يرى العالم في الأزل، والعالم معدوم، والمعدوم لا يرى".
وهم في الحقيقة مدرستان:
الجبائي وابنه، ومن تابعهما من البصريين:
ويتلخص رأيهم في أن الله سميع بصير، بمعنى أنه حي لا آفة به تمنعه من إدراك المسموع والمرئي إذا وجدا؛ ذلك أنهم يرون أن الحي إذا سلمت نفسه عن الآفة، سمي سميعا بصيرا، أو بألفاظ مشابهة: إن الله تعالى لم يزل سميعا بصيرا على معنى أنه كان حيا لا آفة به تمنعه من إدراك المسموع إذا وجد، إن الحي إذا سلمت نفسه عن الآفة سُمِّي سميعا بصيرا.
القول الثاني: رأي النظام والكعبي، ومن تابعهما من البغداديين في معنى السميع والبصير:
ويتلخص رأيهم في أن الله تعالى لا يسمع، ولا يبصر شيئا على الحقيقة، وتأولوا وصفه بالسميع والبصير، على معنى العلم بالمسموعات والمرئيات، فمعنى كونه تعالى سميعا بصيرا؛ أنه عالم بالمسموعات والمبصرات.
وزعم الكعبي أن الله تعالى لا يرى نفسه ولا غيره؛ إلا على معنى علمه بنفسه، وبغيره، وتبع النظام في قوله: إن الله تعالى لا يرى شيئا في الحقيقة.
وزعم هو أيضًا والبغداديون من المعتزلة؛ أن الله تعالى لا يسمع شيئا على معنى الإدراك المسمى بالسمع، وتأولوا وصفه بالسميع والبصير على معنى أنه عليم بالمسموعات التي يسمعها غيره، والمرئيات التي يراها غيره.
وقد قدموا كبرهان على مزاعمهم هذه بعض السفسطات والمغالطات والقياسات الباطلة التي تدل على جهل عريق بالقرءان وبإنجازات العلم الحديث، هل يحتاج تفنيد أباطيلهم إلى أي حجاج أو مناظرات؟ ألا تكفي النصوص القرءانية المحكمة قطعية الدلالة للرد عليهم؟
فقولنا الذي هو قبس من نور القرءان أن من أسماء الله الحسنى: "السَّمِيعُ الْبَصِير، السَّمِيعُ، الْبَصِير"، وهي ثابتة بثبوت القرءان الكريم، وأن كل اسم منها يشير إلى سمة هي من لوازم الحقيقة الإلهية، وأن الله تعالى كما أخبر عن نفسه يسمع ويرى، وأن حقائق الأسماء الإلهية والسمات هي فوق كل إدراك أو تصور بشري، وليس لدى الإنسان أصلا من المفاهيم والتصورات ما يعبر بها عن حقائقها، وأن الله يتعالى علوا كبيرا فوق هذا العالم بكل ما فيه، وأنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير، هل كان لدى الإنسان من المفاهيم والتصورات ما يعبر به مثلا عن خصائص الكيانات الدقيقة والكونيات طبقا للنسبية العامة، وكلها من مخلوقات الله؟
إن للسمات "العلم، السمع، البصر" معانيها المتميزة ومجالاتها المختلفة، وما هو هنا يشير إلى ما هو هناك، فالله تعالى هو الأصل والمرجع، وكل حقيقة في هذا العالم تستند أصلا إلى حقيقة إلهية، وسمات الله تعالى هي ذاتية واجبة مطلقة كاملة، ولا يمكن لأحد إدراك كنهها، ومن ينفون بعضها إنما يفعلون ذلك لدفع أوهام وظنون لديهم ما أنزل الله بها من سلطان.
والمشكلة هي في إصرار المعتزلة على تجريد الله من سمات كماله لجعله أشبه بإله أفلوطين، إنه لا يحق لأحد نفي سمات الكمال الإلهية المذكورة صراحة في القرءان بحجة التنزيه، يجب على المسلم أن يُثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه وأن يجتهد في فقهه.
إنه لا يحق لأحد إلغاء الأسماء الإلهية تحت أية ذريعة، وأن من يفعل ذلك يكون قد ألحد في أسماء الله وكفر ببعضها، وأنه لا يوجد أي مبرر لهم للتورط في هذا الكفر الشنيع إلا ضلالات توهموها في أنفسهم وإصرارهم على قياس من له الغيب المطلق على من هو محدود مقيد.
*****
يقول المعتزلي أبو الحسين الخياط: "إن الله تعالى لو كان عالما بعلم، فإما أن يكون ذلك العلم قديما أو يكون محدثا، ولا يمكن أن يكون قديما؛ لأن هذا يوجب وجود اثنين قديمين، وهو تعدد، وهو قول فاسد".
ما هو نوع المنطق الذي استعمله هذا المعتزلي وأراد إلزم الله تعالى به؟ وهل مثل هذا الهراء يحتاج إلى تفنيد أصلا؟ إن هذا القول يتضمن الكوارث الآتية:
1.     تجاهل تام لنصوص القرءان.
2.     نفي سمة إلهية ثابتة بآيات القرءان.
3.     تصور أن الله يخضع لإلزامات الزمان.
4.     استعمال للمنطق الدارج في الحديث عن الله تعالى.
5.     لا يجوز إطلاق كلمة "قديم" على الله تعالى أبدا، فلم يرد بها نص قرءاني، وهي تشعر بتقيد بالزمان، والله تعالى هو المحيط بكل شيء المتعالي على كل شيء
6.     استعمال مثل هذه البراهين يتضمن قياس الغائب على الشاهد، ولا يجوز ذلك في حق الله تعالى.
7.     خلطا بين العلم كصفة (سمة) وبين العلم كجماع علوم أو معلومات.
إنه يجب التأكيد على أن كل طائفة تدعي أنها إسلامية يجب عليها الإيمان والتسليم بما هو في القرءان الكريم، فإن ثبت تعمدها تجاهله والاعتصام بغيره ومحاولة فرض آرائهم عليه فإنهم بذلك يكونون غير مسلمين على المستوى الجوهري، ويجب التصدي لهم وجهادهم بالقرءان وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ولكن لا يجوز لأحد الحكم عليهم بالكفر المطلق، وفي كل الأحوال فحسابهم عند ربهم، هو الذي يفصل في أمرهم في يوم الفصل، ولا توجد عقوبة دنيوية على الكفر الجزئي أو الكلي، كما لا يوجد ما يسمونه بالاستتابة.
*******


هناك تعليقان (2):