أسماء ما أنزله الله على رسوله
ما أوحاه الله تعالى إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ هو كلام الله، وهو روحٌ من أمره، وهو نفسه الكتاب
وهو نفسه القرءان وهو نفسه الفرقان وهو نفسه الذكر وهو نفسه النور وهو نفسه الحق،
وهو نفسه الصدق، فكل هذه سمات لنفس الروح الأمري الذي تلقاه الرسول من حيثيات
مختلفة، وآيات القرءان التي تبين ذلك عديدة، ويمكن لكل مسلم أن يستخرجها بنفسه،
ومنها:
{وَكَذَلِكَ
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ
وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ
عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم} [الشورى:52]، {وَإِنْ
أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ
اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُون}
[التوبة:6]، {وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قرءانا عَرَبِيًّا
لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ
حَكِيمٌ (4) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا
مُسْرِفِينَ (5)} الزخرف، {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا
يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو
عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي
بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ
الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
(16) } المائدة، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ
وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} فصلت، {طس تِلْكَ
آيَاتُ الْقرءان وَكِتَابٍ مُّبِين}[النمل:1]، {الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ
وَقرءان مُّبِين} [الحجر:1]، {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ
وَالذِّكْرِ الْحَكِيم} [آل عمران:58]، {وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ
عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُون} [الحجر:6]، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا
الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون} [الحجر:9]، {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ
وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ
وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون} [النحل:44]، {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن
بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَاب}[ص:8]، {أَؤُلْقِيَ
الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِر}[القمر:25]، {وَإِن
يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا
الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُون}[القلم:51]، {وَالَّذِي جَاء
بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون}[الزمر:33]، {وَيَرَى
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ
وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد}[سبأ:6]، {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ
الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى
أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)} الأعراف
وعندما يكون الكيان ظاهرا بسمةٍ أو بصفةٍ ما ظهورا
جليا يشهد الله تعالى له به فعندها يمكن أن تكون السمة علمًا عليه أي أن تُستعمل
اسمًا علميا Proper name له، ويمكن عندها أن توصف!
فهذا الروح الأمري هو الكتاب مطلقا وهو الكتاب
المبين وهو القرءان المبين وهو القرءان الحكيم وهو القرءان الكريم وهو القرءان
العظيم وهو القرءان المجيد وهو النور المبين وهو في أم الكتاب عليٌّ حكيم...الخ.
ويتبقى للناس التدبر لمعرفة مقتضيات هذا السمات،
بمعنى لماذا سُمِّي ما أوحاه الله تعالى إلى النبي كتابا أو قرءانا أو ذكرا،
ولماذا سُمِّي القرءان تارة بالمبين وتارة بالحكيم.... الخ.
أما التفريق بين الآيات بالقول بأنه توجد آيات من
الكتاب وليست من القرءان أو العكس، أو أن بعض الآيات هي من القصص المحمدي فلا
يُعمل بما تتضمنه من أوامر، فهذا هو الضلال المبين، ولا يمكن أن ينتج عنه خير،
وإنما سيكون أثره كالقول بالنسخ، سيؤدي إلى التملص من بعض الأوامر الإلهية أو
التهوين من قدرها.
ويجب العلم بأن الآية القرءانية قد تتضمن سنة
كونية أو أمرا دينيا أو اسما إلهيا أو قصصا أو توليفة من بعض ذلك مثلا ثم تُختم
بالاسم الإلهي الذي اقتضى كل ذلك، فلا يجوز أبدا ولا يمكن أبدًا تقسيم الآيات وفقا
للطريقة التي اقترحها بعض المجتهدين والتف حوله زمرة من الدراويش والأبواق الجوفاء
والمطبلين.
كما أنه من الضلال المبين القول بتاريخية بعض
القرءان أو القول بأنه من القصص المحمدي الذي انتهى أجل العمل به، وهذا مثل القول بوجود
آيات قرءانية منسوخة؛ أي هو وسيلة لإبطال جزء كبير من القرءان وإلغاء مضمون الكثير
من الآيات.
وخطورة مثل هذه الاتجاهات أنها تقوض المنهج
القرءاني السليم لاستخراج الأحكام، كما أنها تستخف العامة وأنصاف المتعلمين وأشباه
المثقفين وتصرفهم عن جهود الإصلاح والتجديد الحقيقية، وهي في النهاية ستترك
البنيان الديني مهلهلا لا يصلح للسكنى ولا لتحقيق مقاصد الدين الحقيقية.
*****
إن منظومة سمات القرءان تتضمن ما وصف به الله القرءان من
السمات، فتلك السمات تشكل منظومة متسقة لها الحكم على كل ما يمكن أن يقال بخصوص
القرءان, فيجب أن يُضرب بكل ما يخالف عنصراً من عناصرها عرض الحائط، ومن الجدير
بالذكر أن أسماء القرءان تشير إلي تلك السمات، فهو القرءان والرسالة والكتاب
والمبين والحكمة والكريم والمجيد والحكيم والمبارك وهو روح من أمر الله وهو ذكر
وذو الذكر وهو ميسر للذكر والمهيمن على سائر الكتب وهو الحق وهو النور وبه يهتدي
الكثيرون ويَضل الفاسقون، وهو الصدق وهو كتاب مبين وهو تبيان لكل شيء وهدى ورحمة
وبشرى للمسلمين وليس له مثل وهو الحديث وهو أحسن الحديث وهو متشابه ومثاني وهو
الذي أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ، لَا
يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ
حَكِيمٍ حَمِيدٍ، وهو تفصيل لكل شيء وهو قول فصل وليس بالهزل وهو الذي أنزل بالحق
والميزان وهو الذكر المحفوظ أي الذي ليس فيه آيات منساة أو منسوخة، وهو الكتاب
الذي لا ريب فيه فلا نسخ فيه ولا شك بخصوص أي أمر يتضمنه وهو هدى للمتقين فمن ضل
في شيء بخصوصه فليعلم أن ذلك لقصور في تقواه ولخلل أصاب كيانه الجوهري، وهو هدى ورحمة لقوم يؤمنون وهو
مفصل الآيات لقوم يعلمون مفصل الآيات لقوم يتفكرون وهو
رحمة وذكرى لقوم يؤمنون وهو الذي يتضمن
الدين الكامل الخاتم وهو الذي به تمت كلمات الله صدقا وعدلا فلا مبدل لكلماته وهو
صراط الله المستقيم وهو شريعة من الأمر وهو شرعة ومنهاج وهو وحي من الله وهو كلام
الله وهو الآيات البينات والبصائر وهو فضل الله ورحمته للعالمين وهو عربي وهو حكم
عربي وهو بلسان عربي مبين......
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق