إخـلاص الدين لله
إخلاص
الدين لله هو أمر قرءاني أساسي وركن لوازمي وركن تفصيلي،
ومن أركان منظومة القيم، وهو لازم لكل أركان وأوامر الدين.
وهو سمة وعمل قلبي، ومضاد للشرك
والرياء.
وإخلاص
الدين لله هو أن يكرس الإنسان بمحض اختياره كيانه كله لله رب العالمين فلا يبقي
لغير الله فيه من تعلق، ولا يكون لله فيه من شريك، وهذا يكون بالحرص الدائم على
العمل بمقتضى الأوامر الإلهية وعلى طلب الحق واتباعه وعلى دوام التعلق الوجداني
بالإله الواحد الأقدس وبدوام ذكره وذكر أسمائه وذكر نعمه وآلائه، وبذلك يكون
الإنسان على الدرب ليتحقق بأعلى مراتب الإسلام، وهي التي يمكنه أن يقول فيها
صادقًا: إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ.
وإخلاص
الدين لله من لوازم كل أركان الدين، ومن لوازم الأركان الآتية بصفة خاصة:
1- ركن
إقامة صلة وثيقة بالله
2- ركن
التزكي
3- ركن
عبادة الله، فلا معنى لعبادة بدون إخلاص، بل إنها تصبح لونًا من ألوان ممارسة
الشرك، ومن أسباب ترسيخه في النفس
فمن
لوازم الإخلاص التطهر من الشرك.
والإخلاص
هو أن يولي الإنسان وجهه شطر وجه ربه، فلا يزوغ قلبه عنه، وأن يكون كل عمله ابتغاء
وجهه الأعلى، وأن تكون صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله بلا شريك.
فالإخلاص
لله هو من أركان العبادة، وهو أوجب ما يجب أن يتحلى به الإنسان كاستجابة للحقيقة
العظمى وهي أنه لا إله إلا الله، وكاستجابة للأسماء الإلهية.
والشرك
هو الإثم الأعظم المضاد للإخلاص، وللتطهر من الشرك يجب العلم بأن المرتبة الإلهية
لا يستحقها إلا الله تعالى فهي من سماته اللازمة؛ أي من لوازم حقيقته الذاتية، وهي
لا يمكن أبدًا أن تكون لغيره، بل إن كل مخلوق ليس له من حيث ذاته إلا نقصه الذاتي،
أما كل ما يظهر به من الكمالات فإنما هو بالأصالة لله وحده، فالله وحده هو أصل كل
كمال في الوجود بما في ذلك الوجود، فهو له بالأصالة وليس لغيره.
فمن
أشرك فقد أخطأ في حق ربه وزعم لعبدٍ ما هو حق خالص لربه واعتدى بذلك على حقه وكفى
بذلك ظلما وإثما مبينا.
ومن
مظاهر الشرك الرياء، وهو أن يقصد الإنسان بعمله ابتغاء نفعٍ ما عند الناس، فهو
بذلك يجعلهم شركاء لله في عبادته.
*****
الإخلاص
لله هو من أركان منظومة القيم الإسلامية، وهو يعني أن يكرس الإنسان كل كيانه
وإمكاناته وعمله ووقته لله وحده وأن يوجه وجهه لربه، وأن يبتغى بعمله وجه ربه وأن
يريد به وجهه وأن يقيم وجهه للدين الحنيف القيم؛ فهو المقابل والمضاد للشرك والرياء،
فمن مقتضيات الإخلاص إفراد الله بالعبادة والتوجه إليه وحده بالدعاء والتطهر من
الشرك، قال تعالى:
{قُلْ
أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ
وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}الأعراف29 *
{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ
}غافر14 * {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }غافر65 *
{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
}البينة5 * {قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللّهِ وَهُوَ
رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ
مُخْلِصُونَ}البقرة139 * {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ
بِالْحَقِّ فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ(2) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ
الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ
إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ
فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ(3)}
(الزمر) * قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ
مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ(11)وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ(12)
قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(13)قُلْ اللَّهَ
أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي(14) (الزمر)
* قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي
إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا
كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ(161)قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي
وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(162)لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ
وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ(163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ
رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا
كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(164) (الأنعام)
* {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ
وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ
فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ
مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}البقرة272 *
{وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ
يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ
حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ
}الأنعام52 * {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
}الأنعام79 * {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفا
وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }يونس105
* {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ
ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ سِرّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ
أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ }الرعد22
* {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ
الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ
وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا
تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ
أَمْرُهُ فُرُطا}الكهف28 * {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ
وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ
وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الروم38
* {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبا
لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم
مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ
}الروم39 * {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن
قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ
يَصَّدَّعُونَ}الروم43 * {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا
نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورا }الإنسان9
* وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ
فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا(18)وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ
يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا(19)قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي
وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا(20) (الجن)
* وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ
الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ(100) (الأنعام) *
وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ
شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(88)
(القصص) * {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ
تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي
وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }غافر66 *
{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ
وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ
بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ }يونس18 * {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ}المؤمنون92 * أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ
عَمَّا يُشْرِكُونَ }النمل63 * {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ
مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
}القصص68 * {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
وَالْأَرْضُ جَمِيعا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ
بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }الزمر67 *
{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ
وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ
بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ }يونس18 * {فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ
هَـؤُلاء مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا
لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ}هود109 *
{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقا مِّنَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ }النحل73 * {قَالَ
أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئا وَلَا
يَضُرُّكُمْ}الأنبياء66 * {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ
اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ }الأنبياء98 *
{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانا وَمَا
لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ}الحج71 *
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ
أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ
}الفرقان17 * {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا
يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ
ظَهِيرا}الفرقان55 * {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ
رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا
تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ}القصص63 *
{إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانا وَتَخْلُقُونَ إِفْكا
إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقا
فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ}العنكبوت17 * {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن
رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}الزخرف45،
{وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى{19} إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ
رَبِّهِ الْأَعْلَى{20} الليل.
*****
وإخلاص الدين لله يعني أن يريد الإنسان
بكل ما يصدر عنه من قول أو فعل أو عمل وجه الله تعالى، والعمل الذي أريد به وجه الله تعالى هو ذلك
العمل الذي ينبع من أعمق لطائف الكيان الإنساني ويعود أثره على هذه اللطيفة، وبالتالي فهو أبقى
الأعمال وأعمقها أثرا، أما الأعمال التي أريد بها ما دون ذلك فإنما تنبعث من
كيانات خارجية سطحية وتعود آثارها عليها، ولما كان أكثر هذه الكيانات يتخلى عنها
الإنسان مرغما بالموت فإن آثار الأعمال العائدة عليها ستتبدد معها وتذهب هباءً
منثورا فلا يبقي لها أثر ينتفع الإنسان به وإن بقيت صورة العمل ذاته محفوظة على
الإنسان، فالأعمال التي يراد بها مثلا تقوية عضلات الجسم ستتبدد آثارها بالموت ولن
ينتفع بها الكيان الجوهري إلا بما يكون قد اكتسبه من قوة ومتانة البنيان النفسي الذي اكتسبه من المثابرة والمداومة على بذل الجهد وتحمل
المشاق، وسينتفع أيضًا إذا كان قد استخدم قوة عضلاته هذه يوما ما
لإحقاق الحق أو للتصدي للظلم.
*****
إن
من كبائر الإثم المضادة لركن الإخلاص تفريق الدين، فهذا التفريق يتضمن عادة شركًا
باتخاذ أرباب مشرعين في الدين من دون ربّ العالمين.
*******
إنه
كما يولي الإنسان في صلاته كيانه المادي شطر المسجد الحرام فيجب عليه أن يولي
كيانه كله شطر ربه، فيعبده بكل قوى وجوده، وهذه هي الحرية النافعة المثمرة والحياة
الحقيقية.
*******
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق