السبت، 7 مارس 2015

الركن الديني الثالث ج1

الركن الديني الثالث ج1
ذكر الله

إن ذكر الله هو الإحساس الصادق بالحضور الإلهي، والركن الملزم هو جماع كل ما يؤدي إلي تنمية وتزكية هذا الإحساس بمعنى أن يلتزم الإنسان بكل ما يذكره بالحضور الإلهي معه في كل أحواله حتى يتحقق له هذا الذكر فلا يغفل عن ربه أبدا ويتولد لديه إحساس صادق دائم بهذا الحضور، وهذا الركن هو من الأركان الجوهرية والأعظم والأبقى.
ومن لوازم هذا الركن ومن وسائل التحقق به ذكر أسماء الله وذكر الآيات التي وردت فيها الأسماء والتسبيح لله والتسبيح بأسماء الله والتسبيح بحمد الله تعالى والتكبير والاستغفار وخاصة بالأسحار والتبتل إلي الله، ومن لوازم هذا الركن ذكر نعمة الله تعالى بمعني أن يعلم الإنسان أن ما به من نعمة هو من الله وأن يعمل وفق مقتضيات هذا العلم، وكل هذا يستلزم الإعراض عن الغافلين عن ذكر الله لأن مجرد مخالطتهم وربما مجرد رؤيتهم قد تبدد آثار ما يبذله الإنسان من جهد للتحقق بهذا الركن، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الإعراض عن ذكر الله والغفلة عنه والإعراض والغفلة عن آياته وسننه.
إن ذكر الله عزَّ وجلَّ هو ركن ركين من أركان الدين، بل هو من أركان الدين الجوهرية والدائمة، ومنزلته من أركان الدين المشهورة مثل ركن إقامة الصلاة بمنزلة المقصد أو الغاية من الوسيلة، وهو أيضاً من لوازم القيام بأركان الدين الجوهرية الأخرى مثل ركن إقامة صلة وثيقة بالله سبحانه، وهذا الركن من الأركان الملزمة للإنسان في كل أحواله، ولا عذر له في تركه، وهو من الأركان التي لا حد لها، بل يجب أن يقوم بها كل إنسان بقدر وسعه، وهو من الأركان الباقية مع الإنسان في الدار الآخرة.
و"ذكر الله" هو حالة يجب أن يسعى الإنسان ليستشعرها وليتحقق بها، وغاية يجب أن يسعي ليحققها، وهو أيضا جماع كل السبل والسنن والوسائل اللازمة لكل ذلك.
والذكر هو الوعي والإحساس الصادق بالحضور الإلهي العام والخاص، والحضور العام هو الحضور الذاتي بكل منظومة الأسماء الحسنى، أما الحضور الخاص فهو الحضور بمنظومة الهدي والإرشاد والنصر والتأييد مع من حقق كل ما يلزم لذلك من الكائنات المخيرة، والركن الملزم للإنسان هو جماع كل ما يؤدي إلي تنمية وتزكية الإحساس بالحضور الإلهي؛ أي التذكر؛ أي كل ما يلزم للتحقق بالحالة المذكورة، وهو يتضمن المواظبة على ذكر أسماء الله الواردة في القرآن وذكر الآيات التي وردت فيها الأسماء والتسبيح لله والتسبيح بأسماء الله والتسبيح لأسماء الله والتسبيح بحمد الله والتكبير والاستغفار والحمد لله والشكر لله والتفكر في خلق الله والنظر في آيات الله وسننه وذكر نعمته.
*******
إن الركن الملزم هو جماع كل ما يؤدي إلي تنمية وتزكية الإحساس بالحضور الإلهي العام والخاص، وهذا الركن هو من الأركان الجوهرية الملزمة للإنسان في كل أحواله والباقية معه في الدار الآخرة والذي هو غاية ووسيلة وسنة ومقصد في الوقت ذاته: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } يونس10، وهو يتضمن ذكر الله وذكر أسماء الله الواردة في القرءان وذكر الآيات التي وردت فيها الأسماء والتسبيح لله والتسبيح بأسماء الله والتسبيح لأسماء الله والتسبيح بحمد الله والتكبير والاستغفار والحمد لله والشكر لله والتفكر في خلق الله والنظر في آياته وسننه.
*******
الأوامر القرءانية بالذكر:
ذكر الله
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}البقرة152، {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }العنكبوت45، { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ{190} الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{191} }آل عمران، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً{41} وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً{42} }الأحزاب41، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }الجمعة10، {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً}البقرة200، {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ}البقرة239، {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً }النساء103، {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ.....}المائدة91،  {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }الأنفال2، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ }الأنفال45، {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}الرعد28، {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي }طه14، {اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي}طه42، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه124،  {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}الحج28، {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}الحج34، {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}الحج35، {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحج40، {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ }المؤمنون110، {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ {36} رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ }النور، {قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً }الفرقان18، {إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}الشعراء227، {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }الزمر22، {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}الزمر23، {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}الزمر45، {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }الزخرف36، {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا }النجم29، {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}الحديد16، {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ }المجادلة19، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }الجمعة9، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }المنافقون9.
وذكر الله يستلزم ذكر نعمته وإجلال قدرها والقيام بواجب الشكر عليها وحسن استثمارها والانتفاع بها، {وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ....}المائدة7، {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }النحل53، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}الأحزاب9
=======
ذِكْر الرب
{وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ}آل عمران41، {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ}الأعراف205، {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ}الأنبياء42، {وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً }الجن17.
ذِكْر الرب هو الإحساس الصادق به وبحضوره مع الإنسان بما في ذلك أعمق أعماقه وإحاطته التامة به، وعلى الإنسان أن يستشعر هذا الحضور وأن يوطن نفسه عليه بأن يعمل بمقتضاه حتى يتحقق به.
=======
ذكر اسم الرب
{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً }المزمل8، {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }الإنسان25،{ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى{14} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى{15}}الأعلى15.
الاسم هاهنا هو الاسم الوجودي؛ أي هو الكيان (الذات،  The Being) الإلهية من حيث سمة من سماتها، وإلا فإنه لا يستقيم تسبيح مجرد لفظ، فالذكر هنا هو استشعار الحضور الإلهي من حيث سمة من سماته، وقد يستدعي ذلك الترديد اللساني مع الحضور والتركيز للاسم اللفظي المشير إلى الاسم الوجودي.
*******
التسبيح بالحمد
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }النصر3، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ}، {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً }الفرقان58، {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ }السجدة15، {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}غافر55، {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}ق39، {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ }الطور48.
*******
التسبيح بالاسم
{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} الواقعة74
فالاسم الْعَظِيمِ من الأسماء التي تشير إلى حقيقة الذات الإلهية؛ أي الكيان الإلهي الذي تستند إليه السمات، لذلك فالإنسان وكل الكائنات لا يمكنهم الحياة إلا به، وسر الحياة هو التسبيح، وهو سبحانه قيوم السماوات والأرض وما فيهن، وجسد الإنسان يسبح مثل سائر المخلوقات بمقتضى حقيقته، وهو مأمور أن يسبح من حيث نفسه التي هي كيانه الجوهري بمحض اختياره وإرادته، وبذلك يتوافق مع الكون كله، ويعمل الكل على تحقيق المقصد من سعيه وإصلاح أمره.
*******
تسبيح الاسم
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} الأعلى1
الاسم الأعلى يشير إلى علو الذات مع علو المرتبة على كل التصورات والمفاهيم والمدارك علوا مطلقا، لذلك على الإنسان أن يتحقق بهذه الحقيقة وألا يقيد ربه بما لديه بما لديه من تصور عنه وأن ينزهه عن كل أفكار أو مفاهيم عنه لديه، ليس بمعنى نفيها نفيا تاما، وإنما بمعنى اليقين بأنه سبحانه يتعالى فوقها علوا كبيرا.
*******
التسبيح لله
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }الجمعة1، {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }التغابن1، {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}الحديد1، {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ(36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ...(37) (النور)
يجب أن يجعل الإنسان تسبيحه الذاتي المؤدي إلى بقائه وحياته وسعيه في هذا العالم على كافة المستويات لله رب العالمين مدركا أن ذلك مما يؤدي إلى ظهور سمات الحسن والكمال الإهية، والتسبيح اللساني مع الحضور والتركيز من وسائل التحقق بهذه الحالة.
*******
التسبيح المحض
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً} الإنسان26، {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} الفتح9، {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ }ق40،  {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ }الطور49، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً{41} وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً{42}} الأحزاب42
*******
ولله الحمد بأسمائه وخاصة التأثيرية منها وكذلك بسننه وأفعاله وخلقه للكائنات وتدبيره للأمر وتصريفه للآيات وفضله علي الناس بصفة عامة وفضله الكبير علي عباده الصالحين بصفة خاصة، قال تعالى:
{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }الإسراء111، {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الفاتحة2  *  {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ}الأنعام1  *  {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}الأنعام45  *  {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}الأعراف43  *  {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }يونس10  *  {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء}إبراهيم39  *  {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً}الإسراء111  *  {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا }الكهف1  *  {....الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }المؤمنون28  *  {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ }النمل15  *  {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ }النمل59  *  {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }النمل93  *  {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }القصص70  *  {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ }العنكبوت63  *  {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ }الروم18  *  {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} لقمان25  *  {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }سبأ1  *  {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}فاطر1  *  {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ }فاطر34  *  الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}الزمر29  *  {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}الزمر74  *  {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}الزمر75  *  {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }غافر65  *  {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}الجاثية36  *  {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }التغابن1
*******
إن ذكر الله يعنى الإحساس القلبي الوجداني العرفاني الصادق بالحضور الذاتي للإله بكافة أسمائه الحسنى، وكل ألوان العبادة إنما تهدف إلى أن يكتسب الإنسان هذا الإحساس وأن يتحقق به وأن يتوب عن الغفلة القلبية عن الله تعالى والتي هي راس كل خطيئة، فذكر الله تعالى هو الركن الديني الذي يسبق سائر الأركان المشهورة ومنها إقامة الصلاة وصيام رمضان وغير ذلك، ومكانته بالنسبة إليها هي كمكانة المقصد أو الغاية بالنسبة إلى الوسيلة، وبالتحقق الدائم بذكر الله تعالى يكون قد تحقق للإنسان المقصد الديني الأعظم الثاني ووفي بمقتضيات حمل الأمانة ووصل بصورته الجوهرية إلي كمالها المنشود، فهو الإنسان الذي يذكره ربه ويصلي عليه الصلاة الخاصة وينعم عليه بالأمن والسلام والفرح الدائم المتجدد.
*******
إن ذكر الله هو ركن ركين من أركان الدين، وهو من أركان الدين الجوهرية والدائمة، بل هو ركن أركان الدين، ومنزلته من أركان الدين المشهورة مثل ركن إقامة الصلاة بمنزلة المقصد أو الغاية من الوسائل، وهو من الأركان الواجبة على الإنسان في كل أحواله، ولا عذر له في تركه، وهو من الأركان التي لا حد لها، بل يجب أن يقوم بها كل إنسان بقدر وسعه.
*******
إنه يجب أن يلتزم الإنسان بكل ما يذكره بالحضور الإلهي معه في كل أحواله حتى يتحقق له هذا الذكر فلا يغفل عن ربه أبدا ويتولد لديه إحساس صادق دائم بهذا الحضور، وهذا الركن هو من الأركان الأعظم والأبقى، وهو من لوازم ومقاصد كل الأركان الأخرى، ومن لوازم هذا الركن ومن وسائل التحقق به ذكر أسماء الله-ذكر الآيات التي وردت فيها الأسماء-التسبيح لله-التسبيح بأسماء الله-التسبيح بحمد الله-التكبير-الاستغفار وخاصة بالأسحار-التبتل إلي الله-الشهادة له بالتبارك والتعالي، ومن لوازم هذا الركن أيضاً ذكر نعمة الله تعالى بمعني أن يعلم الإنسان أن ما به من نعمة هو من الله وأن يعمل وفق مقتضيات هذا العلم، وكل هذا يستلزم الإعراض عن الغافلين عن ذكر الله لأن مجرد مخالطتهم وربما مجرد رؤيتهم قد تبدد آثار ما يبذله الإنسان من جهد للتحقق بمقاصد هذا الركن، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الإعراض عن ذكر الله والغفلة عنه ونسيانه والإعراض والغفلة عن آياته وسننه.
*******
إن ذكر الله تعالى هو من أركان الدين الجوهرية، والركن الجوهري يتصف بما يلي:
  1. يؤدي إلى توثيق الصلة بطريقة سريعة ومباشرة برب العالمين.
  2. يتضمن بحكم طبيعته للمقصد منه والوسائل اللازمة لتحقيق المقصد.
  3. يؤدي إلى تزكي ورقي الكيان الإنساني الجوهري.
  4. يكون باقيا مع الإنسان في الدار الآخرة.
إن ذكر الله هو الإحساس الصادق بالحضور الإلهي وبالمعية الإلهية، وهذا الذكر هو من مقاصد كل الأركان الدينية، وهو من دوافع وبواعث كل عمل صالح يمكن أن يصدر عن الإنسان.
*******
إن ذكر الله تعالى هو من أركان الدين، والتحقق به هو من مقاصد الدين التي هي من لوازم إعداد وبناء الإنسان الرباني الفائق الصالح المفلح، وبالطبع هناك الكثير من الكيانات والعوامل التي ستعمل على منع تحقيق كل ذلك وعلى رأسها نفس الإنسان والشيطان، وكل عمل للتغلب على هؤلاء هو من الجهاد.
*******
إن الذكر هو اليقظة والوعي، والأمر المضاد للذكر هو الغفلة أو النسيان، فالغفلة من كبائر الإثم المهلكة، فمن تغافل عن تذكر الحقائق العليا والأمور الكبرى فسيغفل عنها، فإذا ما داوم علي ذلك سيتخلى عن ملكة من أبرز ملكات الإنسان وسيقطع على نفسه السبيل إلى الترقي والتزكي، وبالغفلة يكون الإنسان شبه ميت، ذلك لأن الحياة الحقيقية هي في شدة وعي الإنسان وإحساسه بالأمور المحكمة الأصلية والكلية فلا ينشغل عن ذلك بالأمور اليومية والآنية والتفاصيل الجزئية، وبمقدار تلك الشدة تكون حياته في العالم البرزخي، وبمقدار الغفلة يكون هناك نائماً منوما.
ومن علامات الحياة الحقيقية معرفة الحِكَم والمقاصد والمعاني والهياكل العامة، ومن لوازم الحياة الحقيقية السماحة والطهارة والقدسية، وذلك يقتضي ألا يشتد تعلق الإنسان بالأمور المادية الحسية والأجساد الطينية، فلا ينشغل بها ولا بمقتضياتها ولوازمها من مأكل ومشرب وملبس وغير ذلك من متاع الدنيا عما هو أرقى منها، ومن لوازم الحياة الحقيقية دوام الانشغال بالأسماء الإلهية ودوام التسبيح بكافة صوره والتحقق بمقتضياته والحرص على الطهارة ظاهرا وباطنا.
والتذكر هو كل نهج يمكن اتباعه للتحقق بالذكر، وهذا النهج يتضمن أنواعا عديدة من السبل والسلوكيات والوسائل، فالتذكر هو الممارسة العملية لهذا الركن.
*******
ذكر الله هو إحساس الإنسان بالحضور الذاتي الإلهي معه وبالحضور الإلهي بكل الأسماء الحسنى، وهو إحساسه أيضاً بالحضور الإلهي الخاص معه كمؤمن بالتولي والنصر والتأييد والتوفيق، وهذه الحالة القلبية هي المقصد من كل العبادات ومن كل أعمال الخير أو الأعمال الصالحة، أما هذا الركن فهو جماع الأعمال الخاصة اللازمة لكي يتحقق الإنسان بهذه الحالة.
*******
والذكْر من حيث أنه وسيلة هو من الأركان المفتوحة، أي لا حد له لا من حيث الوقت ولا من حيث الحالة؛ فالإنسان مأمور به في كل أحواله، ولا حد له من حيث صيغ الذكر، وليس في ذلك إحداث في الدين، ذلك لأن القرءان أمر به أمراً مطلقا، ومن البديهي أن للصيغ القرءانية الأولوية العظمى، وتليها الصيغ المنسوبة إلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، ومن وطَّن نفسه على ذكر الله تعالى قد يتلقى من عالم الغيب صيغاً جديدة للذكر يعلم بالضرورة أنها من لدن ربه، فلا حرج من أن يذكر ربه بها.
*******



هناك تعليق واحد: