الجمعة، 20 مارس 2015

الركن السابع ج1

الركن السابع ج1
الإيمان بالغيب الوارد ذكره في الكتاب العزيز

هذا الركن يقتضي الإيمان بالغيب الوارد ذكره في الكتاب العزيز وعلى رأس ذلك الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فيجب الإيمان بكل ما ورد في القرءان عن عناصر الإيمان المذكورة.
ولما كان الإيمان بالله هو أساس أركان الدين فهو بذاته ركن جوهري مستقل هو ركن الدين الأول، وكذلك لما كان للإيمان بالقرءان وللإيمان بالرسول النبي الخاتم الأهمية العظمى والقصوى فهما أيضاً ركنان مستقلان.
فيجب على المسلم الإيمـان بالغيب الوارد في الكتاب العزيز؛ فيؤمن بكل ما أورده الكتاب من معلومات عن عالم الغيب، وأهم الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها اليوم الآخر وملائكة الله وكتبه ورسله؛ فيجب الإيمان بكل ما أورده الكتاب عن هذه الأمور؛ وبكل ما أورده الكتاب من معلومات عن اليوم الآخر، فهذا الكتاب وحده هو علم للساعة، وللإيمان بالبعث واليوم الآخر الأهمية الفائقة وهو العلامة الكبرى الفارقة بين المؤمن الحقيقي من ناحية وبين الفاسق والمنافق من ناحية أخري، ومن أكبر كبائر الإثم التي تؤدي إلي هلاك محقق لكيان الإنسان الجوهري الكفر باليوم الآخر، فمن كفر به فلا أمل في نجاته، وعلي المؤمن أن يلتزم بالموازين القرءانية فيما يتعلق بهذه الأمور، والحد الأدنى اللازم للوفاء بهذا الركن هو الإيمان بملائكة الله وكتبه ورسله واليوم الآخر، أما أدنى حد ممكن فهو الإيمان باليوم الآخر أي بحتمية البعث والحساب.
إنه يجب الإيمان بالغيب المنصوص عليه في القرءان الكريم، فالقرءان الكريم هو المصدر الأوحد لكل ما يجب الإيمان به من أمور الغيب، والغيب يتضمن كل المعلومات والأمور التي لا يستطيع الإنسان تحت الظروف العادية إدراكها بحواسه الظاهرة المعلومة ولا بالوسائل التقليدية، والإنسان مأمور باتخاذ القرءان كمصدر أوحد لكافة أمور عالم الغيب التي يجب الإيمان بها.
إن الإيمان مجاله الغيب، والغيب الواجب الإيمان به هو جماع المعلومات التي ذكرها الكتاب العزيز والتي لا يدركها الإنسان عادة بحواسه الظاهرة والتي قد تكون فوق ما ألفه الإنسان من كيانات ومفاهيم وتصورات، فالإيمان هو الإقرار بصحة هذا الغيب وحقانيته وصدقه، وعلى سبيل المثال توجد بالضرورة مخلوقات لله تعالى غير الإنسان، وقد ذكر الله تعالى منها الملائكة والجن، وذكر أنه خلق الجان من مارجٍ من نار ومن نار السموم، فلا يجوز محاولة صرف الآيات عن معانيها بالزعم مثلا أن المقصود بهم نوع من البشر أو إنهم هم الميكروبات مثلا، يجب الإيمان بمحض ما ذكره القرءان والذي يدركه بالبديهة والسليقة كل عربي.
ومن الأمور الأخرى التي يجب الإيمان بها أن الله تعالى خلق الإنسان من تراب ومن ماء ومن طين....الخ، فيجب على المسلم أن يؤمن بذلك وأن يجعل منه نقطة انطلاق لمزيد من العلم والمعرفة، وليس له أن يعتبر ما ذكره القرءان موضع شك ثم أن يحاول من بعد إثباته!
والإيمان محله الكيان الإنساني الجوهري الذي هو القلب، وهو يقتضى العمل، وكل عمل صدر بمقتضى الإيمان هو عمل صالح، وهو يدخل مع الإيمان في حلقة تغذية موجبة، فآثار العمل الصالح تؤدي إلى تقوية الإيمان وزيادته، والإيمان الأقوى يؤدي إلى تحسين وزيادة العمل الصالح كماً وكيفاً، وهذا مما يزيد من قوة ورقي آثار هذا العمل...وهكذا.
ويجب العلم بأن براهين الإنسان وحججه ومنطقه ومصطلحاته مستمدة ومستخلصة من هذا العالم الطبيعي المحسوس؛ أي عالم الشهادة، وهي بحكم طبيعتها غير قابلة للتطبيق على عالم الغيب، بل إنها لا تصلح للتعامل مع كيانات طبيعية كان يجهل وجودها مثل الموجات والكيانات الدقيقة مثل مكونات الذرة والنواة، فالمنطق ذاته يتطور بالتقدم الإنساني وحاجة إلى مصطلحات جديدة مستمرة باطراد التقدم.
والحد الأدنى اللازم للوفاء بالإيمان بالغيب هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وللأهمية الشديدة للإيمان بالله وفقا لما يقدم القرءان من معلومات عنه فقد تم إفراده بركن خاص هو الركن الأول من أركان الدين، أما هذا الركن فهو يتعلق بعناصر الإيمان الأخرى.
وأدنى حد ممكن لهذا الركن هو الإيمان باليوم الآخر أي بحتمية البعث والحساب، وهو العلامة المميزة للأديان والتي تتضمن أن الإنسان ليس فقط هذا الجسد الظاهر بل إن له حقيقة جوهرية باطنة باقية، فهذا الإيمان هو في الحقيقة إيمان ببقاء الكيان الجوهري للإنسان وبحتمية تحقق الفصل النهائي بين الناس وتحقق العدل وبأن الله لم يخلقهم عبثا.
وهذا الإيمان في الحقيقة هو فرع من الإيمان بالإله الذي له الأسماء الحسنى والسمات والشئون والأفعال المذكورة في القرءان.
ومثل هذا الإيمان هو أمر لازم لرقي الكيان الإنساني وتهيئته لتقبل الحقائق التي تعلو على مداركه الجزئية المقيدة المحدودة.
*******
إن كتاب الله يقدم للإنسان علوماً عن عالم الغيب يجب عليه إن كان يريد التحقق بمراتب الإيمان والتقوى أن يؤمن بها، ولقد بين له أن كل ما يراه من ظواهر هو مصدق لتلك المعلومات لو أعمل فيها ما لديه من ملكات، ومما لا شك فيه أن ما يؤمن به الإنسان خاضع بصفة عامة لإرادته ومقتضيات طبيعته، وهو يستحث في قلبه الإيمان بما يرى أن فيه تحقيق نفعٍ ما له، ويزداد يقينه بما آمن به بقدر نجاحه في تحقيق منافعه، وهو لا يضطر عادة إلي مراجعة نفسه إلا بتأثير الإحباط عند الفشل.
إنه لا يجوز للإنسان أن ينكر أمراً غيبياً محتملاً دون توفر برهان ساطع أو سلطان مبين، ولو بدأ الإنسان مسيرته الحضارية بإنكار كل الأمور الغيبية لما ترك الغابة، فالإيمان الإيجابي بالغيب هو من حوافز وعوامل التقدم، وكان من أكبر تلك الأمور الغيبية الإيمان بإله خالق له الهيمنة على الأمور الكونية وتجري الأمور بإرادته، وهو أيضاً الملجأ والملاذ، ولقد تصور كل قوم هذا الإله وفق أحوالهم وظروف حياتهم وبيئتهم، وحيث أنه ليس لدى الإنسان من برهان قطعي ينفي وجود إله لهذا الكون فإن من الأفضل له أن يرجح وجوده، وحيث أن ثمة من زعم على مدى التاريخ أنه تلقى رسائل من هذا الإله فعلى الإنسان أن يحكم على تلك الرسالة طبقاً لما تتضمنه وليس طبقاً لما تزعمه كل طائفة لرسولها، وإذا ما سلم الإنسان بإمكانية الرسالة فليس من حقه أن يزعم أن رسوله هو الرسول الوحيد، فمن المنطق ألا يكون ثمة تفرقة بين الرسل في أمر الإيمان، ولقد جعل الإسلام هذا الأمر المنطقي أمراً شرعياً وركناً من أركان الإيمان.
*******
إن الإيمان بالملائكة يتضمن الإيمان بما أورده القرءان عنهم، فيجب أن يؤمن المسلم بأن لله ملائكة خلقهم لطاعته ووصفهم بأنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون وأن منهم من يعمل لصالح الإنسان بصفة عامة والمؤمنين بصفة خاصة، والملائكة هم خيرٌ محض، والإيمان بالملائكة يفتح للإنسان باب السمو الروحاني والوجداني ويجعله يتلقى إمدادات وتأييد منهم ويؤهله للعيش السعيد في الآخرة.
والملائكة أصناف كثيرة، منهم العالون ومنهم الموكلون بحمل العرش، ومنهم الصافات والزاجرات والمرسلات، ومنهم الموكلون بتوفي الأنفس، ومنهم خزنة الجنة والنار، ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد ومنهم العاملون على تفعيل السنن الكونية.
وللملك إرادة واختيار، ولكنه للسمو الفائق لكيانه لا يعصي الله أبدا، وكل نوع من الملائكة مبرمج على القيام بما هو منوط به من مهام.
والإنسان ليس هو الشغل الشاغل لكل أنواع الملائكة، فثمة أنواع منهم لا يعلمون شيئا عن وجوده أصلا!
إن الله تعالى لم يترك الإنسان سدى، بل إن له عناية بخلقه وإلا لما أبرزهم من عدم إلى وجود، فيجب توقير كل كائنٍ من حيث أن الله تعالى اعتنى به واختار ماهيته ليحققها، كما أن من مظاهر عنايته إرسال الأنبياء برسائل منه إليهم.
*******
إنه يجب الإيمان إجمالاً بأن الله سبحانه قد أنزل كتباً على أنبيائه ورسله لبيان ما يجب على الناس أن يعلموه من أسمائه وسماته وشئونه وأفعاله، وبيان ما له على الناس من حقوق، وكذلك للدعوة إليه وإعلامهم بمراده منهم ومقاصده من خلقهم، وهذا الإيمان هو فرع من الإيمان بالله الذي له الأسماء الحسنى والسمات والأفعال والشئون المذكورة في القرءان، والقرءان الكريم هو أفضل الكتب وخاتمها وله الهيمنة عليها، وهو المصدق لها، أي المصدق لما أنزل منها بالفعل وليس الذي هو لديهم الآن، فمنه يجب أن يتبين لهم ما نُزِّل علي أنبيائهم، وهو الذي يُغني عنها.
وإذا كان القرءان مهيمناً على الكتب المنزلة فهو بالأولى مهيمن على كل ما يعتبره الناس من مصادر المعرفة الدينية، فلا يجوز لأحد القول بأن كتب المرويات والتي يسمونها بالسنة المطهرة!! حاكمة أو قاضية عليه، كما لا يجوز لأحد نسخ بعض آياته بها، وهذا من كبائر الإثم التي اقترفها الضالون من أتباع المذاهب التي حلَّت محلَّ الإسلام.
*******
إنه بتوطين النفس على الإيمان بالحقائق الغيبية يتزكى الكيان الإنساني ويصبح مهيئاً لإدراكها ورؤية تجلياتها في البرزخ وفي الدار الآخرة، وذلك لوجود صور قلبية مسبقة عنده، أما من يوطن نفسه على إنكار الحقائق الغيبية فسيكون انكشافها له سلسلة من الصدمات الهائلة والرعب المستمر والعذاب الأليم.
إن من أهم الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها اليوم الآخر وملائكة الله وكتبه ورسله، والعلوم الطبيعية هي التي قدمت للناس البراهين علي أنه كان لهذا الكون بداية، وحتمية أن يكون له نهاية، فهي تؤكد حتمية فناء الأرض والكون المادي، وهي أيضاً تساعد الناس علي الإيمان بالأمور الغيبية الأخرى مثل التفاصيل الواردة عن الجنة والنار وتسجيل الأعمال وتأثيرها علي كيان الإنسان وإمكانية وجود أكوان ذات طبيعة مغايرة لما يألفه الإنسان.
إن كتاب الله يقدم للإنسان علوماً عن عالم الغيب يجب عليه إن كان يريد التحقق بمراتب الإيمان والتقوى أن يؤمن بها، ولقد بين له أن كل ما يراه من ظواهر هو مصدق لتلك المعلومات لو أعمل فيها ما لديه من ملكات، ومما لا شك فيه أن ما يؤمن به الإنسان خاضع بصفة عامة لإرادته ومقتضيات طبيعته، وهو يستحث في قلبه الإيمان بما يرى أن فيه تحقيق نفعٍ ما له، ويزداد يقينه بما آمن به بقدر نجاحه في تحقيق منافعه، وهو لا يضطر عادة إلي مراجعة نفسه إلا بتأثير الإحباط عند الفشل.
ولم يكن من الممكن للبشرية الاستغناء عن الأنبياء والرسل، وهم لم يُرسلوا فقط لمعالجة عيوب وأمراض البشر، ولكنهم كانوا لازمين لتحقيق طفرات تقدمية على المستوى الجوهري، هذا فضلا عن تزويد الإنسان بما يلزم لصلاح أمره في العالم الآخر.
يجب الإيمان بالرسل إجمالاً أي بأن الله سبحانه أَرسل إلى عباده رسلاً منهم مبشرين ومنذرين ودعاة إلى الحق، والرسول بحكم تعريفه يأتي برسالة ممن أرسله إلي من أُرسل إليهم، وأفضلهم هو الرسول الأعظم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، ذلك بحكم أنه خاتمهم، وكان كل رسول يرسل إلي قومه خاصة، أما هو فقد أرسل رحمة للعالمين.
إن الناس مأمورون بالفعل بالإيمان بكل رسل الله وبألا يفرقوا بين أحد منهم في هذا الأمر، فلا يجوز لأهل الكتاب مثلا أن يرفضوا الإيمان بالنبي الخاتم المرسل إلى الناس كافة، فهذا كفر خطير، ولكن الناس ملزمون أيضاً بالإيمان بأن الله تعالى فضل بعض النبيين على بعض، فالمسلمون ليسوا مأمورين بأن يغمطوا قدر نبيهم الكريم؛ فهو خاتم النبيين بكل ما يعنيه ذلك من معنى، فكلمة "خاتم" تتضمن حقيقة أنه الأفضل مطلقا، وهو الذي أوحي إليه الدين الكامل وكلمة الله التامة، إنه يجب على المسلمين أن يعرفوا لنبيهم الكريم قدره العظيم وأن يعملوا على توثيق صلتهم به بكثرة الصلاة عليه، فالصلاة عليه تتضمن توثيق الصلة به، فيجب إدمان الصلاة والتسليم عليه بأية صيغة من الصيغ التي يعلمها كثير من المسلمين.
ولا حرج من أن يطلب المسلم من الله تعالى أن يصلي على النبي، ولا وجه للاعتراض على ذلك كما يفعل أكثر المجتهدين الجدد، ذلك لأن للمسلم أن يكل أمره إلى الله تعالى وأن يفوض إليه ما هو مأمور به، فتلك صلاة متضاعفة، وصيغ الصلاة المتعددة هي أمر مسموح به، ومازال المسلمون الصالحون يُلهمون صيغا جليلة وبالغة الحسن يرددونها ويرددها معهم غيرهم، وأفضل من قام بذلك هم المتصوفة، فهم خير من عرف للرسول قدره من هذه الأمة.
أما طلب التسليم على الرسول فيعني إيصال السلام له ولا يعني طلب الاستسلام له كما يظن المجتهدون الجدد، فالفعل كما هو معلوم يتغير معناه طبقا لحرف الجر الذي يتم تعديته به، فهذه التعبيرات التالية تختلف في المعنى: "سلِّم على فلان"، "سلِّم لفلان"، "سلِّم فلانا".
والذي يطلبه المسلم من ربه أن يسلِّم على النبي، هذا رغم أن الله تعالى يسلم على عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى وعلى المرسلين ومنهم بالطبع النبي الخاتم، قال تعالى: وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُون}[النمل:59]، {وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِين}[الصافات:181]
سيقولون إن ذلك إذاً من باب تحصيل الحاصل، والحق هو أن أكثر صيغ الذكر والتسبيح كذلك، فالله تعالى واحد وإن لم يوحده أحد، كبير وإن لم يكبره أحد ... الخ، ولكن الإنسان هو الذي يتعلم ويتزكى بما يردده من أذكار، والطالب هو الذي ينتفع بذكر واستظهار العلاقات الرياضية والقوانين الطبيعية مثل:  2 + 3 = 5 أو القانون: الطاقة تساوي الكتلة في مربع سرعة الضوء؛  E = m c2 مثلا أو القانون: تتزايد إنتروبيا (اعتلاج أو عشوائية) أي نظام معزول مع الوقت In a natural thermodynamic process, there is an increase in the sum of the entropies of the participating systems with time، وهو لن يغير من حقيقة الأمور شيئا.
*******
إن من ألزم الأمور للنبي المرسل ألا يأخذ أجراً من الناس على رسالته وألا يتكسب بدينه وإنما أن يكون أجره علي ربه، لذلك كان لكلٍّ منهم حرفة يتكسب منها، لذلك ليس لمن هم من دونهم أن يتكسبوا بدينهم، وكذلك لا يجوز لأي إنسان أن يتكسب بالدين أو بالدعوة إليه، فالمتبع لسنة الرسل والأنبياء لا يسأل الناس أجراً على دعوتهم إلى الخير ولا أمرهم بالمعروف ولا نهيهم عن المنكر، إن الدعوة إلى الله هي ركن من أركان الدين مثل صيام رمضان، هل يجوز لمن يصوم رمضان أن يطلب من الناس أجراً لأنه صام رمضان؟
*******
إن الإيمان باليوم الآخر هو من مقتضيات الإيمان بأن لله الأسماء الحسنى وبأن له كل ما ذكره في كتابه من السمات والأفعال والشئون، ومن ذلك أنه لم يخلق الناس عبثاً وإنما بالحق وأنه سيقضي بينهم بالحق، وعالم الدنيا أضيق نطاقاً من أن يتحقق فيه الفصل التام بين الناس لأسباب عديدة، لذلك لن يتم الفصل التام بين الناس إلا في يوم الدين؛ يوم الفصل.
قال سبحانه وتعالى:
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ{103} وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ{104} يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ{105}فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ{106} خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ{107} وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ{108}} هود.
إن الآيات تبين أن أحداث اليوم الآخر ستنتهي بانتهائه، وانتهاء هذا اليوم مرتبط بانتهاء الكيان المرتبط به؛ أي لابد من انتهاء هذا العالم الزمكاني بسماواته التي تعلو الإنسان فيه وبأرضه التي تقله، فاليوم الآخر هو الزمان الكلي المرتبط بالدار الآخرة، وهذا اليوم طويل ممتد، قال سبحانه وتعالى:  {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً}النبأ23، وله مع ذلك جزئياته:  {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً }مريم62.
إن مجال الإيمان هو عالم الغيب، والغيب هو كل ما غاب عن الإدراك العادي للإنسان؛ أي عن إدراك حواسه لوجود فواصل زمانية أو مكانية أو لاختلاف الطبيعة أو لمحدودية الحواس، وهو أيضاً ما يقع خارج نطاق مفاهيمه وتصوراته، والمصدر المعتمد الأوحد لكل ما يجب الإيمان به هو الكتاب العزيز.
والغيب الذي يجب الإيمان به هو المذكور في القرءان من كل ما لا يستطيع الإنسان في حالته الراهنة الآن إدراكه بوسائله المعروفة، وهو يشمل:
  1. كل ما هو خارج نطاق المدارك والحواس والخبرات البشرية وسيظل كذلك مثل كل ما يتعلق بالشئون الإلهية.
  2. كل ما هو خارج نطاق المدارك والحواس والخبرات البشرية في حالتها الراهنة ولكن يمكن إدراكه في الآخرة مثلا مثل بعض الملائكة ونعيم الجنة وعذاب جهنم والكائنات الأخرى مثل الجن والشياطين.
  3. ما هو في نطاق المدارك والحواس والخبرات البشرية ولكن يحول بين الإنسان وإدراكه حجب الزمان والمكان، ومن ذلك الفواصل والفترات الزمكانية، ومنه أمور ماضية وأمور مستقبلية.
  4. ما لا يمكن إدراكه لمحدودية الحواس الإنسانية.
  5. ما ليس لدى الإنسان من حواس لإدراكه أصلا، وذلك يمكن إدراكه بوسائل غير مباشرة.
وقد يحدث أن يطَّلع أحد الأفراد على أمور غيبية بالنسبة إلي الآخرين وهذا أمر جائز من حيث أن الإنسان لم يحط علماً بكافة الملكات والحواس والقدرات الإنسانية المستترة، ولكن هذا الإطلاع هو أمر ذاتي, ولا يؤدي إلى علم مضبوط ولا يقدم  منهجا معتمدا يمكن أن يزيد من المعارف المفيدة كما ثبت على مدى التاريخ، لذلك لم يعتبر الدين مسلكا كهذا ولم يرتب عليه أحكاما فإن النادر لا حكم له، ولقد ألزم الله سبحانه الناس بالإيمان بما ورد في الكتاب العزيز ونفي عن رسوله علم الغيب إلا بإذنه، ونفاه بذلك بالأولى عمن هم من دونه، كان ذلك لكي لا يحاول بعضهم إلزام الناس بالإيمان بأمور غيبية منسوبة إليه ومكذوبة عليه.
وسبل إيقاظ حواس الإنسان الباطنة طلبا لهذا العلم ليست بمطلوبة شرعا ولن تؤدي إلى مصلحة محققة للإنسان, وذلك في حين أنه ألزم الناس بإعمال ملكاتهم  القلبية العامة والذهنية في الآيات الكتابية والكونية النفسية منها والآفاقية مما يدل على أن إعمال تلك الملكات هو السبيل الآمن والأفضل للرقي الإنساني.
وليس من حق أحد أن يختلق من عند نفسه أو ينقل عن غيره عقيدة ثم يطالب الناس بالإيمان بها، ولدى كل مذهب من المذاهب المحسوبة على الإسلام عقائده المختلقة الخاصة التي تباعد بين أتباعه وبين دين الحق.
*******
إن مصطلح الغيب له معان ودرجات عديدة، هناك الغيب المطلق الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولا يعلم الناس عنه شيئا لعلوه المطلق فوق مداركهم وحواسهم، وهناك الغيب النسبي أو المقيد، وهو القابل لأن يُعرف، ولذلك نفى الله تعالى الغيب عن الرسول وأثبته له أيضا بإذنه، وذلك كان ليتم تحقيق المقاصد الشرعية والوجودية، ومعرفة بعض الغيوب النسبية مثل ما يدخره الناس في بيوتهم أو ما يأكلونه هي مزية، وهي لا تقتضي الأفضلية، وبعض العباد الصالحين فضلا عن الجن ومن يستطيعون التعامل معهم يعرفونها، بينما قد لا يعلمها من هو أفضل منهم.
والغيب المنفي علمه عن الرسول هو المذكور في الآيات، وهو بعض الغيب وليس كل الغيب، ولا شك أن الرسول الأعظم كان يعلم من الغيوب الكبرى ما يتفوق به على كل الأنبياء والمرسلين، وقد كانت له نبوءاته التي تحققت، ومع ذلك فالعلم بالغيوب النسبية الصغرى ليس بمناط التفاضل بين الناس، وقد يُحجب عن الرسل العلم بمصائر بعض الناس أو أكثرهم لكيلا يقصروا في أداء واجب الدعوة.
ولا يجوز من مسلم التصرف بمقتضى جهله بقدر الرسول ولا أن يحاول التقليل من شأنه، أما ما يصدر من بعض المعاندين والمتشنجين من المجتهدين الجدد فهو إثم مبين ويتضمن استهانة بقدر الرسل قد يُستدرجون بها إلى بئس المصير.
وبعد بيان ذلك يجب العلم بأن المسلم مأمور بأن يؤمن بالغيب المذكور في القرءان مخير فيما دون ذلك!
إن علم الناس ببعض الغيوب النسبية هو حقيقة راسخة لا يجوز المراء فيها، وكل ما ذكره الله تعالى لعباده الصالحين المذكورين في القرءان قد ورثه الصالحون من أمة خير المرسلين!
*******
إنه يجب العلم بما يلي:
  1. من أركان الدين الإيمان بالغيب المذكور في القرءان، فالقرءان هو المصدر الأوحد (وأكرر الأوحد) لما يجب الإيمان به من الأمور الغيبية.
  2. وهذا يعني أن المسلم غير ملزم بالإيمان بالأمور الغيبية المذكورة في مصادر أخرى ومنها كتب المرويات إلا إذا ثبت أنها مجرد تكرار لما هو مذكور في القرءان.
  3. أما الرسول النبي فهو يعلم الكثير من الغيب بإذن ربه، ومهمة النبوة مبنية أساساً على التلقي من عالم الغيب والتعامل معه، فالرسول النبي يعلم من الله تعالى ما لا يعلمه غيره، ويعلم من أمور الغيب ما لا يعلمه غيره، ومن ارتاب في ذلك لا علاقة له بالدين أصلا، بل إن معيار التفاضل بين الأنبياء هو مدى الإحاطة بالأمور الغيبية الجوهرية.
  4. وما يعلمه الرسول النبي من أمور الغيب هو بإذن ربه ومشيئته، والله سبحانه يظهر على غيبه من ارتضى.
  5. أما الغيب الذي يُحجب عن الرسول فهو ما يلزم ليتمكن من أداء رسالته مثل أسماء من سيؤمن أو من سيكفر، فلو عرفهم لربما أثر ذلك على أدائه لمهمته، وكذلك قد يُحجب عنه ما سيلقاه من البلاء حتى تعلو بذلك درجته ويتحقق بكماله المنشود، فهو مبتلى، بل هو أشد الناس تعرضا للابتلاء.
  6. كذلك قد يُحجب عنه العلم ببعض الأمور التي قد تبهر الناس ولكن لا يجوز التعويل عليها، وهي لا تعني علو المرتبة مثل إخبار الناس بأمور غيبية تخصهم في حياتهم أو بما يدخرونه في بيوتهم أو بالعلاج الطبي الأمثل لحالاتهم أو بما سيحدث لهم يوما بيوم...الخ
*******
ومن الآيات التي تبين ما يجب الإيمان به:
{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(3)} (البقرة)، {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (البقرة: 285)، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(62)} (البقرة)، {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (البقرة: 177)، {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا(39)} (النساء)، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا(136)} (النساء)، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(69)} (المائدة)، {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ(18)} (التوبة)، {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(19)} (التوبة)، {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَه}ُ (المجادلة: 22).
إنه يجب على الإنسان الإيمان بكل ما ورد في الكتاب العزيز من الأمور الغيبية؛ فيؤمن باليوم الآخر وبملائكة الله وكتبه ورسله والنبيين إجمالا ويؤمن بالكتاب العزيز وبخاتم النبيين إيمانا تفصيليا خاصا؛ وذلك يقتضي أن يؤمن بكل ما أورده الكتاب من معلومات عن خاتم النبيين وعن اليوم الآخر، وهذا الكتاب وحده هو علم للساعة، وللإيمان بالبعث واليوم الآخر الأهمية الفائقة وهو العلامة الكبرى الفارقة بين المؤمن الحقيقي من ناحية وبين الفاسق والمنافق من ناحية أخري، ومن أكبر كبائر الإثم التي تؤدي إلي هلاك محقق لكيان الإنسان الجوهري الكفر باليوم الآخر، فمن يكفر باليوم الآخر فإنما يكفر بحقيقته الأساسية الجوهرية ويحكم علي نفسه بألا يعيش إلا من أجل مكوناته الدنيا وسيكون بذلك في أسفل سافلين.
وعلي المؤمن أن يلتزم بالموازين القرءانية فيما يتعلق بأمور الغيب، وما أورده الكتاب العزيز من المعلومات هي التي ينبغي أن يعوَّل عليها وأن يؤخذ بها، والمؤمن غير مطالب بالإيمان بشيء لم يرد له ذكر في الكتاب.
إن الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر هو من مقتضيات الإيمان بالإله الذي له الأسماء الحسني، ذلك لأن الإنسان المحدود المقيد لا يمكن أن يعرف أسماء من له الكمال الذاتي المطلق إلا عن طريق رسل هم بشر مثله يستطيع أن يتعايش وأن يتعامل معهم، ومن عرف أن الله عليّ حكيم عرف أنه يلزم أن يتلقى أولئك الرسل الوحي عن طريق كائنات لطيفة هي الملائكة، وعرف أن الله تعالي معتن بخلقه رحيم بهم يريد الصلاح والفلاح لهم ولذلك أرسل إليهم رسلاً منهم بالبينات والهدي والمعلومات اللازمة لكل ذلك وتضمنتها الكتب التي جاءوهم بها، ومن عرف الأسماء الحسني علم أن الله تعالي لم يترك خلقه سدي وأنه لابد من إحقاق الحق وتحقيق العدل وأنه لابد من يوم توفي فيه كل نفس نصيبها ويقضي فيما بينهم بالحق، ذلك لأن الدنيا أضيق نطاقا من أن يتحقق فيها الفصل التام والعدل المطلق، كما أن ذلم يتعارض مع تحقيق المقاصد الوجودية فيها.
إن الإيمان بالكتب والرسل هو من مقتضيات الإيمان بأسماء الله الحسنى والتي تشير إلى أن الله تعالى لم يخلق الناس عبثا ولم يتركهم سدي بل شاء أن يهديهم سبل الرشاد وأراد لهم الوصول إلى كمالهم المنشود، فهذا الإيمان يعنى أصلاً الإيمان بمنظومة أسماء الرحمة والهدى والإرشاد التي يمثل الرسل أكبر مظاهرها على المستوى الإنساني ويمثل ما أتوا به من رسالات مظاهرها على المستوى الأمري المعنوي، وبعد اكتمال الدين وختم الأنبياء وإنزال القرءان ونسخ بعض ما ورد في الكتب السابقة فإن السبيل المأمون للنجاة والسعادة هو في الإيمان بالرسول الأعظم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبرسالته التي هي القرءان، وهذا الإيمان يقتضى تدبر آيات الكتاب والعمل بمقتضى ذلك، وهذا هو ركن ديني آخر، والإيمان بالقرءان يقتضي التسليم بصدق كل ما ورد فيه من أنباء وعلوم وقيم وأسس ومبادئ وأحكام، لذلك فإن إنكار أية آية من آيات القرءان بأسلوب صريح أو ملتوٍ يهدم جزءاً من هذا الإيمان، وهذا الإنكار هو في الحقيقة من الكفر، ومن الأساليب الملتوية لإنكار آية من الآيات محاولة صرفها عن مدلولات ممكنة لها أو محاولة تأويلها ابتغاء الفتنة أو القول بنسخها، ومن الكفر التصرف بمقتضى أن في القرءان اختلافا ومن ذلك القول بوجود آيات منسوخة أو محاولة ضرب الآيات ببعضها.

*******



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق