السبت، 22 يوليو 2017

اسم اليهود

اسم اليهود

اسم اليهود لم يظهر إلا متأخرا، وهذا الاسم هو الذي أصبح يُطلق على بني إسرائيل أو العبرانيين بعد السبي البابلي، وكان بنو إسرائيل من بعد سليمان قد انقسموا إلى مملكتين، هما:
1.    يهوذا في الجنوب وكانت تشمل من أسباط بني إسرائيل سبطا بنيامين ويهوذا، وكان سبط سمعون قد اندمج في سبط يهوذا، وكان معهم أيضا الكثير من اللاويين بحكم أنهم كانوا موزعين في شتى الأماكن لقيامهم بأعمال الكهانة.
2.     إسرائيل في الشمال، وكانت تشمل باقي الأسباط، وكان عددهم عشرة أسباط لأنه كان فيهم لاويون أيضا، ولكون سبط يوسف قد انقسم إلى سبطين، وتُسمَّى أيضا "إفرايم" على اسم واحد من ابني يوسف، وقد قضى الأشوريون على مملكة إسرائيل سنة 722 ق.م، وأخذوهم أسرى حيث اختفى ذكرهم من التاريخ، أما بقاياهم فقد اختلطوا بالسكان المحليين، واعتبروا خارجين على الخط العام وغير مشمولين بالعهد، ولم يكن المسيح مثلا يعتبر نفسه مرسلا إليهم، وقصة المرأة السامرية التي طلبت العون منه معلومة.
أما مملكة يهوذا فقد استمرت إلى سنة 586 ق.م عندما اجتاحها البابليون ودمروا الهيكل الأول وأخذوا أكثرهم أسرى وفرَّ الباقون بقيادة النبي إرميا إلى مصر.
ولكن الإمبراطورية البابلية سقطت سنة 539 ق.م. في قبضة قورش الفارسي الذي حرر اليهود وسمح لهم بالعودة إلى أورشليم، وبذلك لم يتبق من بني إسرائيل إلا من كانوا ينتمون إلى مملكة يهوذا وأصبحت مقاطعتهم أو مملكتهم تُعرف بمقاطعة يهودا (Yehud) الفارسية، وبذلك غلب عليهم اسم اليهود.
فمنذ السبي البابلي أصبح لقب "يهودي" يشير إلى كل من كان من مملكة يهوذا أو من ذرية من كانوا فيها وواصل اتباع ديانتها وتقاليدها، ويعتبر اليهود العصريين أنفسهم من نسل أهالي مملكة يهوذا، وإن منهم اللاويين (الليفيين) وخاصة من ينتمون إلى سلالة الكهنة؛ أي سلالة هارون؛ يهود الكوهين.
وعندما بُعث فيهم النبي عزير "عزرا" آمنوا به وغلوا في أمره، وعندما بُعث من بعده المسيح الحقيقي أصبح اسم اليهود خاصًا بمن رفضوا رسالته واستمروا على الغلو في أمر عزير إلى أن عدلوا عن ذلك بسبب قوة العقيدة المركزية The core tenet عندهم، فالذي دفع اليهود إلى النبذ السريع للشرك والعودة إلى التوحيد هو ترديدهم المستمر للشماع الذي هو لبّ عقيدتهم، والشمَّـاع Shema هو من كلمة "شمَع" العبرية وتعني "اسمع"، ويُقرَأ في صلاتي الصباح والمساء، ونصه:
"اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ".
وأول من أشار إلى دين اليهود باليهودية في الوثائق الباقية هو المؤرخ اليهودي المتأغرق يوسيفوس فلافيوس، فهي عقيدة أهل مقاطعة يهودا، وذلك في مقابل "الهيلينية" عقيدة سكان مقاطعة هيلاس (اليونان)، فالمصطلحان بدءا اسمين جغرافيين قبل أن يشيرا إلى النسقين العقائديين.
*****
إن فترة المعبد الثاني (515 ق.م.-70 م) والتي كانت بعد عودة بقايا بني إسرائيل من السبي البابلي بأمر الفرس هي التي شهدت التأسيس الحقيقي للديانة اليهودية وكتابة كتب اليهود بالصورة التي هي مماثلة تقريبا لما هي عليها الآن، وذلك بعد اندثار أكثر محتويات الكتب القديمة، وكانت يهودا مكونة أساسا من سبط يهوذا مع سبط بنيامين مع الكهنة اللاويين، وكان الاسم يهودا أو مشتقاته هو الذي أطلق على المقاطعة التي كان يعيش فيها اليهود تحت الحكم الفارسي ثم البطلمي ثم السلوقي ثم الروماني، ولذلك اكتسب المصطلح يهودا دلالات قومية وطنية دينية، تضخم شأن الطقوس الشكلية المميزة لليهود، تضخم أمر المؤسسة الدينية باعتبارها السلطة الأبقى على حساب السلطة الهشة للملوك، تم تشويه صورة كل الأنبياء والملوك الصالحين لحساب الكهنة، كان المقصد تبرير وشرعنة تصرفات الملوك الدنيويين والكهنة الفاسقين.
ويعتقد العلماء الماديون أن التوحيد لم يظهر إلا في هذه الفترة، وأن التوراة لم تدوَّن إلا فيها، وأن الاعتقاد بوجود ملائكة وجن أتوا به من بابل، وكذلك أتوا معهم ببعض الأساطير الأخرى، والحق هو أنهم انبهروا بحضارة بابل فكسر ذلك من اعتدادهم بأنفسهم وحاولوا ربط تاريخهم بهذه الحضارة المتفوقة.


*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق