الخميس، 31 يوليو 2014

الإسلام والعلمانية

الإسلام والعلمانية

من ملامح علمانية الإسلام:

1-          الإسلام يقرر بأقوى عبارات المكانة المتميزة للإنسان في الكون وأنه خليفة في الأرض وحامل للأمانة ومكرَّم.
2-          الإسلام يجعل المسلم يتعبد إلى الله تعالى باحترام حقوق الإنسان وكرامته.
3-          أنه لا يهمل شأن الحياة الدنيا بل يعلن أن من المقاصد الوجودية الكونية أن يكون الإنسان خليفة في الأرض يستعمرها وينتفع بها.
4-          الإسلام يجعل من أركانه قيام الإنسان بواجباته تجاه الأرض التي يحيا عليها فلا يفسد فيها بل يصلح ويعمل على استعمارها.
5-          من مقاصد الإسلام الشرعية صلاح أحوال الناس والقيام بالقسط والحكم بالعدل والتصدي للمفسدين في الأرض.
6-          عدم وجود سلطة كهنوتية في الإسلام؛ فالدرجات الدينية العليا متاحة للناس كافة.
7-          الإقرار بحقائق الوجود وسننه وما يترتب عليها من حتمية الاختلاف بين الناس في كل شيء، فلا يمكن أن يتطابق اثنان منهم تمام التطابق ولا أن يتفقا في كل شيء، والقرآن لا يأمر المسلمين بأن يشنوا حرباً لا نهاية لها ضد كل من خالفهم بعد أن أعلن أن هذا الخلاف كان بأمر الله وبتدبيره، ولا يأمرهم بقتال من أمرهم أن يحكموا بما أنزل إليهم في كتبهم، ولكن القرآن أمر بلا ريب بالتصدي للظلم والاضطهاد والعدوان.
8-          احترام فطرة الإنسان.
9-          الإسلام يعتبر الإنسان بكيانه كله آية من آيات الله تعالى، ويعتبر حواسه وملكاته من النعم الإلهية.
10-      احترام القوانين والسنن الكونية والتاريخية.
11-      عدم سب الآخرين ولا التطاول على معتقداتهم أو سبها أو الاستهزاء بها، ولا يستلزم هذا من المسلم أن يعجب بباطلهم ولا أن يمتنع عن الجهر بالحق الذي يعرفه ولا أن يسعى لاسترضائهم.
12-      الإسلام يأخذ بنظام أولي الأمر الذي يحقق الفصل بين السلطات بطريقة تلقائية.
13-      الإسلام يأمر بالنظر في المظاهر الطبيعية ومنها الكائنات الحية ويعتبرها من آيات الله تعالى كما يأمر بالسير في الأرض للنظر في كيفية بدأ الخلق؛ فهو يجعل من إعمال ملكات الإنسان في كل ذلك ركنا دينيا ملزما.
-------
إن العلمانية (Secularism) بالمعنى الإيجابي الذي نقصده تتضمن جماع الأسس والآليات التي تهدف إلي جعل الناس يهتمون بالحياة الدنيا وتلزمهم بالإيجابية فيها وتمنعهم من إدارة ظهورهم لها بحجة بطلانها وقلة جدواها، فهي لا تجعل المثل الأعلى لمن يزدريها بحجة أنه لا يجوز الاهتمام إلا بالآخرة، فهي تتبرأ من الرغبة التي كانت لدي الناس في العصور الوسطي للعزوف عن الدنيا، وهي بذلك تتفق مع دين الحق في تأكيده على أهمية الحياة الدنيا كوسيلة لتحقيق المقاصد الإلهية.
فالعلمانية تقصد إلى توكيد الشخصية الإنسانية وليس إلى إفنائها أو تذويبها أو قولبتها، فهي تنمي وترسخ في المجتمع النزعة الإنسانية ولا تحتقر ولا تجرم الطموحات الفردية، ولا يجوز اعتبارها بذلك حركة مضادة للدين وإنما هي مضادة لسوء استعمال الدين من قبل المؤسسات الكهنوتية المتخلفة التي تريد تعويق التقدم وفرض وصايتها على الناس في حين أنها أحوج شيء إلي من يلقنها أبسط مبادئ العلوم وحقائق الأشياء، وهي أيضاً مضادة للمذاهب المحسوبة على الأديان التي قلبت الأمور رأساً على عقب واستخدمت الإنسان لصالحها وجعلته وقوداً لها بدلاً من أن تأخذ هي بيد الإنسان وتدله على طريق سعادته.
فالعلمانية بهذا المعنى ليست مضادة للدين الإسلامي ولكنها تهدف إلى إبراز وتوكيد ذلك الجانب منه الذي يجعل للإنسان مكانة محورية في هذا الكون بوصفه مكرماً وحاملاً للأمانة ومستخلفاً في الأرض وتجعله مسئولاً عن استعمارها وحسن الانتفاع بمواردها والأكل من طيباتها والاستمتاع بزينتها وتحرم عليه الإفساد فيها وتجعله مسئولاً عن إخوانه من البشر بل عن الأمم من دواب الأرض وطيورها، ومن لوازم العلمانية الإسلامية جعل الإنسان مكلفاً بأداء الأمانات إلى أهلها والحكم بين الناس بالعدل والقيام بالقسط والانتصار من أهل البغي والدفاع عن المستضعفين في الأرض والدفاع عن حقوق الإنسان وكرامته، فبمقتضاها ليس مسموحاً للإنسان بالرضا بأمر واقع يخالف الصورة المثلي التي تتحقق فيها الأمور المذكورة بحجة أن ذلك يتضمن تمردا على إرادة الله وعلى قدره وانشغالا بدنيا أمدها قصير، بل إن الإنسان مطالب بأن يعمل بقدر وسعه على أن يعمل على تحقيق المقاصد الإلهية ومنها تلك الأمور المذكورة، إن دين الحق يقرر أنه بقدر نجاح الإنسان في تحقيق مقاصد الدين في الدنيا سيفوز بالدرجات العلى في الآخرة، ومن المعلوم أن القرن الإسلامي الأول كانوا خير القرون، وهم لم يسبقوا الناس بحفظ ما لا يتناهى عدده من الكتب الدينية ولا بأن كلا منهم كان يصلي كل يوم ألف ركعة ولا بأنهم قد شيدوا مساجد ضخمة وإنما لأنهم حققوا ما كان مطلوباً منهم من مهام.
------------
من الملامح العلمانية للإسلام اهتمامه بشأن الحياة الدنيا وأنه جعل من مقاصده إصلاح أمر كافة الكيانات الإنسانية فيها، وجعل من استخلاف الإنسان في الأرض مقصداً إلهياً مقدساً، وأنه جعل من كثير من الأوامر الدينية وسيلة لإصلاح أحوال الناس في هذه الدنيا وجعل من كل ذلك وسيلة لتحقيق السعادة في عالم الخلود وأنه لم يدع مكاناً فيه لأية سلطة كهنوتية، ومن الدلائل على أنه باطراد التقدم تتكشف عظمة سمات الإسلام أن أرقي شعوب الغرب الآن هي أشدها اهتماماً بسلامة البيئة وأحرصها على حمايتها من المفسدين، وهذا الاهتمام والحرص من لوازم قيام الإنسان بواجباته كخليفة في الأرض، ولقد ذكر القرءان من قبل سبب خوف الملائكة من استخلاف الإنسان في الأرض؛ كان هو الخوف من أن يسفك الدماء وأن يفسد في الأرض.
إن دين الحق يتضمن أفضل القيم والسنن اللازمة للوصول بالإنسان بل بكل كيان إنساني إلي كماله المنشود ولتعامل الناس فيما بينهم بما يحفظ حقوقهم ولتحقيق التقدم الإنساني في كافة المجالات، ولكن مما لا شك فيه أن كل المذاهب التي حلت محل الدين لم تحقق للإنسان ولا للأمة شيئاً بل ألقت بالأمة في هوة سحيقة ما زالت تجاهد للخلاص منها وكادت تؤدي إلي انقراض المسلمين، ولقد ثبت ذلك بعد تجارب مريرة استمرت مئات السنين، أما العلمانية فهي تتفق مع دين الحق في تسامحه وتقديمه للأمور الجوهرية وسعيه لتحقيق العدل والقيام بالقسط وحفاظه علي حقوق وكرامة الإنسان ورفض الظلم والاستبداد والطغيان وتساوي الناس أمام القانون....وغير ذلك من القيم التي هي من سمات دين الحق، إن ترسيخ القيم العلمانية سيؤدي بالضرورة إلي الرقي الذوقي والثقافي العام والتخفيف من حدة الأمراض الاجتماعية والنفسية الوبيلة التي فتكت بالأمة، ومن أشد الأمراض والآفات والموبقات التي ابتليت بها الأمة النفاق واتخاذ القرءان مهجورا والكفر بكثير من الآيات والشرك وازدراء القوانين والسنن وتقديس الأسلاف وتقديس الآثار والتراث وعبادة المتسلطين واختزال الدين والعدوان علي حقوق وكرامة الإنسان ومنع الماعون....
فالنظام العلماني هو أقرب إلى القيام بأركان الدين وتحقيق مقاصده من النظم التي تسلطت على المسلمين منذ أن تحولت الخلافة إلى ملك عضوض، فهذه النظم العضوضية هي النفاق مجسماً؛ ولقد كانت النتيجة الطبيعية أن هوت بالمحسوبين على الإسلام إلى الدرك الأسفل من نار الانحطاط والجهل والتخلف.
والعلمانية المقصودة هي التي لا تعادي الدين ولا تتبنى مذهباً معيناً ولا تقدم لأي إنسان مزايا مجانية بسببٍ من مذهب اعتنقه.
ولا سبيل بأي حال للمقارنة بين العلمانية وبين دين الحق، فدين الحق هو النور المبهر الساطع الذي لا يقارن به أي دين أو مذهب، ولكن الأخذ بالعلمانية هو أفضل بكثير من العودة إلى المذاهب التراثية والنظم العضوضية التي ثبت بكل دليل فشلها الذريع ومزقت كل كيان تمسك بها وهوت به إلى الحضيض.
إنه من الأفضل بالطبع وصف علمانية الإسلام بمدنية الإسلام وذلك لما قد يسببه مفهوم العلمانية من لبس، ولكن يجب العلم بأنه ثمة علمانية متطرفة لا تعني مجرد فصل الدين عن الدولة أو عن الحياة، وإنما تعني فصل كل القيم الدينية عن الدولة والإنسان والتصدي العملي للأديان، وتلك العلمانية يجب بلا تحفظ رفضها والتصدي لها.
-------
إنه في ظل النظام العلماني، وهو أفضل الممكن في ظل غياب دين الحق وتحزب المذاهب الضالة ضده، فإنه لا يكون ثمة مفر من وجود نظام حزبي قانوني يسمح بأن تنشأ الأحزاب نشأة طبيعية قانونية، وبالطبع على الأمة التي ارتضت نظاماً كهذا ألا تتطلع إلا إلى مجرد الخروج من هاوية الجهل والانحطاط والتخلف ومعايشة العصر بأقل قدر ممكن من الخسائر، وعليها عندئذ أن تعرف حدودها وألا تتجاوز قدرها وألا تتعلق بالأوهام مثلما حدث من النظام الناصري، وعليها أن تتبنى سياسة عملية براجماتية وألا يستفزها نباح من هم أكثر تخلفاً وجهلاً وانحطاطاً منها.
------------
إن أسمى ما في العلمانية من قيم هو ما يلي:
1-                القضاء على التسلط الكهنوتي.
2-                تحرير الإنسان من النزعات الطفولية والبدائية.
3-                تحميل كل إنسان مسئولية نفسه.
4-                اعتبار الإنسان مسئولاً عن عمارة الكون.
5-                احترام حق الإنسان في استعمال ملكاته وتمحيص كل أمر بنفسه.
6-                لا إكراه في الدين.
7-                احترام حقوق الآخرين.
8-                احترام الحياة الدنيا واجتناب الرهبانية.
9-                احترام الجسد الإنساني.
10-            احترام القوانين والسنن الكونية.
11-            اجتناب الأساليب غير الموضوعية عند معالجة أي أمر.
12-            احترام الحياة في عالم الشهادة، والقيام بالواجبات فيها.
ويلاحظ أن كل هذه الأمور من سمات الإسلام وملامحه وأن الإسلام يتضمنها ويتضمن ما هو خير منها، ولكن المذاهب الضالة تزدري أكثرها ولا تكاد تأخذ بشيء منها، لذلك ففي ظل تسلط هذه المذاهب وما تعانيه المجتمعات المحسوبة على الإسلام لا بديل عن نظام علماني مدني مستنير.
-------
إن النظام العلماني المدني الليبرالي الصحيح هو الآن الوسط الوحيد الملائم والممكن لإعداد وتكوين الإنسان الصالح والأمة الربانية الفائقة؛ أي لتحقيق مقاصد الدين، والأمة الربانية الفائقة ليست بحاجة إلى أن تجرد السيف أو أن تلوح به في وجوه الآخرين ولا أن تتحدى المشارق والمغارب، وإنما هي الأمة التي تقوم بأركان الدين الملزمة للأمة بقدر استطاعتها، وتلك الأمة بلغة هذا العصر هي مجتمع المسلمين الذي يعتنق دين الحق ويقوم بأركانه فيتخذ كتاب الله إماماً ويتبع ما أنزل إليه من ربه ولا يتبع أي شيء من دونه، وهو يؤمن بسمات الدين وعلى رأسها عالميته وينبذ العنف والإرهاب والترويع ويقذف بالمذاهب التي تمزق المسلمين إلى سلة المهملات أو يتركها للمتخصصين في الآثار والحفريات، ولكنه أيضاً يتسامح مع المتمسكين بها ويعمل على حمايتهم من شرور أنفسهم وسيئات أعمالهم، وهذا المجتمع يتبع الوسائل السلمية المتاحة لتحقيق مطالبه ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ويستخدم وسائل الإعلام الحديثة لتحقيق ذلك ويتخلى عن نظرة العداء المريرة التي يتسم بها المحسوبون على الإسلام تجاه كل من خالفهم.
------------
إن أدق تعريف ممكن للعلمانية هو الدنيوية، ليس بالمعنى التحقيري، وإنما بمعنى أن كل همها ومناهجها هو إصلاح أحوال الإنسان في تلك الحياة الدنيا أي في هذا العالم المشهود، وهذا الإصلاح في الحقيقة يعني الأخذ بأكثر عناصر منظومة القيم الإسلامية، والعلمانية بالتالي من المفترض أن تنظر إلى الأمور الأخروية نظرة حيادية أي لا تنظر إلى المذاهب المتعلقة بها نظرة عدائية وإنما نظرة براجماتية، ومن المعلوم أن عقلاء العلمانية وأشد أعداء الكهنوت لم يجدوا بديلاً جاداً للدين فيما يتعلق بالأمور الأخلاقية ومنظومة القيم.
------------
إن النظام العلماني هو النظام الذي يلبي مطالب العصر ويسمح لكافة الطوائف بالتعايش السلمي فيما بينهم، ويحميهم من شرور أنفسهم، وهو الذي يسمح بحرية الفكر وتبادل وتفاعل الآراء تفاعلاً سلميا، ولكنه بالطبع لا يكفي بل لا يصلح للنهوض بأمة مسلمة، بل هو الذي يحقق ما يمكن أن يطلق عليه مجرد البقاء وتجاوز المخاطر، وفي ظروف هذا العصر الراهنة لا يمكن لشعب مسلم تحقيق طفرة تقدمية إلا بنظام شمولي يستند إلى تمسك راسخ بالدين وولاء مطلق له ولا يقيم وزناً للترف ويكرس نفسه لتحقيق مقاصد الدين بالقيام بأركانه الملزمة للأمة، ولكن يجب أن يتولد إجماع معتبر من كافة قوى الشعب على ذلك، ولا يجوز ولا يجدي محاولة حملهم على هذا النظام بالقوة.
والأخذ بالنظام العلماني لا يستلزم أبداً أن يكون الأفراد غير متدينين، بل يمكن لكل منهم أن يمارس مقتضيات دينه، ولا يوجد دين حقيقي يسمح لإنسان بالاعتداء على حقوق الآخرين ولا على إكراههم على تغيير دينهم، ولو اشتغل أتباع كل دين بأركانه الجوهرية –وليس بإضافات الكهنوت- لما سفكت دماء الناس هدرا ولساد السلم ولارتاحت البشرية.
ولما كان مصطلح العلمانية قد أصبح مشبعاً بدلالات مختلفة ومبهمة تتضمن كثيراً من اللبس وقد تسبب كثيراً من المشاكل فإنه قد يكون من الأفضل استخدام مصطلح المدنية، وكنظام يأخذ به القائمون على الأمر في بلد ما فالنظام المدني يتسم بما يلي:
1-                لا يسعى إلى إكراه الناس على دين معين أو مذهب معين.
2-                يقوم بالقسط ويحكم بالعدل.
3-                يؤدي الأمانات إلى أهلها.
4-                السيادة فيه للقانون المتفق عليه.
5-                يقر بتساوي الناس أمام القانون.
6-                لا ينفق أموال الناس لتمويل أية مؤسسة دينية أو مذهبية.
7-                لا يسمح لطائفة بالتكسب بالدين.
8-                يحترم حرية الرأي على أن يتكفل أصحاب كل رأي بأن يتحملوا تكاليف الدعوة إليه.
9-                لا يسمح لمجموعة معينة بأن تحتكر الدين لنفسها ولا أن تعتبر نفسها المتحدثة باسمه ولا أن تستغله لتحقيق مآربها الخاصة.
10-            توجد فيه آليات سلمية تسمح بصياغة القوانين وتعديلها بالشورى بين أولي الأمر من كافة الأطراف.
------------
يقول سدنة المذاهب والمتجرون بالدين:
"إن العلمانية تعني - بداهة- الحكم بغير ما أنزل الله وتحكيم غير شريعة الله وقبول الحكم والتشريع والطاعة والاتباع للطواغيت من دون الله، فهذا معنى قيام الحياة على غير الدين أو بعبارة أخرى فصل الدين عن الدولة، أو فصل الدين عن السياسة، ومن ثم فهي- بالبديهة أيضا- نظام جاهلي لا مكان لمعتقده ولا لنظامه ولا لشرائعه في دائرة الإسلام بل هو نظام كافر".
وهم لذلك يتعجبون من تردد الناس في الحكم على الأنظمة العلمانية بالكفر!!
إن ما رمى به هؤلاء السدنة العلمانية هو بالضبط ما تعاني منه تلك الأمة منذ أن تسلط أهل البغي وزعيمهم معاوية عليها، فمنذ ذلك الحين والأمة تُحكم بغير ما أنزل الله وبغير شريعة الله ويتبع معظم أبنائها الطواغيت من دون الله، أما سدنة المذاهب فهم أنفسهم من يقدسون معاوية الذي سنَّ للناس كل ذلك ويلزمون الناس بالخضوع المطلق لكل من اقتدى به ممن تسلط على المسلمين، فهل يرى هؤلاء أن معاوية كان يحكم بما أنزل الله عندما:
1-                حوَّل الخلافة إلى ملك استبدادي وتسلط.
2-                رفع قميص عثمان وخرج على إمام الأمة وسفك دماء المسلمين.
3-                استمر في القتال رغم أن جيشه قتل عمار بن ياسر وتبين له بذلك أنه يقود الفئة الباغية.
4-                أعطى مصر طعمة لعمرو بن العاص طوال حياته ثمناً لتأييده، مما جعل عمرو يترك لورثته أكثر من 12 طنا من الدهب رفضوا أن يأخذوا منها شيئا!!!
5-                قرر لعن الإمام علي وأنصاره في المساجد.
6-                قتل حجر بن عدي وصحبه ولم يقبل فيهم شفاعة لمجرد أنهم احتجوا على سب أئمة المسلمين على المنابر، وقتل حجر وحده كافٍ بنص الكتاب لتخليد معاوية في النار.
7-                اعتبر مال المسلمين ماله الخاص وأغدقه على أنصاره وأنفقه لإفساد الذمم.
8-                اعتبر الأمة متاعا يورث وفرض ابنه متسلطاً من بعده بالقهر والاسترهاب.
9-                أطلق يد زياد بن أبيه ليحكم الناس بالقهر والترويع والاسترهاب.
10-            أرسل بسر بن أرطأة إلى الحجاز واليمن فعاث في الأرض فسادا واقترف من الجرائم ما يندي له جبين الإنسانية.
وهل يرى سدنة المذاهب وتجار الدين أن من نشروا وشجعوا تجارة الرقيق واستعباد الناس وكانوا يقتنون في قصورهم آلاف الجواري والغلمان ويتركون الناس هملاً بلا رعاية ولا تعليم كانوا يحكمون بالشريعة؟ إن أي نظام علماني هو أفضل بكثير من النظام الطاغوتي الإجرامي الذي أسسه معاوية ومن جاءوا من بعده يهرعون على آثاره ويبدءون من حيث انتهى ويتفوقون عليه.
إن النظم العلمانية التي يهاجمونها لم تفعل في شعوبها ما فعله معاوية ومن ورثه، هذا رغم أن معاوية كان أفضل ممن جاء من بعده!! وهي إن فعلت شيئاً مما فعل فهي لا تتمسح في الدين ولا تتجر به ولا تدعي أنها فعلت ذلك باسم الدين، سيقولون أن معاوية كان (صحابيا)، ورغم أنه لا يوجد في كتاب الله مرتبة دينية بهذا الاسم فإنه لا يجوز لمن حاز أعلى المراتب الدينية أن ينتهك الأوامر الشرعية، بل لقد نص الكتاب على أن العذاب يتضاعف بقدر علو المرتبة أو المكانة الدينية، سيقولون بفجرهم المعهود إنه كان مجتهداً وأخطأ، وتلك حجة يستطيع أن يتعلل بها أي مجرم للإفساد في الأرض وسفك الدماء واختلاس أموال الناس.
------------
إن النظم العلمانية لم تقتل من المسلمين مثل من قتلهم المتسلطون على الناس باسم الدين بدءاً من معاوية وانتهاءً بآخر السلاطين العثمانيين، وهي تحاول أن تخرج المسلمين من الهاوية السحيقة التي ألقاهم فيها أتباع وعبيد معاوية ومن ناصرهم من سدنة المذاهب، ولا يجوز أن تحسب على العلمانية النظم المتخلفة المتسلطة على الشعوب المحسوبة على الإسلام، فالعلمانية عنصر من عناصر نظام مترابط يضم الليبرالية وغيرها من قيم الحضارة الحديثة.
------------
إن جرائم المتسلطين على الناس باسم العلمانية كالصنم التركي كمال أتاتورك لا تحسب على العلمانية وإنما على من يطبقونها، فالمشكلة هي أن من برمجوا على منظومة شيطانية من أركانها الجهل والانحطاط والتخلف...الخ لن يفلحوا أبدا مهما كان مدى رقي وفعالية النظام الذي يدعون أنهم يتسلطون على الناس باسمه، فليس من العلمانية معاداة الدين ولا منع الناس من استعمال الأحرف العربية أو اللسان العربي ولا إرغام الناس على ارتداء ملابس معينة، فلا يجوز اتخاذ تصرفات الطاغية المجرم أتاتورك حجة على العلمانية.
------------
إن كافة ألوان العلمانية هي حلقات في جهاد الإنسان وسعيه إلى المعرفة الخالصة للحقائق وإلى القيام بالقسط والحكم بالعدل بعد أن تسلط الشياطين على الناس وأضلوهم عن حقيقة الدين وجعلوا من الدين الذي نزل للرقي بالإنسان عقبة في سبيل تطور الإنسان ومخدرا للشعوب ومكرساً لكل ما جاء لنقضه وتقويضه، ولقد كان من أول من استزلوهم فأطاعوهم من أرادوا العلو على الناس باسم الدين دون امتلاك أية شرعية أو أية كفاءة ذاتية ودون بذل الجهد اللازم.
والعلمانية لا تقصد بتنحية الأسئلة الميتافيزيقية الكبرى إهمالها ولا التقليل من شأنها، ولم يكن ذلك بعد أن فشلت في الإجابة عن هذه الأسئلة ولا لأنها وجدت أن تنحيتها لازمة لئلا تُعكِّر عليها نشاطها وسريانها، ولكنها تقصد حماية الناس من شر من يريدون استغلال الاختلاف حول هذه الأسئلة لاقتراف شتى ألوان الإثم والبغي والعدوان وسفك الدماء والإفساد في الأرض وازدراء كرامة الإنسان وحرمانه من حقوقه لمجرد أن ما يؤمن به يختلف ولو قليلا عما لديهم، ولقد هلك في الحروب بين الكاثوليك وبين البروتستانت في أوروبا عشرات الملايين من الناس بسبب الخلاف حول مسائل لم يكن أكثر من هلك في الصراع يعلم عنها شيئا!
فالعلمانية كانت هي النظام اللازم ليتعايش الناس مع اختلافاتهم بشأن الأمور الدينية الغيبية وليس لإلغائها، وإذا كان ما لدى شتى الأديان والمذاهب الضالة قد تبدد أمام وهج العلمانية فلقد كان ذلك لما تتضمنه من ضلال ولفشلها في تلبية احتياجات الإنسان والحفاظ على حقوقه وكرامته، وهذا الأمر ينطبق على شتى المذاهب المحسوبة على الإسلام، بل لقد كان الفشل في الشرق أفدح وأسوأ من الفشل في الغرب، ذلك لأن الدين في الغرب كان ملزماً للناس كافة وعلى رأسهم ملوكهم، أما الدين في الشرق فمنذ أن تسلط على الأمة أهل البغي واستبدل سدنتهم لهم به المذاهب الأثرية السنية فقد أصبح في خدمة هذا المتسلط وطوع أمره وليس حاكما عليه، بل أصبح سيفا بيده يضرب به خصومه ويطيح برءوسهم!!
ولذلك ففي حين لم يتمكن عبيد الجهل والظلام في الغرب من التصدي لدعاة الإصلاح الذين بدأ انطلاقهم من النصوص الأصلية عندهم لدينهم فإن دعاة الإصلاح في الشرق وجدوا أن عبيد المذاهب الضالة يتصدون لهم باسم الدين –الذي هو في الحقيقة مذهبهم الشركي الضال- بكل ما له من سلطان على الناس، ولذلك ففي حين نجح دعاة الإصلاح في الغرب في تحقيق آمالهم ولو على المستوى الدنيوي فقط فلقد توقف التطور في الشرق على كافة الأصعدة باسم ما يظنون أنه الدين وحماية للدين فخسر التعساء في هذا الشرق دنياهم كما خسروا من قبل دينهم.
------------
إن المقصود بعلمانية الدين هو ذلك الجانب الذي يتضمن السمات المشتركة بين دين الحق وبين العلمانية على أن يؤخذ في الاعتبار الطبيعة الخاصة لكل منهما واختلاف الغايات والمقاصد، ولا يمكن أن يتحول دين الحق إلى علمانية، ذلك لأنه لا يمكن أن تتحول عنده الوسائل إلى مقاصد ولا أن يستبدل الفاني بالباقي.
-------
يقول بعضهم إن المسلمين ليسوا بحاجة إلى العلمانية لأنه لا توجد مشكلة لهم مع الدين، والحق هو أنه توجد لدى المسلمين مشاكل لا حصر لها مع المذاهب التي يتصورون أنها الدين، وعلى سبيل المثال فمنذ أن تجذر المذهب اللاسني في نفوس المسلمين فإن حضارتهم وأسباب قوتهم أخذت في الانهيار التراكمي السريع حتى أن بعض الهمج الرعاع المتخلفين القادمين من أوروبا تمكنوا من إلحاق هزائم مريرة بهم بدءاً من القرن الخامس الهجري بينما كاد بعض همج أقاصي آسيا يستأصلون شأفتهم في القرن السابع، ولقد كان الإسلام يجتذب بسماحته بعض القبائل التركية مثلا في وسط آسيا ولكنهم بمجرد تمكن هذا المذهب منهم سرعان ما تتلاشي قوتهم ويتمزقون شر ممزق، ومن المعلوم أن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، إن المذاهب السائدة لا تملك بالفعل مناهج لتزكية النفس ولا لتوطيد صلة الإنسان بربه ولا للحفاظ على قوة الأمة ووحدتها، وهي باختصار قد استبعدت من الدين أركانه الجوهرية ومقاصده وألزمت الناس بالخضوع المطلق لكل من قهرهم بسيفه مهما جار وبغى وظلم طالما تركهم يصلون، إن الحالة التي وصل إليها المسلمون بسبب المذاهب التي فرقت دينهم ومزقتهم وقضت على أسباب قوتهم هي التي أغرت بهم أعداءهم وهي التي تحول بينهم وبين التقدم.  
------------
إن العلمانية السليمة التي يرجى منها الخير هي التي تحمي الناس من شرور المتكسبين بالدين ومن يريدون التسلط باسم الدين ومن شرور المذاهب التي حلت محل الدين، وهي التي توفر للناس كافة حرية التفكر والتدبر وإعلان الآراء على الناس مع توفير الحماية للجميع من شر الجهلة والغوغاء والمهيجين والمتعصبين، أما المجرم المعتدي الأثيم فهو من يسعى إلى الحيلولة بين الدين وبين حياة الناس.
------------
إن العلمانية ليست بأي حال من الأحوال بديلاً عن الدين، ولا يمكن أن يندرج الأمران تحت نوع واحد أبدا، إن العلمانية مجرد نظام وآليات ومبادئ تسمح بالتعايش السلمي بين العقائد والأديان والمذاهب والاتجاهات في بلد واحد خاصة وأن كل عنصر من العناصر المذكورة يدعي أن لديه كل الحقيقة أو أنه الفرقة الناجية وأن كل الآخرين هالكون وضالون، فما هو البديل العملي الآن؟ إن أتباع المذهب السني السلفي مثلاً يعتبرون أنفسهم يمثلون الإسلام أما الآخرون من أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى بما فيها نفس المذهب السني فهم مبتدعة محدثون مارقون، أما أهل الكتاب فهم كفار يجب إلزامهم بأحكام الصغار، كما أنهم يؤمنون بأنه يجب قتال كل من لم يكن مثلهم من الدول الأخرى المجاورة دولة تلو أخرى حتى يسلموا أو تحتل بلادهم ويدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون ويتحولوا إلى أهل ذمة ويلزموا بأحكام الصغار أو يستمر القتال، أما من لم يكن مثلهم من المسلمين فإنه يستتاب وإلا فيجب قتله إذا ما أصر على البقاء على مذهبه البدعي، وهو بذلك في نظرهم أسوأ حالاً من أهل الكتاب، وبالتالي فإن تسلط مثل هذا المذهب بكافة صوره يعني القضاء على كل المسلمين الآخرين وهم الأغلبية الساحقة في أي بلد تسلطوا عليه، فهل الإسلام الحقيقي يدعو إلى ذلك فعلاً؟ كلا بكل تأكيد، ولكنهم يؤمنون إيمانا لا يتزعزع بأن لديهم الإسلام الحقيقي، فالعلمانية هي النظام الوحيد الذي يمكن أن يحمي المسلمين وسائر البشرية من شر هؤلاء الهمج المجرمين المتوحشين، وهي التي ستوفر المجال للحوار وتبادل الآراء وإيجاد حالة من الرقي والحضارة تسمح للجميع بالتخلي عما يفرقهم والاهتداء إلى دين الحق والعمل به.
وعلى المسلمين في المجتمع العلماني أن يكونوا أمة واحدة، ولا يوجد في مجتمع كهذا ما يحول بينهم وبين ذلك، والنظام العلماني هو الذي يسمح بأن يتفق الجميع سلمياً على دستور أو ميثاق يحفظ للجميع حقوقهم ولا يسمح لطائفة بالعلو والتطاول على الآخرين لأسباب لا يعترف الآخرون بها أو لا يرون أنها مبرر لحرمانهم من حقوقهم، فالنظام العلماني يلزم الهندوسي الذي يعبد البقرة في الهند مثلاً بأن يحترم حقوق المسلم الذي يأكلها، ولا بديل الآن إلا حروب أهلية دموية ومجازر متبادلة، وفي العراق مثلاً لا يمكن أن يتعايش الشيعي الذي يتطاول على جل (الصحابة) مع السني الذي يكاد يتخذهم أربابا، ولا يمكن أن يتعايش العربي الذي يؤمن بتفوقه العنصري مع الكردي الذي يريد الأخذ بثاراته القديمة والاستقلال بوطن، فلا بديل لهم هناك عن نظام علماني حقيقي.
-------
إنه في العصر الحديث حيث لا مفر من وجود الدولة العلمانية يجب أن تتفق كافة طوائف الشعب على مرجعية واحدة تتضمن مجموعة من المبادئ المتسقة فيما بينها يمكن العودة إليها واستمداد القوانين وآليات التعامل منها وتتجسد في دستور يمثل ما هو متفق عليه من المبادئ.
------------
إن العلمانية الصحيحة تحترم الأديان والمذاهب، فهي لا تمنع الفرد إطلاقا من الإيمان بالله، ولا أن يعتنق ديناً معينا ولا أن يلتزم به، ولا أن يظهر ذلك أو يعلنه بطريقة أو بأخرى، بل إنها لا تمنعه حتى من الدعوة إلى دينه. كذلك توفر للفرد الحرية في تربية أطفاله حسب معتقده، فهي تبقى كل فرد حراً في الانتماء إلى دينٍ من اختياره، وهي تتصدى للإكراه في الدين وتحرمه، وهي لا تمنع الفرد من التعبير عن انتمائه هذا أمام الملأ، ما دام هذا التعبير لا يضر بحرية الآخرين ولا ينتهك القانون ولا يهدد النظام العام، وهي لا تمنع المؤمن من المشاركة في الحياة الجماعية التي تفرضها عليه صفته كمواطن، ولا تنال من حقوقه الأساسية بحجة انتمائه إلى دين معين، وعلى المجتمع الإسلامي في أية دولة أن يعمل على تحقيق مقاصد الدين بالقيام بأركان الدين على أن يحسن الموازنة بين الأمور وأن يعلم أنه غير مكلف إلا بما هو في وسعه.
والمسلم الذي لا يرى بديلاً في الظروف الراهنة عن النظام العلماني حكمه حكم المضطر، وهو يؤمن إيماناً تاماً بأن حكم الله هو الأحسن لقوم يؤمنون وبأن الحكم لله، فهذا المسلم هو أشرف وأفضل من سدنة ومؤسسي المذهب السني الأرثوذكسي الذين جعلوا من قواعد مذهبهم الخضوع المطلق لكل من قهر الأمة بسيفه وإن طغى وبغى وفسق وجار وأفسد في الأرض وألزموا كل مسلم بألا ينام إلا وهو يراه إماماً عليه وإلا فإنه يكون قد خلع الربقة وفارق الملة، ويلاحظ أن كل طوائف المذهب السني على اختلافهم حتى في أمور العقيدة قد أجمعوا على ذلك، وإلى هؤلاء هذا السؤال: لماذا يكون الولاء لمتسلط فاسق فاجر ظالم فاسد أمراً واجباً لا تجوز مخالفته لمجرد أنه يسمي نفسه خليفة يمكن أن تنعقد له البيعة بفردين في حين تحرم طاعة قائم بالأمر مسلم يحكم بالعدل ويقوم بالقسط ويحترم القانون وهو منتخب من أغلبية الناس لمجرد أنه يسمي نفسه رئيسا أو لأن نظام حكمه نظام علماني؟ سيقولون إنه يسمح بمظاهر الفسق في المجتمع ويسمح بتعاطي الخمور والاتجار بها ولا يطبق العقوبات الشرعية، ولكنكم أنتم الذين سمحتم بأن يكون المتسلط نفسه فاسقاً جائرا فلم يحدث على مدى التاريخ أن حوكم خليفة أموي أو عباسي بسبب الجرائم الكبرى التي اقترفها في حق الدين أو في حق الأمة، ولقد عاش معظم الخلفاء العباسيين والأمويين يتقلبون في أوحال الدنيا ويفسدون في الأرض ويسفكون الدماء، ولقد زعم شويخص من أئمة اللاسنة -الذي ربما لا توجد كلمة في القاموس لوصفه- أن الأصل في أفعال الإمام (أي الخليفة الأموي أو العباسي) العدالة، وعلى من يزعم خلاف ذلك أن يأتي ببينة، وكان ذلك في سياق دفاعه عن زعيم أهل البغي، لقد زعم هذا الشويخص لكل متسلط الإمامة وزعم له ما يفوق ما زعمه فرعون لنفسه.
------------
إن العلمانية الصحيحة لا تلزم المرء بأن يكون ملحداً في حياته العامة ولا تتخذ من الإلحاد عقيدة رسمية للدولة، ولكنها تجعل الجميع متساوين أمام القانون، فلا يأخذ أحد حق غيره بسبب انتمائه الديني إلى عقيدة القائمين على الأمر أو الأغلبية من المواطنين.
------------
من نقاط الالتقاء بين الإسلام وبين العلمانية:
1-                الإسلام ليس فيه كهنوت يزعم سدنته لأنفسهم حق التحدث نيابة عن الله أو حق تقرير مصائر الناس، فيدخلون من يشاءون الجنة ويحرمونها على الآخرين،  فمدار ذلك على العقيدة الخالصة والعمل الصالح، وليس المشتغلون بالعلوم ذات الصلة بالدين إلا معلمين ومرشدين مثل غيرهم في سائر العلوم، والأمر متروك بعد ذلك لمن شاء أن يستفيد أو لا يستفيد بالتطبيق، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وقد يكون المتعلم أقرب إلى اللّه من معلمه، والكل مأمور بالتزام الطريق المستقيم الذي رسمه اللّه لهم جميعا، فما دامت العبادة للَّه وحده فهو وحده الذي يقبل منها ما يشاء.
2-                الإسلام ليس فيه سلطة مقدسة مستمدة من سلطة اللَّه، وليس في البشر من هو معصوم من الخطأ، إلا من اصطفاه اللّه لرسالاته، والسيادة في نظامه إنما هي لقوانين الدين أو لما يسنه أولو الأمر من قوانين متسقة معه، فكل شيء فيه اختلاف رأي يرد إلى اللَّه والرسول، وليس في الإسلام عائلات مقدسة ولا أبناء لله، والحكم في النظام العلماني هو أيضاً للقانون، ولا يستمد أي قائم بأمر أية سلطة لأسباب غير متفق عليها أو غير مرتضاة من الناس. 
3-                لا رهبانية في الإسلام، بل إن الإسلام يقرر أن الرهبانية عند أهل الكتاب مبتدعة، فالإسلام يمقت الرهبنة التي تعطل مصالح الدنيا، ويجعل النشاط الذي يبذل لتحقيق هذه المصالح من أركانه وعناصره، فهو دين يجعل من إصلاح أمر الدنيا وسيلة للنجاة وللدرجات العلى في الآخرة.
4-                عقائد الإسلام ليست فيها خرافات ولا أباطيل، وليس فيها ما يستطيع أي عقل أن يقطع ببطلانه، والإسلام لا يمنع الناس من استعمال عقولهم وإنما يأمرهم بذلك ويندد بمن لا يفعلون ذلك، واستعمال العقل للنظر في الآيات الكتابية والكونية هو ركن ديني ملزم.
5-                الإسلام يقدس العلم، ويجعله قيمة في ذاته ومناطاً للتفاضل بين الناس وسبباً لارتفاع الدرجات في الدنيا والآخرة، ولقد أوجب على الناس النظر في الظواهر الكونية والتاريخية لمعرفة سننها، وهو دين الحق الذي لا ينحاز أبداً إلي وهم أو باطل أو ظن أو تراث أسلاف أو أي أمر غير موضوعي.
6-                الإسلام دين تقدم وتطور وحضارة، فهو يرفض الأساليب الخرافية وغير الموضوعية كاتباع الآباء والظنون والأهواء، وهو ينهى عن الجدال في الحق بعدما تبين، وهو لا يقبل بالقديم على علاته فهو ينهى عن التبعية المطلقة في الفكر كما يأمر بالاعتبار وترك السلوك الذي يظهر بطلانه، بل يقرر أن اللّه يبعث مجددين على رأس كل قرن يعيدون النظر في المعطيات الدينية ويجتهدون للناس فيما استجد من أمور.
------------
إن من أبرز سمات العلمانية العقلانية والتقدمية، والمقصود بالعقلانية رفض الاتجاهات غير الموضوعية والخرافية والماضوية ورفض الاستناد إليها لتفسير وقائع التاريخ أو التنبؤ بوقائع المستقبل أو اتخاذ القرارات في الحاضر، والجانب الإيجابي منها هو الاحتكام إلى المنطق والمناهج العلمية في معالجة الأمور المذكورة، أما التقدمية فتتضمن رفض الاتجاهات السلفية الماضوية أيضاً والإقرار بأن معارف الإنسان التفصيلية قابلة لأن تتضاعف وأن تتحسن وأن الماضي ليس أفضل بالضرورة من الحاضر مع التسليم بوجود عصور ذهبية في الزمن الماضي حدثت فيها طفرات في مجالات متعددة، وعلى رأس هذه العصور بالطبع تلك التي ظهر فيها الرسل.
ورفض التسلط الكهنوتي هو من أبرز سمات العلمانية بل ربما كان سمتها الأبرز والمسبب لوجودها أصلا، فلا يجوز السماح للكهنوت بأن يتسلط على الناس ولا أن يزاحم سلطات الأمة في مجالات عملها، ولا يجوز السماح للمؤسسات المحسوبة على الأديان بالتدخل فيما هو خارج اختصاصها.
------------
إن للعلمانية بلا شك صورها العديدة التي طُبِّقت بدرجة أو بأخرى في دول عديدة، فأشدها تطرفاً هو العلمانية التي تعادي الدين وتهدف إلى القضاء عليه، وتلك العلمانية يجب التعامل معها ومع دعاتها بحزم، فما هم إلا شياطين الإنس، وهم لا يريدون بأوطانهم خيراً، ويليها في التطرف العلمانية التي تهدف إلى فصل الدين عن الحياة العامة، ولا يجوز التهاون في أمر علمانية كهذه ولا في أمر دعاتها، وهناك العلمانية التي تهدف إلى فصل الدين عن السياسة بمعنى أنها تريد أن تمنع أن ينشأ أي حزب على أساس ديني أو أن يتضمن برنامج أي حزب أية إشارة إلى الدين، وهذه الصور لا تظهر بصورة فجة إلا في البلدان ذات الأغلبية المسلمة وكلها ليست إلا محاولات للقضاء على الإسلام، أما آخر صور العلمانية فهي التي تهدف إلى فصل الدين عن الدولة، وهي للأسف الصورة المقبولة الآن بحكم الأمر الواقع وبالنظر إلى الحالة السيئة والمتردية للمحسوبين على الإسلام.
------------
إن القبول بنظام علماني يقوم بالقسط ويحكم بالعدل ويحقق النهضة والتقدم ولا يضيق بحرية الفكر والرأي ويقدس حقوق الإنسان ويحمي كرامته هو أفضل من القبول بحكم متسلط فاسق جائر فاجر ظالم يجلد الظهور ويسرق الأموال ويسمي نفسه بالسلطان أو الخليفة ويحشد مئات وربما آلاف الجواري والغلمان في قصره.
ولقد عاشت الأمة على مدى حوالي أربعة عشر قرنا تقبل بأن يحكمها أمثال هؤلاء بغير ما أنزل الله ولقد ارتضت ذلك وألزمها رجال دينها بالرضا بذلك، ولقد صيغ المذهب السائد ليجعل من ذلك عقيدة من لم يقبل بها يخلع الربقة ويفارق الأمة ويمرق من الدين، ونفس رجال الدين يقولون الآن إن العلماني كافر لأنه ارتضى الحكم بغير ما أنزل الله بينما هم يسبحون بحمد بعض الملوك والطغاة الذين يحكمون الناس بالفعل بغير ما أنزل الله، إنه يجب أن يعلم كل مسلم أن ما أنزل الله هو أوامر مشددة بأداء الأمانات إلى أهلها وإلى الحكم بالعدل والقيام بالقسط، تلك هي أقوى وأوجب الأوامر فيما يتعلق بالعلاقات بين الناس، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }النساء58، {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90، {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحديد25، {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ }الأعراف29، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }المائدة8، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }النساء135، وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الحجرات9.
فالأوامر الواردة في هذه الآيات هي ملزمة لكل الناس وملزمة بصورة أشد للقائمين على الأمور، أما سدنة المذهب السني فعاشوا على مدى القرون يهللون لخليفة لص لأنه قطع يد فقير معدم سرق نصف دينار أو لأنه سفك دم إنسان مخلص لأنه جهر بحبه لله أو طالب بتحقيق العدل.
------------
يقولون إن العلمانية تعني أن يعتقد الإنسان أنه غير ملزم بالخضوع لأحكام الله في كل نواحي الحياة، ولكنهم هم الذين ألبسوا انتهاك المتسلطين لأحكام الله ثوب الشرعية وأعطوا هؤلاء المتسلطين كل الشرعية لسفك دماء من خرج عليهم وزعموا لهم أن هؤلاء هم المفسدون في الأرض، بل إنهم أعطوا المتسلط المجرم حق القضاء على ثلث الأمة ليبقى في زعمهم الآخرون.
------------
إن البعض يريد أن يحمِّل العلمانية مسئولية ما شاع في بلاده من مظاهر الفسق والفجور ونقص الدين وضعف الإيمان، ذلك رغم أنهم يعتبرون أن نفس هذه الأمور هي التي أدت إلى انهيار الأمة الإسلامية وتخلفها وتمكن أعدائها منها، ألا ليت هؤلاء يرجعون إلى كتب التاريخ المعتبرة ليروا كيف كانت أحوال المسلمين قبيل قدوم الغربيين، إنه لولا قدوم الغربيين لهلك المحسوبون على الإسلام بسبب جهلهم وتخلفهم وعدم قابليتهم للتطور الحضاري.
------------
إنه لا يجوز أن يحمِّل المتأسلمون العلمانية المسئولية عن الحالة المتردية للمحسوبين على الإسلام، ويجب أن يعلموا أن المتسلطين عليهم لا هم لهم إلا التسلط عليهم تحت أي شعار، فلم يكن السادات ولا مبارك ولا القذافي ولا الأسد ولا صدام ولا غيرهم يفقهون في العلمانية شيئا مثلما لم يكن الولاة العثمانيون ولا السلاطين الأمويون والعباسيون يفقهون في الدين شيئا، بل إن من هؤلاء من تحالف مع شر المذاهب المحسوبة على الإسلام والتي يعتنقها المتأسلمون واستغلهم للبطش بخصومه، إن الحالة المتدهورة للشعوب هي التي تفرز تلك النوعية من الطغاة المستبدين الذين سيعملون بالضرورة وربما دون وعي منهم على تكريس وترسيخ الأوضاع التي أدت إلى ظهورهم وتسلطهم، ولذلك كان دفع الناس بعضهم ببعض من السنن الكونية، فعندما كان الداخل يعجز عن التخفيف من وطأة القهر والظلم كان الحل يأتي من الخارج.
------------
يقول بعض السلفية: "إن المطالِب بالعلمانية أو بالمجتمع المدني بسبب استبداد وجور المتسلطين إنما يفر من الظلم إلى الكفر"، ولو أنصفوا لقالوا إنهم يفرون من الدرك الأسفل من النار إلى مجتمع العدالة والحرية، فهؤلاء المطالبون يبحثون للأمة عن مخرج ليس من الظلم فقط وإنما من النفاق والجهل والتخلف ومن الهزيمة وفقدان الكرامة ومن تلاشي أي أمل في تحقيق إصلاح أو نهضة حقيقية، والمنادي بالمجتمع المدني ليس كافراً بالضرورة كما أن المتمسك بالسلفية المتحجرة ليس مؤمناً بالضرورة، وهو إما أن يكون جاهلا متخلفاً مضللا وإما أن يكون منافقا، والحل الذي يقدمه السلفية هو استمرار دعوة المتسلطين إلى إصلاح أخطائهم والصبر على ظلمهم وجورهم، ولكن لقد صبرت الأمة كما لم تصبر أمة من قبل ولا من بعد، والحق هو أن النهج السلفي يتضمن اتخاذ القرءان مهجوراً واستبعاد أركان الدين الكبرى ومقاصده العظمى في سبيل ألا يتم المساس بأي متسلط ولو كان قد قبر من زمن بعيد أو لو كان مازال في ضمير الغيب، إنه لو كان المراد تلخيص المقصد الأعظم للمذهب السني السلفي في عبارة واحدة لكانت هي: "ضرورة خضوع الأمة مطلقاً لكل من قهرها وإن فسق وفجر وجلد الظهور وقتل طالما ترك السلفية يفعلون ما يشاءون أو طالما سمى نفسه بالخليفة"، ولا غرابة في ذلك فلقد وُضِع هذا المذهب أصلاً لإعطاء الشرعية لمعاوية ومن على شاكلته ومنع الناس من المساس به في حياته أو بعد مماته، ومازال السلفية باقون على هذا العهد.
-------
إن العلمانية تتفق مع دين الحق في ضرورة فض الاشتباك والتحالف المعلن أو الخفي بين القائمين علي الأمور وبين المؤسسات الكهنوتية، وكذلك في ضرورة فض الاشتباك بين الدين وبين المؤسسات التي تتكسب به بطريقة أو بأخرى، إنه يجب فصل الدين عن الدولة، ذلك لأن الدين لا يعني الآن بالنسبة لأكثر الناس إلا ما يقوله رجال الكهنوت وسدنة المذاهب وما توارثوه من مذهب صيغ في عصور الجهل والاستبداد والتخلف ويريدون له السيطرة الدائمة علي الناس مهما تبين للكل عواقبه الوخيمة عليهم.
-------
العَلمانية تعني اصطلاحاً فصل المؤسسات الدينية عن السلطة السياسية، فهي لا تسمح للمؤسسات الكهنوتية بالتدخل في إدارة الدولة، وتكفل عدم قيام الدولة بإجبار أي أحد على اعتناق وتبني معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية، كما تكفل الحق في عدم اعتناق دين معيّن وعدم تبني دين معيّن كدين رسمي للدولة، فهي لا تعطكي أية مزايا مجانية لأتباع دين أو مذهب معين.
وفي ظل وجود وسيطرة المذاهب الضالة الجهولة المتناحرة التي حلَّت محل الإسلام فإن العلمانية هي الأفضل، فهي البيئة التي تحمي أتباع دين الحق والمجتهدين والمصلحين من تسلط وعدوان قوى التخلف والجهلوت العاتية.
وبمعنى عام فإن هذا المصطلح يشير إلى الرأي القائل بأن الأنشطة البشرية والقرارات وخصوصًا السياسية منها يجب أن تكون غير خاضعة لتأثير المؤسسات الدينية.
-------
إن المقصود بالمدنية أن تكون منظومة المبادئ السائدة وكذلك القوانين التي تنظم العلاقات بين العناصر المكونة للشعب وفقاً للتراضي والاتفاق العام بين كل تلك العناصر؛ فهي لا تكون علاقة قهر وتسلط وإلزام أحد الأطراف بأحكام الصغار ولا معاملة أفراد أحد الأطراف كمواطنين من الدرجة الثانية، وأسمى صور المدنية هي ما يكون تمثيلاً وتجسيداً للمنظومة المعنوية الإسلامية.
والمدنية بذلك ستستوعب أفضل ما في العلمانية، فهي ستحمي المسلمين مثلاً من خطورة التناحر المذهبي ومن خطورة تسلط أتباع أحد المذاهب، وهي ستحمي الجميع من تسلط الأجهزة الكهنوتية.
-------
يزعم السلفية أن ما يواجه العالم المسمي بالإسلامي من مشاكل هو بسبب سيادة النظم المسماة ظلماً بالعلمانية، فهل كان هذا العالم عزيزاً قوياً غالبا قبل أن يعرفوا أصلا تلك الكلمة؟ وهل النظم السلفية أفضل حالاً من النظم المحسوبة على العلمانية، وهل كانت العلمانية هي السبب في كل ما حاق بالنظم المحسوبة عليها من هزائم ونكسات، ولماذا لم تتقدم النظم السلفية لسحق أعداء الإسلام؟ بل لماذا تآمروا مع أعداء الأمة ضد تلك النظم المسكينة التي حاولت أن تتصرف بنزاهة وشرف وتتصدى لمن اعتدوا على شرف الأمة؟ ولماذا لم يضعوا أبداً خطة جادة للثأر للأمة واستعادة حقوق أبنائها الذين هم إخوانهم في الدين والعروبة؟ ولماذا لا يظهرون شراستهم إلا ضد من خالفهم من المسلمين؟ إن الأمة ليست بحاجة إلى دروس من السلفية ولكنها أحوج إلى أن يكفوا عنها شرهم، وإذا كان سدنة السلفية يتذرعون بأن مذهبهم يلزمهم بالخضوع لمن تسلط عليهم وإن فسق وظلم وفجر وقتل ثلث الرعية فليس ثمة فيه ما يمنعهم من أمر هؤلاء بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وهم يعلمون جيدا أن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.


*******