الاثنين، 31 أكتوبر 2016

موقف الدين السلفي من المسلمين الآخرين 1

موقف الدين السلفي من المسلمين الآخرين 1

يتميز أتباع الدين السلفي بعقيدتهم ومواقفهم العدوانية الإجرامية الشرسة تجاه المسلمين الآخرين، وهم يعتبرونهم (أكفر من اليهود والنصارى)، لذلك قد يقبلون بوجود اليهود والنصارى مع إلزامهم بأحكام الصغار والذلة والهوان، ولكنهم لا يعترفون بحق الوجود لمسلم آخر اختلف عنهم.
وقد أثبتوا في هذا العصر عندما أتيح لهم المجال أنهم ألد أعداء شعوبهم وأوطانهم والمسلمين الآخرين، وأنهم على استعداد للاستعانة بشياطين الإنس والجن للقضاء عليهم وتدمير بلادهم.
*****
قال ابن حنبل: "وقبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة، وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة، فُسَّاق أهل السنة أولياء الله، وزهاد أهل البدعة أعداء الله"، فمن أين لهذا الابن الحق في تقرير أمور غيبية كهذه؟ وكيف يجعل الفساق أولياء لله، وكيف يعطي لنفسه الحق في أن يجعل الله سبحانه يتولى الفاسقين وقد ندد بهم في كتابه؟ وأين هو النص من كتاب الله على ذلك؟ وكيف يتقول على الله بمثل هذه الجرأة؟ وكيف تكون قبور أهل الكبائر روضة، وهل يضمن هو لنفسه أن يكون قبره روضة؟ وثمة مرويات تؤكد أن بعض (الصحابة) كانوا يعذبون في قبورهم فيما ليس بكبيرة، وهل مجرد تقليد ابن حنبل يضمن لصاحبه الجنة؟ وهل يضمنها ابن حنبل لنفسه حتى يضمنها لغيره؟ ومن العجب أن يغلو السلفية في أمر من يعدونهم أئمتهم وأن يحذوا حذوا من نددوا بهم من أتباع المذاهب الأخرى، إن انهيار هذه الأمة لم يأت من فراغ بل كانت له أسبابه الموضوعية.
ولقد أشار هذا الابن على الخليفة أن يستعين باليهود والنصارى ولا يستعين بأهل الأهواء والبدع ويقصد بهم من خالفه هو من المسلمين!!!!!!، ولقد تمسك السلفية بتلك المشورة وعضوا عليها بالنواجذ.
ولقد قال الفضيل بن عياض: "لأن آكل عند اليهودي والنصراني أحب إليّ من أن آكل عند صاحب بدعة، فإني إذا أكلت عندهما لا يقتدى بي، وإذا أكلت عند صاحب بدعة اقتدى بي الناس"، إنه لا يحتاج إلى الاقتداء بمثل هذا الفضيل أو بالأحرى الضليل إلا كل من كان حريصا على الضلال والهلاك.
وقال آخر: "واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم، وأنا بفضل الله عز وجل ومنّه متبع لآثارهم –أي لآثار أهل السنة- مستضيء بأنوارهم ناصح لإخواني وأصحابي أن لا يزلقوا عن منارهم ولا يتبعوا غير أقوالهم ولا يشتغلوا بهذه المحدثات من البدع التي اشتهرت فيما بين المسلمين، والمناكير من المسائل التي ظهرت وانتشرت ولو جرت واحدة منها على لسان واحد في عصر أولئك الأئمة لهجروه وبدعوه، ولكذبوه وأصابوه بكل سوء ومكروه، ولا يغرّن إخواني حفظهم الله كثرة أهل البدع ووفور عددهم فإن وفور أهل الباطل وقلة عدد أهل الحق من علامات اقتراب اليوم الحق"، وهذه المقولة مما يثبت أن سدنة هذا المذهب هم من أكابر أعداء الجنس البشري وحقوق الإنسان وأنهم أكبر فتنة ابتلي بها المسلمون والإسلام، فمقولة هذا الشخص تبدأ بالكذب وتنضح بالغل وسوء الخلق وتحرض على الشحناء وتحث على البغضاء وتأمر بتمزيق شمل المسلمين، ولو تلقى هذا الشخص ولو شيئاً قليلاً من تزكية النفس لخفف من غلوائه ولتخلص من بعض سوء خلقه، وهو هاهنا يتكلم في حالة ضعف اعترتهم لأي سبب من الأسباب، ولقد أرجع ذلك إلى اقتراب يوم القيامة؟؟!! ولو كانوا هم الأغلبية لقالوا إنهم هم السواد الأعظم الذي يجب الانضمام إليه، إنه حتى لو كان هذا المهرج المبطل محقاً لوجب عليه أن يدعو إلى ما يؤمن به بالحكمة والموعظة الحسنة، ولكن لما كان السلفية واللاسنية قد استبعدوا أصلاً أركان الدين الجوهرية من الدين ومنها ركن تزكية النفس فإنهم لم يتمكنوا أبداً من اكتساب مكارم الأخلاق وظلوا على همجيتهم ووحشيتهم واستهانتهم بحقوق وكرامة من خالفهم.
*****
قال أحد أعلام أهل اللاسنة: "وإذا رأيت الرجل من أهل السنة رديء الطريق والمذهب، فاسقاً فاجراً صاحب معاص ضالاً وهو على السنة؛ فاصحبه، واجلس معه، فإنه ليس يضرك معصيته، وإذا رأيت الرجل مجتهداً في العبادة متقشفاً محترقاً بالعبادة صاحب هوى، فلا تجالسه، ولا تقعد معه، ولا تسمع كلامه ولا تمش معه في طريق، فإني لا آمن أن تستحلي طريقته؛ فتهلك معه"، فهذا السني يوصي الناس بمصاحبة الفسقة الفجرة العصاة الضالين طالما كانوا على مذهبه ويوصي باجتناب العابدين المتقشفين إذا كانوا من أتباع أي مذهب آخر، وإذا كان المذهب لم يفلح في تزكية نفس الإنسان فما هي جدواه، وما هو المقصود من الدين أصلا؟ ألا يعلم هذا السني أن الله سبحانه قد توعد الفجار والفاسقين والعصاة الضالين؟ أما من التزم بنصيحة هذا السني وكان حريصاً على مصاحبة الفسقة الفجار فسيضل مثلهم وسيكون مصيره النار، إن مصاحبة أمثال هؤلاء تقوض كافة مناهج تزكية النفس في أي دين من الأديان، إن أمثال هذه الاتجاهات هي التي قوضت بنيان الأمة.
وقال (إمام) سلفي لا سني آخر لابنه: "لأن تلقى الله يا بني زانيا فاسقا سارقا خائنا، أحب إليَّ من أن تلقاه بقول فلان وفلان"، وهكذا يتواصى سدنة المذهب السلفي باللدد في الخصومة مع كل مسلم لم يتفق معهم ويقوضون ركن وحدة الأمة، إن مثل هذه الأقوال لمما يبيـِّن استحالة التعايش السلمي بين أتباع المذاهب المحسوبة على الإسلام وعلى أنهم قد فرقوا الدين ومزقوا الأمة، لذلك لا عجب أن يتحالف بعض أتباع المذاهب مع ألد أعداء الأمة ضد المذاهب الأخرى.
*****
من المعلوم أن أكثر العالم الإسلامي اليوم هم من أتباع المذاهب الأربعة (الفقهية) وأتباع العقيدة الأشعرية والماتريدية، ومع ذلك رفض بعض السلفية المعاصرين فتوى سلفية آخرين في اعتبار الأشعرية والماتريدية من أهل السنة أي من الفرقة التي يظنون أنها ناجية، وقالوا: "إن الحق الذي لا مرية فيه أنهم من طوائف أهل البدع، ولا يجوز لأحد أن يقول إنهم من أهل السنة، ومن زعم أن هاتين الطائفتين من أهل السنة والجماعة فإنه قد أقحم نفسه في خطأ فادح  وخطر فاضح، وسيسأل يوم القيامة عن قيله قبل أن يُفرَج له عن سبيله"، كما أنهم حملوا عليهم لأنهم جوزوا التعاون مع أهل البدع على البر والتقوى وهذا مخالف لهدي السلف مع أهل البدع كما تقدم ذكره إذ الأصل العداء والبعد عنهم وقالوا عنهم: "إنهم خلطوا وقاسوا قياساً فاسداً وذلك أنهم قاسوا التعاون مع عموم الأشاعرة بالتعاون مع الحاكم وولي الأمر المبتدع كأن يكون أشعرياً، والشريعة فرقت بين ولاة الأمر وعامة الناس، ومعتقد أهل السنة كما في كتب الاعتقاد أن يقاتل  ويصلى مع ولاة الأمر ولو كانوا فجاراً مبتدعة وهذا ما لا يكون مع عامة الناس"، أي إنهم يجيزون التعامل مع الحاكم ولو كان أشعريا ولا يجيزون التعامل مع الرعية الأشعرية!!!! وهذا بالطبع يكشف حقيقة مذهبهم الذي يلزم الناس بالخضوع المطلق لأي متسلط ولو كان فاجراً فاسقاً، ولقد قاسوا على ذلك أنه يمكن الخضوع له لو كان أشعرياً!!! فمذهبهم هو الخضوع المطلق للمتسلط القوي ولو كان فاسقاً ظالماً فاجراً أو من أتباع مذهب هو في نظرهم ضال محدث مع تسويغ البطش بالناس العاديين إذا كانوا من أتباع هذا المذهب، وهم كالعادة يتقولون على ربهم ويزعمون أنه لن يفرج عن أحد يوم القيامة إلا بعد التأكد من أنه لا يقول بأن الأشعرية والماتريدية من أهل السنة!!!!!!!!!!
*****
ما هو سرّ عداء السلفية الرهيب للشيعة والذي لم تكنّ طائفة دينية مثله لطائفة أخرى على مدى التاريخ؟ ما الذي يجعل السلفي يود لو فجَّر نفسه في مسجد يصلي فيه الشيعة؟ ألا يؤمن الشيعة بالله تعالى؟ ألا يؤمنون بكتاب الله ورسوله؟ ألا يؤمنون بكتب الله ورسله واليوم الآخر؟
السرّ هو أن الشيعة كفروا بالآلهة الحقيقيين للمذهب السلفي وانتقدوهم وربما لعنهم المتطرفون منهم، أما أركان الإيمان التي ذكرت في القرءان وأجمع عليها كل المحسوبين على الإسلام فلا وزن لها مقابل كفر الشيعة بآلهة السلفية الحقيقيين.
ومما يزيد من حقد السلفي وغله ويضاعف من أمراض قلبه أنه لا يستطيع أن ينال من أئمة الشيعة المقدسين عندهم ولا يستطيع أن يجهر بعدائه لأهل بيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ.
من المضحك المبكي أن السلفية يعتبرون كل قول يوافق قولهم صدر عن أي شخص منهم في الماضي حجة يمكن الاستناد إليها، لذلك فأكثر كتبهم وحججهم غثاء لا يجوز أن ينشغل أحد به.
من قواعد السلفية عداء أهل المُحدَثات، وتلك المحدثات هم وحدهم الذين يقررونها، ومن العجيب أن أسس مذهبهم وجل مصطلحاتهم هي في الحقيقة مجموعة من المحدثات.

*******


السلفية والخضوع المطلق للفاجر المتغلب

السلفية والخضوع المطلق للفاجر المتغلب

يقول سدنة الأديان السلفية والسنية: "إن من غلب المسلمين بالسيف حتى صار خليفة وسُمِّي بأمير المؤمنين لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماما عليه، برًّا كان أو فاجرا فهو أمير المؤمنين"، وتلك القاعدة لا تصلح إلا لانتخاب زعيم عصابة من الأفاقين المجرمين، وقد يضطر الإنسان لطاعة متسلط مجرم اتقاءً لشره، ولكن ما هو النص أو حتى المبرر الإنساني الأخلاقي الذي يحرِّم عليه أن يبيت إلا من بعد أن يعلن إيمانه بأن هذا المتسلط هو بالفعل إمام عليه؟ وهل يوجد أي دين أو مذهب على وجه الأرض إلا الدين السلفي والسني يلزم الناس بمثل هذا الخضوع المطلق والغريب لمن غلبهم بالسيف؟ وهل يمكن القبول بمثل ذلك لأمة هي حاملة رسالة الحق للعالمين، وكيف تكون الإمامة أصلاً لظالم أو فاجر؟ وتنص عقيدة السنة على أن الجهاد ماض وراء كل أمير برا كان أو فاجرا، ولكن ما جدوى الجهاد لنشر دين يتولى أمور معتنقيه فاجر؟؟
ويقولون: "المسلمون لا بد لهم من إمام يقوم بتنفيذ أحكامهم وإقامة حدودهم وسد ثغورهم وتجهيز جيوشهم وأخذ صدقاتهم وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطرق وإقامة الجمع والأعياد وقطع المنازعات الواقعة بين العباد وقبول الشهادات القائمة على الحقوق وتزويج الصغار والصغائر الذين لا أولياء لهم وقسمة الغنائم ونحو ذلك من الأمور التي لا يتولاها آحاد الأمة"، إن أهل المذهب السائد يظنون أن كل الأمور يجب أن توكل لفرد واحد ولا يتركون مكاناً لمؤسسات الأمة، وبذلك يعلقون مصير الأمة بإمكانات فرد واحد ويختزلون الأمة في فرد واحد،
أما المهام التي ناطوها بهذا الإمام فكانت مبلغهم من العلم وعنوانا لمدى انحطاطهم وتخلفهم، وهي تبين كيف أن الإنسان يظل أسير عصره ولا يمكن بسهولة أن يتجاوزه، كما تبين مدى الجهل والتخلف الذي آل إليه أمر الناس بعد اختزال وتحريف الدين، وهم بالتالي لم يخطر ببالهم أن من مهام الإمام القيام بالقسط والحكم بالعدل والدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعمير الأرض ورعاية أمور التعليم والزراعة والصناعة والتجارة وتشجيع البحث في الأنفس والآفاق وإقامة علاقات سلمية مع الأمم الأخرى وتشجيع التعارف بين الشعوب والقصاص للناس من نفسه وحمايتهم من شره وشر المتكسبين بالانتساب إليه....، أما مسألة قسمة الغنائم فتبين أنهم عاشوا يظنون أن الاعتداء على الآخرين هو مصدر رزق ومورد اقتصادي دائم من موارد الدولة بل هو المورد الرئيس، وكان ذلك لأنهم كانوا يؤمنون أن ديار من جاورهم من الأمم هي دار حرب لابد من غزوها وقهرها طالما كان ذلك ممكنا، ولا يجوز التوقف عن ذلك إلا لضعف طارئ، وهذا بالطبع مجرد اتباع لسنة الجاهلية بعد تضخيمها وفرضها على الدين، بل لجعلها هي الدين، فلقد حوَّل القرشيون والأعراب والأمويون والعباسيون الدين إلى وسيلة للتسلط على الناس وأيديولوجية للعدوان والتوسع العسكري الاستيطاني في أراضي الآخرين مع الاحتفاظ ببعض الأمور العملية المجردة من معانيها ومضامينها.
******
إن سدنة السلفية والسنية لا يشترطون في الإمام إلا أن يقهر الأمة بسيفه وأن يقرهم هم على ما هم عليه، فهم لم يطالبوه بالقيام بأي ركن من أركان الدين الملزمة له كفرد والملزمة له كقائم بالأمر، بل أجبروا الأمة على الخضوع المطلق له مهما ساءت حالته وانعدم تأهيله وحتى لو بلغ الغاية في الفسق والفجور وحتى لو جلد الظهور ونهب الأموال وسفك الدماء وأفسد في الأرض، بل وحتى لو قتل ثلثي الأمة في قول المعتدلين منهم، وهم أيضا لم يبالوا بكيفية وصوله إلى السلطة، وهذا بالتالي يقطع الطريق حتى أمام التطور الطبيعي للأمة، وهكذا لم تستطع الأمة طوال حوالي أربعة عشر قرنا أن تصل إلى صيغة إنسانية وفعالة وعادلة للعلاقة بين القائمين على الأمور وبين أفراد الأمة، ولم يقم على الأمر بالفعل إلا من استطاع قهر الأمة وقهر منافسيه، هذا في حين أن الشعوب التي كانت همجية في كافة أرجاء الكرة الأرضية قد تمكنوا من تحقيق ما فشل فيه المحسوبون على الإسلام من الحكم بالعدل والقيام بالقسط والنظر فيما في السماوات والأرض.
ولقد فضل ابن حنبل الإمام الفاجر القوي على الإمام التقي الضعيف دون أن يوضح للناس كيف يكون الإمام فاجرا أصلا!! ولكن بافتراض أنه إنما أراد القائم على الأمر فإن قوله خاطئ تماما، ولقد دفعت الأمة ثمن هذا التفضيل غاليا، أما انجلترا مثلا فلقد كان وجود ملوك ضعفاء من أسباب ازدياد قوة البرلمان وتضاعف سلطاته بحيث أنه عندما أتى ملوك أقوياء من بعد لم يستطيعوا تحدي سلطة البرلمان، وعندما حاول بعضهم ذلك أطيح برأسه وأصبح عبرة لكل ملك جاء من بعده، وزاد من قوة البرلمان عندهم أنه بعد انقراض السلالة الملكية الإنجليكية عندهم استوردوا ملكا بروتستانتيا من ألمانيا له صلة قرابة بالأسرة الحاكمة، وكان لا يفقه شيئا في الشؤون البريطانية، فازدادت قوة البرلمان.
وهكذا استطاعت قبيلة همجية صغيرة من الإنجلوساكسون أن تنهض ببلد صغير متخلف وأن تتفوق وأن تسود العالم في زمن وجيز بينما قضى الأعراب ومن بعدهم العثمانيون على البلاد التي كانت مهد الحضارة وأكسبوها مناعة شديدة ضد كل دواعي التقدم ومقوماته.
وإذا كان سدنة الدين السلفي والسني قد قبلوا بفجور المتسلط فهم أيضًا قبلوا بجهله طالما لم يسمح لمذهب يناقض مذهبهم بالوجود إلا وأتباعه ملزمون بما يشبه أحكام الصغار، وهكذا أصبح القائم على الأمر في حلٍّ من أي التزام أو مسئولية تجاه الناس، وهكذا أيضاً تشكل حزب قوي من الفجار الأقوياء الذين توارثوا التسلط على الأمة وأوقفوا تطورها حتى تداعت الأمم عليها.
لقد أطلق سدنة المذهب السني يد المتسلطين على الأمر في كل شيء وألزموا الناس بالخضوع المطلق لهم مهما كانت الوسيلة التي اتبعوها للوصول إلى السلطة ومهما كان مبلغهم من الجهل والفسق والفجور ومهما اقترفوا من الجرائم وسفكوا من دماء ومنها دماء أقرب أقارب المتسلطين أنفسهم، ولقد كان في وسعهم أن يلزموا الصمت وألا يسعوا إلى إضفاء الشرعية على مثل هذا التسلط، ولكن منذ أن فرض الكهنوت نفسه وتسلل إلى كيان الأمة في صورة علماء دين رسميين لم يعد هذا في مقدورهم ولم يعد في وسعهم إلا الاستمرار في لعب الدور المنوط بهم، ولم يعد في وسع أحد أن يتصدى للمتسلطين إلا أئمة الزهاد والمتصوفين، ولكن سرعان ما تم استيعاب التصوف أيضا وتدجينه، ولقد كان خوف الفتنة التي اعتبر أنها المفسدة الأعظم هو الحجة التي برر بها هؤلاء لغيرهم ولأنفسهم هذا السلوك المشين، ولكن السنن اقتضت أنه لن يتغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولم يكن من الممكن لنفس الآليات والأسباب إلا أن تعطي نفس النتائج وإلا أن تكرس الأسباب التي أدت إلى وجودها.
وهكذا بدلا من مطالبة من يسمونهم بالأئمة بإقامة الدين والقيام بأركانه وتحقيق مقاصده فإنهم اختزلوا الدين وحرفوه ليتوافق مع أهواء المتسلطين، وأصبح المتسلط غير مسئول وغير مطالب بشيء، أما الناس فقد أصبحوا مطالبين بكل شيء، بل وقد حرموا عليهم النوم إن شككوا في إمامة المتسلط وإمارته للمؤمنين، ونتج عن كل ذلك المذهب السني، ولقد حاول بعض الأئمة على مدى القرون التخفيف من غلواء الانحراف الذي شاب هذا المذهب ولفت نظر الناس إلى بعض أركان الدين الجوهرية التي أهملوها، ومن هؤلاء مثلاً الإمام الغزالي الذي فتح الباب للتصوف.
ورغم أن سلطات ما يسمى بالخليفة العباسي قد تقلصت حتى لم يعد له سلطان حتى على قصره الذي يقيم فيه فإنه كان لابد من وجود من يلعب دور المتسلط الفاجر المجرم الذي يجلد الظهور ويسفك الدماء وينهب الأموال، ولقد انتقل هذا الدور كاملا إلى من تسلط عليه هو من القبائل التي كانت تأتي من أقاصي آسيا وتؤسس دولتها على حسابه أو من دول الفرس، ومن المضحك أن قادة العالم السني كانوا يعيشون ردحا من الزمن تحت وصاية وفي حماية دولة فارسية شيعية هي الدولة البويهية!!!!
*****
إن سدنة الدين السلفي والسني قد ألقوا بكل المسئوليات عن كاهل ما يسمى بإمام المسلمين وحملوا ما يسمى بالرعية كل المسئولية وحرموا عليهم حتى الدعاء علي المتسلط الجائر وحمَّلوهم حتى المسئولية عن تسلط المجرمين عليهم، وقال قائلهم: "ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم لله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة، وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا، فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من الفساد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا".
وقولهم هذا يحمل ربهم والمسلمين المسئولية عن جور وفساد المتسلطين ويحلهم هم من أدنى مسئولية عن أعمالهم ويجعلهم فوق كل شريعة أو قانون، ولقد كذب سدنة ذلك المذهب على ربهم، فهو لم يلزم أحدا بالصبر على من ظلمه وإنما ألزمه بالانتصار منه وجعل كل السبيل على الذين يظلمون الناس.
وهم بذلك أيضًا يطالبون الناس بأن يكونوا ملائكة يمشون على الأرض مطمئنين ليحكمهم أحد الصالحين!!!!
لقد توصلوا إلى صيغة شيطانية لإيقاف تطور الأمة وإلزامها بعبادة السلف والماضي، وبذلك لم يكن من الممكن أبدًا أن تتطور الأمة، وكان لابد أن تأتي الحلول من الخارج.
إنه بسبب تسلط الدين السلفي والسني ومقولاته المحدثة في الدين برمجت الأمة على أن ترى في الاستحواذ على السلطة والنفوذ الوسيلة للتحلل من كل القوانين وأصبحت قوة كل إنسان تقاس بمدى قدرته على تحدي القانون وازدرائه، وهم جعلوا من أوجب مهام (الإمام) حفظ الدين على الأصول التي أجمع عليها السلف، وهذا لا يعني إلا الحفاظ على مذهبهم  وقمع المخالفين لهم، ولَقَدْ أَرْسَل الله رُسُلَه بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَل مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وليس ليتسلط عليهم الفجرة وأهل الجور، ولقد أمر الله بالعدل ولم يأمر بالظلم أو بالجور، وإذا كان السلفية واللاسنية يأمرون بطاعة من يأمر بالجور فما هو معنى قولهم "ونرى طاعتهم لله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية"؟ أليس الجور من كبائر الإثم؟ ومن الذي أدراهم بأن الله تعالى ما سلطهم على الناس إلا لفساد أعمالهم؟ ألا يمكن أن يكون ذلك ابتلاءً للناس لينظر كيف يعملون؟ وما الذي يجب على الناس عمله طبقا لمزاعم أهل اللاسنة؟ هل يبدءون بالتحول إلى ملائكة مثلاً حتى يحكمهم رجل عادل؟ وها هي الشعوب في الشرق والغرب قد ألزمت القائمين على أمورهم بأن يحكموا بالعدل، ولا يجرؤ حاكم الآن في أصغر دولة أوروبية على أن يظلم أقل المواطنين شأنا هناك، هذا مع أنهم يقترفون شتى ألوان الفواحش فضلاً عن كفرهم وشركهم وخروجهم على الأديان.
*****
جاء في عقائد سدنة الدينين السلفي والسني: "وإذا مات الإمام وتصدى للإمامة من يستجمع شرائطها من غير استخلاف وقهر الناس بشوكته انعقدت الخلافة له، وكذا إذا كان فاسقا أو جائرا، إلا أنه يعصى بما فعل، وتجب طاعة الإمام ما لم يخالف حكم الشرع سواء كان عادلا أو جائرا، ولا ينعزل الإمام بالفسق"، إن هذا القول يتضمن جملة من التناقضات الهائلة كما يتضمن كفرا ببعض آيات الكتاب، فكيف يستجمع الإمام الشروط حال كونه جائرا فاسقا، والجائر الفاسق هو عاص بصفاته وأفعاله لربه، وكيف يكون الجور غير مخالف لحكم الشرع؟ إن أقوى أمر ورد في القرءان هو الأمر بتأدية الأمانات إلى أهلها والحكم بين الناس بالعدل، ولقد أرسل الله تعالى رسله بالبينات، وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وطاعة الجائر الفاسق هي عين المعصية وعين التمرد على الأوامر الإلهية، فهل ثمة دين يشرع ويقنن للناس معصية الإله الذي له الدين؟ وهل ثمة دين يجعل من معصية الله والتمرد على أوامره وسيلة للتقرب إليه؟ إن مأساة تلك الأمة هي أنها برمجت بالفعل على مجموعة من التناقضات الرهيبة التي يكفي أي واحد منها للفتك بأعتى الأمم ولنسف بنيان أقوى الدول من قواعده.
فهل يمكن أن يقوم بناء أمة ذات رسالة دينية على أسس متهافتة متناقضة كهذه؟ وكيف تدعو إلى أسمى رسالة وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر أمة المنافقين المفسدين والتي يتولى أمرها الجائرون الفاسقون؟ وكيف باسم الدعوة إلى الدين الذي كفرت بأسسه ومقاصده تستبيح قتال الآخرين وسفك دمائهم وإلزامهم بإعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون؟
ومع كل ذلك يجب الإقرار بأن أئمة المذهب السني المخلصين لم يخطئوا متعمدين، وإنما هم اضطروا بالفعل لمسلكهم هذا في مواجهة متسلطين عتاة مجرمين وفي وجود أمة من الأذلة الخانعين، وأن مسلكهم هذا كان لازماً للحفاظ على مصادر ووثائق الدين ليعمل بها في كل عصر الصفوة المخلصون.
*****
يزعم بعض السلفية أن استسلام المحسوبين على الإسلام العجيب للتتار وتركهم إياهم يذبحونهم دون إبداء أية مقاومة كان بسبب انتشار التصوف، والحق هو أن التصوف لم ينتشر ويصبح دينا عاما إلا بعد هزائم المحسوبين على الإسلام بشتى مذاهبهم أمام الصليبيين والتتار، فالسبب الرئيس لما حاق بهؤلاء المحسوبين على الإسلام هو المذاهب التي تسلطت عليهم منذ أن تمزقت الأمة وتفرق الدين، ولقد كان العدل والإنصاف يقتضي إرجاع السبب إلى المذهب السائد على الناس بالفعل وهو المذهب السني السلفي الذي قتل في الناس أي دافع للتصدي لأهل الظلم والجور وأتاح لهؤلاء أن يتسلطوا على الناس وأن يفسدوا في الأرض وهم بمأمن من الناس، إن الذي استفز التتار أصلاً هو خوارزم شاه؛ أحد المتسلطين المجرمين، وكان هو البادئ بالعدوان، وكانت جيوشه تعد بمئات الألوف، فلما هاجموه سحقوا جيوشه ولم يغن عنه المتكسبون بالدين الذين زينوا له سوء عمله شيئا، ولقد رأى الناس التصرفات المشينة والجبانة والدنيئة التي صدرت عن المتسلط العباسي تجاه التتار المعتدين ولم تغن عنه شيئا، وهو بالتأكيد لم يكن متصوفا، ولقد انتصر الجيش المصري على التتار وكان يضم المتصوفة ومشايخهم، وكان بيبرس القائد الفعلي للجيش متصوفا وله شيخ كما هو معلوم، وبالمثل كان العثمانيون الذين قضوا على الإمبراطورية البيزنطية وتوسعوا في شرق أوروبا متصوفين.
أما ما يجب أن يعرفه السلفية فهو أن المتصوفة هم الذين قاموا بواجب الدعوة وبسببهم دخل التتار المنتصرون في دين الله أفواجا وأسسوا للإسلام إمبراطوريات عظمى في الهند وفيما يعرف الآن بروسيا، ولو قام بواجب الدعوة خوارزم شاه أو لو ترك غيره يقوم بها لأسلم التتار من قبل مثلما أسلموا من بعد.
إن المتصوفة هم الذين حولوا الهزائم المدوية التي نالها المحسوبون على الإسلام إلى انتصار باهر للإسلام، ورغم هذا يحاول البعض أن يحمل التصوف مسئولية ما حاق بهذه الأمة، والحق هو أن العيوب التي شابت تيار التصوف هي النتاج الطبيعي للمذهب السني، ولولا استبعاد أركان الدين الجوهرية من هذا المذهب منذ نشأته لما لجأ الناس إلى الأمم السابقة ولما نقلوا شيئاً عنهم.
ويقول السلفية المشركون إن أسباب الهزائم هو أن العقائد والتقاليد المشركة نالت رواجا بين عامة المسلمين باختلاطهم مع غير المسلمين، ولكن لماذا لم يجد المسلمون في مذهبهم السائد ما يغنيهم عن النقل عن غير المسلمين؟ إن الدين الحقيقي المتين يدفع صاحبه إلى التمسك التام به والدفاع بكل الوسائل والسبل عنه.
ولقد أقام السلفية الوهابية دولة في الجزيرة العربية، واستحوذوا على ثروات النفط الأسطورية، فماذا فعلوا بها؟ استعملوها لنشر دينهم الشركي الضال بين المسلمين وحدهم، كما استعملوها لمحاولة إبادة المسلمين وتدمير بلادهم لصالح شياطين الإنس والجن!!

*******


الجمعة، 28 أكتوبر 2016

أسماء ما أنزله الله على رسوله

أسماء ما أنزله الله على رسوله

ما أوحاه الله تعالى إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ هو كلام الله، وهو روحٌ من أمره، وهو نفسه الكتاب وهو نفسه القرءان وهو نفسه الفرقان وهو نفسه الذكر وهو نفسه النور وهو نفسه الحق، وهو نفسه الصدق، فكل هذه سمات لنفس الروح الأمري الذي تلقاه الرسول من حيثيات مختلفة، وآيات القرءان التي تبين ذلك عديدة، ويمكن لكل مسلم أن يستخرجها بنفسه، ومنها:
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم} [الشورى:52]، {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُون} [التوبة:6]، {وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قرءانا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5)} الزخرف، {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) } المائدة، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} فصلت، {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقرءان وَكِتَابٍ مُّبِين}[النمل:1]، {الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقرءان مُّبِين} [الحجر:1]، {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيم} [آل عمران:58]، {وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُون} [الحجر:6]، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون} [الحجر:9]، {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون} [النحل:44]، {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَاب}[ص:8]، {أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِر}[القمر:25]، {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُون}[القلم:51]، {وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون}[الزمر:33]، {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد}[سبأ:6]، {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)} الأعراف
وعندما يكون الكيان ظاهرا بسمةٍ أو بصفةٍ ما ظهورا جليا يشهد الله تعالى له به فعندها يمكن أن تكون السمة علمًا عليه أي أن تُستعمل اسمًا علميا Proper name له، ويمكن عندها أن توصف!
فهذا الروح الأمري هو الكتاب مطلقا وهو الكتاب المبين وهو القرءان المبين وهو القرءان الحكيم وهو القرءان الكريم وهو القرءان العظيم وهو القرءان المجيد وهو النور المبين وهو في أم الكتاب عليٌّ حكيم...الخ.
ويتبقى للناس التدبر لمعرفة مقتضيات هذا السمات، بمعنى لماذا سُمِّي ما أوحاه الله تعالى إلى النبي كتابا أو قرءانا أو ذكرا، ولماذا سُمِّي القرءان تارة بالمبين وتارة بالحكيم.... الخ.
أما التفريق بين الآيات بالقول بأنه توجد آيات من الكتاب وليست من القرءان أو العكس، أو أن بعض الآيات هي من القصص المحمدي فلا يُعمل بما تتضمنه من أوامر، فهذا هو الضلال المبين، ولا يمكن أن ينتج عنه خير، وإنما سيكون أثره كالقول بالنسخ، سيؤدي إلى التملص من بعض الأوامر الإلهية أو التهوين من قدرها.
ويجب العلم بأن الآية القرءانية قد تتضمن سنة كونية أو أمرا دينيا أو اسما إلهيا أو قصصا أو توليفة من بعض ذلك مثلا ثم تُختم بالاسم الإلهي الذي اقتضى كل ذلك، فلا يجوز أبدا ولا يمكن أبدًا تقسيم الآيات وفقا للطريقة التي اقترحها بعض المجتهدين والتف حوله زمرة من الدراويش والأبواق الجوفاء والمطبلين.
كما أنه من الضلال المبين القول بتاريخية بعض القرءان أو القول بأنه من القصص المحمدي الذي انتهى أجل العمل به، وهذا مثل القول بوجود آيات قرءانية منسوخة؛ أي هو وسيلة لإبطال جزء كبير من القرءان وإلغاء مضمون الكثير من الآيات.
وخطورة مثل هذه الاتجاهات أنها تقوض المنهج القرءاني السليم لاستخراج الأحكام، كما أنها تستخف العامة وأنصاف المتعلمين وأشباه المثقفين وتصرفهم عن جهود الإصلاح والتجديد الحقيقية، وهي في النهاية ستترك البنيان الديني مهلهلا لا يصلح للسكنى ولا لتحقيق مقاصد الدين الحقيقية.
*****
إن منظومة سمات القرءان تتضمن ما وصف به الله القرءان من السمات، فتلك السمات تشكل منظومة متسقة لها الحكم على كل ما يمكن أن يقال بخصوص القرءان, فيجب أن يُضرب بكل ما يخالف عنصراً من عناصرها عرض الحائط، ومن الجدير بالذكر أن أسماء القرءان تشير إلي تلك السمات، فهو القرءان والرسالة والكتاب والمبين والحكمة والكريم والمجيد والحكيم والمبارك وهو روح من أمر الله وهو ذكر وذو الذكر وهو ميسر للذكر والمهيمن على سائر الكتب وهو الحق وهو النور وبه يهتدي الكثيرون ويَضل الفاسقون، وهو الصدق وهو كتاب مبين وهو تبيان لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين وليس له مثل وهو الحديث وهو أحسن الحديث وهو متشابه ومثاني وهو الذي أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ، لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، وهو تفصيل لكل شيء وهو قول فصل وليس بالهزل وهو الذي أنزل بالحق والميزان وهو الذكر المحفوظ أي الذي ليس فيه آيات منساة أو منسوخة، وهو الكتاب الذي لا ريب فيه فلا نسخ فيه ولا شك بخصوص أي أمر يتضمنه وهو هدى للمتقين فمن ضل في شيء بخصوصه فليعلم أن ذلك لقصور في تقواه ولخلل أصاب كيانه الجوهري، وهو هدى ورحمة لقوم يؤمنون وهو مفصل الآيات لقوم يعلمون مفصل الآيات لقوم يتفكرون وهو رحمة وذكرى لقوم يؤمنون وهو الذي يتضمن الدين الكامل الخاتم وهو الذي به تمت كلمات الله صدقا وعدلا فلا مبدل لكلماته وهو صراط الله المستقيم وهو شريعة من الأمر وهو شرعة ومنهاج وهو وحي من الله وهو كلام الله وهو الآيات البينات والبصائر وهو فضل الله ورحمته للعالمين وهو عربي وهو حكم عربي وهو بلسان عربي مبين......


*****

الذِّكر من أسماء القرءان وسماته

الذِّكر من أسماء القرءان وسماته


استعمل الله تعالى كلمة "الذِّكْرُ" اسما عَلَميا Proper name للقرءان، كما استعمله كوصفٍ له، وفي ذلك إشارة إلى أن القرءان يذكِّر الإنسان بما هو مودع في أصل فطرته، ويذكره بربه كلما غفل عنه، ويذكره أيضا بكل ما ينفعه للرقي بكيانه، فالإنسان في حاجة ماسة إلى القرءان من حيث أنه الذكر، قال تعالى:
{ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ}آل عمران58  *  {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}يوسف104  *  {وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ }الحجر6  *  {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9  *  {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}النحل44  *  {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً }طه99  *  {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } طه124  *  {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ }الأنبياء2  *  {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ }الأنبياء36  *  {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ }الأنبياء42  *  {وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ}الأنبياء50  *  {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ }المؤمنون71  *  {قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً }الفرقان18  *  {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً }الفرقان29  *  {وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ}الشعراء5  *  {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ}يس11  *  {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقرءان مُّبِينٌ }يس69  *  {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً}الصافات3  *  {ص وَالْقرءان ذِي الذِّكْرِ} ص1  *  {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ }ص8  *  {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} ص49  *  {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ }ص87  *  {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}الزمر22  *  {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}الزمر23  *  {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} فصلت41  *  {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }الزخرف36  *  {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ }الزخرف44   *  {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }الحديد16  *  {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ}المجادلة19  *  {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً}الطلاق10  *  {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ }القلم51  *  {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } القلم52، {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً }الجن17  *  {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً }المرسلات5 {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ }التكوير27  *  {أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } الأعراف63  *  {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} النجم29  *  {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ }القمر25
و"الذكر" بالمعنى الاصطلاحي هو القرءان بكافة صوره وليس الصيغة الصوتية فقط كما يتصور البعض، وتسمية القرءان أو الكتاب العزيز بالذكر؛ أي استعمال اسم المعنى "ذِكْر" علما على ما أُنزل على الرسول هو للتشديد على أهمية هذه السمة وعلى أهمية المقصد، فالقرءان يذكِّر الناس بربهم وأسمائه وسماته وسننه وشؤونه، فالمداومة على تلاوته وقراءته هي من لوازم القيام بركن الدين الجوهري "ذكر الله"، أي الإحساس القلبي الصادق بالحضور الإلهي، وذلك يؤدي إلى تحقق الإنسان بالتقوى التي هي مناط التفاضل والأكرمية عند الله بين الناس، فالتقوى هي جماع المشاعر والأعمال المترتبة على التحقق بذكر الله تعالى بالمعنى المذكور.
ولكلمة "الذكر" بصفة عامة معانٍ عديدة، وقد استعملت أيضًا في القرءان للدلالة على الكتب السابقة، فهي من الألفاظ مشتركة، وسياق الآيات هو الذي يحدد المعنى المقصود، وهذا لا يتنافى مع حقيقة أن "الذكر" هو من أسماء ما أوحي إلى الرسول مثل القرءان والكتاب، وهذا ما تشير إليه آياتٌ عديدة بطريقة لا ريب فيها، منها:
{وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ}الأنبياء50 ، {وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ}الشعراء5، {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ}يس11، {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقرءان مُّبِينٌ }يس69{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}ص87، {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ }القلم51، {أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الأعراف63، {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } القمر25


*****

أبو هريرة ينطلق ويطعن في الجميع

أبو هريرة ينطلق ويطعن في الجميع

البخاري ومسلمان يبينان أن أبا هريرة كان (الصحابي) الحقيقي الوحيد، وأن المهاجرين كانوا مشغولين بالصفق بالأسواق وأن الأنصار كان يشغلهم القيام على أموالهم، جاء في البخاري:
[ 6921 ] حدثنا علي حدثنا سفيان حدثني الزهري أنه سمعه من الأعرج يقول أخبرني أبو هريرة قال إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله الموعد إني كنت امرأ مسكينا ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم فشهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وقال من يبسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه فلن ينسى شيئا سمعه مني فبسطت بردة كانت علي فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئا سمعته منه.
وجاء في مسلم:
(2492) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْأَعْرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللهُ الْمَوْعِدُ، كُنْتُ رَجُلًا مِسْكِينًا، أَخْدُمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَبْسُطْ ثَوْبَهُ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي» فَبَسَطْتُ ثَوْبِي حَتَّى قَضَى حَدِيثَهُ، ثُمَّ ضَمَمْتُهُ إِلَيَّ، فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ
وقد حاولت السيدة عائشة أن تتصدى لأبي هريرة، ولكنه كان قد انطلق، ولم يعد يستطيع أحد كبح جماحه:
أخرج بن سعد في باب أهل العلم والفتوى من الصحابة في طبقاته بإسناد صحيح عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال: قالت عائشة لأبي هريرة إنك لتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا ما سمعته منه قال "شغلك عنه يا أمه المرآة والمكحلة وما كان يشغلني عنه شيء ".
أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي (ت 852 هـ .)
فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج 7، بيروت: دار المعرفة، 1379هـ، ص 76
***
" ... ثنا خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن عائشة أنها دعت أبا هريرة فقالت له يا أبا هريرة ما هذه الأحاديث التي تبلغنا أنك تحدث بها عن النبي صلى الله عليه وسلم هل سمعت إلا ما سمعنا وهل رأيت إلا ما رأينا؟
قال: يا أماه إنه كان يشغلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المرآة والمكحلة والتصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإني والله ما كان يشغلني عنه شيء "
الحاكم النيسابوري: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
الذهبي: صحيح.
محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 405 هـ .)
المستدرك على الصحيحين، ط1، ج 3، تحق: مصطفى عبد القادر عطا، بيروت: دار الكتب العلمية، 1990م، ص 582
مع الكتاب: تعليقات الذهبي في التلخيص
***
" محمد بن كناسة الأسدي، عن إسحاق بن سعيد، عن أبيه، قال: دخل أبو هريرة على عائشة فقالت له: أكثرت يا أبا هريرة عن رسول الله ! قال: إي والله يا أماه ما كانت تشغلني عنه المرآة، ولا المكحلة، ولا الدهن. قالت : لعله".
شعيب الأرنؤوط: رجاله ثقات .
شمس الدين محمد الذهبي ( ت 748 هـ .)
سير أعلام النبلاء، ط9، ج 2، تحق: شعيب الأرنؤوط، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1993م ، ص 604
***
" أخبرنا الوليد بن عطاء بن الأغر وأحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي المكيان قالا أخبرنا عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي عن جده قال: قالت عائشة لأبي هريرة إنك لتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا ما سمعته منه فقال أبو هريرة يا أمة طلبتها وشغلك عنها المرآة والمكحلة وما كان يشغلني عنها شيء".
محمد بن سعد (ت. 230هـ)
الطبقات الكبرى، ج 2، ص 364، بيروت: دار صادر
وهكذا كان لدى أبي هريرة ما يقوله ضد السيدة عائشة وضد المهاجرين والأنصار، ولم يرد أن أحدهم حاول الردّ عليه، وحتى السيدة عائشة تثبت المرويات أنها لم تجد ما تردّ به على أبي هريرة!!!
قال الذهبي: عدد أحاديث أبي هريرة المتفق عليها في البخاري ومسلم: ثلاث مائة وستة وعشرون حديثا، وانفرد البخاري: بثلاثة وتسعين حديثا، ومسلم: بثمانية وتسعين حديثا.
وبذلك يكون مجموع مرويات أبي هريرة في صحيح البخاري ومسلم: 517 حديثا، وجميع أحاديثه الصحيحة من غير تكرار نحو الألف حديث.
وأكثر (الأحاديث) الصحيحة الثابتة عن أبي هريرة لم ينفرد بروايتها وحده، بل رواها معه غيره، وعدد (الأحاديث) الثابتة الصحيحة والحسنة التي انفرد بروايتها هي نحو 110 (أحاديث).
وأبو هريرة كان بشرا يصيب ويخطئ، وقد تعرض للابتلاء كغيره، ولكنه لم يخطئ حين حدَّث عن الرسول، وأكثر مروياته متسقة مع دين الحق، وكان من الأفضل أن يتم الاستفادة مما لديه في عهد الخلفاء الراشدين من قبل أن تندلع الفتن.
ومن مروياته ذات الأصول الصحيحة، والتي تفرد بها:
إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة؛ متفق عليه.
كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل يرفع طورًا، ويخفض طورًا؛ أخرجه أبو داود وحسنه الألباني.
"إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه))؛ متفق عليه.
قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3]، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]، قال: مجَّدني عبدي - وقال مرة: فوَّض إلي عبدي - فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6، 7]، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل؛ أخرجه مسلم.
أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟؛ أخرجه مسلم.
لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس؛ أخرجه مسلم.
كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم؛ متفق عليه.
لا تُنزَع الرحمة إلا من شقي؛ أخرجه أبو داود وحسنه الألباني.
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجِز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَر الله وما شاء فعل، فإن "لو" تفتح عمل الشيطان؛ أخرجه مسلم.
شر ما في رجل: شح هالع، وجبن خالع؛ أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
أصدَقُ كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل، وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم؛ متفق عليه.
ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط، كان إذا اشتهى شيئًا أكله، وإن كرهه تركه؛ متفق عليه.
أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم، في الأولى والآخرة))، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: "الأنبياء إخوة من علات، وأمهاتهم شتى، ودينهم واحد، فليس بيننا نبي"؛ متفق عليه، واللفظ لمسلم.


*******

الأربعاء، 26 أكتوبر 2016

حوار مع الشيخ مسحور بن مكسور بن مشحور من أعلام همجستان

حوار مع الشيخ مسحور بن مكسور بن مشحور من أعلام همجستان

مسحور: كيف تنكر يا هذا مروية السحر؟ أتشكك في السنة؟
مسلم: لا يمكن أن يكون زعم البخاري أن لبيد بن الأعصم عميل اليهود قد سحر النبي صحيحا!
مسحور: بل هو صحيح، ورد في الصحيح، وسلسلة حديث السحر من أقوى السلاسل.
مسلم: هل أنت جاد؟
مسحور: أي نعم!
مسلم: نفى الله تعالى أن يكون النبي من المسحرين، وبيَّن الله تعالى إن هذا القول هو قول الكافرين الظالمين: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47)} الإسراء، {أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8)} الفرقان
مسحور: أنت غير متخصص.
مسلم: دعك من هذه اللعبة السمجة
مسحور: لست أول من تشدق بهذه البدعة
مسلم: لم أزعم أنني أول من ردَّ هذا الافتراء عن الرسول الكريم
مسحور: الحديث وارد في البخاري، أصحّ كتاب بعد كتاب الله
مسلم: هذه عقيدة مذهبك، ولا تلزم إلا من هم على شاكلتك
مسحور: هل لديك أي برهان آخر غير الآيات التي ذكرتها؟
مسلم: أولم تكفك هذه الآيات؟
مسحور: الآيات ليست قطعية الدلالة على أنه معصوم من السحر
مسلم: يا لك من ضال مبطل! ولكن ألم يكن الرسول يستعيذ من الشياطين بناءً على أمر ربه الذي قال له: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)} المؤمنون؟ وهذه آيات مكية.
مسحور: ومن أدراك أنه استجاب له؟
مسلم: ألم يتولاه ربه؟ ألم يتعهد أن ينجيه وأن يحفظه؟ ألم يأمره أن يتحدى كل الشركاء والناس وأن يقول: {قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195) إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)} الأعراف
مسحور: من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب
مسلم: ألا تلاحظ أنك تتحدث كشيطان رجيم وتريد النيل من الرسول لشيءٍ ما في نفسك؟
مسحور:   هاهاهاهاهاهااااااااااااااااااااهـا
مسلم: ألا تتضمن المروية تكذيبا بآيات القرءان وتشكيكا في مقامي الرسالة والنبوة بل وتطاولا عليهما؟
مسحور: السنة قاضية على الكتاب وحاكمة عليه وناسخة له عند التعارض.
مسلم: في قولك هذا من الأباطيل ما لا حصر له، ولكن ألا تقولون إن النسخ في الأحكام فقط، وليس في الأخبار؟
مسحور: أنت غير متخصص
مسلم: عجيب أمرك، لماذا تؤمن إيمانا لا يتزعزع بمروية السحر رغم أنف القرءان والمنطق والعلم؟
مسحور: بغض النظر عن موضوع السحر فطالما وردت المروية في صحيح البخاري فهي صحيحة وملزمة لك رغم أنفك!
مسلم: لا قيمة لك أصلا أنت مجرد بوق أجوف لأقوال سلفك، أما سلفك الذين صححوا هذا الإفك فهم غير معصومين، أذكر صراحة مبررك للأخذ بها!
مسحور: قلت لك إن إسنادها قوي، ولو أقررنا بأنها غير صحيحة لفتحنا باب التشكيك في الدين كله ولانهار صرح الإسلام!
مسلم: هل صرح الرسالة الخاتمة والدين الكامل كله معلق بمروية السحر؟
مسحور: أي نعم.
مسلم: هل تؤمن بأن البخاري كان إلها أو رسولا أو معصوما؟
مسحور: كلا، بالطبع
مسلم: ما المشكلة في القول بأنه أخطأ أو تعرض لخديعة أو دُسَّت المروية في كتابه من بعده خاصة وأن النسخة الأصلية مفقودة؟
مسحور: كل ذلك سيؤدي إلى نفس النتيجة المذكورة!
مسلم: إذاً أنتم خوفًا من وساوس وأوهام في صدوركم تلزمون الناس عمليا بالإيمان بالعصمة المطلقة للبخاري ولو كان ذلك يتضمن تكذيباً بآيات القرءان وتطاولا على النبي الخاتم!
مسحور: لقد تسلمنا الدين هكذا من أسلافنا ولابد من أدائه هكذا لخلفنا ولن يفتنَّا عنه أي إنسان!! العب غيرها!
مسلم: وبافتراض صحة السند، ماذا عن المتن؟ ألم تجدوا في المروية علة قادحة توجب عدم الأخذ بها؟
مسحور: كلا بالطبع، بل أقرها الجهابذة وأجمعت عليها الأمة وتلقتها بالقبول
مسلم: ألم تقرّ أنه كان يوجد قبلنا من نفى هذه الفرية؟
مسحور: مخالفة المبتدعة لا تقدح في الإجماع!
مسلم: ألم يقل ربكم ابن حنبل أن من ادعى الإجماع فهو كاذب؟
مسحور: لكلامه تأويل لا تعلمه أنت لأنك غير متخصص
مسلم: إن الناس في الغرب ينتجون أفلاما تصور الناس كما ورد عنهم في التراث بالضبط ولا يبالون بهالات القداسة التي يسبغها عليهم المؤمنون بهم، وقد فعلوا ذلك مع أكابر الرسل والأنبياء، وطالما أنت تقول إن تعرض النبي للسحر من أقوى الآثار ومرويتكم تقدم وصفا تفصيليا للرسول وهو واقع تحت تأثير السحر، هل تقبل أن يضمنوا أفلامهم ما تقوله هذه المروية كما وردت بالضبط في كتبكم؟
مسحور: كلا بالطبع، ولئن فعلوا لنفجرن الأرض من تحتهم نارا ولنحرقن أعلامهم ولنحاصرن سفاراتهم!
مسلم: أنت بذلك تقول بأن التطاول على الله وكتابه ورسوله يجب أن يكون حكرا عليكم أنتم وحدكم من دون الناس.
مسحور: وهل نترك كل من هبَّ ودبَّ ليتكلم في الدين؟
مسلم: ولكن كل المسلمين مجمعون على أنه يجب الدعوة إلى الإسلام، لذلك فكل الآخرين لديهم حق النظر بحيادية فيما تقدمونه أنتم على أنه الإسلام وأنتم مطالبون بتقديم إجابات مقبولة عن أسئلتهم المشروعة.
مسحور: هذا هو الإسلام، وإن لم يقبلوا به فحكمهم الشرعي معلوم، يجب أن نقاتلهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، أما من ينكرون ما هو معلوم من الدين بالضرورة ويشككون في ثوابت الدين فهم مرتدون يجب استتابتهم وإلا فقد وجب قتلهم.
مسلم: أنت لست فقط من العتاة في الإجرام! أنت أقل شأنًا من بهيمة الأنعام!
مسحور: هجومك لن يزحزحنا عن موقفنا قيد أنملة وسنظل ندافع عن السنة المطهرة، ولم تكن أنت أول من أنكر هذه المروية، حاول ذلك الكثيرون قبلك، ولكنها بقيت راسخة كالطود.
مسلم: ولكنك قلت إن الأمة أجمعت عليها!
مسحور: قلت لك لا قيمة لأهل البدع، وأقوالهم لا تقدح في الإجماع.
مسلم: هل تقبل لنفسك أن يقال عنك ما تزعمه أنت عن نبيك؟ ألم يأمرك ربك ألا تؤذي النبي وحذرك من ذلك، ألم تقرأ قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} [الأحزاب:57]
مسحور: أنت غير متخصص، أنت لست ندا لي، أنت غير متخصص، أنت لست ندا لي، أنت لا تدري من أنا، أنت غير متخصص، أنت لست ندا لي، أنت لا تدري من أنا، ......
*******