الاثنين، 23 مارس 2015

البخاري ج1

البخاري ج1




البخاري هو محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة بن بردذبه Bardizbah (بردذبه هذا كان مجوسيا)، وهو فارسي مولود سنة 194 هـ ببخارى، ولهذا سُمى بالبخاري، وبخارى هي مدينة من مدن أواسط آسيا، وكانت جزءا من خراسان الكبرى، وهي تقع في أوزبكستان حاليا، فبخارى هي مدينة صغيرة في جمهورية أوزبكستان الآسيوية، وقد توفى 256 هـ، ولد بعد انتقال الرسول بحوالي 181عاماً، ويجب التأكيد على ذلك حيث أن كثيرا من العامة بل والمثقفين المحسوبين على الإسلام يحسبونه (صحابيا جليلا) ويظنون أن الرسول هو الذي أملى عليه ما دوَّنه في كتابه!!! فالجهل هو سيد الموقف في البلاد المحسوبة على الإسلام.
كما يجب التأكيد على بديهية أن البخاري كان إنسانا مسلما يعتنق المذهب السائد في ذلك الوقت، والذي سُمِّي من بعد بمذهب "أهل السنة والجماعة"، أو على سبيل الاختصار بالمذهب السني، وهو المذهب الذي فرضه الخليفة المتوكل (السكير الأكبر الذي كان يقتني في داره آلاف الجواري) على الناس في حياة البخاري واضطهد ونكَّل بكل المخالفين له، والمتوكل هذا (ناصر السنة) هو أول خليفة عباسي يذبحه حرسه الخاص وهو في حالة سكر بيِّن في ليلة كان قد أعد العدة فيها ليذبح ابنه!!! وقد أصبح قتل الخلفاء من بعد بواسطة حرسهم التركي سنة متبعة وعادة مستحكمة يعضون عليها بالنواجذ!!!
*******
أما قصة حياة البخاري والتحقق من كل ما يتعلق به بما ذلك وجوده ذاته فهو مسؤولية علماء التاريخ وليس رجال الدين المتعصبين له أو عليه، فكل ذلك ليس من الدين في شيء ولا يجوز لأحد أن يفرض على الناس أية عقيدة بخصوصه.
والذي يعني الناس الآن أن ثمة كتابا منسوبا إلى البخاري يُقال إن فيه مرويات منسوبة إلى الرسول عبر سلاسل من الرواة، ويؤمن السلفية وأهل السنة إيمانا راسخا بأن كل ما في كتاب البخاري من مرويات تصح نسبتها إلى الرسول بالفعل، وهذا زعم بلا دليل شرعي أو منطقي، ولا يجوز أن يُفرض على الناس كعقيدة، وأفضل ما يمكن قوله في كتاب البخاري أن به مرويات يحتمل أن يكون لها أصل يعود إلى العصر النبوي بنسب متفاوتة، وأنه حتى المرويات ذات الأصل الصحيح قد تكون قد نُسِخت حيث أن التشريع كان يتدرج بهم، ولم يتم اكتمال الدين إلا قبيل انقضاء العصر النبوي، وخير دليل على ذلك المرويات التي تقدم إجابات للأسئلة عن ماهية الإسلام.
*******
والبخاري هو الشخص الوحيد في تاريخ العالم الذي آمن به أكبر عدد من الجنس البشري إيماناً مطلقاً دون أن يكون رسولا نبيا ودون أن يرد أي تبشير به في كتابٍ منزل ودون أن يطالبوه بأن يريهم آيات تثبت صحة كلامه أو الصدق المطلق لما أنجزه بل ودون حتى أن يتحققوا من أن الكتاب المنسوب إليه الآن هو الذي كتبه بالفعل وأنه لم يتم تحريفه! وقد آمنوا به، هذا في حين أنه لم يؤمن بالمسيح الحقيقي مثلا إلا طائفة صغيرة سموا بالحواريين، ولم يؤمن بموسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ، هذا رغم كل الآيات الباهرة التي زُوِد بها الرسولان الكريمان، وهم يؤمنون بأنه لم يكن للبخاري كفؤا أحد !!!!
ولقد أخطأ الكاتب الأمريكي مايكل هارت خطأً جسيما عندما لم يدرج اسم البخاري في قائمة الخالدين المائة الأكثر تأثيرا في تاريخ العالم، فلقد لعب كتابه دورا هائلا في القضاء على الإسلام لحساب المذاهب التي حلت محله وضعضعة قوى الإمبراطوريات الإسلامية وتكريس الجهل والتخلف وتقويض وإجهاض كل محاولة للنهضة والتقدم، فدوره لا يقل عن دور القديس بولس في تقويض رسالة المسيح عليه السلام، وقد جعله مايكل هارت في المركز السادس متقدما بكثير على النبي موسى عليه السلام، فقد كان من الأولى به أن يجعل البخاري قبله.
وكان يتسلط على الأمة في حياة البخاري الخلفاء العباسيون الطغاة المجرمون، وقد اضطر البخاري للقول بأن القرءان مخلوق لينجو من بطشهم، وخوفه منهم كان له تأثيره الشديد على ما دوَّنه.
والبخاري طبقا لما هو مذكور في التاريخ وما ذكره عن نفسه فيما هو منسوب إليه جمع حوالي 600 ألف مروية من التراث الشفهي الذي كان متداولا بين الناس بزعم أنه منسوب إلى الرسول، وقام بفحص وتمحيص هذه المرويات دون تكليف من سلطة دينية رسمية وبناءً على مقاييس كان هو الذي وضعها، ولقد رفض البخاري 99% مما وصله من مرويات بإعمال مقاييس من عنده وضعها وطبقها بنفسه، كان على رأسها بالطبع رفض كل راو أو متن لا يتفق مع مذهبه الذي نشأ عليه، وكان على رأس من رفض مروياتهم أهل بيت النبي ومحبيهم، فلم يرو عنهم إلا مضطرا وفي أضيق الحدود، ولم يتهمه أحد بترك أو إهدار السنة، مع أن من الأمور المؤكدة تأكيدا قطعياً أنه فعل وفعل، وهو في كل ذلك كان غير معصوم، بل كان مجتهدا وعرضة للخطأ والصواب، فلا عصمة في مقاييسه ولا في إعمالها، هذه أمور بديهية لا ينكرها إلا من هم أضل من بهيمة الأنعام أو عتاة المشركين، وعندما أنهى عمله لم تعتمده أية جهة رسمية، ولم تجتمع الأمة ولا أي حشد من علمائها لتقرر أن تتلقى عمله بالقبول، ولا وجود في الإسلام ولا في تاريخه لمجامع مسكونية مقدسة لصناعة الدين كالتي لدى المسيحيين، وقد ظل عمل البخاري هذا مجرد اجتهاد معرض للنقض والدحض، ولكن أخذ تقديسه ثم توثينه يتسلل إلى الناس شيئا فشيئا إلى أن تم في العصر العثماني تنصيبه عمليا وواقعا كتابا مقدسا بل الكتاب الأقدس كما تم توثين البخاري واعتباره عمليا وواقعيا الرب المشرع والسلطة الدينية لأعلى، وربما كان لكلمة البخاري بما فيها من "خاء" متبوعة بمدة طويلة وغموض الاسم بالنسبة للعامة والدهماء سببا في ذلك، فلم يحظ أي كتاب آخر من كتب المرويات عند العامة والغوغاء بشيء من مكانة البخاري الذي لا يعرفون عنه شيئا. 
*******
لقد رفض البخاري 99% مما وصله من مرويات بإعمال مقاييس من عنده وضعها وطبقها بنفسه، كان على رأسها بالطبع رفض كل راو أو متن لا يتفق مع مذهبه الذي نشأ عليه، وكان على رأس من رفض مروياتهم أهل بيت النبي ومحبيهم، فلم يرو عنهم إلا مضطرا وفي أضيق الحدود، ولم يتهمه أحد بترك أو إهدار السنة، مع أن من الأمور المؤكدة تأكيدا قطعياً أنه فعل، وهو في عمله هذا لم يكن معصوما وما كان نبيا، ولم يأت أي تبشير به في نص ديني قاطع يعطيه المكانة التي وضعوه فيها وجعلوا من كتابه عمليا وواقعيا الكتاب الديني الأعلى، كما أنه لم يكن مفوضاً من أية سلطة دينية رسمية، ولم تراجع عمله من بعد إنجازه أو تعتمده أية سلطة دينية رسمية، ولا يوجد في أصول الإسلام ما يلزم المسلمين بالإيمان المطلق به ولا بافتراض الكمال فيه، وإذا كان ثمة من  يصرون على أن يحدثوا في الدين عقيدة تقول بأن كتابه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى فيجعلونه بذلك ندا لله فذلك شأنهم، وهم بكل تأكيد ضالون مشركون، ولقد دفعت الأمة الثمن غاليا من جراء هذا الافتراء، ولولا سوء نيتهم أو خبث طويتهم أو جهلهم المدقع لاكتفوا بالقول بأن كتابه هو أصح كتب المرويات المنسوبة إلى الرسول، ولكن السلف الطالح لعلمهم بضعف موقفهم وتهافت منطقهم لم يجدوا إلا أن يحيطوا البخاري وكتابه بهالة رهيبة من التقديس تمنع المسلمين من التفكير أو مراجعة مواقفهم تجاههما حتى أصبح المشايخ في مرحلة من المراحل يخطئون كما يشاءون في آيات القرءان في حين يتهيبون من الخطأ في البخاري، وقد بلغ هذا التقديس أوجه في العصر العثماني المظلم حيث كان البخاري يتلى طلباً لتحقيق النصر!!!
نعم، فقد وصل بالمحسوبين على الإسلام الجهل والشرك في العصر العثماني إلى المدى الأقصى فصار البخاري أشد رهبة في صدورهم من الله وصار الخطأ في البخاري أشد وطأة على نفوسهم من الخطأ في كتاب الله، وصار كتاب البخاري يُتلى ويرتل لجلب النصر، وهكذا تخلف المسلمون وبلادهم التي كانت مهد الحضارة عن ركب الحضارة، ولم ينتفعوا بما أبدعه السابقون منهم وإنما انتفع به غيرهم.
والحق هو أن أكثر مرويات البخاري ذات أصول صحيحة، ولكن يجب أن توضع في إطارها السليم، كما أنها لا تقدم صورة حقيقية للإسلام، والفرق هائل بين الإسلام كما يقدمه القرءان وبين الإسلام كما يقدمه البخاري، إنه أعظم بكثير من الفرق بين الثريا وبين الثرى، ومن أسباب ذلك أن البخاري استبعد 99% مما كان يعرفه من المرويات وكان مخطئا في استبعاد جزء كبير منها!!
وما يسمونه بالصحيحين حافل بما يسيء إلى الله تعالى وكتابه ورسوله وهو ما يتخذه ألد أعداء الإسلام حجة ضد الإسلام، وهذا ما لمسته أثناء دفاعي عن الإسلام ضد ألد أعدائه من الملحدين وأتباع الأديان الأخرى، وهما حافلان بكل ما يشكك الناس في مصداقية القرءان، ولو قرأها أحد العقلانيين المسلمين لاضطر اضطرارا إلى أن يكفر.
إن أبسط ما يمكن أن يسمعه مسلم عندما يجادله أحد أعداء الإسلام:
Go & drink your camel urine!
وهكذا اختصروا الإسلام في شرب بول الإبل، وتلك هي المروية التي يدافع عنها عبيد السلف بشراسة لأن البخاري أوردها!!!وهم مستعدون لمحاربة العالم كله والاستشهاد في سبيلها دون أن يتصوروا أن البخاري يمكن أن يكون قد أخطأ.
وهناك من الدعاة من يقف على منبر الرسول ليقول –استنادا إلى البخاري- ويؤكد للناس بكل جرأة ووقاحة أن لبيد بن الأعصم عميل اليهود تمكن من سحر الرسول حتى جعله لا يدري ما يقول أو يفعل لبضعة أشهر، ولاسترهاب الناس يأخذ في رفع صوته إلى المدى الأقصى والتشنج، والناس من تحته يكبرون ويهللون!!! وهو وأمثاله مستعدون أيضاً للاستشهاد في سبيل الدفاع عن هذه المروية لمجرد أن البخاري أوردها ضاربين بآيات القرءان وقواعد العلم والمنطق عرض الحائط، وهكذا ينشر هؤلاء الجهل والتخلف ويروجون للضلال والباطل بأموال دافعي الضرائب من المصريين على اختلاف أديانهم ومذاهبهم!
إن بعض الجهلة والغوغاء يعتبرون مجرد انتقاد بعض ما ورد فيما يسمى بصحيح البخاري خروجا من الملة وخلعا للربقة وموجبا لاستعراض وإظهار إمكاناتهم الهائلة في توجيه التهم والشتائم، وبعضهم الأكثر ثقافة يبادر بالإنكار قبل أن يكلف نفسه عناء التأكد من قبل أن ينكر ويتمادى في الإنكار.
ما هو جزاء من آمن إيماناً مطلقاً بالبخاري دون أن يعلم عنه شيئا ولا أن يقرأ له كتابا ودون أن يطلب منه البخاري أن يؤمن به؟
ما هو جزاء من اتخذوا مجتهدي المذاهب وجامعي المرويات أرباباً رغم أنوفهم؟؟!!
إن الإثم الأكبر الحقيقي عند المذاهب السلفية واللاسنية هو التشكيك في الذات البخارية.
-------
إنه لا يجوز قذف الناس بالباطل دون تقديم أدلة دامغة وبراهين ساطعة، ولا يوجد ما يلزم الناس بالإيمان بالعصمة المطلقة للبخاري ولا ما يلزمهم بأن كتابه أصح كتاب بعد كتاب الله.
-------
ورد في الكتاب المقدس "البداية والنهاية" لابن كثير أن عمر بن مرزوق شيخ البخاري كان له 1000 امرأة!!!! تخيلوا مساحة هذا البيت الكبير، والوقت الذي كان على هذا الشيخ أن يقضيه لينتقل من امرأة إلى أخرى، هذا هو السلف الذي يعبد الخلف الأسفل نعالهم ويجعلون لهم الكلمة العليا على كلمة الله تعالى!!!!!
-------
قال البُخاري عن نفسه: أنه أخذ عن الف شيخ ومن كل شيخ  بضعة آلاف مروية، أي إنه جمع حسب زعمه بضعة ملايين من المرويات، هذا بالرغم من أنه عاش62 عاماً فقط ما بين طفولة وصبا وشباب وكهولة ونوم وراحة وصحة ومرض وسفر وترحال، مع الأخذ في الحُسبان أن تحصيل العلم آنذاك كان يستلزم أسفاراً كثيرة طويلة على ظهور الإبل، وقد قال عن نفسه انه سافر ما بين مصر والشام والعراق وبلاد فارس وغيرها طلباً للحديث، وأنه كان يغتسل ويتوضأ ويصلى ركعتين قبل كتابته لأية مروية، وقد أخذ في تنقية مروياته وتنقيحها حتى أوصلها إلى حوالي 600000 ثم إلى حوالي ستة آلاف، وقد فحص ومحَّص كل مروية بكل متونها وأسانيدها من الرواة، هذا مع أنه كانت له مؤلفات أخرى كثيرة غير كتابه الأشهر.
ولم يذكر البخاري للناس أبدا كيف استطاع أن يعرف أسماء المنافقين في العصر النبوي مع أن الرسول نفسه لم يكن يعلمهم بموجب الآية: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيم} [التوبة:101]
أما معرفة المنافقين من بعد العصر النبوي فلا يمكن لبشر أن يعرفهم أو أن يحصرهم ولا أن يدعي معرفتهم، ومن البديهي أنهم لم يتبخروا من بعد الرسول وإنما تضاعفت أعدادهم بطريقة رهيبة، وهذا ما يجتث ما يسمونه بـ(علم الجرح والتعديل) من جذوره ويجعله محض تخرصات وأباطيل فاجرة ومحاولة للبحث في مكان مظلم موحش لا حدَّ له عن قطة سوداء لا وجود لها، أما عبيد النعال فقد وجدوها وآمنوا بها!!!
ومع كل ذلك لا يجوز لأحد أن يرفض كتاب البخاري جملة وتفصيلا، رغم أن من يرفضه يظل مسلما صحيح الإيمان، ذلك لأن أكثر مروياته ذات أصول صحيحة، وقد ألفنا كتبا في شرحها، ولكن للأسف بعض مروياته كارثية، وقد انتقدنا بعضها بكل شدة، ومروياته لا تعطي صورة حقيقية عن دين الحق، بل الصورة الحقيقية في القرءان وحده، ونحن نحكم على الكتاب الذي يحمل اسم البخاري الآن رغم أنه لم يثبت صحة نسبته بحالته هذه إليه، أما الحكم على البخاري نفسه فلا يعنينا في شيء الآن، هذا أمر تاريخي، فلا مشكلة مع البخاري، وهو بالتأكيد لم يخطر بباله أبدا أن حثالة البهائم والمشركين وعبيد نعال السلف سيجعلون كتابه هو الكتاب الأقدس دون أن يقرأه أكثرهم، كما لم يخطر بباله أن يتخذه بعضهم الرب الأعلى المشرع ويجعلون لكتابه الهيمنة على كتاب الله العزيز، إنه على عبيد البخاري أن يتواروا بعارهم لا أن يتطاولوا على عباد الله الواحد القهار.
*******
بالنسبة لتقييم الأشخاص من ناحية الصلاح فهذه ليست مسؤوليتنا طالما لم يذكر التاريخ عن ذلك شيئا، ولم يثبت أنهم اقترفوا جرائم محددة، لذلك نفضل حسن الظن بهم، ولا يخلو إنسان من مزايا وعيوب، والإشادة بإنسان بسبب محاسنه وإنجازاته لا تعني أبدا تبرئته من مساوئه وإخفاقاته، فنرجو لمن أراد معرفة قولنا في أحد الشخصيات أن يقرأ كل ما ذكرناه عنه.
وقولنا بأن أكثر مرويات البخاري صحيحة ولكن لا تقدم صورة صحيحة للإسلام يعني ما يلي:
1.     نسبة الخطأ في عمل البخاري لا يمكن أن تقل عن 20%، وبالنظر إلى ما نسبوه إليه من أنه كان يحفظ حوالي 600 ألف مروية وصحح منها حوالي ستة آلاف فقط فإن هذا يعني أنه صحح حوالي 1200 مروية يُحتمل أن تكون خاطئة، وصحح 4800 مروية يُحتمل أن تكون بالفعل صحيحة، لذلك فأكثر مروياته ذات أصل صحيح، بينما يوجد فيما صححه كوارث هائلة تكفي لتقويض أي دين ولنسف وتدمير أعتى الأمم، ومما صححه مرويات من المعلوم الآن جيدا أنها منقولة عن كتب اليهود، وكانت توجد بالفعل جالية يهودية في بخارى منذ الزمن القديم، فبافتراض حسن النية عنده فهذه المرويات قد خُدِع فيها أو دُسَّت في كتابه، وطريقة وصولها إلى كتابه لا تعنينا في شيء، طالما يوجد منهج دقيق للنظر في مروياته واستبعاد ما هو ظاهر البطلان منها.
2.     وبذلك يكون البخاري قد رفض أيضا حوالي 120 ألف مروية يُحتمل أن تكون صحيحة؛ أي أضعاف أضعاف ما صححه، ولو دونها لاختلف بناء المذهب الذي يتخذ منه المرجع الأعلى الحقيقي للدين.
3.     وقد تكون المروية صحيحة، ولكن لم يعد يجوز الأخذ بها لاحتمال أن تكون قد قيلت قبل اكتمال الدين وقد نزل ما ينسخها.
4.     عمل البخاري تمَّ في إطار مذهبه فقط، وكان مذهبه الأموي العباسي قد تمكَّن وساد، وذلك باعتباره مذهب المتسلطين على الأمة، والإسلام أكبر من أن ينحصر في مذهب من المذاهب التي حلت محلّ الإسلام والتي نشأت أساساً لأسباب سياسية، وليس للاختلاف في تفسير النصوص الثابتة.
إن دين الحق أسمى وأجلّ من أن ينحصر في صراع حول مصداقية التراث وحول التأكد من أن فلانا لقي فلانا أو لم يلقه أو أن فلانا كان مدلسا أو متروكا، لم يكن الله تعالى ليترك الدين الخاتم تحت رحمة مثل هذه الأمور، ومن تصور ذلك فقد أساء الظن بربه ولم يدرك أن الله تعالى أنزل كتابه بالحق والميزان وأيد رسله بالبينات.
*******
إن المؤمن بالصحة المطلقة للبخاري هو كافر كفرا جزئيا بالله وكتابه ورسوله، ولا عذر له إلا جهله، هذا فضلا عن كفره بالعلم والمنطق والعقل، وهو يتبع الديانة البخارية، وعلاقته واهية بدين الحق.
أما من يحاول بالإرهاب إكراه الناس على الإيمان بالبخاري فهو مجرد نعل في قدم إبليس اللعين.
هذا مع العلم بأن الكثير من مروياته ذات أصل صحيح، ولكن يوجد في مروياته ما فيه تطاول على الله وكتابه ورسوله ودينه.
والبخاري نفسه كشخص هو شخصية تاريخية، يجب أن يُترك كل أمره –بما ذلك التحقق من وجوده ووجود كتابه- إلى علماء التاريخ.
أما ما يعنينا فهو المرويات التي نسبها إلى الرسول، ونحن لا يعنينا أمر من يزعم أنه أخذها عنهم، ولكن يعنينا متن المروية نفسه، هل يتسق مع دين الحق أصلا أم لا؟

*******
عندما نقول قولنا في البخاري ومن هم من دونه مثلا فإنا لا نقوله لعداء شخصي معه أو مع من يتكسبون بعمله، وإنما يكون هذا القول بالاستناد إلى:
1.           أدلة قرءانية.
2.           العلم والمنطق وحساب الاحتمالات
3.           أمور تاريخية: الأخبار وفلسفة التاريخ.
4.           رفض الأمور المذهبية وغير الموضوعية.
وقولنا في البخاري هو:
1.           لم يكن نبيا ولا رسولا ولم يبشر به أي كتاب إلهي منزل.
2.           كان بشرا يصيب ويخطئ.
3.           قام بتجميع المرويات كما يزعم بنفسه وتمحيصها وفق معايير وضعا بنفسه، وهو لم يكن بالطبع معصوما لا في معاييره ولا في تطبيقها.
4.           قام بعمله في إطار مذهبه الذي يؤمن به ويرفض غيره، وليس ثمة ما يضمن الصواب المطلق لمذهبه.
5.           لم تكلفه بعمله ولم تعتمده أية سلطة دينية رسمية.
6.           لا يمكن أن تتجاوز نسبة نجاحه 80%، وليست الخطورة فقط في وجود نسبة خطأ 20% سارية فيما صححه، ولكن في وجود نسبة خطأ 20% فيما رفضه، بمعنى أنه قد رفض أكثر من مائة ألف مروية قد تكون صحيحة.
7.           لا يمكن أن يكون الله تعالى قد استحفظ البخاري على دينه وقد فشل الأحبار والرهبان في ذلك من قبل.
8.           لا يوجد ما يضمن أن كتابه نفسه لم يتعرض للتحريف من بعده، وكان التحريف شائعا في تلك العصور الجهلوتية المظلمة.
9.           كتابه نفسه لا يمكن أن يكون كتابا دينيا حقيقيا، والكارثة الكبرى هي أنه تمَّ بناء الدين وفقا للموازين التي قررها البخاري، هذا مع وجود آثار يهودية تلمودية واضحة في كتابه.
10.       مرويات البخاري مرويات آحادية لا شرعية لها أصلا في الدين ولا مصداقية لها، ولابد من وجود قرائن إضافية قوية ليؤخذ بها.
11.       لا نقول بالرفض المطلق لما في البخاري ولكن لابد للأخذ بالمروية من اتساقها التام مع دين الحق الماثل في القرءان، ويُلاحظ أن الفحص المحايد يبيِّن أن أكثر مرويات البخاري هي ذات أصل صحيح، ولكن كما سبق القول لا يُمكن أن يُبنى الدين عليها.
12.       هناك من يغلون في أمر البخاري ويعتبرونه الحق المطلق، وهؤلاء قد اتخذوه بذلك ربا مشرعا في الدين، ومنهم المتكسبون بالدين، فهؤلاء لا قيمة لهم مهما ارتدوا من عمائم أو ملابس خاصة، وهناك من الأمم من وضعوا أو يضعون تيجانا ذهبية على رؤوس أئمتهم في الضلال فلم تغير من حقيقة الأمر شيئا، وهناك من يتبعونهم في ذلك من العامة والدهماء والسفهاء وأشباه المثقفين، وهؤلاء لا يُعتد بأقوالهم مع التسليم بخطورتهم! فهم قوة جهلوتية عمياء.
13.       وهناك أيضا من يظنون أن كشف حقيقة البخاري بحياد هي لحساب مذهب آخر أو إضعاف لجبهتهم أمامهم، وهؤلاء هم أضل الطوائف سبيلا، فمثلهم كمثل الذي يقترف شتى الموبقات ولا يعنيه من كل ذلك إلا ألا يطلع الناس عليه وألا يشمت أعداؤه فيه، وهؤلاء لا علاقة لهم بالدين وإنما كل همهم أن يكيدوا به الآخرين! وما ينطبق على البخاري ينطبق على كل من اتبع نهجه وعلى كل من أحدثوا في الدين كتبا وجعلوها أندادا لكتاب الله مهما موهوا أو دجلوا، وعلى العموم فالبخاريون لا يخفون شيئا وإنما يتباهون بأن أكثر مادة الدين مأخوذة من كتب البخاري وشركائه المسماة عندهم بالـ(السنة المطهرة)!!!!!
فهذا القول لا يكون بعد كل ذلك مجرد رأي شخصي، ويلاحظ أنه كلما نشرنا هذا الكلام نحظى بهجوم شرس ممن يعتبرون المرويات كآيات القرءان أو يقدمونها واقعيا عليها وكذلك ممن ينكرونها إنكارا تاما، ومن المضحك أن يؤيد بعضهم بعضا ويتظاهرون علينا!!!!

*******
والذي يعنينا من أمر البخاري هو أن نأخذ من عنده بالمرويات المتسقة مع دين الحق المستخلص من القرءان الكريم، وأن نرفض المرويات التي تتعارض مع هذا الدين، أما البحث في حقيقة أمره ودوافعه وتقييمه فيجب أن يقوم به العلماء المتخصصون غير المذهبيين، فهو ليس شأنا دينيا، أما الحكم النهائي عليه فهو لله تعالى، وما ينطبق على البخاري ينطبق على غيره.
*****
إلى البخابيخ الذين أزعجهم ما تصوروه مساسًا بربهم الأعلى:

موقفنا من البخاري باختصار وقد أوضحناه كثيرا:
1.             كان رجلا صالحا، ولم يكن عدوا للإسلام ولا متآمرا عليه، وليس المقصود من نقد عمله التعرض لشخصه، وإنما التنديد بمسلك المغضوب عليهم والضالين الذين يتخذونه عمليا الرب الأعلى المشرع في الدين، ورغم علمنا بأن أكثر الناس سيظلون معتصمين بضلالهم المبين، وأن من صالح المؤسسات الدينية إبقاء الوضع على ما هو عليه فإننا نخاطب من يبحثون عن الحق لذاته مع علمنا بأنهم قلة لا يعتد الناس بهم.
2.             البخاري تصور أن من واجبه أن يجمع المرويات والشائعات المنسوبة إلى الرسول والتي كانت متداولة في عصره.
3.             كان حجم ما جمعه هائلا وأخذ على عاتقه أن يضع قواعد لتمحيصها، فوضع قواعد لنفسه وأعملها بنفسه، وكان ذلك بالطبع في إطار مذهبه الأموي العباسي، ومن المعلوم أنه كان يخشى السلطة القائمة بشدة كما ثبت في فتنة القول بخلق القرءان.
4.             مرويات البخاري ليس لها في ذاتها أية شرعية دينية، وشرعية أي نص ديني أن يكون مكتوبا في وثيقة بمحضر من شهود عدول كما هي قواعد توثيق الديون، وليس بالتداول الشفهي بين أفراد محدودين متناثرين في كافة أرجاء المعمورة، ولا يمكن أن تستمد المروية مشروعيتها ومصداقيتها إلا بالاتساق التام مع دين الحق الماثل في القرءان.
5.             وهو في عمله هذا لم يكن معصوما وما كان نبيا، ولم يأت أي تبشير به في نص ديني قاطع يعطيه المكانة التي وضعوه فيها وجعلوا من كتابه عمليا وواقعيا الكتاب الديني الأعلى.
6.             كما أنه لم يكن مفوضاً من أية سلطة دينية رسمية.
7.             ولم تراجع عمله من بعد إنجازه أو تعتمده أية سلطة دينية رسمية، ولا يوجد في أصول الإسلام ما يلزم المسلمين بالإيمان المطلق به ولا بافتراض الكمال فيه.
8.             إذا كان ثمة من يصرون على أن يحدثوا في الدين عقيدة تقول بأن كتابه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى فيجعلونه بذلك ندا لله فذلك شأنهم، وهم بكل تأكيد ضالون مشركون.
9.             طبقا للمنطق ولعلم الاحتمالات فإنه توجد نسبة خطأ كبيرة فيما صححه أو رفضه.
10.        كتاب البخاري حافل بما يسيء إلى الله تعالى وكتابه ورسوله وهو ما يتخذه ألد أعداء الإسلام حجة ضد الإسلام، وهو يتضمن ما يشكك الناس في مصداقية القرءان، ولو قرأها أحد العقلانيين المسلمين لاضطر اضطرارا إلى أن يكفر، ولا يمكن أن يتضمن كتاب ديني معتمد ما يتناقض مع الدين الذي يمثله ويسيء إليه.
11.        لقد رفض البخاري 99% مما وصله من مرويات بإعمال مقاييس من عنده وضعها وطبقها بنفسه، كان على رأسها بالطبع رفض كل راو أو متن لا يتفق مع مذهبه الذي نشأ عليه، وكان على رأس من رفض مروياتهم أهل بيت النبي ومحبيهم، فلم يرو عنهم إلا مضطرا وفي أضيق الحدود.
12.        أكثر مرويات البخاري ذات أصول صحيحة، ولكن يجب أن توضع في إطارها السليم، كما أنها لا تقدم صورة حقيقية للإسلام، بل تقدم صورة محرفة ومختزلة جدا لا ترقى إلى مستوى الإسلام، والفرق هائل بين الإسلام كما يقدمه القرءان وبين الإسلام كما يقدمه البخاري، إنه أعظم بكثير من الفرق بين الثريا وبين الثرى، ومن أسباب ذلك أن البخاري استبعد 99% مما كان يعرفه من المرويات وكان مخطئا في استبعاد جزء كبير منها!!
13.        البخاري ليس كتابا دينيا يلزم الإيمان به كالقرءان والتوراة والإنجيل، وإنما هو كتاب تاريخي بشري بكل ما يعنيه ذلك من معنى.
دين الحق رحمة للعالمين، أما المذهب الأعرابي الأموي الذي حل محله فهو دين بطش وقهر وحملات ترويعية لنهب الأموال وسبي النساء والاستيلاء على الأموال والديار، فهو صورة مكبرة للمنظومة الجاهلية بعد تجريدها من فضائلها وتغليفها بقشرة إسلامية

*******




هناك 5 تعليقات:

  1. كيف للبخاري في هذا الوقت الذي لم تكن فيه أدوات أو وسائل للتدوين أو الانتقال وبشكل فردي دون مساندة من سلطة أو مجموعة من الناس أن يجمع ملايين المرويات ويفحصها ويمحصها ليخرج لنا بكتاب فيه 6000 مروية ثم يدعون أنها صحيحة !!!
    العقل والمنطق يرفض فضلا عن الكوارث الموجودة بين دفتي الكتاب التي تتعارض مع صحيح الدين والأخلاق وتطعن في الله ورسوله وزوجاته وآل بيته بل تطعن في القرآن ذاته

    ردحذف
  2. https://youtu.be/TGF97etdBB0
    هذا رد على شبهتك الواهية

    ردحذف