الخميس، 31 يوليو 2025

الوجه الحقيقي المظلم للسلطنة العثمانية الهمجية

 الوجه الحقيقي المظلم للسلطنة العثمانية الهمجية

 

كثيرًا ما تُقدَّم السلطنة العثمانية زيفًا كأنها "خلافة إسلامية"، بينما هي في الحقيقة سلطنة عسكرية همجية أُسِّست على الغزو، والقمع، والتجهيل، وطمس الحضارات، كما أنها في الوقت ذاته دولة الاستعباد والغلمان والحريم.

 

الفكر العثماني كامتداد للفكر الأموي: دولة السيف لا الكتاب

إن ما فعله العثمانيون ليس إلا نسخة متأخرة من الدين السلطاني الأموي الذي جرى تأسيسه على يد معاوية بن أبي سفيان، فكما صادر الأمويون تأويل القرءان وحوّلوه إلى أداة لتثبيت الملك الوراثي، كذلك فعل العثمانيون، لكن على نطاق أوسع، وفي سياق أكثر توحشًا وقهرًا، وذلك بأن تبنوا دينهم الذي هو أيديولجية للعدوان والتوسع العسكري وانتهاك حقوق الإنسان.

  • قامت الدولة العثمانية على الغزو المستمر لا على البناء.
  • أقامت سلطانها باسم "الخلافة"، لكنها لم يشيء من الخلافة النبوية في الفكر أو الحرية أو العلم أو الرقي.
  • ورثت عن بني أمية الفقه السلطاني القائم على الطاعة العمياء، لا على الشورى أو المحاسبة أو تحكيم الحق.

وهكذا توارثت الأمة:

  • دينًا مفرغًا من المعنى،
  • حضارةً ميتة في روحها،
  • ذاكرةً مشوّهة تُسمي القمعَ "فتحًا"،
  • وتُسمي السكونَ والانحطاط "استقرارًا"!

 

أثر الفيروس العثماني: تجفيف منابع الحضارة وكسر إرادة الشعوب

 تدمير التنوع الثقافي والديني

في بلاد الشام، والأناضول، والبلقان، ومصر، كانت شعوبٌ عريقة، لغاتٌ حيّة، مدارس فكرية متنوعة، فدخلتها العثمانية فصادرت:

  • اللغة العربية، وجعلتها لغة مهملة، لصالح التركية العثمانية.
  • الاجتهاد الفقهي، وأغلقت باب الاجتهاد تمامًا منذ القرن العاشر الهجري.
  • الحياة الفكرية، لم يكن دينهم يسمح أصلا بوجود علماء أحرار.
  • حرية التعبير والمعارضة، فصار السلطان ظل الله، والمخالف له زنديق.

 

صناعة التبعية النفسية والانبهار بالجلاد

نجح العثمانيون في ما لم ينجح فيه المغول أو الصليبيون:

  • حالوا بين المنطقة التي كانت مهد الحضارة وبين التطور الحضاري
  • أبادوا أكثر سكان المنطقة
  • أنتجوا شعوبًا تُحب جلادها، وتبكي على زواله!
  • شعوبًا فقدت الثقة في ذاتها.
  • تعلّقت بالخرافة والتصوف الخانع.
  • اختزلت الدين في الطقوس.
  • ورضيت بعيش الذل تحت راية "الخلافة" دون خلافة حقيقية!

 

 حصار النهضة ومنع الإصلاح

بينما كانت أوروبا تحترق بحروبها وتنهض من رمادها، وتحقق في الوقت ذاته نهضتها الهائلة كانت البلاد الإسلامية:

  • ممنوعة من الطباعة لقرون بأمر سلطاني!
  • محروقة بالجهل، بلا جامعات حقيقية، ولا علم تجريبي.
  • ممنوعة من قراءة القرءان بالعقل، لأن ذلك يهدد الدولة.

كانت الإمبراطورية العثمانية جدارًا هائلًا صدَّ أمواج الإصلاح والنهضة.

 

دولة بلا عقل: لماذا لم تشارك في النهضة؟

لقد ساهمت كل دول أوروبا في النهضة الحديثة، رغم اختلاف أديانها وصراعاتها، لأنها:

  • احترمت العقل، ولو جزئيًا.
  • تبادلت المعارف رغم الحروب.
  • فصلت الدين عن السلطة الدنيوية، فحررت الفكر.
  • أطلقت حرية الطباعة والبحث والتأليف.

أما "رجل أوروبا المريض" — أي السلطنة العثمانية — فقد كان:

  • يخاف الكتاب أكثر من السيف.
  • يمنع العقل من التفكير.
  • يُخرّج من مدارسه علماء في الطاعة، لا علماء في الحقيقة.
  • يعادي كل إصلاح، حتى في الدين نفسه، ولو كان بوسائل داخلية.

 

أسطورة فيينا: هزيمة لم تُفهم بعد

يفخر عبيد السلطنة العثمانية بمحاصرة ڤيينَّا مرتين، رغم أن الهزيمة كانت مذلة في المرتين، والأهداف كانت غاشمة، والنتائج كارثية، رغم التفوق الساحق للعثمانيين على المدافعين:

  • كانت محاولة غزو ظالمة لبلد أوروبي مسيحي، في مخالفة صريحة لقيم الإسلام العادل.
  • لم تسقط فيينا، لكن ارتفع مستوى العداء ضد الإسلام في أوروبا لقرون.
  • كان الأجدر بالدولة "الإسلامية" أن تبني بلاد المسلمين، لا أن تُدمّر مستقبلهم بسبب أوهام الفتح.

الفشل في ڤيينا لم يكن عسكريًا فقط، بل فشلًا أخلاقيًا واستراتيجيًا ومعرفيًا، وبعده بدأ الانهيار السريع للدولة العثمانية، ولم يبقها على قيد الحياة إلا رغبة الشيطان البريطاني في ذلك، ولذلك تدخل لإنقاذها من مصر محمد علي، ومن الروس.

 

إعادة بناء الوعي بعد السقوط العثماني

لا يمكن للأمة أن تنهض ما دامت تُبجِّل قاهريها، وتُعيد إنتاج نفس المفاهيم المغلوطة عن "الخلافة"، و"الفتوحات"، و"الطاعة".

لقد كانت السلطنة العثمانية:

  • ذروة الانحدار القيمي والأخلاقي الذي بدأ مع الأمويين،
  • قشرة دينية تُخفي فسادًا سياسيًا عميقًا،
  • عدوة للتنوير والإصلاح والعقل والتأويل النبوي الأصيل.

وإن أخطر ما خلّفته في المحسوبين على الإسلام هو:

شعور كاذب بالعظمة الميتة، يقطعهم عن النهضة الحقيقية.

فالنهضة لا تُبنى بالسيوف، بل بالعقول.
ولا تقوم بالولاء للسلطان، بل بالولاء للحق.
ولا تُستعاد الأمة إلا إذا قُطعت حبالها من دين الظلم، ووُصلت مجددًا بدين الحق.

وإلى عبيد الدولة العثمانية يجب القول:

ما الذي يدعوك أنت للفخر إذا كان من يسومك سوء العذاب ويضع قدمه فوق عنقك ويجلد ظهرك وينهب مالك قد حاول أن يحتل بلدا مسيحيا وفشل فشلا مذلا مخزيا؟! هذا فضلا عن أن اعتداءاته هذه قد خلقت في أوروبا عداءً مريرا للإسلام والمسلمين دفعت بلادك بسببه الثمن غاليا وصدت الناس عن سبيل الله تعالى!!

لماذا تفخر أنت أيها الهمجي المتخلف بانتصارات كيان لم يعد له وجود أصلا؟  ولماذا بموقفك الهزلي المشين هذا تهدد علاقات بلادك ببلاد صديقة طالما مدت إليك يد العون، ولم تشارك في احتلال بلادك؟ هل كنت تشارك السلطان العثمانلي في استمتاعه بالجواري الأوروبيات؟ هل أعطاك شيئًا مما نهبه من أموالهم أو من فتتات موائده العامرة؟ إنك لم تشاركه بالطبع فيما حظي به من متع الدنيا، ولكنك ستشاركه بالطبع في العذاب الأليم الذي ينتظره لاقترافه العدوان المنهي عنه ولصده الناس عن سبيل ربهم، وذلك لأنك تنحاز إلى الباطل المتجسد فيه ضد الحقّ الذي لا ريب فيه.


*******

إنَّ منكم مَن يُقاتِلُ على تَأْويلِه، كما قاتَلتُ على تَنزيلِه

 إنَّ منكم مَن يُقاتِلُ على تَأْويلِه، كما قاتَلتُ على تَنزيلِه

الحديث النبوي الشريف:

"رووا أن النبي ﷺ قال: "إنَّ منكم مَن يُقاتِلُ على تَأْويلِه، كما قاتَلتُ على تَنزيلِه"، فقام أبو بكْرٍ، وعمرُ فقال: "لا، ولكنَّه خاصِفُ النَّعلِ"، وعليٌّ يَخصِفُ نَعلَه.

الراويأبو سعيد الخدري المحدثشعيب الأرناؤوط المصدرتخريج المسند لشعيب

الصفحة أو الرقم: 11289 | خلاصة حكم المحدثصحيح

التخريجأخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (8541)، وأحمد (11289) واللفظ له

معنى "يقاتل على تأويله":

أي يُجاهد ويخوض الصراع دفاعًا عن الفقه الصحيح للقرءان الكريم، أي عن تفسيره وتأويله الحقاني، حين تختلط الفهوم أو تنحرف الجماعات عن مراد الله، ويتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة، ويحاولون فرض أهوائهم عليه.

فالتأويل هنا لا يُقصد به "التفسير النظري" فقط، بل العمل السياسي والشرعي والاجتماعي الذي ينبني على فقه الدين وتأويل النصوص واستخلاص القول القرءاني، ويُراد به إحقاق حقّ القرءان في الواقع، في مواجهة من حرّف المعاني أو زوّر الدين.

 وقول النبي ﷺ "كما قاتلتُ على تنزيله" يبين كيف اضطر إلى قتال الكفار والمشركين ليُمكِّن لتنزيل القرءان في الأرض، وليقيم أمةً خيرة على هديه.

أما من سيقاتلهم على تأويله، وهو الإمام علي، فسيفعل للدفاع عن التأويل الحقاني للقرءان وفقهه الصحيح بعد انقلاب الناس على الأعقاب وتسلط أهل النفاق وعبيد الدنيا عليهم.

وقد تحقّق ذلك حين قاتل الإمام عليّ:

  • الخوارج (في النهروان)، وهم من حرّفوا معاني القرءان واستعملوه لقتل المسلمين.
  • الناكثين (أهل الجمل)، الذين نقضوا بيعته.، وكانوا أول جيش محسوب على الإسلام يغزو مدينة إسلامية، ويقترف فيها جرائم حرب.
  • القاسطين وعبيد الدنيا (معاوية وأتباعه في صفين)، الذين أرادوا إقامة نظام سلطاني باسم الدين.

دلالات مهمة:

1.   النبي قاتل الكفار على نزول الدين، وعلي قاتل الناكثين والخوارج والمنافقين المنحرفين عن تأويله؛ فالانحراف عن تأويل القرءان أشد خطرًا من الجهل به.

2.   الصراع الحقيقي ليس صراعًا على السلطة، بل على فقه الدين وتطبيقه، وليس في الإسلام نظم تسلطية

3.   الحديث يُعطي شرعية واضحة لقتال الإمام علي رضي الله عنه ويجعل موقفه امتدادًا للموقف النبوي.

4.   في ضوء مفهوم "حروب التأويل"، نجد أن ما حدث في عهد الإمام عليّ هو بداية الصراع التاريخي بين الدين النبوي الأصيل والدين السلطاني المزيف.

*******

إن هذا الحديث الشريف ليس مجرد نبوءة، بل هو تشريع مستقبلي، يُقرّ بأن هناك صراعًا قادمًا أخطر من صراع الكفار: صراع داخل الأمة نفسها، على فهم الدين وتفسيره وتأويله وتطبيقه. والنبي ﷺ يحسم موقفه ويُعلن بوضوح أن الإمام علي سيكون الوارث الشرعي لجهاد التأويل، كما كان هو ﷺ المجاهد في جبهة التنزيل.

إذًا، ليس كل من حمل شعار "القرءان" كان على نهجه، وليس كل من نافح عن "الإسلام" كان صادقًا في تأويله.

 

كشف حقيقة الانحراف الأموي في ضوء هذا الحديث

أولًا: العداء للتأويل الرسالي

النبي ﷺ أثبت أن الصراع الحقيقي بعد وفاته سيكون على "تأويل القرءان"، وهو الفقه التطبيقي العملي لمقاصده.
بينما نرى أن الانحراف الأموي منذ معاوية بن أبي سفيان قام على:

  • تحريف التأويل الرسالي للقرءان.
  • تقديم تأويل بديل يخدم الدولة لا الحق.
  • تشويه التأويل الحقاني، ووصم أصحابه بالبدعة والخروج.
  • تقديم تأويل يتضمن إنشاء دين (دنيوي) بديل.

وبذلك أصبح الدين أداة في يد السلطان، لا العكس.

 

ثانيًا: قلب معايير الشرعية

النبي ﷺ يجعل التأويل الحقيقي معيارًا للحق.
أما الانحراف الأموي فقد:

  • أقصى هذا المعيار تمامًا، واستبدل به شرعية الأمر الواقع: "الخليفة من غلب".
  • استباح دماء أولياء التأويل النبوي (أصحاب علي وشيعته)، في مقابل تمجيد البغاة وعبيد الدنيا (أهل الشام ومعاوية، ومن تحلق حوله من عبيد الدنيا).
  • نقل مركز الشرعية من الوحي إلى السلطان، ومن الحق إلى القوة.

فحلّ منطق الطغيان محل منطق البيان.

 

ثالثًا: صناعة دين بديل

الفكر الأموي لم يكن مجرد اجتهاد سياسي، بل:

  • أنتج نسقًا دينيًا كاملاً يُبرّر قهر الأمة باسم "الجماعة" و"السُّنَّة".
  • روّج مرويات كاذبة تُفسّر القرءان بما يخدم نظام الحكم.
  • استعمل فقهاء السلطة لتكريس الطاعة العمياء، وتشويه أي معارضة دينية بزعم أنها "فتنة".

فانفصل الخطاب الديني عن الخط النبوي الأصيل، والتحق بركب السلطان.

 

رابعًا: التحايل على القداسة النبوية

في الحديث، النبي ﷺ يُشير إلى الإمام علي بخاصف النعل، وهو مقام التواضع والخدمة.
لكن الفكر الأموي:

  • طمس صورة علي في الوعي العام، حتى لُعن على المنابر عقودًا.
  • اختطف رمزية النبوة لصالح العائلة الأموية، فصار يزيد وريثًا للدين بالوراثة لا بالكفاءة!
  • أُعيد بناء الرواية الإسلامية، بحيث يبدو الإمام عليّ هو المخطئ، ومعاوية هو "الحليم"، الأدرى بما يصلح الأمة والدين.

هكذا جُعل أعداء التأويل النبوي هم المدافعون عن الدين، وأهله خوارجَ ومارقين.

 

خلاصة

الحديث الشريف الذي يُثني فيه النبي ﷺ على من "يقاتل على تأويل القرءان"، ويقصد به الإمام علي، يضع ميزانًا يُحاكم به التاريخ السياسي والديني.

وبهذا الميزان، يظهر الفكر الأموي كالتالي:

 

المعيار

المنهج النبوي ؛الإمام علي

المنهج الأموي (معاوية وما بعده)

مركز الصراع

على تأويل القرءان

على السلطة والهيمنة

الشرعية

سابق الأمة وأساس العترة وشهادة الرسول له، افقه الحقاني للقرءان

التمكن والغلبة بأساليب دنيوية

الدين

رسالي حقاني أخلاقي

وظيفي سلطوي شكلي

التأويل

فقه القرءان في ضوء القرءان

تأويل القرءان ابتغاء الفتنة ولصالح الدولة

الأنصار

أهل الحق؛ العترة النبوية والسابقون الأولون الحقيقيون من المهاجرين والأنصار، الذين لم يبدلوا، بل صدقوا ما عاهدوا الله عليه

المنافقون وعبيد الدنيا والأعراب غلاظ الأكباد.

 

دعوة لإحياء تأويل الحق

نقد الفكر الأموي ليس ترفًا تاريخيًا، بل ضرورة لفهم:

  • لماذا تكرّست ثقافة الاستبداد في عقول المسلمين.
  • كيف انقلبت الأمة على جوهر الرسالة النبوية.
  • ما السبيل لإحياء الخط الرسالي التأويلي الأصيل، الذي عاشه الإمام علي، وأُقصي في الأمويين، وشُوّه حتى صار مظلومًا في وجدان المسلمين.

وبهذا يظهر أن الصراع الحقيقي كان مترتبا أساسًا على تأويل الرسالة.

ومن الجدير بالذكر أن القتال على تأويل الرسالة لم يتوقف، وإنما أصبح دعوة سلمية بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، يقوم بذلك كل من له وراثة جوهرية من الإمام عليّ عليه السلام.

 

*******

الأحد، 20 يوليو 2025

المعجزة النبوية الحية والمتجددة: جيش مصر خير أجناد الأرض

 المعجزة النبوية الحية والمتجددة: جيش مصر خير أجناد الأرض

 قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا ، فذلك الجند خير أجناد الأرض، لأنهم في رباط إلى يوم القيامة ) أخرج هذه الخطبة ابن عبد الحكم (ت257هـ) في " فتوح مصر " (ص/189) ، والدارقطني في " المؤتلف والمختلف " (2/1003) ، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (46/162) ، وأخرجها ابن زولاق الحسن بن إبراهيم الليثي (ت 387هـ) في " فضائل مصر " (ص/83) ، وعزاه المقريزي في " إمتاع الأسماع " (14/185) لابن يونس .

جميعهم من طريق ابن لهيعة ، عن الأسود بن مالك الحميري ، عن بحير بن ذاخر المعافري، عن عمرو بن العاص.

حاول المغرضون على مدى التاريخ الطعن في هذه المروية التي هي بالأحرى من معجزات النبوة، وها هي حججهم والردّ عليها:

1.   قالوا بضعف السند، ولا قيمة لقولهم هذا، فكم من حديث ضعفوا سنده وهو في أعلى درجات الصحة، وكم من مروية صححوها وهي كذب صراح وكارثة محضة، ومن المعلوم أن منهجهم في الحكم على المرويات هو الذي جلب الكوارث على الإسلام والمسلمين، وعلى البشرية جمعاء.

2.   قالوا: لم يكن لمصر جيش عندما قيل الحديث، ولا قيمة لقولهم هذا، الحديث يوصي بما يجب فعله بعد فتح مصر، فهو يتعلق بالمستقبل.

3.   قالوا إنه لم يكن لمصر جيش قبل عصر محمد علي! والحق أنه كان لمصر جيشها الخاص طوال عصور استقلالها، في عصر الدول الطولونية والإخشيدية والفاطمية والأيوبية وعصر سلطنة المماليك المصرية، سيقولون هؤلاء الحمقى: إن هؤلاء لم يكونوا حاصلين على جوازات سفر مصرية، هؤلاء يخلطون بين مفهوم الوطن ومفهوم القبيلة أو الأصل العرقي، يجب أن يعلم الجميع أن مصر وطن، وليست سلالة عرقية، وأن كل هذه الجيوش كانت تنتمي إلى مصر وتحمل اسمها، وعلى سبيل المثال في العصر المملوكي كان الجيش المصري عند اكتمال حشده قد يصل إلى 200 ألف مقاتل، كان المماليك، وهم بضعة آلاف، يشكلون الأمراء وسلاح الفرسان، أما جسم الجيش والمهندسون العسكريون والأسطوا فكانوا من المصريين الخلص، فضلا عن أن المماليك أنفسهم كانوا مصريين بالمفهوم الصحيح، وكان اسمهم الرسمي "الأمراء المصرية"، وكان اسم الدولة هو "السلطنة المصرية"، وكانت مقرّ الخلافة العباسية، فكيف يأتي جرذ مغرض ويقول إنها كانت مختلة، مع أنها هي التي كانت تسيطر على قلب العالم الإسلامي وتحمي مقدساته.

إثبات صحة الحديث:

1.   الحديث يصدقه الواقع التاريخي، وهو من أصدق الشاهدين، جيش مصر بالفعل هم خير أجناد الأرض، وسنذكر قائمة بانتصاراته في العصور الإسلامية.

2.   جيش مصر وكل أهلها في رباط إلى يوم القيامة، وقد كانوا في رباط بالفعل، منذ أن استقلت مصر وأصبح لها جيشها الخاصّ بقيام الدولة الطولونية سنة 254 هـ، على مدى ألف سنة دافعت مصر عن مقدسات المسلمين، حاربت الصليبيين بضراوة حتى ألقتهم في البحر، تصدت لأخطار المغول والتتار، قضت على الدولة السعودية الإجرامية الأولى، وسيرد ذكر ذلك.

3.   وهناك معيار هام للخيرية، الاكتفاء بالدفاع، الامتناع عن العدوان، وسلوك هذا الجيش تجاه أعدائه المنهزمين، انظروا إلى سلوك الجيوش الأخرى، ثم انظروا إلى سلوك جيش مصر طوال تاريخه القديم والحديث لتعلموا الفرق.

4.   مدى سفالة وانحطاط من يحاولون تكذيب الحديث، فهم يقدسون مرويات كارثية موضوعة لأنها توافق أهواءهم، ويرفضون مرويات ذات متن صحيح إذا خالفت أهواءهم، كما أنهم مجرد أدوات لحروب الجيل الرابع والخامس ضد مصر، وبالتالي ضد الإسلام والمسلمين، وهم لا ينشطون إلا عندما تحدق بالأمة أخطار مهلكة، ولا يريدون بمصر خيرا، وهذا ليس عاملا غير موضوعي، يجب أن تفتش دائمًا في الدوافع والنوايا، وجهابذة تصحيح المرويات سنوا للناس الحكم على المرويات بالنظر إلى من يرويها أو يروج لها.

اكتبوا اسم أي كيان أو دولة في المنطقة غير مصر، ثم اكتبوا سجلا بما حققه جيشها على مدى التاريخ!

ويجب التأكيد على أن الكيانات حديثة النشأة التي أسستها الإمبريالية الغربية في القرن الماضي تحاول أن تفتعل لأنفسها أمجادا بالسطو على أي شيء من التاريخ المصري، وهي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة المعلومات بالأكاذيب عن هذا التاريخ، فيجب الحذر منهم والتصدي بحسم لهم.

والتعبير خير أجناد الأرض سيقوله أيضًا من بعد البارون يوالكونت عن الجيش المصري في معركة قونية ضد العثمانيين:

"إن المصريين هم خير أجناد الأرض، فهم يجمعون بين النشاط والقناعة والصبر والجلد على المتاعب مع انشراح النفس فهم بقليل من الخبز يسيرون طول النهار يحدوهم الشدو والغناء لقد رأيتهم في معركة قونية يبقون سبع ساعات متوالية في خط النار محتفظين بشجاعتهم ورباطة جأش تدعو إلى الاعجاب دون أن تختل صفوفهم أو يسرى إليهم الملل أو يبدو منهم أي تقصير في واجباتهم أو حركاتهم الحربية".

وقال كلوت بك الفرنسي كبير أطباء الجيش المصري ومؤسس أول مدرسة للطب في مصر والمنطقة، وكانت على النمط الفرنسي: "ربما يُعدّ المصريون أصلح الأمم لأن يكونوا من خيرة الجنود ومن صفاتهم العسكرية الامتثال للأوامر والشجاعة والثبات عند الخطر والتذرع بالصبر في مواجهة الخطوب والمحن والإقدام على المخاطرة والاتجاه إلى خط النار وتوسط ميادين القِتال بلا وجل ولا تردد".

الأعراب تجاهلوا الأمر النبوي باتخاذ جند كثيف من المصريين لأنهم خير أجناد الأرض مثلما تجاهلوا أكثر الأوامر القرءانية.

وأول من اتخذ جندًا كثيفًا من أهل مصر كان أحمد بن طولون الذي استقل بها سنة 254 هـ، وقد تأسى به كل من جاء بعده، وهذا الجيش المصري هو الذي تولى ما يلي:

1.       سحق الجيش الصليبي في حطين 1187 م

2.       القضاء على الحملة الصليبية الخامسة (أكبر حملة صليبية) 1221 م، وإبادة ما لا حصر له من الصليبيين، وانسحابهم دون قيدٍ أو شرط.

3.       القضاء على جيوش التحالف الصليبي-الشامي في غزة 1244 م عندما أرادوا غزو مصر.

4.       تحرير القدس من الصليبيين لتظل إسلامية حتى العصر الحديث 1244 م

5.       القضاء على الحملة الصليبية السابعة (أقوى حملة صليبية) وأسر ملك فرنسا وإبادة جيشه وأكثر فرسانه الأشداء، وهم زهرة فرسان أوروبا 1250 م.

6.       سحق المغول والتتار في عين جالوت بقيادة قطز وبيبرس ضد المغول 1260 م

7.       سلسلة معارك الجيش المصري بقيادة بيبرس ضد الصليبيين: قيسارية، أرسوف، صفد، يافا 1265 – 1268 م.

8.       معركة مري أو غزو كيليكيا الأرمنية سنة 1266 م، يسميها الأرمن ومؤرخون غربيون "نكبة مرى Disaster of Mari "، كان غزو الجيش المصري لمملكة كيليكيا (أرمنيا الصغرى) بقيادة الأمير عز الدين أوغان المعروف بلقب سم الموت والأمير قلاوون الألفى، وذلك في عهد السلطان الظاهر بيبرس، انتهت المعركه بهزيمة كبيرة أو بالأحرى كارثة للأرمن وتدمير عاصمتهم سيس وعدة مدن من مدنهم، وأسر العديد من أمرائهم، ولم تقم للمملكة قائمة من بعد، وكان ذلك لتحالفهم مع الصليبيين والمغول ضد المسلمين، ومن الجدير بالذكر أن الأرمن عندما هاجر جزء كبير منهم إلى مصر كانوا يفضلون الإقامة في حي الظاهر (الضاهر) المقام حول مسجد الظاهر بيبرس!

9.       تحرير أنطاكية من الصليبيين في عهد بيبرس 1268 م

10.   الانتصار على المغول في معركة البيرة على نهر الفرات في عهد بيبرس 1272 م

11.   معركة أبلستن بقيادة بيبرس ضد التحالف المغولي السلجوقي، وانتهت بالاستيلاء على عاصمة الدولة السلجوقية 1276 م

12.   معركة حمص بقيادة المنصور قلاوون الألفي ضد المغول والتتار 1281 م، وكانت أكبر بكثير من معركة عين جالوت

13.   معركة حصن المرقب الصليبي 1285 م

14.   معركة استرداد طرابلس من الصليبيين 1289 م

15.   معركة استرداد عكا وإلقاء الصليبيين في البحر، وترتب عليها تحرير صيدا وبيروت وعتليت وطرسوس وانتهاء الحروب الصليبية 1290 م

16.   معركة شقحب مرج الصفر بقيادة الناصر قلاوون ضد التتار 1302 م، وبها انتهى تماما الخطر التتاري على المنطقة.

17.   معركة الاستيلاء على قبرص في عهد السلطان برسباي 1426 م

18.   انتصار الجيش المصري بقيادة يشبك الدوادار على التركمان بقيادة شاه سوار 1472 م

19.   انتصار الجيش المصري بقيادة الأمير يزبك على العثمانيين انتصارا ساحقا وأسر قائد العثمانيين وقتل أربعين ألفا من جنوده 1486 م.

20.   انتصار الجيش المصري بقيادة الأمير يزبك مرة ثانية على العثمانيين انتصارا ساحقا 1487 م

21.   انتصار الأسطول المصري بقيادة حسين الكردي على البرتغاليين في المحيط الهندي 1508 م.

22.   معركة رشيد ضد الإنجليز 1807 م

23.   معارك الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا ابن محمد علي ضد قرن الشيطان الوهابي، وتحرير مكة والمدينة من احتلالهم،

24.   سحق الدولة السعودية الأولى والوهابية، وهدم عاصمتهم الدرعية فوق رؤوسهم سنة 1818 م.

25.   معارك الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا ضد العثمانيين للاستيلاء على القدس ويافا وطرابلس وبيروت 1831 – 1832 م

26.   الاستيلاء على عكا 1832 م

27.   الاستيلاء على دمشق 1832 م

28.   الاستيلاء على حمص بعد إلحاق هزيمة كبرى بالعثمانيين 1832 م

29.   الاستيلاء على حلب

30.   معركة مضيق بيلان ضد العثمانيين 1832 م

31.   الاستيلاء على أنطاكية

32.   معركة قونية، وتمَّ فيها القضاء على الجيش العثماني 1832 م

33.   معركة نزيب 1839 م، وتمَّ فيها القضاء على الجيش العثماني الجديد الذي كان يدربه ويشترك معه في القتال ضباط بروسيون.

34.   معارك حرب القرم للدفاع عن الدولة العثمانية ضد الروس

35.   معركة طوشكي ضد المهدية الذين هاجموا مصر 1889 م

36.   معركة عطبرة ضد المهدية 1898 م

37.   معركة أم درمان ضد المهدية 1898 م والقضاء على دجل المهدوية.

38.   حرب اليمن ضد السعودية والنظام اليمني الملكي وبريطانيا والأردن وإيران ومرتزقة أوروبيين وبدعم إسرائيلي 1962 - 1986، وقد انتهت بتثبيت النظام اليمني الجمهوري وتحرير الشعب اليمني من ظلمات العصور الوسطى، وطرد الإنجليز من أكبر قاعدة لهم، وهي قاعدة عدن إعلانا بسقوط الإمبراطورية البريطانية إلى الأبد.

39.   حرب الاستنزاف ضد إسرائيل، وقد تخللها العديد من المعارك الجزئية 1967 – 1970 م

40.   بدايات حرب أكتوبر 1973 م ضد إسرائيل وقد تخللها العديد من المعارك الجزئية، وكانت حربًا ضخمة هائلة متعددة الأبعاد.

فماذا فعلت جيوش البلدان أو الكيانات الأخرى؟ أكثرهم كانوا مشغولين بقتال بعضهم البعض بهدف التوسع أو السيطرة، أو بالاعتداء على الأمم الأخرى.

اكتبوا اسم أي كيان أو دولة في المنطقة غير مصر، ثم اكتبوا سجلا بما حققه جيشها على مدى التاريخ!

*******