ركن قرءاني وأمر قرءاني
كبير
*إقامـة الصلاة
إقامة
الصلاة هي ركن من أركان الدين وهي أيضا من الأمور والأوامر القرءانية الكبرى.
كما
تتضمن وصل ما أمر الله به أن يوصل، أي إقامة شبكات من الوصلات والعلاقات بين
الإنسان وبين ربه، وكذلك بين الإنسان وبين الكيانات الأخرى التي هو مأمور أن يقيم
صلاتٍ بها، ومن هذه الكيانات أسرته وأولو رحمه ومكونات الأمة التي ينتمي إليها.
ومن معاني إقامة الصلاة للكيان الإنساني
الكبير: إنشاء ودعم وصلات بين كافة مكونات الكيان الذي يقيمها بحيث يصبح هذا
الكيان جسدا واحدا، وبها يكون للأمة بنية Structure وتتميز بذلك عن القبيلة أو المجتمع أو
الشعب.
والإقامة
الحقيقية للصلاة تشكل خلاصة مكثفة لأكثر الأركان الدينية الجوهرية، والأهمية
القصوى يجب أن تكون لأركان الصلاة ومقاصدها المذكورة في القرءان.
ومن الحقائق الراسخة أن القرءان لم يقدم وصفًا
تفصيليا دقيقا لإقامة الصلاة على النحو المعلوم حاليا والوارد في كتب (الفقه)، هذا
رغم أن الله تعالى قد وصف كتابه بأنه تبيان لكل شيء، قال تعالى:
{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا
لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)
وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ
بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ
يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ
بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ
تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ
وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
(92)} النحل.
ويلاحظ أنه بعد النص على أن الكتاب تبيان لِكُلِّ
شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ أتى الأمر المشدد
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَالنْهَي المشدد عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ.
ومهما قيل من تبريرات أو استحدث من تأويلات فإن ذلك
يعني بكل وضوح وجلاء أن هذه التفاصيل الشكلية الدقيقة لصلاة ليس لها مثل وزن
الأوامر والأمور القرءانية الأخرى مثل تلك الأمور المذكورة صراحة، وإذا كان الناس
قد غلوا في أمر هذه الشكليات وكادوا يقضون بها على دين الإسلام وجعلوها شغلهم
الشاغل على مدى القرون وجعلوا ترك المتسلط لهم ليؤدوها مبررا للخضوع المطلق له وإن
اقترف شتى الموبقات وسفك الدماء وأفسد في الأرض وانتهك كافة حقوقهم، فماذا كان من
الممكن أن يحدث لو جاء لها وصف دقيق محكم في القرءان؟ كانوا سيتقاتلون بسبب ذلك
حتى الفناء!! وهل كان من الممكن بالفعل أن يأتي وصف دقيق في الكتاب العزيز
والرسالة الخاتمة لحركات جسدية؟
إن من تجليات الرحمة والسموّ والعلوّ أن دين الحق لم
يُقم كبير وزن للطقوس والشكليات، وهذا أيضا من علامات عالمية وشمول ورقيّ الإسلام
وصلاحيته لكل زمانٍ ومكان.
وليست هذه دعوة للإعراض عن كيفيات الصلاة المعلومة،
أدِّ الصلاة كما تعلمتها من والديك، ولكن حاول أن تعمل بأركان الصلاة الحقيقية
المذكورة في القرءان.
*****
الصلاة
تعطي معاني اللزوم للتأثر والتفاعل، والذي يؤدي إلى إحداث صلة، ومن وسائلها
الدعاء، فالدعاء هو خطاب خاصّ، مبني على الثقة بالمدعو والإيمان بأسمائه الحسنى،
ومنها أنه سميع قريب مجيب قادر.
والتفاعل لا
يعني أي تغير في الذات الإلهية، وإنما يعني ما يترتب على سريان سننه التي هي
مقتضيات أسمائه، والتي تتضمنها وتبينها آياته، قال تعالى: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ
لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي} [طه:14]، {فَاذْكُرُونِي
أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُون} [البقرة:152]، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ
دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي
لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون} [البقرة:186]، {وَقَالَ
رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ
عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين}[غافر:60]
فمن يذكر الله
سيذكره الله، وهذا يتضمن أن تعمل السنن الإلهية لصالح الذاكر فيتزكى كيانه
الجوهري، وتتوثق صلته بربه، فتصله إمدادات يترتب عليها مزيد من الرقي والتزكي.
إن
إقامة الصلاة لها معانٍ عديدة، وهي ملزمة لكل كيانٍ إسلامي بدءًا من الفرد
وانتهاءً بالأمة، ومن معانيها ومظاهرها أداء تلك الصلاة المعلومة الواجبة على
المسلم، وقد وردت الأوامر بها وبأجزائها أو لوازمها في آيات قرءانية عديدة، ولكن
لم يرد أي وصف تفصيلي لها في أية آية قرءانية مثل ذلك الوارد في كتب (الفقه) كما
هو معلوم.
فحركات
الصلاة الخاصة بالفرد تتضمن كل ذلك، وتوحد بين كيانات الإنسان المتباعدة، والأمة
ملزمة بإقامة الصلاة بمعناها الأشمل، فيجب عليها إنشاء ودعم وصلات بين كافة
مكوناتها بحيث يصبح هذا الكيان جسدا واحدا.
وكل
كيان بين الفرد والأمة هو ملزم بإقامة الصلاة، وإقامة الصلاة المعلومة في جماعة هي
من وسائل إقامة الصلاة بالمعنى المشار إليه، هذا إذا كان الناس بالفعل مسلمين
متبعين لدين الحق.
هذا
مع العلم بأن مخالطة الغافلين والمشركين هي سمٌّ زعاف.
*****
إن
تلاوة القرءان في الصلاة هي من مقومات الصلاة وشروطها وهو أيضًا من لوازم القيام
بركن ديني مستقل ومقدم على إقامة الصلاة وهو ركن تلاوة كتاب الله والقيام بحقوقه.
وتلاوة
القرءان في الصلاة تعني أيضًا اتباع القرءان في إقام النظام الاجتماعي الذي يربط
بين مكونات الأمة ويجعلها بمثابة الجسد الواحد.
والصلاة
هي عبادة فردية من حيث الأصل، ولكنها أيضا جماعية من حيث إنه على الإنسان أن
يؤديها بكل كياناته وملكاته أي بكل قوى وجوده، وعندما يؤديها الإنسان منفردًا
فإنما يكون الإمام أنيته (أناه أو حقيقته العليا، His I-ness)
ويأتمّ بها سائر مكوناته وحقائقه الأخرى والملائكة الملحقون به والجن المؤمن
الملازمون له.
وفى
حالة وجود الأمة المؤمنة فإن الأداء الجماعي للصلاة يصبح أمرًا ملزما للجميع
ووسيلة من وسائل تقوية وتدعيم وتحقيق المقصد الأعظم الخاص بالأمة، وكل هذا يقتضي
أن يؤديها المسلمون وهم على قلب رجل واحد ويأتمون بمنظومة قيم واحدة ويدركون أنهم
أعضاء جسم واحد، ويكون مسلكهم من مقتضيات هذا الإدراك.
وفي
هذا العصر فإن الأمر بالإقامة الجماعية للصلاة يشمل المؤسسات المستحدثة، وفي ذلك
سبيل للرقي بها وتزكيتها وجعل كل مؤسسة كجسد واحد متماسك.
وليس
المقصود أن يتحول الإنسان إلى دابة في قطيع، ولكن المقصود أن يكون إنسانًا ربانيا
فائقا في أمة من الأحرار الأباة الأشداء على الأعداء الرحماء بينهم، فإقامة الصلاة
مع التحقق بكل ذلك يؤدى إلى الجمع البناء لكل قوى وقدرات وامكانات الأمة مما يضاعف
من ثرواتها المادية والقيمية والمعنوية ويزيد من ثقلها الأمري على كافة المستويات.
أما
الآن في ظل وجود الشيع الضالة والمذاهب المنحرفة ودعاة الشقاق والفتنة الذين
يحتكرون المنابر فربما كان من الأسلم أن يصلي المسلم في بيته وبذلك أمره الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله
وَسَلَّمَ من قبل، فهناك
أحكام خاصة يجب الأخذ بها عند شيوع الفتن وعموم البلوى واحتكار الضالين المشركين
لمنابر المسلمين.
*****
قال
تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى{14} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى{15}}
الأعلى.
إن
الفلاح منوط بالتزكي، وبأن يذكر الإنسان ربه فيصلي، فتزكية النفس شرط لازم لذكر
اسم الرب، فالإنسان لا يمكنه أن يذكر اسم ربه ذكرًا حقيقيا إلا بتزكية نفسه، وبتلك
التزكية يعرف الإنسان حقيقة نفسه، فيعرف بالتالي ربه فلا يغفل عنه ويتولد لديه
إحساس صادق بحضوره معه، فيصلِّي بمعنى أن ذلك الإحساس يسرى إلى أعماق كياناته وإلى
كل ذرة منها ويجعله يتبع ربه دائما ويتأدب معه ويعظم قدره فلا يتقدم عليه أبدا
ويقيم صلة وثيقة به.
ورب
العبد هو ذلك الاسم الذي اقتضى ماهيته وحقيقته أولا، واقتضى وجوده كتحقيق لتلك
الماهية ثانيا، وأمده بما يحفظ عليه وجوده على كافة المستويات المادية والمعنوية
ثالثا.
وسعادة
العبد بالعلم باسم ربه، وفي النظر إليه بكله، فلا ينحجب في دار الحق عنه.
وبمعرفة
الإنسان ربه يكون المقصد الديني الأعظم الثاني بالنسبة إليه قد تحقق، وذكر الاسم
هو عين الصلاة، وإنما تقام الصلاة لذكر اسم الله، فمن ذكر الاسم فقد تحقق بالثمرة
وتذوقها وتمتع بها، أما من لم يذكر اسم ربه فلم يصلِّ فهو الساهي عن صلاته المرائي
بها والذي منع عن نفسه ماعونها، فالتعرف على الاسم هو النعيم المقيم والانحجاب عنه
هو عين الجحيم، فالمنحجب عن ربه الأعلى هو الذي يصلى النار الكبرى التي لا يموت
فيها ولا يحيا.
أما
ذاكر الاسم فهو يصلى نارا أخرى لا يبغي عنها حولا، تلك هي نار الشوق إلى ربه مع
أنه معه وقريب منه، ذلك لأنه يعلم أن له وراء كل تجلٍّ له تجليات أخري أكبر وأعظم.
ولقد
قالوا إن الآية نزلت في إيتاء الزكاة مع أن اللفظ (تزكى) يعنى تزكية النفس
بتطهيرها من الكفر والفسوق والأخلاق الرديئة وتحليتها بالإيمان والتقوى والأخلاق
الزكية، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} الشمس9، ولقد جاء ترتيب الأعمال
في الآية غير معهود، ذلك لأن المقصد من الصلاة هو ذكر الله تعالى وهو ما يؤدى إلى
تزكية النفس، أما الآية هنا فقدمت تزكية النفس، وهذا يدل على أن ثمة حلقة تغذية
خلفية موجبة، ذلك لأن الإنسان يصلى فتتزكى نفسه وتتطهر وينتهي عن الفحشاء والمنكر
فيكون مُهيا للدخول إلى حضرته ليصلى كما لم يصل من قبل فيتزكى من جديد ويذكر ربه
بحضور أعظم وفى درجة أعلى، وهذا هو معراج الإنسان إلى ربه.
*****
قال تعالى:
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ
بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى
طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ
الْمَاعُونَ (7)} الْمَاعُونَ.
إن
تلك السورة هي حملة ضارية على أولئك الذين يسيئون فهم الدين ويظنون أنه مجرد
مجموعة من الشعائر والطقوس التي تؤدَّى دون معرفة بحقيقتها ولا بمقاصدها.
فهم
يظنون أن الدين لا يستوجب سلوكا عمليا ولا يترتب عليه أي التزام تجاه الإنسانية أو
المجتمع.
فالمكذب
بالدين والذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين ما أقام الصلاة وإن صلَّى، ذلك
لأن مثل هذا لم يتشبع بالإيمان الحقيقي ولم يقم بحقوق الأسماء الحسنى فلم يتحل
برحمة أو رأفة ولم يخشع لربه ولم يراقبه في آياته ومخلوقاته.
أما
المصلي فهو الذي أدى حركات الصلاة
الظاهرية الشكلية ولكنه لم يقمها، ولذلك وُصِف بالمصلي، ولم يوصف بمقيم
الصلاة فهو ساهٍ عن حقيقة الصلاة وعن مقاصدها وعن ذكر الله تعالى فيها، لذلك فهو
لم ينتفع بها، ذلك لأنه لم يترتب على أدائها أية تزكية لنفسه ولم يتعلم بها الرحمة
ولم ينته بها عن الفحشاء والمنكر ولم يذكر بها ربه ولم يتحقق بالتقوى، فهو لم يزدد
بها إلا ضلالا وشقاء فهو بغفلته عن مقاصدها لن يكون أداؤه لها إلا محض رياء فهو
بذلك يمنع الماعون عن نفسه كما منعه عن اليتيم والمسكين بل يدعّ يتيم نفسه ولا يحض
على طعام مسكينها ذلك لأن زادها الحقيقي هو تقوى ربها فهو الذي حرمها زادها عندما
تجاهل المقصد من إقامة الصلاة.
فالمصلون
هنا لا يؤدون الصلوات المعلومة كما يأمرهم الله تعالي، فإن أداء الصلاة طبقا
للمصطلح القرءاني يعبر عنه بإقامة الصلاة، فالمصلون الحقيقيون طبقا للمصطلح
القرءاني هم مقيمو الصلاة، والمصلي الموصوف هاهنا هو من لم يصل ما أمر الله به أن
يوصل.
والمصلون
هنا هم أيضًا الدعاة طبقا للمصطلح اللغوي، والمصلي هو الداعي، فالمقصود أنه ويل
للداعي الساهي عما يدعو إليه وعمن يوجه إليه الدعاء والذي يرائي الناس بذلك ويمنع
الماعون.
*****
إن الله سبحانه قد توعد بالويل المصلين الساهين عن
صلاتهم الذين هم يراءون ويمنعون الماعون؛ أي الذين لا يصلون ما أمر الله به أن
يُوصل، وليس مقيمي الصلاة.
فالمصلى بسهوه عن صلاته ما أقامها، لقد أدي بالطبع
الحركات الظاهرية ولكنه كان ساهيا عن روحها ومقاصدها وعن ذكر ربه في صلاته.
فالمصلون هنا هم الذين أتوا بالحركات الشكلية
الظاهرية للصلاة ولكنهم ما أقاموا الصلاة إذ غفلوا عن لب الصلاة ولم يدركوا
مقاصدها، فهم أمام الناس مصلون وهم في الحقيقة عن صلاتهم ساهون فما انتفعوا منها
بشيء، ذلك لإنه لا نفع لحركات الأبدان إذا ما سهت النفوس، فلا انتفاع لإنسان بعمل
إلا بقدر ما نفذ إلى باطنه من آثاره.
أما من ينكرون مقاصد العبادات فإنما هم يكفرون أو على
الأقل يكذبون بكثير من الآيات.
ولقد زعم الأشاعرة أنه ليس ثمة علل غائية أو حِكَم أو
مقاصد للأوامر الشرعية اتساقا مع منطلقاتهم الكلامية، واحتجوا بأنه لو كان المقصد
من الصلاة الانتهاء عن الفحشاء والمنكر لتحقق لكل المصلين ذلك، وهم بذلك خلطوا بين
الإرادة المتعلقة بالكائنات المخيرة والتي اقتضتها منظومة أسماء الرحمة والهدي
والتي تعني المقاصد من الأوامر الشرعية وبين إرادة الله الكونية أو قضائه الكوني
وكلاهما من مقتضيات المنظومة الكلية للأسماء الحسني، وكلاهما يترتب عليه تحقق
الشيء المراد أو الأمر الذي تعلق به القضاء، أما المقاصد الدينية فلن تتحقق للكائن
المخير إلا بمقدار إحسانه القيام بالأمر الشرعي.
والنقيض الموضوعي للمصلين الساهين هم المصلون
الموصوفون في سورة المعارج؛ فالمصلون الحقيقيون في صلاة دائمة بحضورهم مع رب
العالمين، وهم على صلاتهم يحافظون، وهم لأماناتهم وعهدهم راعون، وهم لا يمنعون
الماعون، ذلك لأنهم يعلمون أنهم وأموالهم لله رب العالمين، وأنهم لا يملكون
أموالهم وإنما هم فيها مستخلفون، وأن فيها حقًّا لابد من إعطائه للسائل والمحروم؛
فهم بصفة عامة الذين يتبعون ربهم باتباع أوامره وبوصل ما أمر به أن يُوصل.
إن المرء يجب أن ينظر إلى إقامة الصلاة كفرصة يجب
الحرص عليها واغتنامها والإفادة القصوى منها وليس كعبء يجب التخلص أو التملص منه،
إن المرء يجب أن يتأدب مع ربه الذي يعلم ما يخفيه الإنسان في قلبه.
إن الصلوات المعلومة تتضمن سماحًا إلهيا للإنسان
بالمثول في الحضرة الخاصة الإلهية، فهي تفوق بكثير سائر العبادات غير المفروضة،
وهذا الحق يجب على الإنسان أن يتشبث به، فالتعـس هو من أراد أن يتملص منه، أما
السعيد فهو الحريص على العمل بمقتضاه وعلى الإفادة منه.
ومن كان في حضرة إنسان يتصور أن هذا الإنسان يمكن أن
ينفعه فإنه يحاول أن يكون في غاية الأدب معه وأن يبدي له أقصى ما يستطيع من
التوقير والاحترام، فما بالك بمن هو على يقين أنه بدخول الصلاة يدخل في حضرة الملك
الواحد القهار علام الغيوب، الذي يعلم السرَّ وأخفى، والذي له التصرف المطلق في
مملكته، وله كل الأسماء الحسنى.
وفي الآيات إشارة إلى معنى إقامة الصلاة بالمعنى
الخاص بالمجتمع، أي بأن يقوم الإنسان بعمل شبكة من الوصلات بينه وبين كل أفراد كل
كيان يتضمنه، وبحفظ هذه الوصلات ودعمها وتقويتها.
*****
إن المعنى الشامل لإقامة الصلاة هو تتبع الأوامر
الإلهية والعمل بمقتضياتها لتوثيق الصلات بالله سبحانه وتعالى، فإقامة الصلاة هي
القيام بكل ما يقوي الصلة بالله.
وكل ركن من أركان الصلاة يرمز إلى طائفة من الأوامر
الإلهية والتي يكون الالتزام بها من وسائل القيام بالآداب اللازمة تجاه التجليات
الإلهية.
وإقامة الصلاة تتضمن إقامة نظام من الصلات بين
الإنسان وبين كل الكائنات الأخرى، هذه الصلات تكون كما قرره الله تعالى ووضعه،
فالصلة بالله تعالى هي صلة تلقٍّ واستمداد، وكذلك الصلات بمن كانوا قريبين منه،
أما الصلات بمن هم دون ذلك فهي صلات إمداد واستمداد.
المبطِل الأساسي والمحبِط الأساسي لأي عمل، ليس
شكليات الأمور، وإنما هو الشرك
*******
1-
لأنها كانت معلومة إجمالا لديهم من ملة إبراهيم التي كان النبي مأمورا
باتباعها، والأمر يكون بما هو معلوم.
2-
لأنه لم يكن ثمة خوف من اندثارها لكونها حركات عملية بسيطة يمكن للطفل أن
يحفظها.
3-
لأنه لم يرد أن يجعل عليهم من حرج في الشكليات الثانوية.
4-
لأن ما لم يذكره هو ثانوي بالنسبة لما ذكره مثل ذكر الله والخشوع والامتناع
عن اللغو وعدم الغفلة فيها
5-
لكيلا يسجلها عليهم في كتابه الذي سيحاسبهم عليه.
6-
لعالمية الإسلام والعلم بأنه توجد مناطق على ظهر الأرض لا تتميز فيه أوقات
هذه الصلوات.
7-
لكيلا يتم توثين حركات الصلاة أو تصور أنها مرادة لذاتها
8-
لأنه سيأتي زمان يستمر طويلا يندثر فيه العلم بالشكليات ويكون المطلوب من
المسلم محض ما هو مذكور في القرءان
9-
لأن لإقامة الصلاة معاني عديدة يعلمها أولو الألباب
10- ولو تم التحديد الدقيق للصلوات وأوقاتها وحركاتها،
لقالوا: ألم يكن ربكم يعلم أنه توجد مناطق يستمر فيها النهار لعدة أيام، كيف يصلي
هؤلاء الظهر؟ كيف يعتمدون على حركات الشمس التي يستمر شروقها أو غروبها لعدة أيام؟
.... الخ، ولو تمَّ التحديد أيضًا لاستدعى الأمر تبيين كيفيات الصلاة في كل أحوال
الإنسان الممكنة، وكل ذلك في الحقيقة أمور ثانوية، وليس من مقاصد الدين تحديد
كيفيات دقيقة صارمة للصلاة، ولم تكن الصلاة في العهد النبوي بذلك الشكل الدقيق
الآلي الصارم الشائع الآن!
وهو بالطبع لم يُرِد ما يلي:
1-
أن يحوج الناس للكهنوت والبخاري وشركائه
2-
أن يتيح الفرصة لبعض الناس ليتكسبوا من تعليم الناس الصلاة
3-
أن يفتح بابا ليتسلل منه الكهنوت ويفسد على الناس دينهم
4-
أن يفتح الباب للأخذ بالمرويات المحرفة وهجران كتابه
5-
أن يتبجح أحدهم ويرمي كتابه بالنقص.
6-
أن يكذب الناس ما ذكره من أن كتابه مبين ومبيِّن وتبيان لكل شيء
7-
أن يكذب الناس بقوله إن كتابه مفصَّل على علم
8-
حتى يظل الناس يتصارعون بسببها بدلا من أن ينشغلوا بإقامتها.
*******
أركان الدين
ردحذفرائع يا دكتور
ردحذفلم اكتب هنا لمجرد الكتابة الفلسفية الجميلة والمعانى المجردة ، بل أقصد فعلا ان هيئة الصلاة الموروثة ( من حركات وأقوال وأوقات ) هى اجتهاد النبى محمد عليه السلام ، وليست فريضة من الله على الناس .
ردحذفلقد قرأنا الكتاب ( القرآن ) ، وكل عبارة وردت فيه تناولت الصلاة والركوع والسجود والوضوء والغسل ، وندرك بصورة جيدة ان هيئة الصلوات التى ورثناها عن سلفنا واوقاتها هى اجتهاد النبى محمد عليه السلام فى تدبر تلك العبارات ، وحجة أشد المدافعين عن قداسة هيئات العبادات الموروثة من صلاة وزكاة وحج هى حجتنا عليهم ( انه أنه لا سبيل إلى معرفة تفاصيل هذه الصلوات بتفاصيلها الموروثة بغير إدخال النبى محمد عليه السلام كمصدر للتشريع ) ، ولتجاوز معضلة توحيد الربوبية و الألوهية التى تعطى القداسة للافعال والأقوال الموروثة ( التى نسميها عقائد وعبادات ) ، تم اختراع نسبة كل أقوال وأفعال النبى محمد عليه السلام إلى الله مباشرة ، اى انه قد تم حذف تجربة النبى كمثال وقدوة من الدين الاسلامى ، وبالتالى تم تحريف الدين الاسلامى و إخراج الإنسان منه تماما ، وبدلا عن ) لا رهبانية فى الإسلام ) تم تحويل المسلمين إلى مرتبة أعلى من الرهبان ، إلى مرتبة الانابة عن الله مباشرة لكل مسلم بموجب إعلانه فقط ( إسلامه ) .
ان وظيفة الكتاب ( القرآن ) هو الهدى للإنسان ليس غير ، لا يمكن أن ننسب إلى القرآن تفاصيل الأعمال والأقوال التى يقوم بها انسان اطلع عليه ، سواء كان نبى او غيره ، وهذا من الوضوح بحيث نقرأ فى الكتاب ان الانبياء والناس سيتم حسابهم والتدقيق على أعمالهم ونواياهم فى الآخرة ، وأنه لا توجد هناك استنثاءات او حصانات لاحد مطلقا.
والله المستعان .
#وبس
ما ذكره عامر الحاج في الصلاة أنقل هنا دون زيادة أو نقصان فما رأيكم؟!
مقال مفيد جداً عن مشكلة الانطواء عند الطفل ..
ردحذفلا يفوتكم ⬇⬇
https://noslih.com/article/%D8%A7%D9%86%D8%B7%D9%88%D8%A7%D8%A1+%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83+%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D9%83+%D8%A3%D9%86%D8%AA%21
اللهم بارك في عمره واصلح له جسده
ردحذف