السبت، 2 يوليو 2016

صدقة الفطـر

صدقة الفطـر


الإسلام دين مقاصد، وهو أيضًا دين يسر ولا حرج فيه، وبالنسبة لصدقة الفطـر فهي من ركن الإنفاق في سبيل الله، وليست من ركن إيتاء الزكاة.
ولقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يريد التيسير على أمته الذين كانت النقود بالنسبة إليهم عزيزة ونادرة إذ لم تكن تضرب عندهم بل كانوا يستوردونها مقابل ما ينتجون من سلع أو مقابل عمليات نقل البضائع بين الشام واليمن، فالدينار كان يأتي من البيزنطيين والدرهم من الفرس، لذلك شرع لهم أن يؤدوها مما هو متيسر لديهم من منتجات بيئتهم كالشعير والتمر، والمقصد الجدير بالاعتبار والمنصوص عليه هو إغناء الفقراء عن السؤال في يوم العيد وليس إحداث ارتباك عام في الأمة طلبا للشعير والتمر، فليس ثمة قداسة خاصة في أيٍّ منهما، وليس ثمة عداوة لغيرهما من المنتجات.
وأمر صدقة الفطر بالذات يوضح كيف يريد البعض صياغة الإسلام كدين للأعراب والبدو وليس كدين عالمي وما ذلك إلا لحرصهم على العادات والمرويات والشكليات، ألم يسأل هؤلاء أنفسهم كيف يمكن أن يؤتي تلك الزكاة أهل الغرب مثلاً؟ لذلك يجب القول بأن مقاصد الدين العظمى هي الأولى بكل اعتبار وليس عادات البدو وما توارثوه من مرويات.
إنه إذا كان الإسلام هو الدين العالمي الخاتم فإنه لم يكن ليتقيَّد بعادات وتقاليد وظروف معيشة عرب القرن السابع الميلادي، لذلك فإذا جاز لعرب ذلك العصر أن يخرجوا صدقة الفطر تمرا أو شعيرا وقد كانا يشكلان المنتجات الشائعة أو المحاصيل السائدة فإنه يجوز لأهل كل مصر أن يخرجوا تلك الصدقة مما يناظرهما فيخرجها الأوروبيون قمحا مثلا.
ومراعاة المقاصد الدينية العظمى تقتضي أن يتم صرف الزكاة الآن نقودا فذلك أيسر على الطرفين، ولا شك أن التيسير من مقاصد الدين وسماته الثابتة المنصوص عليها في القرءان، يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ، مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون، فالتيسير ودفع الحرج من سمات الدين ولها التقدم والحكم على الآثار.
ولكون صدقة الفطر تدخل في ركن الإنفاق في سبيل الله فهي مفوضة إلى إمكانات كل فرد، ولذلك فلا يوجد حدّ أقصى لها.


*******

هناك 3 تعليقات: