الخميس، 7 ديسمبر 2017

من المرويات المنسوبة إلى الرسول ولها أصول صحيحة

من المرويات المنسوبة إلى الرسول ولها أصول صحيحة

1.         إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا كلُّهنَّ في القُرْءان مَنْ أَحْصَاهنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ.
2.         مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ.
3.         ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا؛ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}
4.         الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا لكم.
5.         إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها.
6.         مَا هَذِهِ الْكُتُبُ الَّتِي بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَكْتُبُونَها؟ أَكِتَابٌ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ؟! يُوشِكُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِكِتَابِهِ فَيُسْرَى عَلَيْهِ لَيْلاً، فَلا يَتْرُكَ فِي وَرَقَةٍ وَلا قَلْبٍ مِنْهُ حَرْفًا إِلا ذَهَبَ بِهِ.
7.         لا تكتبوا عني شيئا سوى القرءان ومن كتب عني شيئاً سوى القرءان فليمحه.
8.         اعملوا بالقرءان أحلّوا حلاله وحرّموا حرامه واقتدوا به ولا تكفروا بشيء منه.
9.         اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا مَا دُمْتُ فِيكُمْ فَإِذَا ذُهِبَ بِي فَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ أَحِلُّوا حَلاَلَهُ وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ.
10.     ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه.
11.     لا تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفا فليحلف بالله.
12.     بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنِّي (وليس عن بَنِي إسْرَائِيلَ) وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
13.     لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.
14.     عذِّبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
15.     إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ
16.     صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمْرِ
17.     قلْ آمَنْتُ باللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ
18.     اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن
19.     الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ
20.     إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا
21.     بعثت لأتمم حسن الخلق
22.     إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق وكمال محاسن الأفعال
23.     مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ
24.     إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ ، وَالْمُتَفَيْهِقُونَ.
25.     أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا
26.     أطيعوني ما كنتُ بينَ أظهرِكُم، وعليكُم بِكِتابِ اللَّهِ؛ أحلُّوا حلالَهُ وحرِّموا حرامَهُ.
27.     المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه.
28.     المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
29.     مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
30.     مَنْ عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليه أمرُنا هذا فهو رَدٌّ


*******

الخميس، 14 سبتمبر 2017

آية الأنفال 17

آية الأنفال 17

{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)} الأنفال

إنه لو كان السلفية الأثرية متسقين مع أنفسهم وقواعدهم فلن يستطيعوا تفسير مثل هذه الآية وسيجدون فيها اختلافا لن يستطيعوا تبريره، ولكن بما أنهم ألد أعداء العقل والمنطق فإنهم سينقلون ما يقوله غيرهم دون أن يروا أي تناقض ودون أن تهتز منهم شعرة، وهم لن يستطيعوا اللجوء إلى القول بالمجاز الذي لا يعترف به ربهم ابن تيمية وينفي وجوده في القرءان.
أما الأشاعرة فسيستدلون بها على صحة قولهم بأن الله يفعل عند الأشياء لا بها وأن الفعل إنما هو لله وليس للأسباب الظاهرة وأنه ليس للإنسان إلا ما يسمونه بالكسب وليس الفعل، هذا رغم أن الآية لا تنفي نسبة الأفعال إلى من صدرت عنهم، وإنما تثبتها لهم، والكسب عندهم هو قدرة تحدث للإنسان عندما يهم بالفعل لكي يُنسب الفعل إليه، ولا أثر لها في حدوثه، بل الحدوث بالقدرة الإلهية.
أما المعتزلة فلن يجدوا حرجا من القول بأن الأفعال المذكورة هم الذين خلقوها أو أوجدوها، وسيحاولون التملص من نسبة الأفعال في الوقت ذاته إلى الله بأي حيل لغوية أو باللجوء إلى القول بالمجاز.
أما المتصوفة من أصحاب عقيدة وحدة الوجود فسيعتبرون الآية نصا على عقيدتهم، فهم سيقولون إن الله الظاهر بصورة الرسول هو الذي رمى؛ فالرمي المنسوب إلى الصورة الظاهرة يجب أن ينسب إلى المتجلي الذي له الوجود الحقيقي.
أما طبقا لدين الحق الذي نعلمه فإن كل فعل صدر عن إنسان وكان من مقتضى سمات كمال فإنما ينسب إلى الله تعالى بالأصالة لأنه هو المصدر الأوحد للكمال والحسن في الوجود، فهو أولى به من غيره، والفعالية والإيجابية والتأثير من كمالاته اللازمة، كما أنه لا يتحقق فعل أو عمل إلا بسريان قوانينه وتحقق سننه، أما من صدر عنهم الفعل من الناس فهم محض آلات لله يحقق بهم ما أراده، ولما كانت الحكمة من سماته اللازمة فلقد دبر الأمر واختار لتحقيق مراده من هم الأصلح لذلك لتوفر ما يلزم من صفات الكمال لديهم ولصدق عزمهم على تحقيق ما أراد الله منهم ولكونهم قدموا إرادته وأوامره على مطالبهم الذاتية، فمن حيث مرتبة هذا العالم فالأعمال الصالحة المذكورة صدرت عنهم بالفعل، ولكنهم لم يخلقوها بل تحققت بمقتضى قوانين الله وسننه، وهم لكل ما ذُكر سيكونون محل آثار هذه الأعمال الصالحة التي حققها الله بهم، أما هو سبحانه فهو معهم وقريب منهم ولكنه أيضا العلي الأعلى المتعالي عليهم، فهو ليس عين وجودهم ولا المتجلي بصورهم ولا الظاهر مقيداً بمراتبهم، وهم ليسوا بصور متعددة له ولا بأعيان ثابتة تطالع صورها في مرآة وجوده، فهم من مخلوقاته التي خلقها وقدرها ليحقق بهم مقاصده، وهم أشبه بالعدم عند المقارنة به ولا وجود حقيقي لهم إلا بالنسبة إلى بعضهم البعض.
من يكون آلة لتحقيق أمر معين لن ينجح فيه إلا بقدر وسعه وعزمه وقصده، وقد لا ينجح، وفي غزوة بدر التي يتحدث عنها سياق الآيات كان المقصد هو ما نصَّت عليه الآيات:
{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)} الأنفال
ونزول الملائكة كان لتثبيت الذين آمنوا، وهم بالطبع لم يقاتلوا، وملك واحد قادر على إبادة جيش قريش كله، ومن الأولى أن يقضي الله تعالى عليهم بكلمة منه، ولكن كل ذلك يتنافى مع وجوب تحقيق المقاصد الوجودية، ولذلك قال تعالى:
{وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)} محمد، {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)} آل عمران.
ولو تقرر أن يقاتل ملك من الملائكة لأخذ صورة إنسي، ولقاتل بوسائله، قال تعالى:
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُون} [الأنعام:9]
ولكي يكون الإنسان محض آلة إلهية عن بصيرة وإدراك كالعبد الصالح صاحب موسى يجب أن يتطهر تماما من كل أهوائه وإرادته الخاصة وأن يعيش لله بالله في الله.
*****
حاول دعاة وحدة الوجود الاستناد في دعواهم إلى أمثال هذه الآية فجعلوا منه سبحانه عين المخلوقات أو عين وجودهم، وصالوا في ذلك وجالوا وجاءوا بكل غريب، ولكن الحق هو أن الآيات تفيد استناد كل الأفعال إلى الله تعالى من حيث انتهاء كل سلاسل الأسباب إليه ومن حيث أن كل السنن التي يسير عليها أمر الكون إنما هي من مقتضيات أسمائه وسماته ومن حيث أن كل المخلوقات هم آلاته وأدواته، ولكن استناد كل الأفعال إليه طبقا لهذا البيان لا ينفي صدورها عمن صدرت عنه ولا مسؤوليته عنها، فالله سبحانه لا يستخدم أداة أو آلة إلا بما يوافق طبيعتها، وكذلك يجعلها محل آثار الفعل الصادر عنها، فإذا اقتضى الأمر قتل بعض المشركين ممن حق عليهم القول ولم يعد ثمة مجال لإيمانهم فإن أفضل من يمكن أن يستخدم لذلك هم المؤمنون ففي ذلك ابتلاء لهم ورفع لدرجاتهم وإمكانية اتخاذ شهداء منهم، وكما يصدر فعل قتل المشركين منهم فإنهم سيكونون أيضا محل النتائج المترتبة على ذلك الفعل، وكما يجعل الحق من عباده آلات لتنفيذ ما أراده وما قضى به فإنه ينسب إلى نفسه ما فعلوه.
والآيات تشير أيضًا إلى رضى الله تعالي عما فعله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ والذين معه، وهو يعلن بها تأييده ومساندته لهم.
هذه الآية توقع السلفية والمشبهة والمجسمة وأهل التفسير الحرفي في حرج بالغ، فالظاهر والبادي تماما للعيان هو أن المؤمنين هم الذين قتلوا من قتلوا من المشركين في موقعة بدر، ومع ذلك فالآية تؤكد أنهم لم يقتلوهم، وتؤكد أن الله هو الذي قتلهم، وذلك في حين أن الآية تنسب إليهم فعل القتل أيضًا، ولذلك يجب التأكيد دائما على أن القرءان يخاطب قوما يعقلون ويفقهون ويتدبرون ولديهم السليقة العربية ويعلمون الأساليب العربية أيضا.
فالمؤمنون كانوا مجرد آلات لتنفيذ ما قضى الله تعالى به وأراده وذكره في القرءان:
{...وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)} الأنفال، {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)} آل عمران.
وقتل الكافرين تمَّ بمقتضى حكم الله وقضائه وبالتوافق مع قوانينه وسننه، ولذلك فهو في الحقيقة له، وفي الظاهر للآلات التي استعملها لتحقيق ذلك.
والرمية التي قام بها النبي قد أثبتها الله تعالى له من حيث أنه الآلة الإلهية الظاهرة، ونفاها عنه من حيث أن الفعل الحقيقي والتأثير لله تعالى وحده وبمقتضى قوانينه وحده وسننه وأمره، ولذلك أثبتها الله تعالى لنفسه، فالفعل من حيث هو تأثير محض لا يكون بالأصالة إلا لله تعالى.
ولا يجوز هاهنا الأخذ بمزاعم القائلين بوحدة الوجود من المتصوفة، والحدود واضحة تماما والبون واسع بين الله تعالى وبين خلقه.  
فالله تعالى لا يباهت الناس فيما يرونه، ولا ينفي عن أحد ما صدر عنه من فعل، ويحاسبه عليه، ولكن هذا الفعل لا يتم إلا إذا توافق الإنسان مع السنن الكونية السارية على الناس.


*******

الأحد، 3 سبتمبر 2017

مصر 1

مصر 1
أيا مصر يا أرض الإله
وموطن شعبه المختار في الزمن السحيق
يا موطن الداعين إلي خير الطريق
ما عاداك إلا جاهل وصفيق
يا مهد الحضارة وموطن الإيمان
فيك خير شعبٍ سجدْ لربه الرحمـن
من قديمٍ بارك الله شعبك
وقال رسوله إن خير الجند جندك
وقد رفعت من قديمٍ راية التوحيد
وعرفت السبيل إلى السعادة والخلود
وكشفت أسرار الوجود
فكان الفضل لك والمجد التليد
من قديمٍ ساسك الأنبياء
وكنت للناس الضياء في الليلة الظلماء
قد أثنى عليك الله في الذكر الحكيم
وأوصى بك النبي جند المسلمين
وإليك أتى نبي الله إبراهيم
وفيك قال الكريم بن الكريم
ادخلوا مصر آمنين وسالمين
وإليك انتمى نبي الله إسماعيل
من أثنى عليه الله بالقول الجميل
ومن أحفاده أتى محمد خير البشر
وخير آتٍ بالبشائر والنذر  
يا أمَّ موسى كليم الله وموطن الرسل الكرام
يا حصن الأمان لعيسى يا درة الإسلام
يا من عرفت قدر رسول الله والآل الكرام
يا أيها البلد الأمين.
يا حصن الأمان يا ملاذ الخائفين
قد شهدت تجلي الله في سينين
وفيك تدكدك الجبل العظيم.
وتقدس الوادي الكريم
في الليلة الليلاء كنتِ حصنَ المسلمين
ومنك جاء خير جند المؤمنين
فقهرت أعداء الإله في حطين
طهرت أرض الشام من شرِّ عباد الصليب
وفككت أسر المسجد الأقصى الحبيب
ثم قاد بيبرس جندك الأبرار.
ليدمروا شر أجناد الدمار
وليصونوا الأرض من دنس التتار

*******

السبت، 2 سبتمبر 2017

مصطلح الأرض

مصطلح الأرض

لم ينصّ القرءان نصَّا صريحًا على أن كوكب الأرض يتحرك، لأسباب عديدة، منها:
كلمة الأرض ترد في القرءان بمعانٍ عديدة: ما يقلّ الإنسان، السطح الممهد الذي يقابل الجبال، عالم الإنسان، بلد معين مثل مصر ...
ولا وجود لحركة مطلقة The state of absolute motion does not exist، الحركة نسبية Motion is relative، والخطاب القرءاني موجه إلى الإنسان، فالإنسان هو المرجع أو محور الإسناد The frame of reference، فالأرض ثابتة بالنسبة إليه، وهو الذي يتحرك بالنسبة إليها.
وليس من الحكمة تقديم معلومة تستلزم معرفة كبيرة بعلم الفلك، وإلا فسيتورط الرافضون للرسالة في المزيد من الجدل والتكذيب، أما الذين آمنوا فقد يُفتنوا.
وليس مطلوبًا من القرءان أن يتضمن في نصوص صريحة كل العلوم التي من الممكن أن يكتشفها الإنسان إلى قيام الساعة، وهل يتخيل الإنسان أن هذا ممكن أصلا؟ بل إن القرءان هو الذي يأمر الناس بالسعي إلى اكتشاف آيات الله وإعمال ملكاتهم فيها، مع الوعد بأن الله تعالى سيريهم آَيَاتِه فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ.
وما هي جدوى أن ينص القرءان على كل العلوم؟ هل سيزداد عدد المؤمنين مثلا؟ أم هل سيؤمن كل الناس؟ الجواب مذكور في القرءان: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُون} [الأنعام:111]
فالذي سيحدث هو تقديم المزيد من الحجج عليهم، والتي سيرفضها من تأبى نفسه الإيمان فيجلب على نفسه المزيد من العذاب والتنكيل.
يجب العلم بما يلي عن المقصود بلفظ الأرض:
أولا:
الأرض هي ما يقلّ الإنسان، فالسطح الذي يقف عليه الإنسان أو يمشي أو يجري هو الأرض بالنسبة له، فلو صعد إلى أحد الكواكب مثلا، فسيكون السطح الذي يقف عليه هو الأرض بالنسبة له، وفي الدار الآخرة سيكون هناك أرض تؤدي بالنسبة إليه نفس المهام، والإنسان الذي يعيش في بيت في الطابق السابع ستكون أرضه هي سقف من يسكن في الطابق السادس.
لكل ذلك لا يمكن الحديث عن حركة الأرض المذكورة بالنسبة للإنسان، فهي بالنسبة إليه ثابتة، وإنما هو الذي يتحرك بالنسبة إليها، فهذه الأرض تُذكر مثلا مع الجبال، فالجبال ليس منها، فهذا المعنى للأرض هو المذكور في أكثر آيات القرءان، ومنها:
{وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَة}[الحاقة:14]، يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلاً}[المزمل:14]، {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7)} النبأ، {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)} الغاشية، {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى}[طه:6]
ثانيا:
الأرض هي الكوكب الأرضي بصفة خاصة، وبالطبع لم يكن من الحكمة النص الصريح على أن الأرض كوكب مثل الزهرة أو المريخ مثلا في عصر نزول القرءان، فقد كان ذلك يستلزم إعطاءهم معلومات كثيرة في علم الفلك لم يكونوا مستعدين لتقبلها أصلا.
وعندما اكتشف الإنسان أن الكيان الذي يعيش عليه هو كوكب مثل سائر الكواكب التي يراها في السماء فإنه لم يفكر في أن يخترع له اسمًا خاصًّا، والناس في الغرب لديهم ميزة الحروف الكبيرة في لغاتهم Capital letters، والتي يمكن تحويل الاسم العام إلى اسم عَلَم   Proper name، فاستعملوا نفس الكلمة، مع جعل أول حرف حرفًا كبيرا، فكلمة أرض earth أصبحت اسم علم هو Earth للدلالة على الكوكب الأرضي بكل ما يتضمنه.
فهذه الأرض مع سماواتها تشكل عالم (كون) الإنسان أو الدار التي يحيا فيها الإنسان، وهذه الأرض هي المشار إليها في آياتٍ مثل:
{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)} فصِّلت
ويلاحظ أنه ثمة إشارة إلى حركة الأرض في الآيات، فلم يكن من الحكمة النصّ الصريح على حركة الأرض، وهذا يتضمن أن الحركة نسبية، والحق أن الأمر كما ذكره القرءان:
{لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون} [يس:40]
فالآية تنصّ على سنة كونية عامة هي: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون}، وقد قدَّمَت مثلا بما يراه الناس من سباحة الشمس والقمر، وثمة آية أخرى ذكرت الشمس والقمر بصفة خاصة، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون} [الأنبياء:33]
فإضافة حرف الواو في آية سورة يس تُطلق الأمر، وتجعل القانون عاما.
وكذلك هناك إشارة إلى حركة الأرض في الآية: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُون} [النمل:88]
فالجبال التي هي جزء من كوكب الأرض تتحرك بحركتها ككل شيء مرتبط بالأرض، والآية تشير أيضًا إلى نسبية الحركة، فهذه الآية عامة، ولا تختص بيوم القيامة، فالجبال تم دكها ونسفها عند قيام الساعة؛ أي قبل يوم الحساب.
{وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُون} [النحل:15]، {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} [الرعد:3]، {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون} [الرعد:4]، {وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُون} [الأنبياء:31]، {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُون}[المؤمنون:18]، {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِين}[المؤمنون:112]، {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِين}[النمل:87]
ويلاحظ أن آية المؤمنون 112 تشير إلى أن المكان الذي يُخاطبون فيه ليس هو الأرض المعلومة.
فهذه الآيات تركز على الجانب الفيزيائي للأرض.
ثالثا:
عالم الإنسان، الذي هو مستخلف فيه، وذلك في آيات مثل:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُون}[البقرة:11]، {الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون} [البقرة:27]، {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُون} [البقرة:30]، {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين}[البقرة:36]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين} [البقرة:168]، {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَاد} [البقرة:205]، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُون} [يوسف:109]، {قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولا}[الإسراء:95]، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور}[الحج:46]، {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِير}[النور:57]، {وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِين}[الشعراء:183]، {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِين}[النمل:69]،
فهذه الآيات تركز على الأرض من حيث حياة الإنسان وأعماله فيها.
ويأتي لفظ الأرض بما يحتمل المعنيين.
ويأتي لفظ الأرض للدلالة على بلاد خاصة لأسباب عديدة، فقد يأتي بمعنى مصر، البلد المعلوم، كما في الآيات:
{وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون}[يوسف:21]، {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيم} [يوسف:55]، {وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين}[يوسف:56]، {قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِين}[يوسف:73]، {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِين}[يوسف:80]، {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِين} [القصص:4].
*******
لم يكن الناس في الزمن القديم يعلمون أن ما يقلّهم هو كوكب من الكواكب مثل زحل والمشتري والمريخ ... الخ التي يرونها في السماء، ولو كانوا يعلمون لبحثوا له عن اسمٍ آخر غير "الأرض"، فلكل كوكب من الكواكب أرضه الخاصة به هي سطحه الذي سيمشي عليه الإنسان لو صعد إليه، بل إن الإنسان الذي يسكن في الدور العشرين من برج كبير سيكون لبيته الخاص أرضه، وكذلك الإنسان في الطائرة، وفي الجنة، وفي النار، فيجب على الناس دائما إدراك المعاني الأصلية للكلمات عند التعامل مع القرءان.

******* 

الأربعاء، 16 أغسطس 2017

من المرويات المنسوبة إلى الرسول ولها أصول صحيحة

من المرويات المنسوبة إلى الرسول ولها أصول صحيحة

1.         إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة.
2.         ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا؛ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}
3.         الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا لكم.
4.         إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها.
5.         مَا هَذِهِ الْكُتُبُ الَّتِي بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَكْتُبُونَها؟ أَكِتَابٌ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ؟! يُوشِكُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِكِتَابِهِ فَيُسْرَى عَلَيْهِ لَيْلاً، فَلا يَتْرُكَ فِي وَرَقَةٍ وَلا قَلْبٍ مِنْهُ حَرْفًا إِلا ذَهَبَ بِهِ.
6.         لا تكتبوا عني شيئا سوى القرءان ومن كتب عني شيئاً سوى القرءان فليمحه.
7.         اعملوا بالقرءان أحلّوا حلاله وحرّموا حرامه واقتدوا به ولا تكفروا بشيء منه.
8.         اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا مَا دُمْتُ فِيكُمْ فَإِذَا ذُهِبَ بِي فَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ أَحِلُّوا حَلاَلَهُ وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ.
9.         ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه.
10.      لا تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفا فليحلف بالله.
11.      بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنِّي (وليس عن بَنِي إسْرَائِيلَ) وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
12.      لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.
13.      عذِّبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
14.      أطيعوني ما كنتُ بينَ أظهرِكُم، وعليكُم بِكِتابِ اللَّهِ؛ أحلُّوا حلالَهُ وحرِّموا حرامَهُ.
15.      المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه.
16.      المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
17.      مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.


*******

لا يجوز نكاح الكتابي لمسلمة

لا يجوز نكاح الكتابي لمسلمة

لا يجوز زواج المسلمة من الكتابي لما يلي:
a.      الأصل في دماء الناس وأعراضهم وأموالهم الحرمة، وليس الإباحة، فالأصل في الفروج الحرمة، فهي لا تثبت إلا بنص قطعي الثبوت والدلالة، ولا وجود لنصٍّ كهذا.
b.      لذلك فمن يزعم أنه يجوز زواج المسلمة بغير مسلم هو المطالب بإحضار نصّ قطعي الدلالة بقول بذلك، فالإباحة في مثل هذه الأمور هي التي تحتاج إلى دليل، ولا دليل.
c.      الكتابي (بالذات) لا يعترف بدين المسلمة ولا بكتابه ولا برسوله أصلا، هذا في حين أنها هي تعترف بدينه وبكتابه وبنبي دينه، ولا يمكن في أكثر الأحيان لشخص نشأ على اعتبار الإسلام هرطقة أو كفرا وربما تشرب بكراهيته، وهو في كل الأحوال لا يعترف به كدين كاليهودية مثلا، أن يعامل المسلمين معاملة سوية مهما زعم الحيادية والموضوعية.
d.      القرءان يجعل للرجل حق القوامة على النساء في الأسرة، فمن تتزوج الكتابي ستجد نفسها في معضلة مستمرة معه.
e.      دفع الضرر مقدم على جلب المصلحة.
ويقولون إن المعول هو على علاقة الحب بين الرجل وبين المرأة، الواقع يكذب كل هذه المزاعم الرومانسية، أفلام هوليود شيء، والواقع شيء آخر، وكل الناس يعلمون أن هذا الشعور سرعان ما يتبخر، إلا في حالات استثنائية نادرة، لا يمكن الاحتجاج بها، وكم من كوارث كبرى تسبب فيها التعلق بالأوهام، والضحية دائمًا تكون هي المرأة لأسباب معلومة.
*******
قلنا إن الأصل في دماء الناس وأعراضهم وأموالهم الحرمة، وليس الإباحة، وأن تحليل الفروج هو لذلك الذي يحتاج إلى نص صريح.
فهبّت الأبواق الجوفاء هبة خنزيرٍ واحد، وقالوا: الأصل في الأشياء الإباحة!
وقول هؤلاء أن الأصل في الأشياء الإباحة يعني أن أمهاتهم وأزواجهم وبناتهم مباحة للناس كافة! هذا فضلا عن دمائهم وأموالهم! إذا كان تحريم أمك عليك كان لوجود نصّ، فهي غير محرمة على غيرك ولو بدون نكاح، فلا يوجد نص يحرمها عليه.
وهم بذلك يثبتون أَنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ولا يَعْقِلُونَ، وإِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا.
يجب العلم بأن القرءان يخاطب أقوامًا يفقهون ويعقلون.
إنه يجب العلم بأن هناك تحريمان على الرجل في هذا الشأن:
فروج الغير محرمة عليه بالحرمة الأصلية.
ويحرم عليه نتيجة الصلات الأصلية والحادثة نكاح بعض النساء.
*******
قال تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24) وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)} النساء
الآيات تتحدث عن تحريم نكاح فئات معينة من النساء وتحليل نكاح أخريات، فهي لا تتعارض مع الحرمة الأصلية للفروج، الأصل في الفروج الحرمة، والآيات تتضمن تحريما إضافيا خاصًّا بالنكاح.
فالآيات هي لتبيين الفئات التي يحرم نكاحها، ولتبيين تراتبية الفئات (التاريخية) من حيث التحريم، فأحدث تحريم هو تحريم نكاح أختين معًا، أي تحريم الجمع بينهما في النكاح، فمن كان متزوجًا بامرأة يحرم عليه أن يتزوج أختها، ومن بعد ذلك استعملت الآيات لفظ "التحليل" لكل ما هو دون ذلك بشرط الإحصان وغير المسافحة، فالتحليل هو تحليل النكاح، فالتحليل يكون بنكاح شرعي فقط، ويجب أن تكون الفئة التي يحل نكاحها منصوصًا عليها.
مثال: أخت أحد الأشخاص محرَّم فرجها عليه بالحرمة الأصلية، ومحرَّم عليه أيضًا نكاحها بالنصّ، بينما يكون فرجها محرما بالحرمة الأصلية على غيره، أما نكاحها فليس محرما على غيره إلا إذا كانت تندرج تحت إحدى الفئات المذكورة، كأن تكون أختًا من الرضاعة لهذا الغير.
وبالطبع حدث تدرج في تطبيق الأحكام إلى أن اكتمل الدين، والموجود في القرءان هو الآيات الراسخة الملزمة للناس، فالموقف الآن: الأصل في الفروج الحرمة، فالتحليل من وراء الفئات المذكورة يكون بنكاح شرعي فقط، ولا أدري كيف يمكن أن يجادل أحد في ذلك؟!
ولمزيد من التوضيح:
كل الفروج حرام، هناك فروج يمكن أن تحلل بالنكاح، وهناك فروج لا يمكن أن تحلل أبدا بالنسبة لرجل معين، من يجوز نكاحهن يجب أن يرد بهن نصٌّ شرعي صريح بالتحليل.
أما التراتبية التاريخية للنساء التي يحرم نكاحهن فتتضح من بيان أن الجمع بين الأختين في النكاح لم يكن محرَّمًا في شريعة إبراهيم عليه السلام، فيعقوب عليه السلام جمع بين الأختين ليئة وراحيل ابنتي لابان، فالتحريم حدث في شريعة القرءان، فهذا من آخر ما تمَّ تحريمه.
*******
إن الناس لم يستطيعوا التمييز بين أمرين: حرمة الفروج، وهي حرمة عامة، ومسألة من يحل نكاحهن، فالنكاح وسيلة لتحليل فروج فئات محددة من النساء هي بخلاف الفئات المحرمة: العفيفات من نساء المسلمين بعد إتيانهن أجورهن، العفيفات من أهل الكتاب بعد إتيانهن أجورهن، الفتيات (الإماء) بعد إتيانهن أجورهن وأخذ الإذن من أهلهنّ، وهذا يتضمن أنه ليس من حق أهلهن استباحة فروجهن.
*******
إن الأصل في الفروج الحرمة، وهي لا تحل إلا بنكاح شرعي، وهنا يتبين أنه هناك أيضًا من يحرم نكاحهن من فئات النساء، وهنا لابد من النص على من يحرم نكاحهن، فقد شهد هذا الأمر تغيرًا من شريعة إلى شريعة إلى أن اكتمل التحريم، فالجمع بين الأختين في النكاح لم يكن محرَّمًا في شريعة إبراهيم عليه السلام، وتمَّ تحريمه في الإسلام.
ولأن الأصل في الفروج الحرمة، فإنه كان لابد من النص على فئات النساء التي يمكن نكاحهن؛ أي اللاتي أحلت للنكاح بشروطه، وهنّ: العفيفات من نساء المسلمين بعد إتيانهن أجورهن، العفيفات من أهل الكتاب بعد إتيانهن أجورهن، الفتيات (الإماء) بعد إتيانهن أجورهن وأخذ الإذن من أهلهنّ، قال تعالى:
{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين} [المائدة:5]، {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم}[النساء:25].
*******
الناس لم يستطيعوا التمييز بين حرمة الفروج كأمرٍ ثابت وأساسي مثل حرمة الدماء وحرمة الأموال، وبين تحريم نكاح بعض فئات النساء، فظنوا أن تحريم فروج كل نوع من النساء هو الذي يحتاج إلى نصّ! تحليل الفروج وتحليل النكاح هو الذي لابد له من نصّ.
*******
قال تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)} البقرة
إنه محرَّم على المسلمين أن ينكحوا المشركات أو أن يُنكِحوا المشرِكين، والمقصود بالمشركين المشركون بالمعنى الاصطلاحي، وهم بالنسبة للقرن الأول هو من لم يؤمن من العرب والأعراب؛ فهم من اتخذوا الأوثان أربابا، وكانوا بذلك في حالة حرب مع الرسول والأمة المؤمنة، فقوم الرسول ملزمون بالإيمان به من بعد أن جاءهم بالبينات، وتلك هي سنة الله في خلقه، فإن لم يفعلوا وجب قتالهم حتى يذعنوا، وليس المراد بالمشركين هاهنا كل من أشرك بالله تعالى مثل أهل الكتاب أو أتباع المذاهب التي حلت محلّ الإسلام مثلا، ولقد ميَّز القرءان بين أَهْلِ الْكِتَابِ وبين وَالْمُشْرِكِينَ، ومن ذلك قول الله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} البينة6.
ولقد نصّ القرءان صراحة على جواز نكاح نساء أهل الكتاب، وآيات القرءان يبيِّن بعضها بعضا، ومن المعلوم كما أعلن القرءان أنه: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} يوسف106، فلا يجوز تحريم الزواج ممن يراءون بأعمالهم مثلا رغم أن الرياء نوع من الشرك، كذلك لا يجوز تحريم النكاح من المحسوبين على الإسلام الذين فرقوا دينهم، وكانوا بذلك من المشركين، قال تعالى:
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)} الروم.
لكل ذلك فالمشركون الذين يحرم الزواج منهم هم كل من رفض الإيمان (الإسلام) وأصر على اتخاذ أرباب مع الله تعالى مع اتخاذ موقف عدائي من الإسلام، وينطبق نفس الحكم بالطبع على من هم في حالة حرب مع الأمة المسلمة وإن كانوا من أهل الكتاب، وينطبق بالأحرى على الكفار الذين يتبنون موقفا عدائيًا من الإسلام.
ولكن لا يجوز اتخاذ هذه الآية ذريعة لإبطال جواز الزواج من الْمُحْصَنَات مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إبطالا مطلقًا، قال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين} [المائدة:5].
ومن المعلوم أن القرءان يميز بين المصطلحات: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ، أَهْل الْكِتَابِ، الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ.
فمصطلح "أَهْل الْكِتَابِ" يتضمن كل من لديهم كتاب مُنزل ذكره القرءان يأخذون منه أمور دينهم، فهو يشمل اليهود والنصارى.
أما التعبير "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ" ففيه ينسب الله تعالى إيتاءهم الكتاب إلى نفسه بصيغة الجمع المتكلم، فالتعبير هنا مظنة الثناء عليهم أو انتظار الخير والإيمان والشهادة بالحق منهم، وهو لذلك يشمل من تلقوا الوحي من أنبياء بني إسرائيل ومن آمن بهم كما يشمل آمنوا بالقرءان.
أما التعبير "الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ" الذي ينسب فعل الإيتاء إلى مجهول فهو يستعمل عندما يكونون مظنة الذم أو انتظار الشرّ منهم، إلا في آية واحدة هي:
{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين} [المائدة:5]
وفي ذلك إشارة إلى جواز تناول طعام أهل الكتاب والزواج منهم مهما تدنَّت حالتهم، ولو استعمل هنا التعبير "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ" للزم البحث عمَّن هم مظنة الثناء ومن هم المتمسكون بالرسالات الأصلية.
وتشير الآية إلى المقصد من تبيين الآيات، وهو إيقاظ ملكة التذكر في الإنسان ومدها بما يلزمها، وذلك من لوازم أركان دينية عديدة، ومن تفاصيل تحقيق المقصد الديني على المستوى الفردي.
*******
زعموا أن آية البقرة 221 منسوخة بالآية: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين} [المائدة:5]
وقولهم هذا هو من خطئهم في إدراك المصطلح القرءاني، فالمقصود بالمشركين طبقًا للاصطلاح القرءاني هم الذين لم يؤمنوا من قوم الرسول، والقرءان يضعهم في مقابل أَهْلِ الْكِتَابِ ولا يسوي بين الطائفتين، قال تعالى:
{مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم} [البقرة:105]
وهذا لا يعني بالطبع المعنى العام للشرك، والذي يتصف به أكثر الناس حتى من آمن منهم، قال تعالى:
{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُون} [يوسف:106]
فلا يوجد أي اختلاف أو تعارض بين الآيتين، والآية التي قالوا بأنها منسوخة تتضمن حكمًا هاما أيضا، وهو أنه في حالة حرب مع دولة أخرى، لا يجوز الزواج منهم أو تزويجهم.
إنه لا يجوز القول بأن أهل الكتاب كفار أو مشركون أو مسلمون، هم أهل كتاب، وهم يهود أو نصارى، هذه هي أسماؤهم القرءانية.
والفرق كبير بين نسبة الكفر أو الشرك إلى شخص أو طائفة، أو تلقيبه اصطلاحيا بلقب كافر أو مشرك، فقد كفر وأشرك المسلمون واليهود والنصارى في الكثير من أقوالهم وأفعالهم وعقائدهم، ولكن هذا لا يغير من أسمائهم الشرعية القانونية. 
وَالله تعالى يُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون، فالوصول بالناس إلى حالة التذكر هو بذلك من مقاصد تبيين الآيات، والحرف "لعلّ" هو في منهجنا واصطلاحنا عندما يُنسب إلى الله يكون لبيان الحكمة أو المقصد من الفعل الإلهي، ولا يحق لأحد أن ينكر الحكمة الإلهية في أي طور من أطوارها، فالعل الإلهي محفوف بالحكمة، وتسري فيه الحكمة، فثمة حكمة سابقة عليه، وثمة حكمة مصاحبة لتحققه، وثمة حكمة ستظهر وتُفصَّل بالفعل، ومن تجلياتها المقصد من الفعل.  
*******
من جديد:
الأصل في الدماء والأموال والأعراض الحرمة، ليس من حقك أن تمس مال أو عرض غيرك أو أن تسفك دمه، لا تكن بوقًا أجوف، وكفّ عن الصراخ بأن الأصل في الأشياء الإباحة، فلا يوجد أي نصّ يقول بذلك، وأنت بصراخك هذا تجعل من حقّ غيرك أن ينهب مالك وأن ينتهك عرضك وأن يسفك دمك.
ولقد أثبت الموقف مما حدث في تونس ضحالة أكثر (التنويريين)، وتبيَّن أنهم لا يعلمون كيف يتعاملون مع القرءان الكريم، فهم مثل غيرهم يظنون أن القرءان مدونة قانونية للأطفال!!! وهم لا يعلمون الفرق بين "النصّ" بالمعنى اللغوي وبين "النصّ" في اصطلاح أصول الفقه!!!
إنه يجب العلم بأن للتحريم صور عديدة قد تخفى عليك، مثال: قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُون} [الأعراف:33]
ولذلك فكل ما ذكر القرءان أنه فاحشة أو إثم أو بغي بِغَيْرِ الْحَقِّ أو شرك أو تقول عليه هو محرَّم بالضرورة، وكذلك يكون محرما أي فعل يصف الله تعالى مقترفه بأنه أثيم أو مشرك أو ظالم ... الخ.
وكذلك يحرم عليك كل فعل ذكر الله تعالى في القرءان أنه أهلك قومًا بسببه أو توعدهم بالعذاب الأليم.
ومن العجيب أن الضالين (التنويريين) الذين يطالبون بالنص قد أيدوا ما يخالف النصّ بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي، فقوله تعالى { يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ.....} [النساء:11] هو نص بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي، وهم هللوا وصفقوا لما يخالفه، وهذا مما يكشف للناس حقيقة أمرهم!!!
والحقّ أن القرءان موجه إلى قومٍ يفقهون ويعقلون، ولا يخاطب الأنعام، لآيات القرءان مفاهيم وفحاوى وإشارات ومقتضيات، والرسول لا يحرم من تلقاء نفسه، بل بفحوى ومقتضى الآيات، فهو يبين الذكر بالذكر.
*******