الاثنين، 25 يوليو 2016

النهي عن كنز المال

سورة التوبة 34

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيم} [التوبة:34]
الآية تندد بمن يتخذون من الدين مهنة يتربحون بها ويأكلون بها أموال الناس بغير حق، فمن يريد أن يقوم بعمل ديني يجب ألا يطلب من الناس في مقابله أجرا مثلما أنه لا يجوز أن يأخذ منهم أموالهم لأنه يصوم رمضان مثلا.
وقد قال عبيد النسخ إن الآية منسوخة بآيات الأمر بإيتاء الزكاة، وهذا غير صحيح، فالنهي عن كنز المال أمرٌ مختلف تماما عن الأمر بإيتاء الزكاة، هذا كما أن الآية تنص على خبر غير قابل للتكذيب، فالتكذيب بخبر ذكره الله تعالى يتضمن كفرا وسوء أدب من المكذب لا محالة.
وعبيد السلف سيأخذون بالطبع موقف سلفهم ضد رب العالمين، ولا يجوز لمسلم أن يأبه بمثل هؤلاء السلف ولا عبيدهم.
والآية تنص على ركن الإنفاق في سبيل الله، وهو ركن كبير، فكل إنفاق يجب أن يكون في سبيل الله، ومجالات الإنفاق في سبيل الله لا حصر لها، وهي تتسع باطراد التقدم، ومن الإنفاق في سبيل الله بناء المستشفيات وتمويل مراكز البحث العلمي والحفاظ على البيئة ومساعدة الشباب الناشئ على تكوين أسرهم والمساعدة في مجهودات الدفاع عن البلاد وتسليح الجيوش وتمويل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني .... الخ.
ولا يعني ذلك الركن أن ينفق الإنسان كل ماله على غيره أو على غير أهله، بل إن الأقربين دائما هم أولى بالمعروف، وليس أقرب إلى الإنسان من نفسه وأسرته، فبتصحيح القصد والنية يكون الإنفاق في هذه المجالات إنفاقا في سبيل الله، وليس من الإنفاق في سبيل الله التفاخر على الناس واستعراض مظاهر الثراء.
إن إنفاق المال بمعنى الامتناع عن كنزه وإمساكه هو من أهم أركان الإسلام، وهو كالشورى من الأركان التي تم وأدها مبكرا على يد معاوية زعيم الفئة الباغية وأمثاله من المـلأ وتم نفيه مع أبي ذر إلى الربذة ولم يبق منه إلا آثار واهنة من الإحسان الذي قد يكون مصحوبا بالمنّ.
وكنز المال هو من كبائر الإثم المضادة لركن الإنفاق في سبيل الله، ويجب العلم بأن الإنسان لا يمتلك ما لديه من مال امتلاكا حقيقيا، وإنما هو مستخلف فيه، فعليه أن يتبع فيه تعاليم من استخلفه.
والإنفاق يعنى المساعدة على تدوير الأموال وتكاثر وازدهار المعاملات المالية والاقتصادية مما يؤدى إلى الرواج وازدهار الحياة البشرية، والتهلكة وعذاب الآخرة هي الأمور المترتبة على إمساك المال وكنزه.
أما تسهيل المعاملات المالية وتأمينها وسن ما يلزم لذلك من قوانين وإشاعة ما يلزم من قيم فكل ذلك هو مسؤولية الأمة جمعاء لأن مصلحة الأمة في ذلك تفوق مصلحة الفرد وهي التي توفر له السبل اللازمة لاستثمار أمواله.


*******

هناك تعليق واحد: