الجمعة، 15 مايو 2015

بلطجي وغانيتان

بلطجي وغانيتان

هذا البلطجي هو أكبر بلطجي شهده التاريخ حتى الآن، قوته هائلة وثراؤه فاحش، يستطيع أن يرفع من يشاء وأن يسقط من يشاء وأن يضرب من يشاء وأن يؤدب من يشاء، بلغ من سطوته أنه يطبع أوراقا يسميها نقودا يعطيها من القيمة ما يشاء ويأخذ بذلك من الثروات مقابلها ما يشاء، فهو يجني بذلك ثمار مجهودات الشعوب وموارد بلادهم!! والويل لمن يفتح فمه، آخر من فعلها زعيم نزيه كان بلطجيا قديما، سلط عليه بعض الصبية التافهين فأسقطوه! وجعل منه عبرة لأمثاله.
ويحتمي بهذا البلطجي الكبير مجموعة من قدامى البلاطجة؛ يحسدونه، ولكنهم لا يستطيعون إلا الاستسلام لسطوته، خاصة بعد أن رأوا مصير زميلهم، من يدري؟ ربما يتمردون عليه يوما ما!

هذا البلطجي وقع في غرام غانية شرسة، هذه الغانية تذكره بشبابه، لذلك ولأسباب نفسية وعقائدية ولأسباب أخرى فهو يحبها حبا يفوق الوصف، حبا لم تشهد البشرية له مثيلا، حبا أصابه بالمازوشية، فهو يستمتع بضرباتها وإهاناتها له، ويتمنى أن تزيده منها، وهو في علاقاته مع الآخرين لا يرى الأشياء إلا بعيونها، وهو يعمل ضد مصلحته إذا كان ذلك وسيلة إلى مرضاتها.

ولكن توجد غانية أخرى تحبه هو نفسه حبا مازوشيا، ثراؤها أسطوري، وهي منقبة بحكم التقاليد، ولذلك لم تكن لتسمح له بالاستمتاع بها إلا سرا، هو لا يطيقها بحكم كرهه للنفاق والجهل والتخلف، ولكنه لا يرى أي مبرر لكيلا ينتفع بحبها، فهي تعطيه أجر استمتاعه بها، وهي تغدق عليه بلا حساب الأموال التي تدعم ماليته، وهي أكبر سند لأوراقه التي يسيطر بها على العالم، وهي تبيح له بيتها يعبث فيه كما يشاء، أما المقابل فهو لا يكلفه شيئا، إنها تطلب منه من حين لآخر أن يضرب لها من تشعر بالكراهية تجاههم، وهم عادة ممن لا يحبهم هو نفسه أصلا.

وهذه الغانية أو بالأحرى العاهرة على علم تام بعلاقة البلطجي بالغانية الشرسة، ولكنها راضية عن هذه العلاقة منذ زمن بعيد، وهي تتبادل الغزل والمنافع مع هذه الغانية وتحقق لها أهدافها بطريقة أو بأخرى، ودائما ما يتبين أنهما يجتمعان على كره نفس الأشخاص.

ولكن طرأ الآن ما يقض مضجع الغانية الثرية، هناك عاهرة أصغر حجمًا، ولكنها أشد شراسة في العهر، وبحكم صغرها لا تعاني من أية مشاكل داخلية، وهي مصممة على أن تحتل المكان الأول في قلب البلطجي الأكبر، والتنافس مستمر.
ولقد استجد الكثير مما يقلق البلطجي العتيد، ويجعله أشد شراسة وتبجحا وشذوذا، فلم يعد العالم مثلما كان عليه عندما كان منفردا بكل شيء فيه، انقلب تدبيره إلى ما يهدد بتدميره، رغم أن ذلك يبدو بعيد المنال إلا أن دوام الحال من المحال، وقد بدت بعض ملامح مستقبل غير مبشر.
لم يعد البلطجي يستجيب لطلبات الغانية لضرب أعدائها بنفس الحماسة القديمة، بل وبدأ يبحث عن سبل أخرى غير الضرب البحت ليتفاهم معهم، بل ويطالبها بأن تضربهم هي!!! يا للهول!! ماذا تفعل الغانية؟!

والأدهى والأمرّ أن هذا البلطجي لشدة انشغاله بشؤون غوانيه أو بالأحرى عواهره عاش في غفلة عن قوى بعيدة تتربص به، ولن ترقب فيه إذا ما تمكنت منه ألِّا ولا ذمة، فهم لم ينسوا ثاراتهم قديمة.

*******


هناك تعليقان (2):