الاثنين، 18 يوليو 2016

بطلان مرويات تحميل اليهود والنصارى بذنوب المسلمين

بطلان مرويات تحميل اليهود والنصارى بذنوب المسلمين

القرءان هو المصدر الأوحد لأمور الدين الكبرى، وهو المصدر الأعلى لأموره الثانوية، والمروية الباطلة هي التي تناقض أصلا قرءانيا راسخا؛ أي تتعارض مع أي عنصر من عناصر دين الحق الماثل فيه، والأصل القرءاني قد يكون منصوصا عليه في آية، أو قد يكون من فحواها ومعناها أو قد يكون مقتضى اسم إلهي من أسماء الله الحسنى التي هي مصدر منظومة القيم الإسلامية، فهذه المنظومة هي مقتضيات الأسماء والشؤون والأفعال الإلهية في عالم القيم، ولها الحكم البات والقضاء على كل ما يراد إدخاله إلى هذا الدين من المصادر الثانوية.
ومن المرويات الباطلة ما ورد في صحيح مسلم: 
49 - (2767) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو أسامة عن طلحة بن يحيى، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال:
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا كان يوم القيامة، دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا. فيقول هذا فكاكك من النار".
50 - (2767) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عفان بن مسلم. حدثنا همام. حدثنا قتادة؛ أن عونا وسعيد بن أبي بردة حدثاه؛ أنهما شهدا أبا بردة يحدث عمر بن عبدالعزيز عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه، النار، يهوديا أو نصرانيا" قال فاستحلفه عمر بن عبدالعزيز بالله الذي لا إله إلا هو! ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فحلف له. قال فلم يحدثني سعيد أنه استحلفه. ولم ينكر على عون قوله.
50-م - (2767) حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن المثنى. جميعا عن عبدالصمد بن عبد الوارث. أخبرنا همام.
حدثنا قتادة، بهذا الإسناد، نحو حديث عفان. وقال: عون بن عتبة.
51 - (2767) حدثنا محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة بن أبي رواد. حدثنا حرمي بن عمارة. حدثنا شداد، أبو طلحة الراسبي عن غيلان بن جرير، عن أبي بردة، عن أبيه،
 عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يجيء الناس يوم القيامة، ناس من المسلمين، بذنوب أمثال الجبال. فيغفرها الله لهم. ويضعها على اليهود والنصارى" فيما أحسب أنا. قال أبو روح: لا أدري ممن الشك.
فهذه المرويات هي كمل يلي:
1.            تتناقض مع أصل قرءاني هو أنه لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، هذا الأصل منصوص عليه في الآيات القرءانية الآتية: {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون} [الأنعام:164]، {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا}[الإسراء:15]، {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِير}[فاطر:18]، {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور}[الزمر:7]، {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)} النجم
2.            تتناقض مع أصل قرءاني هو أنه لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى: قال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40)} النجم
3.            تتناقض مع الأصل القرءاني المذكور في قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} الزلزلة
4.            تتناقض مع الأصل القرءاني المذكور في قوله تعالى: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا} [النساء:123].
5.            تتناقض مع الأصل القرءاني المذكور في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون} [البقرة:62]، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون} [المائدة:69]، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد} [الحج:17].
6.            تتناقض مع حقيقة أن الله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، وهو الأولى بأن يفعل ذلك، فهو مصدر القيم العليا: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون} [النحل:90]، {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء:58].
7.            تتناقض مع حقيقة أن الظلم من الأفعال التي تبرأ منها الله تعالى، فلقد نزه الله نفسه عن الظلم بكافة صوره وتبرأ منه باستعمال كافة الأساليب اللغوية، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:40]، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلا}[النساء:49]، {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون}[الأنعام:160]، {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُون}[يونس:44]، {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون}[الجاثية:22]، {فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون} [آل عمران:25]، {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون}[آل عمران:161]، {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[الكهف:49]، {وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون}[المؤمنون:62]، {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون}[الجاثية:22]، {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون}[الأحقاف:19].
8.            تتناقض مع حقيقة أن الله تعالى لا يحب الظالمين، بل يلعنهم: {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِين} [آل عمران:57]، {.... وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِين} [آل عمران:140]، {.... إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِين} [الشورى:40]، {....أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِين} [هود:18]، {.... فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِين} [الأعراف:44]
9.            تتناقض مع منظومة أسماء الحق، والتي تتضمن الأسماء الإلهية: الحق والحق المبين والملك الحق، وكذلك تتناقض مع ما تقتضيه هذه الأسماء من القيم.
10.       تتناقض مع حقيقة أن الله تعالى أمر ببر الناس والإقساط إليهم.
11.       تتناقض مع قول الله تعالى إنه يحكم بالحق بين عباده: {قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُون} [الأنبياء:112]
12.       لم توضح المروية سبب تحميل اليهود والنصارى بالذات بذنوب المسلمين، ولماذا لم يُحمَّل بها الهندوس أو الكفار مثلا؟ ولكن هذا يكشف حقيقة أن المروية موضوعة لتناسب ظروف وأحوال الشرق الأوسط ولكي يتم تكريس ازدراء أهل الكتاب واستباحة حقوقهم.


إن هذه المرويات تتناقض تماما مع دين الحق، والإيمان بها يتضمن تقويضا له لحساب الدين الأعرابي الأموي الإقصائي الدموي الذي ساد وتغلب وانتحل لنفسه اسم الإسلام.

ومن الواضح تماما أن من يأخذ بالدين الأعرابي المتهافت المتناقض سيصاب بالتخلف والخلل في المنطق والإدراك أو سيتحول إلى مجرم دموي لا علاج لحالته.

*******

هناك تعليق واحد: