الجمعة، 27 مارس 2015

الركن السادس عشر (ج1)


الركن السادس عشر (ج1)

استعمال الملكات الإنسانية للنظر في الآيات والسنن الكونية وفي عواقب الأمم السابقة

استعمال الملكات الإنسانية للنظر في الآيات الكونية والنفسية وفي عواقب الأمم السابقة ولفقهِ واستيعاب السنن الإلهية والكونية والإفادةِ منها ولتحقيق المقاصد الدينية

هذا الركن يعني استعمال الملكات الذهنية والحواس الإنسانية للنظر في الآيات الكونية والنفسية وفي عواقب الأمم السابقة ولفقهِ واستيعاب السنن الإلهية والكونية والإفادةِ منها ولتحقيق المقاصد الدينية، وهذا يتضمن التفكير في خلق السماوات والأرض والنظر في كيفية بدأ الخلق وفي كيفية خلق المخلوقات وفي كونها على ما هي عليه، ولقد جعل الله تعالى استعمال الملكات الذهنية من فقه وعقل وتدبر وتفكر من مقاصد خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وتصريف الآيات والتدبير والتفصيل.
إن الإنسان مطالب بمقتضى هذا الركن بإعمال ملكاته في آيات الكتاب المقروء وهو القرءان وفي آيات الكون المنظور وفي أخبار الأمم السابقة، وهو مطالب بالسير في الأرض لينظر كيف بدأ الخلق وليعرف تلك الأخبار، وذلك أمر لازم للرقي بالكيان الإنساني الجوهري وبلب هذا الكيان وهو القلب بملكاته الذهنية المعروف جماعها عند الناس بالعقل.
*******
إن استعمال الملكات الذهنية والحواس الإنسانية للنظر في الآيات الكونية والنفسية وفي عواقب الأمم السابقة ولفقه واستيعاب السنن الإلهية والكونية والإفادة منها هو ركن من أركان الدين، وهذا يعني بلغة العصر العمل علي الإلمام بأسس العلوم الطبيعية  والعلوم الإنسانية من حيث دلالاتها علي السنن الإلهية والكونية، والعمل بهذا الركن يؤدي إلي تنمية وتزكية وتفوق الملكات القلبية الذهنية لدى الإنسان، ومنها الفقه والفهم والعقل، وزيادة قدرته على الانتفاع بها وإعمالها، فالفقه مثلاً هو ملكة قلبية لدي الإنسان، وهو أيضا صفة تعني تفوق الملكات الذهنية لدي الإنسان وقدرته علي إعمالها والإفادة منها، والفقيه هو من يجيد استعمال ملكاته لتحقيق مقاصده، ومجال الفقه هو الآيات الكتابية والقوانين والسنن والظواهر الطبيعية أي الآيات الكونية والنفسية، أما مجال الفهم فهو يتعلق بكيفية إعمال تلك القوانين وإنزالها علي الأمور الجزئية، فالفقه هو الذي يمكن الفئة القليلة من المؤمنين الصابرين من التغلب علي فئة تفوقها عددا من الذين كفروا، ومن البديهي أنهم لم ينتصروا لمعرفتهم كيفية استخراج الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية أو لأنهم يعرفون الفرق بين فرائض الوضوء وبين سننه، أما الملكة العقلية فتمكن الإنسان من استيعاب كافة العلوم والسنن الكونية والتمكن منها والقدرة على الانتفاع بها وتعليمها للآخرين.
فالعمل بهذا الركن يؤدي إلى تنمية وتزكية الكيان الإنساني، وذلك من لوازم تحقيق مقاصد الدين وقيام الإنسان بالمهام المنوطة به كحامل للأمانة وخليفة في الأرض.
*******
إن استعمال الملكات الذهنية الإنسانية للنظر والبحث في الآيات الكونية والنفسية وفي عواقب الأمم السابقة وبقصد اكتشاف السنن والقوانين الحاكمة عليها واستيعابها والإفادة منها هو ركن من أركان الإسلام المنوطة بكل فرد من أفراد الأمة، وهو أيضاً من لوازم أركان عديدة ملزمة للفرد أو الأمة مثل ركن الاستجابة لله تعالى وركن تزكية الكيان الإنساني وركن دعم وتقوية بنيان الأمة..، والأمة جمعاء مسئولة عن تفعيل هذا الركن، وعلى المسلمين أن يوفوا بمقتضياته متبعين في ذلك السبل والمناهج القرءانية ومنها السير في الأرض والبحث والتجريب والاستقراء والاستنباط واستخدام كل ما يمكن لتجميع المعلومات وإعمال كافة الملكات فيها، والقرءان حافل بالآيات التي تحث الناس على استعمال ملكاتهم الذهنية في آيات الله الكونية.
*******
إن الملكات التي اختص بها الإنسان كالعقل والفكر والفهم والفقه والتدبر والنظر ليست رجسا من عمل الشيطان بل هي من مقتضيات الرحمـن في كيان الإنسان، وهي من أعظم النعم التي منَّ بها الرحمـن علي هذا الكيان؛ فهي من لوازم حقيقة الإنسان وبها يتميز عن سائر الحيوان وبها أمكن أن يتعلم البيان من الرحمن، لذلك فكل دعوة إلي إهمال تلك الملكات -تحت أي زعم- لا يمكن أن تصدر إلا ممن كان من جند الشيطان ولا يمكن أن تكون أبدا لصالح الإنسان، ولقد شنت جلّ المذاهب المحسوبة علي الإسلام من الأشعرية والمتصوفة والباطنية والسلفية الحرب على تلك الملكات في ديار الإسلام حتى كاد بعضهم يكفر من يستخدمها، ففعلوا ما فعل الكهنوت بأهل أوروبا في العصور الوسطي، لذلك خيَّم الجهل والظلام والتخلف والقهر والاستبداد وسائر عناصر المنظومة الشيطانية علي الديار الإسلامية وكاد ينقرض المسلمون من تلقاء أنفسهم دون أدني سعي من عدوهم، إن الحالة التي آل إليها المسلمون هي التي أغرت بهم أعداءهم وجرأتهم عليهم، إنه وفقاً للقرءان الكريم فإن إعمال الملكات القلبية هو من مقاصد الدين وهو ركن ركين من أركان هذا الدين.
ولقد ندد الكتاب العزيز بكل من يرفض استخدام ملكاته وتوعدهم وبيَّن أنهم أدنى مرتبة من الأنعام وجعل مسلكهم هذا من أسباب كونهم من أهل جهنم ومن أصحاب السعير، كذلك ندد الكتاب بكل الأساليب والأنماط السلوكية والأمور غير الموضوعية التي تحول بين الإنسان وبين استخدام حواسه وملكاته فحمل على التقليد الأعمى وعلى اتِّباع الآباء والأجداد وعلى إضفاء أي نوع من القداسة على معارفهم أو معتقداتهم، كذلك نهى عن اتباع الظن أو الهوى وغير ذلك من الأمور غير الموضوعية أي غير الحقانية.
إن الملكات الذهنية المتميزة هي من أثمن ما لدى الإنسان، فلا يجوز أن يهمل الإنسان استعمال قوى وملكات زُوِّد بها وكرِّم بسببها، إنه لا يجوز الحجر على هذه الملكات حتى في النظر في الأمور الغيبية، إنه باستعمال العقل تمكن الكثيرون في الغرب من رفض كل أباطيل وخزعبلات أهل الكتاب من البولسيين واليهود، وبنفس العقل وصلوا إلى الإقرار بوجود إله مطلق فوق كل إدراك وتصور، وبنفس العقل يرفض المسلم أن يكون لله صاحبة أو ولد ويتقبل قول القرءان ويرفض قول غيره من الكتب المحرفة.
إن استعمال الملكات الذهنية للنظر في آيات الله الكونية والكتابية وفي عواقب الأمم الخالية هو من أركان الدين، وهو الذي يؤدي إلى معرفة واستيعاب وعقل القوانين والسنن الكونية والإفادة منها، أما ألد أعداء هذا الركن فهم السلفية، فهم الذين يحرِّمون ويجرِّمون أي استعمال لهذه الملكات حتى لا يضل الناس بخروجهم عن (فهم) السلف، أما من ينكر ذلك الركن فقد كفر بالعديد من الآيات القرءانية التي تأمر الإنسان بالنظر وباستعمال ملكاته في كافة صورها، وبرقي الملكات القلبية يلتحق الإنسان المؤمن بزمرة أولي الألباب.
إن المسلمين الحقيقيين تعلموا المنهج العلمي الحديث من الكتاب العزيز فعرفوا أنه ليس ثمة باطلٌ في خلق الأكوان وأن ثمة قوانين وسنن ثابتة لا تبديل لها ولا تحويل وأن عليهم معرفتها والعمل بمقتضياتها والتوافق معها، وعلموا أن تلك السنن تشمل كافة الجوانب الطبيعية والإنسانية والاجتماعية والتاريخية وأنه يمكن معرفتها بطرق محددة وأن كل الظواهر محكومة بسنن هي مقتضيات الأسماء الحسني، وأن كل الظواهر والمظاهر آيات تشير إلي الأسماء وتفصّل كمالاتها وأنه يمكن للإنسان الانتفاع بمعرفة تلك القوانين لاكتساب السعادة والتحقق بكماله المنشود.
ولقد أُمِر الإنسان باستعمال حواسه وملكاته للنظر في الآيات ومعرفة السنن وأمر بطلب البرهان والسير في الأرض لاستكمال المعلومات واكتساب المزيد من الخبرات ولتوسيع مجال النظر وأمر بألا يلجأ إلى اتباع الأمور الباطلة من ظن ووهم واتباع الأسلاف بدون علم وبأن يترك الجدل والمراء وألا يقفُ ما ليس له به علم.
إنه يجب الإيمان بأن هذا الكون على كافة مستوياته محكوم بقوانين وسنن إلهية ومقتضياتها من السنن الكونية وأن من لوازم استخلاف الإنسان في الأرض أن ينظر في الآفاق وفي الأنفس ليتعرف على هذه السنن معرفة تسمح بنقلها إلي الآخرين وتداولها والإفادة منها أي معرفة حقانية موضوعية، وأن يعرف كيف تستند إلي الأسماء الحسني ومنها تستمد حقانيتها، وأن كل ذلك من لوازم وتفاصيل أركان الدين الكبرى.
إن القول بأنه على الإنسان أن ينظر في الآيات القرءانية أو الكونية وأن يتدبرها دون تصور مسبق لا يعني شيئاً، فلابد أن يكون لدى الإنسان نظرية مسبقة كوَّنها من النظر فيما لديه من بيِّنات سبق له العلم بها، ومنها البينات القرءانية ذاتها، وهذا هو الاتجاه الذي يلتزم به العلماء الحقيقيون، وبالطبع فإنه على الإنسان إذا ما توصل إلى شيء ما بخصوص مجال بحثه أن يقدم عليه ما يلزم من الحجج والبراهين، أما ميول الإنسان وأهواؤه وظنونه وما ألفى عليه أسلافه فهي لا تصلح حججاً بل تشكل عوائق لا يستهان بها في وجه البحث الجاد، والآيات القرءانية المحكمات وما تشير إليه من معانٍ محكمة هي البيِّنات والمسلمات التي يجب أن يستند إليها وأن يبني عليها من أراد النظر في الآيات المتشابهات أو من أراد أن يستفتي القرءان في أي أمر.
إن الكيان الجوهري للإنسان يتزكى كلما استعمل ملكاته الذهنية في مجالاتها أو نطاقاتها الطبيعية، الإنسان يولد مزودا بملكات وإمكانات وسمات واستعدادات كامنة كالبذور لابد لها من وسط ملائم ومدد متصل لكي تنمو وتتفتح وتزدهر وتفصل، فهو يولد مزودا بملكة العلم التي هي عين استعداده لاكتساب المعلومات وهو يولد مزودا بملكه العقل التي هي عين استعداده لفقه واستيعاب المعلومات، وهو كذلك يولد مزوداً بسمات عامة تربطه بالآخرين وتدفعه للتعامل معهم وهي التي تجعل منه كائناً اجتماعيا، وعلى الأسرة أن تساعد الإنسان في طفولته لتتفتح وتنمو ملكاته، وعليه هو عندما يكبر أن يعمل على ذلك وأن يتطهر من كل ما يعوقه.
إن الإنسان ملزم بالنظر في الآيات الكونية والنفسية بهدف إدراك وفقه القوانين والسنن الكونية التي هي مقتضيات الأسماء الإلهية، وبذلك تزداد معرفته بربه وقربه منه ويتزكى كيانه ويسعد في الدنيا والآخرة، إن الرحمن لم يبدع كل تلك الآيات لكيلا يعبأ بها الإنسان، وهو لم يخلقها لكي يعرض عنها الإنسان ليتبع دابة من دواب الأرض أو شيطاناً من شياطين الإنس.
*******
إن الآيات الكونية والوقائع التاريخية هي مصدر من مصادر المعرفة الدينية الحقيقية، وهي من مصادر العلم بالأسماء والسنن الإلهية، وهي من وسائل الرقي بالملكات الذي يساعد على إدراك أشياء عن الأمور المتشابهات، وفي القرءان أوامر قوية بالنظر في عواقب الذين كانوا من قبل (علم التاريخ) وفي الآيات الكتابية والكونية، فالعلوم الطبيعية من مصادر المعرفة الدينية.
إن وسيلة المعرفة الأساسية هي القلب الإنساني بملكاته المتنوعة، والحواس وما يمد نطاق عملها هي آلاته وأدوات استشعاره، أما مادة المعرفة ومجالها فيتمثل في الآيات الكتابية، المظاهر الطبيعية، العلوم التي توصل إليها الإنسان من قبل.
*******
إن الإنسان مأمور أمراً مطلقاً بالقراءة، والأمر بقراءة القرءان يفوق في أهميته الأمر بغض البصر، فهي ركن فرعي من تفاصيل ركن إعمال الملكات الذهنية، والقراءة لا تكون مجرد تلاوة لبعض العبارات، ولكنها إعمال للملكات القلبية فيها، ولذلك يجب أن تكون باسم الله حتى تكون قراءة مثمرة على المستوى الجوهري، والقراءة لا تعني مجرد المرور بالعينين على العبارات المكتوبة بل تتضمن إعمال الملكات الذهنية فيها واستيعابها.
*******
من لوازم هذا الركن عدم الاعتداد بالوسائل غير الموضوعية كوسيلة لإثبات صحة المعلومات، فلا يجوز اتباع الظنون أو الأهواء أو تراث السلف والآباء أو الأخبار والأنباء حتى ما تواتر منها دون وجود ما يكفي من الحجج والبراهين، إنه قد يقول أحد الناس برأي ما ثم ينتقل هذا الرأي عنه بالتواتر إلي أن يصل إلي الناس بعد مئات السنين، فالتواتر هاهنا هو دليل علي صحة انتساب هذا الرأي إلي قائله وثبوت صدوره عنه وليس دليلاً علي صحة مضمونه، أما رأي الأكثرية فليس صحيحاً بالضرورة، بل إنه علي مدى التاريخ كان رأي الأقلية هو الأصح دائما، ويعيش علي الكوكب الأرضي الآن في القرن الواحد والعشرين مئات الملايين من الكائنات التي تؤمن أن بشرا كان يأكل الطعام ويمشي في الأسواق هو إله وابن إله!!! وأنه مع ذلك ارتضى أن يصلب وأن يقتل لكي يفتدي البشر الذي خلقهم أبوه أو خلقهم هو مع أبيه!!!! إنه لا يجوز استفتاء الناس في صحة النظريات العلمية أو في مدى صحة بعض الآراء الفلسفية أو الدينية.
*******
إن من أركان الدين دراسة علوم الاجتماع والعمران ودراسة تاريخ الأمم السابقة لمعرفة قوانين التغير والتطور الإنساني وسننه التي لا تبديل لها ولا تحويل، ذلك لأن تلك السنن هي بالأصالة سنة الله تعالي ومن مقتضيات أسمائه، فعلي الأمة البحث في السنن المتعلقة بالجماعات والأمم والتي مجالها الآن هو علم الاجتماع وكذلك علم التاريخ وفلسفته، فدراسة التاريخ كعلم حقيقي لم يقم به المسلمون وإنما قام به غيرهم, بل إن البعض بسوء تأويلهم قد حالوا بين المسلمين وبين الدراسة الجادة والمنهجية للتاريخ، ومازال الإهمال المزري للتاريخ هو شيمة المحسوبين على الإسلام أو من ولدوا مسلمين يتوارثونه كابرا عن كابر، بل ظل الجهل بالتاريخ في نظرهم من الفضائل التي يتفاخرون بها ثم تمادوا إلي أن صارت السخرية بمن يهتم بالتاريخ دأبهم ودينهم، وكان من أسباب ذلك اتخاذهم القرءان مهجورا، فلم يقيموا وزنا لأوامره الصريحة بالنظر في عواقب الأمم السابقة ولم يلتزموا بالمناهج العلمية التي حثهم علي سلوكها وإنما هرعوا إلي الأحبار والرهبان ينهلون مما لديهم من أساطير وقد حذرهم القرءان منهم فاهتبل هؤلاء الفرصة ليبثوا في التراث الديني ما يشاءون، ولقد أدرج السلف لصالحهم العبارة (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) في أحد المرويات ذات الأصل الصحيح، ولقد صار هذا الأمر من أقدس ما يحرصون عليه، ولم يجرؤ أحد منهم علي فحص أو تمحيص ما ترتب علي هذا الأمر التمحيص الجاد، وهكذا صار الأمر الذي نهي القرءان عنه وحذر منه سنة نبوية ملزمة؟!!
إن الأمة أخطأت خطأً جسيماً بإهمالها العمل بهذا الركن بل باتباع المذاهب التي تحرم وتجرم إعماله، حتى من حاول منهم القيام به أخطأ وتنكب الطريق القويم وأهمل السبل القرءانية وذهب بإرشاد الشيطان ليتتلمذ على الأحبار والرهبان.
ويجب العلم بأن الحقائق الدينية والسنن الكونية والنفسية والاجتماعية والتاريخية والظواهر الطبيعية هي مجالات الفقه الحقيقية وأن إعمال ملكات الإنسان فيها يؤدي إلى تزكية تلك الملكات كما يؤدي إلى كشف تلك السنن وتفصيلها فيكون ذلك من سبل تحقيق المقاصد الدينية والوجودية العظمى ومنها الظهور التفصيلي للحسن الإلهي المطلق.
إن الأمر القرءاني بالنظر في الآيات الكونية وعواقب الأمم الخالية لا يقل أهمية عن الأوامر الأخرى بل لقد تأكد بالتكرار وبكافة الأساليب اللغوية الممكنة، وهو بالطبع أقوى بكثير من الأمر بالصيام والحج وغض البصر وبأن تدني النساء عليهن من جلابيبهن، وكل ما في الأمر هو أن الأعراب ضخموا من شأن الأوامر المتفقة مع أهوائهم وفرضوا علي الدين عاداتهم وتقاليدهم بينما غطرشوا علي كل ما لا يروق لهم أو علي كل أمر رأوا أن فيه مشقة عليهم وليس علي غيرهم!
إن الموقف الوحيد الممكن من السنن الكونية هو العمل على اكتشافها والتعرف عليها وفقهها وعقلها والإفادة منها فلا جدوى من مناطحتها أو محاولة إبطال مفعولها وعملها، ذلك لأنها لا تبديل لها ولا تحويل فهي من مقتضيات الأسماء الإلهية، وفقه أي قانون لا يقلل الحاجة إلى الإله كما يظن الفلاسفة الماديون وغيرهم، وإنما هو من وسائل زيادة العلم بالأسماء الإلهية.
والاجتهاد بمعنى إعمال كافة الملكات القلبية للنظر في الأمور الدينية والعمل بها هو من تفاصيل أركان دينية عديدة وهو أمر لازم لكل إنسان لكي يبلغ كماله المنشود، لذلك كان للرسول أن يجتهد ولم يكن عليه دائما أن ينتظر الوحي الرسمي إلا إذا كان الأمر يتعلق بالغيب مثل تلك الأسئلة التي كانت تلقي عليه فإنه كان عندها ينتظر الوحي من ربه، لذلك فإنه كان إذا عرضت عليه قضية ليحكم فيها كان يبادر باستجواب الشهود والنظر في الأدلة والبراهين، وبالمثل فإنه في موضوع "الإفك" بادر على الفور بالاستماع إلى كل من له علاقة بالأمر واستفتي أهل بيته وذويه فيما يجب عمله، ولقد علمه ربه أن الملائكة لا تتنزل إلا بأمره وأنه ما كان نسيا، ولذلك أيضا كان يعاتبه عن طريق الوحي ليس لأنه أخطأ وإنما لبيان ما ذكر، وأيضا لبيان أن الكمال اللانهائي المطلق هو لله تعالي وحده، لذلك فإن اختياره لرسوله هو أفضل من اختيار الرسول لنفسه، وإحاطة الله تعالي بالأمور وبعواقبها ومآلاتها أفضل من إحاطة سائر مخلوقاته أجمعين مجتمعين بها، وعلي سبيل المثال فلقد عوتب الرسول لأنه أذن لبعض أهل المدينة ألا يخرجوا معه رغم أنه كان مسموحا له بأن يأذن لمن يشاء: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(62)} (النور) فهو إذاً لم يخالف أمرا وإنما عوتب حتى يعلم أولو الأمر من بعده ضرورة التثبت وأن الإذن ينبغي أن يكون بناء على أسس معلومة للجميع، وكذلك كان قد فوِّض إليه أن يتخذ كافة السبل لدعوة الناس  إلى الإسلام ولذلك تصدي لأكابر قريش وانفرد بهم بناء على طلبهم ليشرح لهم ما يدعوهم  إليه وكان عليه أن يحشد كل جهوده لإنجاح مسعاه، ولكن الله سبحانه كان يعلم أنه لا قيمة لهؤلاء المستكبرين وأن تأييد المستضعفين سيكون أفعل وأجدى من تأييد المستكبرين وأن المستضعفين هم الفئة الأجدر بالاعتبار.
إن اجتهاد الرسول كان عملاً بمقتضيات ركن ديني ملزم، لذلك لم يكن الوحي يأتيه إلا للضرورة القصوى.
*******
والقرءان حافل بالآيات التي تحث الإنسان على استعمال الملكات الذهنية من فقه وعقل وتدبر وتفكر وتبيِّن أن ذلك من مقاصد خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وتصريف الآيات والتدبير والتفصيل، وهي تندد أيضا بمن يرفضون استعمال ملكاتهم، ومن هذه الآيات:
{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ }الأنعام65، {وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ}الأنعام98،  {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }البقرة164، {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }الرعد4، {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }النحل12 ، {وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }النحل67 ، {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }الروم24، {ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }الروم28 * {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}الجاثية5{كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }البقرة219  *  {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }آل عمران191  *  {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ}الأنعام50  *  {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الأعراف176  *  {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}يونس24  *  {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الرعد3  *  {يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }النحل11  *  وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}النحل44  *  {ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}النحل69  *  {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الروم21  *  {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الزمر42  *  {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}الجاثية13  *  {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقرءان عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}الحشر21
وقد توعد الله تعالى من لا يفقهون بالعذاب وبين أن الإصابة بمثل هذا الداء موجبة للخسران والمذمة والهزيمة:
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}الحج46 ، {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }الفرقان44، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ}الأنفال65، {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون}التوبة127، {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}المنافقون7، {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }يونس100، {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }البقرة171، {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }الأنفال22، {كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(73)} (البقرة)، {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قرءانا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(2)} (يوسف)، {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قرءانا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(3)} (الزخرف)، {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(17)} (الحديد)، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ(46)} (الحج)، {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا(44)} (الفرقان)، {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِ بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(24)} (الروم)، {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(28)} (الروم)، {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ(100)} (يونس)، {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ(10)} (الملك).
*******
إنه يجب على الإنسان ألا يخشى أحدا إلا الله تعالى وعليه أن يديم النظر في كتابه العزيز وأن يتفقه في الآيات الكتابية والكونية دون خوف من سلطة كهنوتية أو من سلطة العامة أو الغوغاء أو من القطعان البشرية التي ألقت عن كاهلها أعباء الأمانة والاستخلاف في الأرض وضحت بإنسانيتها التي كرمت بسببها وبأسمى ملكاتها وارتضت لنفسها بما هو أدنى من مرتبة البهائم، أولئك هم وقود النار.
والاجتهاد بمعنى إعمال كافة الملكات القلبية للنظر في الأمور الدينية والعمل بها هو من تفاصيل أركان دينية عديدة وهو أمر لازم لكل إنسان لكي يبلغ كماله المنشود، لذلك كان للرسول أن يجتهد ولم يكن عليه دائما أن ينتظر الوحي الرسمي إلا إذا كان الأمر يتعلق بالغيب مثل تلك الأسئلة التي كانت تلقي عليه فإنه كان عندها ينتظر الوحي من ربه، لذلك فإنه كان إذا عرضت عليه قضية ليحكم فيها كان يبادر باستجواب الشهود والنظر في الأدلة والبراهين، وبالمثل فإنه في موضوع الإفك بادر على الفور بالاستماع إلى كل من له علاقة بالأمر واستفتي أهل بيته وذويه فيما يجب عمله، ولقد علمه ربه أن الملائكة لا تتنزل إلا بأمره وأنه ما كان نسيا، ولذلك أيضا كان يعاتبه عن طريق الوحي ليس لأنه أخطأ وإنما لبيان ما ذكر، وأيضا لبيان أن الكمال اللانهائي المطلق هو لله تعالي وحده، لذلك فإن اختياره لرسوله هو أفضل من اختيار الرسول لنفسه، وإحاطة الله تعالي بالأمور وبعواقبها ومآلاتها أفضل من إحاطة سائر مخلوقاته أجمعين مجتمعين بها، وعلي سبيل المثال فلقد عوتب الرسول لأنه أذن لبعض أهل المدينة ألا يخرجوا معه رغم أنه كان مسموحا له بأن يأذن لمن يشاء: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(62)} (النور) فهو إذاً لم يخالف أمرا وإنما عوتب حتى يعلم أولو الأمر من بعده ضرورة التثبت وأن الإذن ينبغي أن يكون بناء على أسس معلومة للجميع، وكذلك كان قد فوِّض إليه أن يتخذ كافة السبل لدعوة الناس  إلى الإسلام ولذلك تصدي لأكابر قريش وانفرد بهم بناء على طلبهم ليشرح لهم ما يدعوهم  إليه وكان عليه أن يحشد كل جهوده لإنجاح مسعاه، ولكن الله سبحانه كان يعلم أنه لا قيمة لهؤلاء المستكبرين وأن تأييد المستضعفين سيكون أفعل وأجدى من تأييد المستكبرين وأن المستضعفين هم الفئة الأجدر بالاعتبار.
إن اجتهاد الرسول كان عملاً بمقتضيات ركن ديني ملزم، لذلك لم يكن الوحي يأتيه إلا للضرورة القصوى.
إنه لا يحق لأحد أن يمنع الناس من دراسة وتمحيص كل وقائع التاريخ واستخلاص العبر بل إن ذلك هو من أوامر القرءان الملزمة ومن يحاول منع الناس من العمل وفق مقتضيات أمر قرءاني هو فاسق مبطل وأداة من أدوات الشيطان.
إن إعمال الملكات الذهنية في الآيات الكتابية هو خير ضمان لتفعيلها والإبقاء علي حياتها في نفوس الناس، وهو الوسيلة المتاحة للإنسان لاكتساب الاستعداد اللازم لتلقى التأويل الملائم لعصره وظروفه وأحواله، ولن يتلقى مثل هذا التأويل من بدأ بإنكار أية معاني مستقبلية محتملة للآيات وجزم بأن الأوائل لم يتركوا للأواخر شيئا وبأن السلف قد أتوا بالتفسير النهائي المطلق لكل آية، ولو قرأ الكتاب العزيز لأدرك أن الله تعالى يدبر الأمر ويفصل الآيات ليكشف للإنسان حينا بعد حين شيئا عن آياته وليأتيهم بتأويلها ليعلموا شيئا عن بديع سماته ولأدرك أن الماضوي المتحجر يحاول عبثا أن يناقض مقتضيات الإرادة الإلهية وأنه لن يجنى من وراء ذلك إلا بئس المصير وسيخسر بذلك نفسه وسيبوء بوزر كل من أضلهم بغير علم.
وكذلك يجب علي الناس أن يعلموا أن الإيمان بالفعالية الإلهية لا يتعارض مع وجود القوانين والسنن والارتباطات بين المفردات والعناصر الكونية بل إنها كلها من تفاصيل المشيئة والإرادة الإلهية والتي هي جماع مقتضيات الأسماء الإلهية، فالقوانين هي مظاهر ومقتضيات مشيئة الله سبحانه، وهي سننه التي لا تبديل لها ولا تحويل وهي معراج الإنسان  إلى المزيد من المعرفة بأسماء ربه، فالإله يدبر أمر العالم بالعالم وفق القوانين والسنن التي اقتضاها هو وليس غيره وهي مقتضيات أسمائه هو وليس أسماء غيره، وأهل الشرق لإيمانهم وانبهارهم بالفوضى والطغيان يظنون أنهم يرفعون من قدر الإله بإظهار أنه يمكن أن يخالف قوانينه وسننه التي هي مقتضيات كنهه أو أن يخالف وعده أو ما ذكره أو تعهد به أو تأذن به أو أوجبه علي نفسه، وكان عليهم أن يعلموا أن من له العلو الذاتي المطلق لا يمكن أن يتغير عما هو عليه وأن كل هذا يتجلى في ثبات قوانينه وسننه ولذلك أعلن أنه لا تبديل لها ولا تحويل، ورغم كل ذلك فإن كثيرا من المضللين المبطلين يظنون أن قدرته وعظمة قدره لا تتجلى إلا في مخالفة القوانين والسنن، وهنا يكمن فارق حاسم بين أهل الشرق وبين أهل الغرب، فنتيجة لما ألم بتلك الأمة من الأهوال والفتن وما ترسخ فيها نتيجة السيادة الطويلة لتحالف الجهلوت والطاغوت والكهنوت فإنهم ظنوا أنه لا يمكن الخلاص وتحقيق السعادة والتقدم إلا بخرق القوانين والسنن على أيدي أولياء معاصرين أو أئمة منتظرين أو تسخير الجان أو تحويل التراب  إلى معادن نفيسة باستخدام السحر….. إلخ، وكل ذلك مظاهر لنفس المنظومة من القيم والدوافع، فالولاية الدينية عند عامة الناس لا تظهر إلا في خرق القوانين والسنن، أما القائم علي الأمر فهو من كان فوق القوانين والسنن، أما باقي الناس فهم تحت كل القوانين والسنن وليس لهم إلا الخضوع المطلق لكهنوتهم وللمتسلطين عليهم، أما الغرب فلقد أدرك أن تحقيق نفس الأمور لن يتم إلا بالتعرف علي القوانين والسنن السائدة والتوافق معها والإفادة منها، ولما كانت القوانين والسنن لا تبديل لها ولا تحويل فلقد كان الغرب أكثر توافقا مع الفطرة وطبيعة الوجود فأفاد من كل مجهود بذله هو أو الناس من قبله، ذلك لأن لديه الاتجاه الصحيح وآليات التصحيح، أما جهود الشرق فضاعت عبثا وتبددت سدى، بيد أن الداء الكامن في الحضارة الغربية هو في ظنهم أن وجود القوانين والسنن يغني عن الحاجة  إلى وجود إله وهم لذلك لا يزدادون بتقدمهم إلا جهلا بربهم، وفي ذلك الداء الخطير مقتلهم.
إن عباد الله ملزمون بالتعرف علي القوانين والسنن التي أعلن الله تعالى فى كتابه أنه لا تبديل لها ولا تحويل، ولو عرف لها المسلمون قدرها لبذلوا كل جهد فى سبيل التعرف عليها والإفادة منها لا فى سبيل العلو عليها، ولقاموا بذلك بما أمروا به، ولبزغت شمس الحضارة الحديثة في الشرق لا في الغرب.
لقد اقتضت مشيئة الله تعالى أن يصرِّف أمر كل عالم وفق منظومة السنن التي أوحاها في هذا العالم وفطر كل ما فيه من الكيانات لتتوافق معها، فهو يصرف أمر كل عالم بما في هذا العالم من كيانات، لذلك فهو يستعمل عباده ومخلوقاته كآلات لإنفاذ مراده، وعلى الإنسان ألا يغفل عن هذا الأمر فلا بد أن يعطى لكل ذي حق حقه فلا يبخس الآلة الظاهرة حقها فما اختيرت لأداء ما أنيط بها إلا بمقتضى طبيعتها الذاتية، وكذلك عليه أن يوقر السنن الإلهية وأن يعمل على التعرف عليها والإفادة منها والتوافق معها.
*******
إن "الفقه" عند أتباع المذاهب التي حلت محل الإسلام ليس إلا العلم بشكليات الأحكام الشرعية العملية مقترنة بأدلتها التفصيلية، وهو بذلك مجموعة من المعلومات المحددة والمحدودة، وهو بذلك ليس بمجال للاجتهاد بقدر ما هو مجال للعلم والإحاطة، أما التفقه في الدين فهو أمر آخر لا يشكل (فقههم) إلا جزءا محدودا منه، أما الفقه بالمعني الحقيقي فهو ملكة قلبية إنسانية مجالها الرئيس هو السنن الإلهية والكونية والآيات الكتابية والكونية النفسية منها والآفاقية فضلا عن الحقائق والمقاصد الدينية وأموره الجوهرية، فمن يعمل تلك الملكة هو الفقيه، ولقد كان تحريف المراد بهذا المصطلح من كبائر الإثم التي اقترفتها تلك الأمة.
*******
إن القيام بهذا الركن يستلزم الإلمام بمنظومات السنن الإلهية والكونية التي يتضمنها الكتاب العزيز والتي هي ثابتة فلا تبديل لها ولا تحويل، إن ثبات السنن هو الأساس الذي يستند إليه القول بالحتمية، أي باطراد الظواهر الطبيعية وثبات وانتظام أنماط تغيراتها وتفاعلاتها وتبادلها التأثير فيما بينها، فلا تبديل ولا تحويل للسنن، وذلك الثبات هو من الضروريات اللازمة لنمو المعارف العلمية وتراكمها بل وإمكانها، وهذا الثبات هو الذي يجعل من المجدي والمطلوب إعمال الملكات القلبية الذهنية.
*******
إن القوانين والسنن بكافة صورها هي مقتضيات الأسماء الحسنى، وهي أيضاً من مظاهر وتفاصيل الحسن الإلهي المطلق، لذلك فإن التعرف علي تلك السنن وتدبرها وفقهها وعقلها وإدراك ما فيها من عظمة وكمال من العبادات التي كلِّف الإنسان بها، وهي من تفاصيل هذا الركن من أركان الدين، والمنوط به القيام بتلك العبادة بصفة رئيسة هو الجانب الذهني من القلب والذي يسميه البعض بالعقل، فلذلك العقل ارتباط وثيق بالدين الخاتم القيم، فملكاته وأنشطته هي خليفة الأنبياء والرسل بعد ختم النبوة، فهذا الدين لم ينزل إلا بعد أن بلغت البشرية رشدها وأصبح من الممكن تكليفها وتحميلها الأمانة كاملة وهي القيام بما هو منوط بالأمة الصالحة الخيرة، ولذلك أحال الكتاب كل من يطلب دليلا أو برهانا إلى النظر في ملكوت السماوات والأرض وإلى عواقب من كانوا من قبل وإلى النظر في الآفاق وفي أنفسهم، فمن أركان الدين تدبر كل ذلك وإدراكه والتماس الحكمة فيه والعبور منه إلى معرفة السمات التي اقتضته، ولقد كرِّم الإنسان بملكاته القلبية الذهنية والوجدانية وهي من لوازم حملة الأمانة والاستخلاف في الأرض وهي السبب الرئيس لتكريمه وتسخير الأشياء له فهي أثمن ما لديه وأخصّ حقيقة من حقائق ذاته، لذلك وجب عليه ان يتصدي بحسم وحزم وعزم لكل من يحاول حرمانه من استعمال ملكاته فإنه يريد بذلك أن ينزل بذلك الإنسان إلى مرتبة البهائم والسوائم والأنعام، كما ينبغي علي كل إنسان أن يحترم حق الناس في استعمال ملكاتهم وألا يعتدي علي هذا الحق متذرعا بأي سبب أو لتحقيق أي غاية من الغايات، ذلك لأن الوسائل في دين الحق مقدسة، كما أن من يقود شعبا من السوائم لا يمكن أن يصمد عند أي اختبار حقيقي وسيهزم مثل هذا الشعب أمام فئة قليلة من البشر، وتلك سنة كونية، فالإنسان بما له من كيان جوهري سام مفضل علي سائر الكائنات الأرضية، وكلها مسخرة له، وهو بلا ريب علتها الغائية، ومن تخلي عن ملكاته القلبية فقد تخلي عن إنسانيته وليس له أن يتذمر إذا استخدمه غيره كبهيمة، أما من تمسك بملكاته فإنه يتمسك بأثمن ما لديه.
إن الله تعالى قد أورد قصص الأولين في القرءان الكريم وحث الناس علي إعمال ملكاتهم القلبية في هذه القصص، فهو رحمةً بهم يرشدُهم إلي ما يعينهم علي تحقيق مقاصد الدين، فهم بإعمالهم ملكاتهم القلبية في دراسة وتدبر تلك القصص يهتدون إلي معرفة سنن الله التي مجالها عباده المخيرون فيعملون بمقتضاها وتتزكى ملكاتهم، وبذلك يتمكنون من القيام الأفضل بأركان الدين فتتحقق بذلك مقاصده، ولقد تضمن القرءان كذلك المناهج والسبل والأمور التي كانت كفيلة بإحداث تلك الطفرة العلمية الهائلة التي حدثت، ومن أهم تلك الأمور سبل تزكية الملكات الإنسانية الذهنية وطرق البحث العملية واستبعاد السبل غير الموضوعية للبحث والمعرفة.
*******
لقد تضمن القرءان النهج التالي لتكوين وترسيخ النزعة العلمية:

1-        الحث المستمر والدءوب على استعمال الملكات الذهنية من عقل وفقه وفكر وذكر وتدبر ونظر واعتبار.
2-        الحث على طلب البينات.
3-        الحث على طلب البرهان المبين.
4-        الحملة الضارية على من يعطلون حواسهم وملكاتهم وإنذارهم بعذاب السعير وبئس المصير.
5-        بيان أن معرفة الإنسان بالسنن هو الوسيلة إلى التحقق بالكمال وبيان أن بذلك يعرف الإنسان آثار السمات الإلهية فتزداد معرفته بربه.
6-        بيان الطرق السليمة لتحصيل المعلومات مثل النظر في آيات الآفاق (السماوات والأرض) والأنفس والسير في الأرض ودراسة تاريخ الأمم السابقة وتدبر الآيات الإلهية القرءانية والكونية، وبيان أن كل ذلك من العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى ربه.
7-        إعلان أن السنن لا تبديل لها ولا تحويل وفي ذلك حث على ضرورة طلبها ومعرفتها والافادة منها ودحض لأساليب المشعوذين.
8-        الحملة على اتِّـباع الأساليب غير الموضوعية للمعرفة مثل الاتباع المطلق للآباء والأسلاف واتباع الظنون والأهواء.
9-        الحملة على الصفات التي تحول بين الإنسان وبين طلب العلم مثل الجهل والكبر.
10-    بيان مدي أهمية الإنسان للبنيان الكوني وبيان أنه مكرم ومستخلف في الأرض.
11-    إعلاء قدر الظواهر الطبيعية التي ألفها الإنسان وبيان أنها آيات كونية إلهية يجب تقليب النظر فيها.
*******
ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن التمسك بالجهل والعداء للعقل وازدراء الملكات القلبية الذهنية وإهمالها ومنع استعمالها والحملة على نواتج إعمالها والاتباع الأعمى للمذاهب والأهواء والظنون والأسلاف.

*******


هناك تعليقان (2):

  1. مقالة رائعه وبوركت جهودكم , اعتقد ان هنالك نص مكرر *والاجتهاد بمعنى إعمال كافة الملكات القلبية *

    ردحذف