الخميس، 21 يوليو 2016

سورة النساء 15 و16

سورة النساء 15 و16

قال تعالى {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا(15) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا(16)} النساء
زعم القائلون بالنسخ أنها منسوخة بالآية: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} النور2
ولقد نزلت آية النساء 15 في النساء اللاتي يأتين بأيّ نوع من أنواع الفاحشة بما في ذلك ما يمكن أن يستجد منها، فالفاحشة هي لفظ عام أو مصطلح شرعي يمكن أن تتسع مصاديقه بما يستجد مع مضي الزمن.
وآية النساء تتحدث عن فاحشة نسائية، فالفواحش عديدة فمنها كافة ضروب التعري أمام الناس ومنها ما يعرف الآن بالاستربتيز وكذلك الممارسات الجنسية المثلية والتي يمكن أن تحدث بين مجموعة من النساء –كما تشير الآية- والتي لم يكن للعرب عهد بها... إلخ، فعقوبتهن أن يمسكن في البيوت حفاظا علي الناس من شرهن وفتنتهن حتى انقضاء آجالهن أو إلي أن يجعل الله لهن سبيلا، ويلاحظ أن الله سبحانه قد قال: (لهن) وليس (عليهن)، وهذا السبيل قد يكون بأن تزهد المرأة في الفاحشة وتقلع عنها أو تتوب منها أو أن تشفي منها إن كانت قد أدمنتها أو أن تتزوج، وليس السبيل الذي لهن أن يرجمن حتى الموت بعد جلدهن، ويلاحظ أنه يجب الإشهاد عليهن؛ أي على المجموعة من النساء، وجاء الجمع بصيغة المؤنث، ذلك لأنهن كلهن من النساء، ولو كان معهن أو معها رجل واحد لأتى الجمع بصيغة جمع المذكر.
أما الحكم بجلد الزانية فإنه لا ينطبق إلا علي تلك التي رآها تمارس الفاحشة مع الزاني أربعة شهداء علي الأقل، ولذلك كان لابد أن يشهد عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ، وهذا الحكم ينطبق على الزانية سواء أكانت متزوجة أو غير متزوجة، فلم توجد آية قرءانية تقيدها، ولا يجوز نسخ آية قرءانية بينة محكمة بمروية أو بآية أكلتها الماعز، والمسلم مطالب الآن بالنظر في الآيات بتجرد دون اللجوء إلى المرويات والآثار أو ما يُسمَّى بأسباب النزول أو توقيتاته، بل يجب أن يعلم أن كل الآيات متكافئة ولها مصداقيتها الكاملة وحجيتها الكاملة ويجب أن يؤمن وأن يأخذ في الاعتبار دائما أنه لا اختلاف في القرءان وأنه كتاب أحدي متسق متشابه متماسك.
أما من يتبني التفسير التقليدي فعليه أن يبين للناس ما المراد من جعلهم (أي الناس) ينتظرون السبيل إذا كان المراد به تحديد عقوبة ملائمة لهن، إن تفسيرهم يتضمن سوء ظن برب العالمين، فهل يظنونه كان بحاجة إلي إعمال فكر وتقليب وجهات نظر واستشارة من هم من دونه حتى يجد عقوبة ملائمة لأولئك  النسوة؟ ألا يتناقض ذلك مع قولهم بأن القرءان قديم وأنه أُنزل إلي السماء الدنيا دفعة واحدة، أما العقوبة التي زعموا أنه سبحانه قد جعلها لهن سبيلا –وهي الرجم- فلا جديد فيها، ولقد كانت مدونة لدي أهل الكتاب كما يعلمون هم، ولقد رُوي أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفسه أمر بتطبيقها ذات مرَّة علي أهل الكتاب عندما احتكموا إليه.
أما الآية الثانية فهي تأمر بإيذاء -أي بعقاب- من يمارس الفاحشة من الرجال وذلك بكافة أشكالها الممكنة، والفاحشة تشمل أيضاً الزنا الذي لم يمكن الإتيان عليه بأربعة شهود، أما كيفية الإيذاء فهي مفوضة إلي أولي الأمر في كل عصر، ويُلاحظ أنه بالنسبة للذكور لم يُشترط الإتيان بأربعة شهود، ونصت الآية على ضرورة إيذائهما، ولا يمكن إمساك الرجل في بيته بالطبع، فهو المسئول عن تحصيل الرزق لأسرته.
أما آية سورة النور وهي: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ }النور2، فهي لم تنسخ آية النساء 16 وإنما نسخت حكماً استنبطه الناس منها، فتلك الآية تتضمن حكما علي من مارس الزنا علي مرأى من عدد لا يقل عن أربعة شهداء، أما إمساك النساء المشتهرات بإتيان الفاحشة فيتضمن أيضاً حمايتهن وإتاحة الفرصة لعلاجهن، فالبيوت المطلوب إمساكهن فيها هي الأماكن الملائمة لعلاجهن وإصلاح أمرهن وتحويلهن إلي أدوات إنتاج وإعمار وليس إلي أدوات تخريب وإفساد، إن الدين لم ينزل لكي يحدد أفضل الأشكال والصور الممكنة للعقوبات وإنما لتحقيق مقاصد عظمي ولهداية الإنسان إلي ما يصلح حاله ويمكنه من القيام بواجباته كخليفة في الأرض، وليس ثمة عيب في ألا تتكشف دلالات هاتين الآيتين إلا في العصر الحديث الذي انتشرت فيه الإباحية والانحرافات الجنسية وتنوعت أشكالها، بل إنه لابد في كل عصر أن تعطي بعض الآيات دلالات جديدة حتى يتبين لهم أنه الحق، ولهذا كان الكتاب متشابها.


*******

هناك 6 تعليقات:

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. اعتقد ان المقصود من الاية 16 في سورة النساء هو الشذوذ الجنسي بين الرجال والتالي فلا يوجد نسخ لحكم... فاية النور تتحدث عن الزنا ولاية الزنا تتحدث عن الشذوذ

    ردحذف
  3. اعتقد ان الاية 16 من سورة النساء تتحدث عن الشذوذ بين الرجال وبالتالي فلا يوجد نسخ لحكم.. فاية النور تتحدث عن الزنا واية النساء تتحدث عن الشذوذ

    ردحذف
  4. لماذا قال المولى اللذان وليس اللذين دكتور

    ردحذف
  5. لماذا قال المولى اللذان وليس اللذين دكتور

    ردحذف