السبت، 30 يوليو 2016

قول أبي بكر "لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم"


قول أبي بكر "لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله 
لقاتلتهم"
جاء في البخاري
[ 1335 ] حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة رضى الله تعالى عنه قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضى الله تعالى عنه وكفر من كفر من العرب فقال عمر رضى الله تعالى عنه كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله فقال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر رضى الله تعالى عنه فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضى الله تعالى عنه فعرفت أنه الحق.
[ 6855 ] حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر لأبي بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله فقال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه فقال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق قال بن بكير وعبد الله عن الليث عناقا وهو أصح.
بداية يجب العلم بأن هذه المروية تتعلق بأمور تاريخية وليس بأمر ديني، وقول عمر بن الخطاب يتضمن اعترافا وإقرارا بأن (الناس) الذين أزمع أبو بكر قتالهم كانوا يقولون "لا إله إلا الله"، ورغم أن الرواي الأول واحد وهو أبو هريرة وأن السلسلة تتفق تقريبا إلا فيمن روى للبخاري المروية فإنهم ذكروا في الثانية "واستخلف أبو بكر بعده"، فإذا كان البناء للمجهول أو تقريرا للأمر الواقع فلا مشكلة، وإلا فإنه من المعلوم أن الرسول لم يستخلف أبا بكر، ولو كان الرسول قد استخلف أبا بكر أو أوصى باستخلافه فلماذا ذهب الأنصار إلى السقيفة ليتشاوروا فيمن يولونه الأمر؟ والذهاب إلى السقيفة وما دار فيها من أشد الأمور ثبوتا في تاريخ المسلمين، ولم يحتج فيها أبو بكر بأن الرسول استخلفه، وإنما احتج بأن "ما تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبا ودارا".
أما الحجة التي ساقها أبو بكر ردَّا على عمر فهي مدحوضة لأسباب عديدة، منها:
لم يشترك أيٌّ من العرب الذين تمردوا في اختيار أبي بكر خليفة، بل إن بيعته كانت فلتة كما قال عمر بن الخطاب، جاء في البخاري:
[ 6442 ] ..... ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه تغرة أن يقتلا .............
فما الذي يضطر العرب للخضوع إلى ما اختارته مجموعة في المدينة بلا إجماع حقيقي وبدون تقديم حجج دامغة ملزمة للجميع وبعد تجاهل أهل بيت النبي نفسه وكذلك تجاهل مجموعة من السابقين الأولين من المهاجرين؟ ولماذا بادر إلى الحرب دون بذل كافة الجهود السلمية أولا؟ ألم يجعل الله تعالى القتال خيارا أخيرا مكروها حتى ضد الكافرين وليس ضد من يقول "لا إله إلا الله باعتراف عمر بن الخطاب؟ ألم تكن هذه أول حربٍ بين من يقولون إنه "لا إله إلا الله"؟
وكلام أبي بكر يتضمن ظنه بأنه ورث الرسول في كل مهامه، وهذا غير صحيح.
والزكاة ليست حق المال، ولكنها حق الأمة المؤمنة في أموال أغنيائها، ولم يكن يوجد ما يلزم العرب بأن يسوقوها إلى أبي بكر من بعد الرسول، فهم لم يكونوا ملزمين بما لم يُستشاروا فيه.
وقول أبي بكر "والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها" هو اجتهاد وقرار منه لم يستند فيه إلى أي دليل من كتاب الله، ولولا ذلك لما عارضه عمر بن الخطاب، وهو في الوقت ذاته يشير إلى مدى الاستهانة بدماء الناس والمبادرة إلى القتال في سبيل المال، وبدلا من إرسال جيوش للقتل والحرق كان يمكن إرسال دعاة محتسبين.
وقول عمر " فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال" هو تقوُّل على الله تعالى، ولا يلزم أحدًا بشيء، ولا يصلح لأن يكون دليلا شرعيا لوجوب قتال الناس، فالدليل الشرعي هو نصٌّ من كتاب الله، أو هو مستخلص من كتاب الله أو من فحوى آيات كتاب الله وجسَّده الرسول بعمله، ولم يقاتل الرسول من قال "لا إله إلا الله" حتى وإن كان القائل منافقا، لذلك فقتال من يجهر بأنه "لا إله إلا الله" هو مخالفة لأوامر كتاب الله ومخالف لسنة رسوله طالما لم يبادر بالعدوان على إخوانه من المؤمنين ولم يخرجهم من ديارهم، ولا يجوز اعتبار من يقولها مرتدا.
هذا من الناحية الدينية المحض، وبذلك لا يتحمل الإسلام أوزار هذه الحروب وما شابها من وحشية وانتهاك لأوامر الإسلام بل للأعراف العربية.
أما من الناحية التاريخية فهذا أمر آخر، فهذه الحروب تمخضت عن تحويل القبائل المتنافسة والمستقلة بشؤونها إلى دولة مركزية موحدة، وهذا ما مكَّن العرب من تحدي الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية في آنٍ واحد، ولكن كل ذلك صبغ تاريخ المسلمين بالدماء إلى الآن وربما إلى يوم الدين!

*******

هناك تعليقان (2):

  1. احسنت ، جزاك الله الف خير على مجهودك في فضح الباطل ونصرة دين الحق

    ردحذف
  2. لما صعد النبى المنبر وخطب ولم يبكى إلا ابو بكر اجمع الحضور من الصحابة على أن اوعى الناس بعد النبى أبوبكر والله انى لأشم فى مقالك هذا الطعن فى الصحابة وفهمهم عن الله ونبيه ولم يقل مقالتك هذه أحد يا مدعى الحق

    ردحذف