الاثنين، 11 يوليو 2016

تقديس الدين الأعرابي الأموي للأمويين

تقديس الدين الأعرابي الأموي للأمويين

يتميز أتباع المذهب السني أو بالأحرى الدين الأعرابي الأموي بتقديس وربما تأليه الدولة الأموية، وبعضهم لنفاقهم العتيد ربما ينكرون ذلك، ولكن أصدقهم مع دينه يجاهر به، ولا عجب في ذلك فالدين الأعرابي الأموي صُنِع على عين الأمويين وليضمن بقاء السلطة فيهم إلى يوم الدين، وعندما حاق بالأمويين مصيرهم المتوقع وأزيلت دولتهم وأبيدوا كلهم تقريبا على أيدي العباسيين وجد هؤلاء المذهب الأعرابي الأموي خير مذهب يمكن أن تتبعه عصابة إجرامية للتسلط على الناس فاعتصموا به وقربوا إليهم دعاته من الأعراب المتخلفين أو من اليهود المنافقين المتظاهرين بأنهم مسلمون.
إن الاتجاه العام الذي ساد وسيطر برعاية الأمويين وبطشهم والذي ولدت في ظله الصياغات أو بالأحرى الأديان المسيطرة إلى الآن كان من ملامحه الرئيسة ما يلي:
1-          العداء المستتر للإسلام وكل من يجسدون للناس قيمه ومثله.
2-          استحداث مصطلح "الصحابة" وتوسيعه ليشمل أساسًا المنافقين والطلقاء وأهل البغي والمنقلبين على الأعقاب والمندسين من أهل الكتاب، والمبالغة في تقديسهم.
3-          العداء الشديد لحزبي أهل البيت النبوي والأنصار ومحاولة طمس كل فضائلهم والتطاول عليهم ومن المعلوم أن معاوية قد سن للناس سب الإمام على وأنصاره على المنابر في المساجد ولم يرحم من حاول الاعتراض على ذلك، ومازال المنتسبون صراحة إلي مذهب أهل السنة والعاملون به يقدسون معاوية ويسمون ابنه يزيد اللعين بيزيد الخير وأمير المؤمنين!!
4-          المبالغة في نسبة الفضائل والمناقب إلى أئمة الحزب القرشي لمواجهة ما هو ثابت من فضائل أهل البيت ولقد تمثل ذلك في محاولة الزج بالصحابة حتى في صيغ الصلاة على النبي وآله.
5-          محاولة اغتيال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ معنويا كما حاول آباؤهم اغتياله جسديا، ومن ذلك محاولة التقليل من قدره والمبالغة الفجة في إبراز بشريته بطريقة مبالغ فيها ووضع وتحريف المرويات لإظهاره في صورة الرجل المولع بالنساء وبسفك الدماء، وكذلك محاولة النيل من تعهد الله تعالى بأن يعصمه من الناس.
6-          تحريف مصطلح السنة ليصبح مرادفا للمرويات والأخبار الظنية التي تعرضت لأكبر عملية دس وتحريف ووضع شهدها التاريخ بحيث صارت نسبة ما يظن صحته إلي الموضوع أقل من 1%.
7-          المبالغة في تضخيم مكانة ما أسموه بالسنة لجعلها حاكمة على القرءان وقاضية عليه وناسخة له وبالتالي يتمكنون من صرف الناس عن الكتاب الذي يقوض شرعيتهم ولا يرضى للناس بالصبر عليهم وإنما يحرضهم على التصدي لهم والقصاص منهم.
8-          اتخاذ كل ما هو ممكن لصد الناس عن كتاب الله وحملهم على الإعراض عنه أو لحصر اهتمامهم به في الأمور الشكلية.
9-          بدأت ولادة الصياغة الصورية الشكلانية للدين باعتبار المرويات هي المرجع الرئيس وبذلك تم تفريغ الدين من جواهره ومقاصده العظمى وأكثر أركانه الكبرى.
10-     بذلك أيضا تم استبعاد الدين من كافة أمور الحياة الكبرى وأصبح مجرد أداة في أيدي الطغاة المستبدين يقودون به جموع المجاهدين المخلصين للعدوان المسلح على من جاورهم من الآمنين دون اتباع السبل الشرعية لدعوتهم إلى الإسلام ودون بذل أدنى جهد لذلك.
11-     مجاملة أكابر الحزب القرشي على حساب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ وإظهار بعضهم في صورة المعلمين له أو من يشاركونه في أمر الوحي ومحاولة التغطية على ما اقترفه بعضهم من الأخطاء والكبائر في عهده مثل الفرار من ميدان المعركة كما حدث في أحد وحنين والانشغال بالغنائم والتنافس فيها والمخالفة عن أمره ومحاولة التمرد عليه مثلما حدث يوم الحديبية واعتراضهم على بعض أوامره مثلما كان الحال عندما أمَّـر أسامة بن زيد عليهم والانفضاض إلي اللهو والتجارة وتركه قائما وخوضهم في حديث الإفك والخيانة وموالاة الأعداء والتخابر معهم ومحاولة إفشاء أسرار الرسول لألد أعدائه ومحاولة اغتياله ومنعه من كتابة وصيته، ولقد بلغ الأمر أن بعض زوجاته من القرشيات تآمرن عليه حتى اضطر إلى أن يحرم على نفسه ما أحل الله له وعوتب في ذلك، ولولا أن القرءان ذكر كثيرا من أخطاء المنتمين إلي الحزب القرشي وندد بها بقوة لاستجابوا لإغراء الشيطان ولعبدوهم.
12-     الإقلال من شأن أهل بيته وإهمال ما لديهم وما لدى محبيهم وأنصارهم من العلم والحديث النبوي.
13-     استفحال العقيدة الجبرية التي بدأت على استحياء ثم ترسَّخت واستقرت على يد يزيد.
14-     شيوع التصور التلمودي عن الإله بسبب من أرادوا التعالم على المسلمين بالتتلمذ على أحبار اليهود والتحديث عنهم.
15-     نقل تراث وشائعات أهل الكتاب إلى التراث المحسوب على الإسلام، وشيوع اتجاهات أهل الكتاب في التعامل مع المعطيات الدينية والتي أدت إلى تلك الصياغة التلمودية للدين والتي سادت إلى الآن.

وقد ترَّحم بعض أئمة السلف على بنى أمية لأنه لم يكن فيهم (حسب فهمهم وإدراكهم) قط خليفة ابتدع في الإسلام بدعة، وهكذا لم ير السلف الصالح من أهل السنة والجماعة من حرج على الأمويين فيما أحدثوه ومنه:
1-          تحويل الخلافة إلى ملك استبدادي عضوض.
2-          سفك دماء أهل بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ واستدراجهم إلى مقاتلهم.
3-          سبي نساء أهل البيت النبوي، وكذلك سبي نساء المسلمين وبيعهن.
4-          أخذ البيعة من الناس بالقهر والإرهاب والرشوة.
5-          تقنين حق القائم على الأمر في نهب أموال الناس.
6-          إحياء حمية الجاهلية وعصبيتها ومنظومة تصوراتها وقيمها.
7-          إساءة استعمال كتاب الله لتحقيق مآرب دنيوية.
8-          إساءة تأويل حديث رسول الله وتحريف مضمونه.
9-          إغداق أموال الأمة على المداحين والمنافقين.
10-     التسبب في قتل ما لا يحصى عدده من المسلمين.
11-     إعطاء مصر طعمة لعمرو بن العاص طوال حياته ثمناً لتأييده، وهو أمر لم يحدث مثله على مدى التاريخ البشري.
12-     حكم الناس بالبطش والإرهاب وانتهاك حقوقهم وازدراء كرامتهم.
13-     إبادة الأنصار في المدينة واستباحتها بعد أن حرَّمها الرسول.
14-     قتل أطفال المسلمين.
15-     وأد وذبح واضطهاد المعارضين أو المجتهدين ذوي المذاهب المختلفة مع المذهب السائد والتنكيل بهم.
16-     قتل المسلمين والتمثيل بهم وصلبهم وحمل رؤوسهم على أسنة الرماح والطواف بها في البلدان.
17-     تمزيق شمل المسلمين.
18-     ضرب الكعبة وهدمها مرتين.
19-     اضطهاد المسلمين من غير العرب وفرض الجزية عليهم وتحقيرهم.
20-     تقريب رؤوس أهل الكتاب كأسرة سرجون الرومي التي كان منها يوحنا الدمشقي وتركهم يكيدون للإسلام ويتآمرون ضده.
21-     سب أئمة أهل البيت على المنابر وقتل وصلب من يأبى ذلك.
22-     السماح للقصاصين والوضاعين بالعمل كما يشاؤون، فتم في عهدهم وضع ملايين المرويات التي يكفي القليل منها للقضاء على أعتي الأمم.
23-     عدم بذل أي جهد حقيقي للدعوة الجادة إلى الإسلام والاكتفاء بشن الحروب الشعواء على كل من جاور أملاك تلك الدولة من الشعوب الأخرى بهدف توسيع الأملاك ونهب الأموال وسبي النساء.
24-     إشاعة العقائد المضللة كالعقيدة الجبرية والمذهب الإرجائي.
وهكذا لم ير أئمة أهل السنة والجماعة أن تلك الأمور تخالف شيئا من أمور الدين، وهذا يبين مدي التدهور الهائل الذي أصاب نفوسهم وأعمي قلوبهم ويبين مدي الهوة السحيقة التي تردوا فيها وكيف أصبحوا كالأنعام بل أضل سبيلا، أما أتقى أهل السنة فلم يأخذوا على معاوية إلا استلحاقه زياد بن أبيه!!؟!
أما من تـفوقوا عليهم في الضلال فهم عبيد السلف الذين ينظرون إلى هذه العهود وكأنها الفردوس المفقود، ذلك لأنه قد تمت صياغة الدين وتسطيحه بحيث لا يرى الناس في كل تلك الجرائم الكبرى ما يؤاخذ عليه الأمويون، إن الدين الذي اختلقه للأمويين أنصارهم لا يستحق أصلا أن يُقال عليه دين، بل هو أقرب إلى أن يكون Cult.
إن الضربات الهائلة التي كالها الأمويون للإسلام والمسلمين على المستوى العملي هي التي مهدت السبيل للمنافقين والمتآمرين ليكيلوا الضربات للإسلام على المستوى النظري في عصرهم وفي العصر العباسي، ولقد قاد كلتا الطائفتين إلى ذلك بصفة رئيسية جهلهم المشين بطبيعة هذا الدين ومقاصده العظمى.
ولقد شهد معاوية بن يزيد بن معاوية على أبيه وجده وها هي شهادته علَّ عبيد الأسلاف يثوبون إلى رشدهم عند قراءتها:
(أيها الناس إن جدي معاوية نازع الأمر أهله ومن هو أحق به منه لقرابته من رسول الله وهو على بن أبى طالب وركب بكم ما تعلمون حتى أتته منيته فصار في قبره رهيناً بذنوبه وأسيرا بخطاياه، ثم قلد أبى الأمر فكان غير أهل لذلك وركب هواه وأخلفه الأمل وقصر عنه الأجل وصار في قبره رهيناً بذنوبه وأسيرا بجرمه وإن من أعظم الأمور علينا لسوء مصرعه وبئس منقلبه، وقد قتل عترة رسول الله وأباح الحرم وخرب الكعبة، وما أنا بالمتقلد ولا بالمتحمل تبعاتكم فشأنكم أمركم)، وهكذا باء سعى معاوية بالفشل وخاب مسعاه وأضاع نفسه وقضي علي خير أمة وكاد يقضى على الدين في سبيل أن يتقلد ابنه يزيد الأمر لحوالي ثلاثة أعوام ارتكب خلالها من الجرائم الشنعاء ما لطخ تاريخ المسلمين بل وتاريخ البشرية جمعاء، وليت عبيد السلف يشرحون للمسلم كيف يسعى مسلم إلي محاولة إبادة أهل بيت نبي الإسلام وقد أمره ربه بالصلاة والسلام عليهم وكيف يتصورون أنهم بذلك لا يسيئون إلي النبي الذي أخرجهم من الظلمات إلي النور؟ أم كيف يأتي من بعد من يفرض على الناس أن يقدسوا أمثال معاوية وابنه وأن يعتبروا ما وطئوه من التراب أفضل من أمثال عمر بن عبد العزيز؟
إن شريعة الله تعالى تعلو على الجميع وهي شاهدة على أمثال هؤلاء وتدين مسلكهم.
ولقد صالح الحسن معاوية وسلمه ولاية الأمر على أن يعمل بكتاب الله وسنة رسول الله وعلى ألا يعهد لأحد من بعده عهدا بل يكون أمر الخلافة من بعده شورى بين المسلمين وعلى ألا يدبر للحسن أو أخيه الحسين غائلة لا سرا ولا جهرا أو يسيء إلى أحد من آل البيت أو أنصارهم أو يخيف أحدا منهم فهل وفَّى بالعهد؟  كلا، إنه سرعان ما أعلن أن كل عهد قطعه هو تحت قدميه!!

*******

هناك تعليق واحد: