السبت، 29 يوليو 2017

حوار مثمر مع بُخبُخ متمكن من ضلاله

حوار مثمر مع بُخبُخ متمكن من ضلاله
 مسلم: ما هي مصادر الدين عندكم طبقا للأولوية؟
بُخبُخ: وهل هذا سؤال؟ الأصول عندنا هي القرءان وهو الأصل الأول والوحي الأول، والسنة، وهي الوحي الثاني، والإجماع والقياس، وهناك أصول أخرى على اختلاف بين المذاهب: الاستصلاح والاستصحاب والاستحسان وسدّ الذرائع ....
مسلم: وماذا تقصد بالسنة؟
بُخبُخ: هي ما أُثر عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير أو حركة أو سكنة أو خَلْق أو خُلُق.
مسلم: وكيف عرفتم بها؟
بُخبُخ: من كتب السنة، وعلى رأسها البخاري؛ أصح كتاب بعد كتاب الله.
مسلم: وما مدى مصداقيتها؟
بُخبُخ: أجمعت عليها الأمة وتلقتها بالقبول وعكف عليها الحفاظ والشراح حفظا وشرحا وتفصيلا، ولم نعلم لها مخالفًا إلا من كان خالعًا للربقة مفارقا للجماعة خارجًا على الأمة متبعًا سبيل ضلالة مبتغيًا إحداث فتنة ....
مسلم: يا للهول! ويا له من مقياس للمصداقية! وهل رأت الأمة خيرًا منذ أن عكفت عليها؟
بُخبُخ: ولن تفلح جهود أمثالك في زحزحتها عن هذا العكوف
مسلم: هل كل حركات وسكنات الرسول وخَلْقه أو خُلُقه كان وحيا يوحى؟
بُخبُخ: أتشكك في السنة؟!
مسلم: أجب عن السؤال
بُخبُخ: أي نعم!
مسلم: كيف؟
بُخبُخ: بلا كيف!
مسلم: فلماذا كان الوحي الأول يعاتب الوحي الثاني؟ بل لماذا كان عمر بن الخطاب يعترض على الوحي الثاني –كما تقولون وتتشدقون- فينزل الوحي الأول مؤيدا لعمر ومفندا للوحي الثاني؟
بُخبُخ: وما شأنك أنت؟ وكيف تقحم نفسك فيما كان يحدث بينهم؟!
مسلم: هل جعلت عمر بن الخطاب مكافئًا لله أو لرسوله، أليس هذا هو الشرك المبين؟
بُخبُخ: أنت غير متخصص، أنت لست ندًّا لي!
مسلم: وإذا كانت كل أفعال الرسول وحيا يوحى فلماذا عاتبه ربه لتحريمه على نفسه ما أحل الله له؟ ألم تقرأ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم} [التحريم:1]؟
بُخبُخ: ههههه! من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب والغرائب!
مسلم: ولماذا عاتبه عندما عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَن جَاءهُ الأَعْمَى؟  
بُخبُخ: كل شبهاتك قديمة ومردود عليها!
مسلم: ولماذا عاتبه قائلا: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِين} [التوبة:43]
بُخبُخ: ولماذا لا تركز أنت على تخصصك؟
مسلم: هل كان يوحي إليه سرا بما سيعاتبه عليه علنا؟
بُخبُخ: نعم، للتشريع!
مسلم: وكيف تنسخون آيات القرءان بما تسمونه بالسنة؟
بُخبُخ: وماذا في ذلك؟ أليس كلاهما وحيًا يوحى؟
مسلم: ولكنك قلت إن الأولوية للقرءان وأنه الأصل الأول!
بُخبُخ: ولكن السلف قالوا أيضًا إن السنة حاكمة على القرءان وقاضية عليه وأن حاجة القرءان للسنة أشد من حاجة السنة للقرءان، لذلك فلا غرابة أن تنسخ السنة القرءان، أليس هذا هو المنطق؟ أتأخذ ببعض أقوال السلف وتكفر ببعض؟
مسلم: أتجعل من سلفك المزعوم إلهًا مقدما على الله تعالى نفسه ثم تتحدث عن المنطق؟ ألا ترى التناقض في كلامك؟ والمشكلة أن مقدماتك ليست فقط خاطئة بل هي محض هراء!
بُخبُخ: ألا تعلم أن القرءان فيه ما هو مبهم والسنة تبينه وفيه ما هو مشكل والسنة توضحه وفيه ما هو مطلق والسنة تقيده وفيه ما هو مجمل والسنة تفصله، ألم تقرأ القرءان أبدا؟
مسلم: في الحقيقة قرأت فيه الآيات الآتية، وكلها تثبت أن القرءان مبين ومبيِّن وتبيان لكل شيء، وأن آياته بينات: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }النحل89، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورا مُّبِينا}النساء174، {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }المائدة15، {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ }يوسف1، {الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقرءان مُّبِينٍ }الحجر1، {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ }النور34، {لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }النور46، {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ }الشعراء2، {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقرءان وَكِتَابٍ مُّبِينٍ }النمل1، {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ }القصص2، {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقرءان مُّبِينٌ }يس69، {حم{1} وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ{2}} الزخرف، {حم{1} وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ{2}} الدخان، {رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً }الطلاق11، {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ }البقرة99،  {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }البقرة159،  {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقرءان هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }البقرة185، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقرءان غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }يونس15، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً }مريم73،  {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ }الحج16،  {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }الحج72، {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}النور1،  {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ }العنكبوت49،  {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ }سبأ43
بُخبُخ: هههههههااااااااه، وهل فات على السلف كل هذه الآيات؟ كلا، لقد قرأوها ولكنهم قالوا ما قالوا، أنت غير متخصص، أنت لست ندًّا لي!
مسلم: لا يتعلم من القرءان إلا من دخل إلى حضرته متأدبًا طالبًا للعلم، أما الظالمون فهيهات أن يفقههوه، استمع جيدا:  {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقرءان مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارا}الإسراء82، {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقرءان وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً}الإسراء46، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً }الكهف57، {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ{124} وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ{125} }التوبة124، {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ }الأنعام25، {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51)} الحاقة، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ{41} لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ{42} مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ{43} وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قرءاناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ{44}}فصلت
بُخبُخ: هذه الآيات نزلت في الكافرين بآيات القرءان المعرضين عنها!
مسلم: ألم تعرض أنت وسلفك عن القرءان وقدمتم عليه المرويات الظنية وتفننتم في الإساءة إليه؟ ألم تكفروا بالآيت القرءانية التي زعمتم أنها منسوخة وألغيتم مضامينها ومعانيها؟ ألا تشمئز قلوبكم عند ذكر كتاب الله وحده؟
بُخبُخ: أتسخر من السلف؟
مسلم: وجئت أنت والخلف الطالح وجعلت من سلفك آلهة مشرعين بل جعلتهم فوق رب العالمين! وهذا من الشرك المبين، اقرأ جيدا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} [الشورى:21]
بُخبُخ: يا لك من مضلّ! أتتمادى في الطعن في السلف؟
مسلم: لا يعنينا الآن أمرهم في شيء، كل ما هو مطلوب منَّا في القرءان أن نستغفر لمن سبق بالإيمان منهم، ولكن المشكلة هي في وجود أمثالك والقطعان الضالة الذين يتبعونكم بغير علم، ولو فقهوا ما تقول به لرجموك بالحجارة، ذلك لأن كلامك يرفضه كل ذي فطرة سوية.
بُخبُخ: ههههههههههههههههااااااااااااااااااااه
مسلم: {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39)} هود


*******

الجمعة، 28 يوليو 2017

من هو؟ ومن هم؟

من هو؟ ومن هم؟

كان ثمة حاكم حقاني عادل يقيم في بيته الكبير وينعم الناس معه بالأمن والرخاء بعد أن أصلح ذات بينهم وحقق لهم السلام والوفاق، كما حقق لهم نهضة هائلة في بلادهم وجعل منهم خير أمة من بعد أن كانوا أضل أمة، ولكن أكثرهم لخبث طويتهم لم يقروا له بفضل، وأخذوا يتربصون به الدوائر.
أخذ عددهم يتزايد بينما يقل عدد أتباعه المخلصين حتى أصبحوا قلة يحدق بها الآخرون، ويتحينون الفرصة للفتك بهم، وقد فتكوا بالفعل بأكثرهم، وامتلكوا السلطة والملك والثروة.
ولكنهم كانوا على علم بأنه لو بقي للحاكم الحقاني مكانته فسيظهر من يعمل به ويتأسى بالصالحين المخلصين، ويهدد كل ما حققوه لأنفسهم.
أحكموا تدبيرهم، واستعانوا على ذلك بكل أعداء الحاكم الحقاني، أثاروا اللغط في حقه، جاءوا بالبدائل من كل حدب وصوب، إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة.
وذات مرة فوجئ الحاكم بهم يقتحمون عليه بيته ويأتون بمجموعة كبيرة من الناس ويطلبون منه أن يقيموا معه ليساعدوه رغم أنه لم يطلب أية مساعدة وكان في كامل قوته وعنفوانه، ولكنهم أصروا على ذلك فقبل على مضض.
وما إن استقر هؤلاء في البيت حتى أتى الناس من جديد وحاصروا بيت الحاكم وطلبوا منه أن يخلي على الأقل 80% من القصر لمن فرضوهم عليه وأن يجعلهم حاكمين عليه وأن يجعل لهم الكلمة الفاصلة وحق إبطال ما لا يروق لهم من قراراته، قالوا له: اضطررنا لذلك لأن كل كلامك مجمل غير مفصل، مطلق غير مقيد، مبهم غير مبين وفيه من المشكل الكثير، وفيه اختلاف كثير، ورغم أنك تزعم أن كلامك تبيان لكل شيء فلم نجده تبيانا لأي شيء!
أخذت أحوالهم في التدهور المضطرد، لم يعد للحاكم العادل أي سلطان عليهم، انزوى بعيدا عنهم.
أخذ بعضهم يأكل البعض الآخر، وصلت الحالة إلى منتهى السوء، انقض الناس من كل مكان على هذه القرية الظالمة وساموا أهلها سوء العذاب، استيقظت ضمائر بعض الناس، قاموا فقالوا: لعل سبب ما حدث هو خطأ أسلافنا في حق الحاكم الطيب، يجب أن نعيد إليه حقوقه.
صرخ فيهم الأكثرية: وكيف يمكن ذلك إن أكثر من 80% من القوانين والأوامر تصدر عمن أقمناهم معه وليس عنه، هل تريدون إشاعة الفوضى والإلحاد في البلاد؟ ما أنتم إلا خالعون للربقة مفارقون للملة؟ هل تريدون إحداث فراغ دستوري أيها الفوضويون؟
قالت الأقلية: وهل يمكن أن تسوء أحوالكم بأكثر مما هي عليه، قالت الأكثرية: لن نترك هدي أسلافنا العظام المبجلين لنتبع شرذمة من الضالين، إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيم.


*******

الأحد، 23 يوليو 2017

من أعظم انتصارات جيش مصر على مدى التاريخ

من أعظم انتصارات جيش مصر على مدى التاريخ

إن الشعوب الحية التي تريد أن تنمي الشعور الوطني في أبنائها هي التي تحيي ذكريات انتصاراتها التاريخية، وجيش مصر هو الذي له أكبر سجل من الانتصارات المتنوعة على مدى التاريخ، ولكن بعض الناس إما لسوء طويتهم أو لجهلهم لا يركزون إلا على لحظات الهزائم، ولا توجد أمة عريقة لم تتعرض لهزائم على مدى تاريخها، وفرنسا التي هي مهد الوطنية بمفهومها المعاصر تمجِّد وتخلد انتصارات نابليون، فلا تكاد تخلو مدينة من شارع أو ميدان يحمل اسم أحد انتصاراته، هذا رغم أنه هُزِم في النهاية واحتلت بلاده، لأول مرة في تاريخها منذ أن أصبحت دولة، وأبيد عدد كبير من سكانها بسببه، حتى إنه اضطر لتجنيد الأطفال والصبية.
أما مصر، فهي أقدم دولة مستمرة على مدى التاريخ، وصاحبة أطول تاريخ مكتوب، وفيها وُلِد مفهوم الوطنية الممتزج بالدين والعقيدة، وهي تقع في قلب العالم المأهول، لذلك لم تملك ترف العزلة عن العالم إلا في تاريخها القديم، وبالتحديد قبل غزو الهكسوس، فقد ظلت على مدى آلاف السنين قبل هذا الغزو تكتفي بصد غارات البدو والأفارقة، ولا تحاول غزو أراضي الغير، فقد كان ذلك ضد دينه وقيمها، كما أنها كانت بالغة الثراء والتقدم والرقي الحضاري، ولم يكن لدى التجمعات البدوية من حولها ما يغري بضم بلادهم إليها.
أما من بعد غزو الهكسوس فقد وجدت أنه لزاما عليها أن يكون لديها جيش قوي متأهب دائما لصد الغزاة وملاحقتهم في بلادهم، ولكن ظل الهدف دائمًا هو تأمين مصر، وليس التوسع الإمبراطوري إلى أقصى مدى كما سيفعل الكثيرون من بعد، وقد كان بوسع تحتمس الثالث مثلا أن يؤسس إمبراطورية أكبر من إمبراطورية الإسكندر، ولكن كان ذلك دائما ضد القيم المصرية، ومن الجدير بالذكر أن هذا الطابع المصري يكتسبه كل من يحكم مصر، حتى وإن لم يكن قد وُلِد مصريا، وعندما سحق الجيش المصري بقيادة كافور الإخشيدي جيش الدولة الحمدانية الذي بدأ بالعدوان واستولى على دمشق التي كانت تابعة لمصر، وأخذ سيف الدولة في الفرار إلى أن وصل إلى مدينة الرقة اكتفى كافور بإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، فترك لسيف الدولة حلب وحمص على أن يظل باقي الشام تابعًا لمصر، ولم يكن الحكم المصري لأي بلدان خارجية تعسفيا أبدا، بل كان دائما حكما حضاريا راقيا، وهذا ما كان يؤلب عليه الهمج والفوضويون وتجار الرقيق (في العصر الحديث)، وعندما أهمل إخناتون شأن الإمبراطورية بسبب معتقداته الدينية أخذت الرسائل تنهال عليه من أهل الشام ليخف لنجدتهم، وما زالت تلك الرسائل موجودة إلى الآن.
وقد شهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ لجند مصر بأنهم خير أجناد الأرض.
وقال كلوت بك الفرنسي كبير أطباء الجيش المصري ومؤسس أول مدرسة للطب في مصر والمنطقة، وكانت على النمط الفرنسي: "ربما يُعدّ المصريين أصلح الأمم لأن يكونوا من خيرة الجنود ومن صفاتهم العسكرية الامتثال للأوامر والشجاعة والثبات عند الخطر والتذرع بالصبر في مواجهة الخطوب والمحن والإقدام على المخاطرة والاتجاه إلى خط النار وتوسط ميادين القِتال بلا وجل ولا تردد".
وهذا سجل ببعضٍ من أعظم انتصارات جيش مصر على مدى التاريخ: 
1.       معارك طرد الهكسوس التي قادها وحسمها أحمس الأول
2.       معارك تأسيس الإمبراطورية التي قادها ملوك الأسرة 18
3.       معركة مجدو بقيادة تحتمس الثالث
4.       المعارك البرية والبحرية ضد شعوب البحر التي قادها رمسيس الثالث
5.       انتصار شيشنق على المملكة العبرانية في فلسطين
6.       انتصار نخاو على جيش يهوذا بقيادة الملك الصالح يوشيا، وقد قُتِل يوشيا، وإلى الآن يبكيه اليهود والنصارى
7.       انتصارت بطليموس الأول في شرق المتوسط
8.       انتصارات بطليموس الثالث والتي وصلت جيوشه إلى تخوم الهند، وقد خلدها الشعراء والفلكيون، فسموا إحدى المجموعات النجمية باسم شعر زوجته، وكانت قد وهبت خصلة من شعرها لآلهتها شكرا لانتصاراته.
9.       انتصارات أحمد بن طولون في الشام، وابن طولون هو أول من أسس لمصر جيشا خاصا منذ الاحتلال الروماني.
10.   معارك الدولة الإخشيدية ضد الدولة الحمدانية والدولة الفاطمية
11.   معركة حطين ضد الصليبيين 1187 م
12.   معارك شرق الدلتا بقيادة السلطان الكامل ضد الحملة الصليبية الخامسة (أكبر حملة صليبية) 1221 م
13.   انتصار الملك الصالح على جيوش التحالف الصليبي-الشامي في غزة 1244 م
14.   معارك الملك الصالح في الشام واسترداده القدس لتظل إسلامية حتى العصر الحديث 1244 م
15.   معارك شرق الدلتا بقيادة الأميرة شجر الدرّ والمماليك على الحملة الصليبية السابعة (أقوى حملة صليبية) وأسر ملك فرنسا وإبادة جيشه وأكثر فرسانه الأشداء، وهم زهرة فرسان أوروبا 1250 م.
16.   معركة عين جالوت بقيادة قطز وبيبرس ضد المغول 1260 م
17.   سلسلة معارك الجيش المصري بقيادة بيبرس ضد الصليبيين: قيسارية، أرسوف، صفد، يافا 1265 – 1268 م.
18.   معركة أنطاكية بقيادة بيبرس ضد الصليبيين 1268 م
19.   معركة البيرة على نهر الفرات بقيادة بيبرس ضد المغول 1272 م
20.   المعركة ضد النوبيين الذين اعتدوا على جنوب مصر، وضم النوبة نهائيا إلى مصر في عهد بيبرس 1275 م
21.   معركة أبلستن بقيادة بيبرس ضد التحالف المغولي السلجوقي، وانتهت بالاستيلاء على عاصمة الدولة السلجوقية 1276 م
22.   معركة حمص بقيادة المنصور قلاوون الألفي ضد المغول والتتار 1281 م، وكانت أكبر بكثير من معركة عين جالوت
23.   معركة حصن المرقب الصليبي 1285 م
24.   معركة استرداد طرابلس من الصليبيين 1289 م
25.   معركة استرداد عكا، وترتب عليها تحرير صيدا وبيروت وعتليت وطرسوس وانتهاء الحروب الصليبية 1290 م
26.   معركة شقحب مرج الصفر بقيادة الناصر قلاوون ضد التتار 1302 م، وبها انتهى تماما الخطر التتاري على المنطقة.
27.   معركة الاستيلاء على قبرص في عهد السلطان برسباي 1426 م
28.   انتصار الجيش المصري بقيادة يشبك الدوادار على التركمان بقيادة شاه سوار 1472 م
29.   انتصار الجيش المصري بقيادة الأمير يزبك على العثمانيين انتصارا ساحقا وأسر قائد العثمانيين وقتل أربعين ألفا من جنوده 1486 م.
30.   انتصار الجيش المصري بقيادة الأمير يزبك مرة ثانية على العثمانيين انتصارا ساحقا 1487 م
31.   انتصار الأسطول المصري بقيادة حسين الكردي على البرتغاليين في المحيط الهندي 1508 م.
32.   معركة رشيد ضد الإنجليز 1807 م
33.   معارك الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا ابن محمد علي ضد الوهابية والتي انتهت بمعركة الدرعية 1818 م
34.   معارك الاستيلاء على السودان 1820 م (استصدر محمد علي فتوى من المشايخ تحلل له ذلك، وأرسل شيوخا مع الحملة لضمان التزام الجنود بالشريعة).
35.   الانتصارات على اليونانيين في نوارين ومسولنجي وأثينا (كان الاشتراك في هذه الحملة خطأً جسيما) 1825 – 1827 م.
36.   معارك الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا ضد العثمانيين للاستيلاء على القدس ويافا وطرابلس وبيروت 1831 – 1832 م
37.   الاستيلاء على عكا 1832 م
38.   الاستيلاء على دمشق 1832 م
39.   الاستيلاء على حمص بعد إلحاق هزيمة كبرى بالعثمانيين 1832 م
40.   الاستيلاء على حلب
41.   معركة مضيق بيلان ضد العثمانيين 1832 م
42.   الاستيلاء على أنطاكية
43.   معركة قونية، وتمَّ فيها القضاء على الجيش العثماني 1832 م، قال البارون يوالكونت عن الجيش المصري في قونية: "إن المصريين هم خير أجناد الأرض، فهم يجمعون بين النشاط والقناعة والصبر والجلد على المتاعب مع انشراح النفس فهم بقليل من الخبز يسيرون طول النهار يحدوهم الشدو والغناء لقد رأيتهم في معركة قونية يبقون سبع ساعات متوالية في خط النار محتفظين بشجاعتهم ورباطة جأش تدعو إلى الاعجاب دون أن تختل صفوفهم أو يسرى إليهم الملل أو يبدو منهم أي تقصير في واجباتهم أو حركاتهم الحربية"
44.   معركة نزيب 1839 م، وتمَّ فيها القضاء على الجيش العثماني الجديد الذي كان يدربه ويشترك معه في القتال ضباط بروسيون.
45.   معارك حرب القرم للدفاع عن الدولة العثمانية ضد الروس
46.   معارك تأسيس إمبراطورية في أفريقيا في عهد الخديوي إسماعيل
47.   معركة طوشكي ضد المهدية الذين هاجموا مصر 1889 م
48.   معركة عطبرة ضد المهدية 1898 م
49.   معركة أم درمان ضد المهدية 1898 م
50.   حرب اليمن ضد السعودية والنظام اليمني الملكي وبريطانيا والأردن ومرتزقة أوروبيين وبدعم إسرائيلي 1962 - 1986، وقد انتهت بتثبيت النظام اليمني الجمهوري وطرد الإنجليز من أكبر قاعدة لهم، وهي قاعدة عدن إعلانا بسقوط الإمبراطورية البريطانية إلى الأبد.
51.   حرب الاستنزاف ضد إسرائيل، وقد تخللها العديد من المعارك الجزئية 1967 – 1970 م
52.   بدايات حرب أكتوبر 1973 م ضد إسرائيل وقد تخللها العديد من المعارك الجزئية.


*******

السبت، 22 يوليو 2017

اسم اليهود

اسم اليهود

اسم اليهود لم يظهر إلا متأخرا، وهذا الاسم هو الذي أصبح يُطلق على بني إسرائيل أو العبرانيين بعد السبي البابلي، وكان بنو إسرائيل من بعد سليمان قد انقسموا إلى مملكتين، هما:
1.    يهوذا في الجنوب وكانت تشمل من أسباط بني إسرائيل سبطا بنيامين ويهوذا، وكان سبط سمعون قد اندمج في سبط يهوذا، وكان معهم أيضا الكثير من اللاويين بحكم أنهم كانوا موزعين في شتى الأماكن لقيامهم بأعمال الكهانة.
2.     إسرائيل في الشمال، وكانت تشمل باقي الأسباط، وكان عددهم عشرة أسباط لأنه كان فيهم لاويون أيضا، ولكون سبط يوسف قد انقسم إلى سبطين، وتُسمَّى أيضا "إفرايم" على اسم واحد من ابني يوسف، وقد قضى الأشوريون على مملكة إسرائيل سنة 722 ق.م، وأخذوهم أسرى حيث اختفى ذكرهم من التاريخ، أما بقاياهم فقد اختلطوا بالسكان المحليين، واعتبروا خارجين على الخط العام وغير مشمولين بالعهد، ولم يكن المسيح مثلا يعتبر نفسه مرسلا إليهم، وقصة المرأة السامرية التي طلبت العون منه معلومة.
أما مملكة يهوذا فقد استمرت إلى سنة 586 ق.م عندما اجتاحها البابليون ودمروا الهيكل الأول وأخذوا أكثرهم أسرى وفرَّ الباقون بقيادة النبي إرميا إلى مصر.
ولكن الإمبراطورية البابلية سقطت سنة 539 ق.م. في قبضة قورش الفارسي الذي حرر اليهود وسمح لهم بالعودة إلى أورشليم، وبذلك لم يتبق من بني إسرائيل إلا من كانوا ينتمون إلى مملكة يهوذا وأصبحت مقاطعتهم أو مملكتهم تُعرف بمقاطعة يهودا (Yehud) الفارسية، وبذلك غلب عليهم اسم اليهود.
فمنذ السبي البابلي أصبح لقب "يهودي" يشير إلى كل من كان من مملكة يهوذا أو من ذرية من كانوا فيها وواصل اتباع ديانتها وتقاليدها، ويعتبر اليهود العصريين أنفسهم من نسل أهالي مملكة يهوذا، وإن منهم اللاويين (الليفيين) وخاصة من ينتمون إلى سلالة الكهنة؛ أي سلالة هارون؛ يهود الكوهين.
وعندما بُعث فيهم النبي عزير "عزرا" آمنوا به وغلوا في أمره، وعندما بُعث من بعده المسيح الحقيقي أصبح اسم اليهود خاصًا بمن رفضوا رسالته واستمروا على الغلو في أمر عزير إلى أن عدلوا عن ذلك بسبب قوة العقيدة المركزية The core tenet عندهم، فالذي دفع اليهود إلى النبذ السريع للشرك والعودة إلى التوحيد هو ترديدهم المستمر للشماع الذي هو لبّ عقيدتهم، والشمَّـاع Shema هو من كلمة "شمَع" العبرية وتعني "اسمع"، ويُقرَأ في صلاتي الصباح والمساء، ونصه:
"اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ".
وأول من أشار إلى دين اليهود باليهودية في الوثائق الباقية هو المؤرخ اليهودي المتأغرق يوسيفوس فلافيوس، فهي عقيدة أهل مقاطعة يهودا، وذلك في مقابل "الهيلينية" عقيدة سكان مقاطعة هيلاس (اليونان)، فالمصطلحان بدءا اسمين جغرافيين قبل أن يشيرا إلى النسقين العقائديين.
*****
إن فترة المعبد الثاني (515 ق.م.-70 م) والتي كانت بعد عودة بقايا بني إسرائيل من السبي البابلي بأمر الفرس هي التي شهدت التأسيس الحقيقي للديانة اليهودية وكتابة كتب اليهود بالصورة التي هي مماثلة تقريبا لما هي عليها الآن، وذلك بعد اندثار أكثر محتويات الكتب القديمة، وكانت يهودا مكونة أساسا من سبط يهوذا مع سبط بنيامين مع الكهنة اللاويين، وكان الاسم يهودا أو مشتقاته هو الذي أطلق على المقاطعة التي كان يعيش فيها اليهود تحت الحكم الفارسي ثم البطلمي ثم السلوقي ثم الروماني، ولذلك اكتسب المصطلح يهودا دلالات قومية وطنية دينية، تضخم شأن الطقوس الشكلية المميزة لليهود، تضخم أمر المؤسسة الدينية باعتبارها السلطة الأبقى على حساب السلطة الهشة للملوك، تم تشويه صورة كل الأنبياء والملوك الصالحين لحساب الكهنة، كان المقصد تبرير وشرعنة تصرفات الملوك الدنيويين والكهنة الفاسقين.
ويعتقد العلماء الماديون أن التوحيد لم يظهر إلا في هذه الفترة، وأن التوراة لم تدوَّن إلا فيها، وأن الاعتقاد بوجود ملائكة وجن أتوا به من بابل، وكذلك أتوا معهم ببعض الأساطير الأخرى، والحق هو أنهم انبهروا بحضارة بابل فكسر ذلك من اعتدادهم بأنفسهم وحاولوا ربط تاريخهم بهذه الحضارة المتفوقة.


*******