الاثنين، 20 مايو 2019

التقويمان العبري والعربي


التقويمان العبري والعربي

يعتمد التقويم العبري على دورتي الشمس والقمر، فالسنة عندهم شمسية-قمرية، وبسبب نقص السنة القمرية عن الشمسية بأحد عشر يومًا تقريبا يعدل النقص بين هاتين الدورتين من خلال إضافة شهر كامل للسنة إذا تراجع التقويم 30 يوما مقارنة بمرور المواسم في بعض السنوات.
والسنة في التقويم العبري "اليهودي" شمسية وشهوره قمرية، لذلك فهم يضيفون 7 شهور في كل 19 سنة للتوفيق بين كون السنة شمسية والأشهر قمرية، ولقد عرف اليهود بطريقةٍ ما أن للقمر دورة تتم كل 19سنة حيث أن مولده يعود كما كان في أول الدورة، كما أنهم توصلوا إلى أنه خلال هذه الفترة يمر 235 هلالاً قمريا، ولحل مشكلة التوفيق بين دورة الشمس (السنة الشمسية) ودورة القمر (الشهر القمري) لجأوا إلى الكبس فقاموا بتوزيع تلكم الأشهر السبعة (التي يتم بها التوفيق بين السنة الشمسية وأشهرها القمرية إذا جاز التعبير) على 19 سنة في كل دورة على النحو التالي: (3، 6، 8، 11، 14، 17، 19) حيث أن كل سنة من السنين الأنفة الذكر تكون كبيسة أي تحتوي على 13 شهرا بدل 12 شهرا والشهر الكبيس يكون بين شهري أدار ونيسان.
ومن المفترض طبقا للعهد القديم والتراث العبري أن يكون التقويم العبري قد بدأ منذ بداية الخليقة؛ أي 3760 سنة وثلاثة أشهر قبل الميلاد!!! وهذا الرقم هو بالمناسبة الذي دفع علماء المصريات والآثار والتاريخ الأوروبيين الأوائل إلى محاولة اختزال التاريخ المصري في أصغر نطاق ممكن، فزعموا أن الأسرة الملكية الأولى ظهرت منذ حوالي ثلاثين قرنا فقط ق.م، هذا مع أن الأهرام أقدم من ذلك بأكثر من ثلاثين قرنا!
ومن الجدير بالذكر أن التقويم العبري يجعل الشهر الكبيس دائما بعد شهر أدار، أي بعد ربيع الأول العربي، ويجعل الإضافة تحدث في السنوات: (3، 6، 8، 11، 14، 17، 19)، فكل سنة من هذه السنين تكون كبيسة أي تحتوي على 13 شهرا.
وأشهر السنة العبرية قمرية، وهي في العادة مكونة من 12 شهرا هي:
تشْري، مرحشوان، كسلو، طبت، شباط، أدار، نيسان، أيار، سيوان، تموز، آب، أيلول، تتكون الأشهر من 30 و29 يومًا بالتبادل، في خلال كل 19 عامًا، يضاف شهر إضافي قوامه 29 يومًا سبع مرات بين شهري أدار ونيسان، ويطلق على هذا الشهر اسم فيادار، وفي الوقت ذاته يصبح أدار 30 يومًا بدلاً من 29 يومًا.
وهناك بدايتان للسنة اليهودية، السنة الدينية تبدأ في شهر نيسان (أبريل) مع الربيع لتوافق خروج موسى من مصر في الفترة التي يقع فيها عيد الفصح، أما السنة المدنية فإنها تبدأ بشهر تشري.
وأسماء الشهور العبرية وما يناظرها وعدد أيامها هي كما في الجدول التالي:
الشهر
أيامه
أيامه في الكبيسة
الشهر الميلادي التقريبي المناظر
الشهر العربي التقريبي المناظر
تشْري
30
30
سبتمبر-أكتوبر
شوال
مرحشوان (تشيشفان)
29
29
أكتوبر-نوفمبر
ذو القعدة
كيسلو
30
30
نوفمبر-ديسمبر
ذو الحجة
طيبت (تيفو)
29
29
ديسمبر-يناير
محرم
شباط
30
30
يناير-فبراير
صفر
أدار الأول (الشهر الأصلي)
29
30
فبراير-مارس
ربيع الأول
أدار الثاني (الشهر الكبيس)
-
29


نيسان
30
30
مارس-أبريل
ربيع الآخر
أيّار
29
29
أبريل-مايو
جمادي الأول
سيفان
30
30
مايو-يونيو
جمادي الآخر
تموز
29
29
يونيو-يوليو
رجب
آب    
30
30
يوليو-أغسطس
شعبان
أيلول
29
29
أغسطس-سبتمبر
رمضان
المجموع
354
384



وفي التقويم اليهودي المعاصر، الذي يرجع تصميمه إلى سنة 359 للميلاد، يتم تحديد أطوال الأشهر والسنوات بواسطة خوارزمية وليس حسب استطلاعات فلكية، وقد كانت غرات الأشهر قبل القرن الرابع للميلاد تُقرَّر حسب رؤية الهلال ولكن بعد انتشار اليهود في أنحاء العالم خشي الحاخامات من عدم التنسيق بين المهاجر اليهودية في تحديد مواعيد الأعياد فأمر الحاخام هيليل بنشر الخوارزمية والاستناد عليها فقط.
وهذا الكلام من مصادر يهودية، وقد تكون تواريخ الكفّ عن تحديد غرات الأشهر حسب رؤية الهلال قد حدثت بعد التاريخ المحدد بكثير، وليس ثمة ما يؤكد أن اليهود المنعزلين في الحجاز واليمن والحبشة قد أخذوا بذلك.
ومن المعلوم أن الظروف البيئية المتشابهة تولد عادة حلولا متشابهة لنفس المسألة، أو تقرب بين الحلول لو كانت متباعدة، والذي لا شك فيه هو أن العرب استعملوا تقويما مشابهًا للتقويم العبري القديم وليس المعدل، فلم يكن لهم شأن بالخوارزميات، وذلك يتضمن اعتبار مولد الهلال هو بداية الشهر، وكذلك إضافة شهر تقويم لإعادة الاتساق بين الشهور وبين الفصول المناخية التي تعبر الشهور عنها، فقد كان العرب في الجاهلية أمة أمية ولا شأن لهم بالخوارزميات، هذا فضلا عن أن سماء بلادهم الصافية كانت تجعل رؤية الأهلة أمرًا يمكن الوثوق به والاحتكام إليه.
فمن البديهي أن التقويمين العربي والعبري كانا متوازيين بطريقة ما، وأن الاختلاف كان في أسماء الشهور وبداية السنة واستعمال العرب للنسيء، وأن علماء بني إسرائيل كانوا هم الذين كانوا يتولون أمور التقويم على الأقل في البداية، ثم انتزع الأمر منهم قبيلة من قبائل العرب.
وقد يكون العرب قد أخذوا تقويمًا مشابها من البابليين مثلا، والذي يُقال إن العبرانيين أخذوا تقويمهم منهم أيضًا.
وفي كل الأحوال فإن الحرص على ارتباط شهر معين بحدث مناخي محدد يؤدي بالضرورة إلى اكتشاف ما يلزم للتقويم، ومن البديهي أن تتشابه الحلول في الأمور الجوهرية.
*******