الأحد، 13 أبريل 2014

الاسماء الحسنى (1)

الأسماء الحسنى ج1

إن المقصدَ الدينيَ الأعظم الأول هو تزويدُ الإنسان بالعلومِ اللازمة لصلاحِ أمره في الدنيا والآخرة، وعلي رأسِ هذه العلوم العلمُ بالله عزَّ وجل أي العلمُ بأسمائه الحسنى وبسماتِه وشؤونه وأفعاله وسننه ومقتضياتِ ذلك من الأمورِ الغيبية، وكذلك العلمُ بما يتضمنُّه كتابه من الأوامر والمعلوماتِ والبيِّنات والوصايا، فالعلمُ بأسماءِ الله الحسنى هو المقصدُ الأعظمُ علي المستوي العرفاني العلمي، أما ركنُ الدين الأعظمُ فهو الإيمان بالإله الواحد الذي له الأسماء الحسنى المذكورة في القرءان، أما العبادة؛ وهي حق الله تعالى على الناس فهي القيامُ بمقتضياتٍ هذه الأسماء وحسنُ الاستجابةِ لها، أما المقصد الوجودي الأعظم فهو الظهور التفصيلي للأسماء الإلهية الحسنى، وهذه الأسماء هي مصدرُ منظومةِ القيمِ الإسلامية ومصدرُ المثل الإسلامية العليا، وهي التي اقتضت منظوماتِ السنن الكونية والسنن الدينية، فكل ذلك يبيِّنُ أهميةَ العلم بالأسماء الحسنى.
ولقد ذكر الله عزَّ وجلَّ مصطلحَ الأسماءِ الحسنى في الآيات الآتية:
{وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأعراف180  *  {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}الإسراء110  *  {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى }طه8  *  {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}الحشر24.
فهذه الآيات تبيِّن الأهميةَ القصوى للعلم بالأسماءِ الحسنى، وهي تتضمنُ أمراً مشدداً بالتوجه إلى الله تعالى بالدعاء بهذه الأسماء، وهذا يقتضي العلمَ بها حتى لا يقترفَ الإنسانُ إثمَ الإلحادِ في الأسماء الإلهية، والعلمُ بهذه الأسماءِ أمرٌ لازم لكي يبديَ الإنسانُ الاستجابةَ اللازمة لها ولكي يعملَ وفق مقتضياتها ولكي يقيمَ صلةً بربهِ بذكرها ولكي يفقهَ آياتِه الكتابية والكونية وسننَه الشرعيةَ والكونيةَ مما يؤهله لشيءٍ من الإفادة منها.
وقد روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قال: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا -مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا- مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)، والحديث متفقٌ عليه.
وكذلك روى ابن أبي جرير عن أبي هريرة في الجامع الكبير أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قال: (إن لله تسعةً وتسعين اسماً كلُّها في القرءان من أحصاها دخل الجنة)، وهذا هو القولُ الحقُّ في شأن الأسماء، فالأسماء الحسنى موجودة نصاً ولفظاً في القرءان دون الحاجةِ إلى اشتقاقٍ من فعلٍ أو صفة أو مصدر، وهاتان المرويتان تشيران إلى أصل صحيح، ذلك لأنهما مؤيدتان بكل الآيات التي تعلي من قدر الأسماء الحسنى وتأمرُ الناس بأن يدعوا الله تعالى بها، والأسماء كلها في القرءان، ذلك لأن العلم بها هو أساس هذا الدين والقرءانُ هو المصدر الأوحد لكل أمور الدين الكبرى.
ولإحصاء الأسماء الحسنى كان لابد من نظرية قرءانية علمية محكمة؛ أي كان لابد من منهج قرءاني منطقي لإحصائها، وهذا ما اهتدينا إليه بفضل الله تعالى.
ولقد وُجد بإعمال النظرية أن ثمة نسقين من الأسماء الحسني في القرءان الكريم؛ النسق الأول منها يتضمن تسعة وتسعين اسماً من الأسماء الحسنى، والنسق الثاني يتضمن تسعة وتسعين اسماً مفردا، والنسق الأول يتضمن الأسماءَ ذاتَ الحسنِ المطلق، وهو النسق الذي يتضمن الأسماء المطلوب إحصاؤها، أما النسق الثاني فهو نسق الأسماء الحسني المفردة، والأسماء التي لم ترد في أي من النسقين ولكنها وردت في القرءان هي أيضاً من الأسماء الحسني، بيد أنه للأسماء الواردةِ في هذين النسقين أهمية خاصة.

الأسماء الحسنى في القرءان العظيم
النسق الأول من الأسماء الحسنى
الله*
ٱلرَّحۡمَٰن
الرَّبّ، رب العالمين
الإلـه
الواحد
الأحد
الصمد
الحقّ
الحيّ
النور
اللطيف
العليم، العالم، العلام، الأعلم
الخبير
المحيط
الشهيد
الحفيظ، الحافظ
الوليّ، المولى
الغنيّ
الأعلى، العليّ
الأكرم، الكريم
السميع
البصير
الحَكِيم، أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ، خَيْرُ الْحَاكِمِينَ
القدير، القادر
العظيم
الملك
ٱلرَّحِيم، أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، خَيْرُ الرَّاحِـمِينَ، ذُو الرَّحْمَةِ
الغفار، الغفور، خير الغافرين، ذو مغفرة
التوَّاب
الوهَّاب
الفعَّال
الرزَّاق، خَيْرُ الرَّازِقِيـنَ
الْفَتَّاحُ، خَيْرُ الْفَاتِحِينَ
البديع
الخَالـِق، أَحْسَنُ الْخَالِقِيـنَ
الفاطر
الْقَرِيب
الرَّقيــب
الْقَاهِـرُ، الْقَهـَّار
الْحَسِيب
الْوَكِيلُ
النَّصِيرُ
رَبِّ الْعِزَّةِ، الْعَزِيزُ
ذُو الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ
ذُو الْفَضْلِ
الحميد
الرحمن الرحيم
الحي القيوم
القوي العزيز
العزيز الرحيم
العزيز العليم
العزيز الحكيم
العزيز الحميد
العزيز الغفار، العزيز الغفور
العزيز الوهاب
العزيز المقتدر
الواحد القهار
الحكيم العليم
الحكيم الخبير
الحكيم الحميد
العلي الحكيم
العلي العظيم
العلي الكبير
السميع العليم
الخلاق العليم
الفتاح العليم
الواسع العليم
الغفور الرحيم، الغفور ذو الرحمة
التواب الرحيم
الرؤوف الرحيم
البر الرحيم
الرحيم الغفور
الرحيم الودود
الغفور الودود
العليم الحكيم
العليم الخبير
العليم القدير
العليم الحليم
السميع البصير
السميع القريب
القريب المجيب
اللطيف الخبير
الخبير البصير
الحليم الغفور
الغفور الحليم
الغفور الشكور
العفوّ الغفور
الولي الحميد
الغني الحميد
الحميد المجيد
الملك الحق
الحق المبين
المليك المقتدر
التواب الحكيم
الغني ذو الرحمة
الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ
الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
الأوّلُ وَالاَخِرُ وَالظّاهِرُ وَالْبَاطِنُ
الْمَلِك الْقُدُّوس الْعَزِيز الْحَكِيم

الْمَلِكُ الْقُدّوسُ السّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبّرُ




*ملحوظة: الاسم "الله" هو الذي له أسماء الإحصاء الحسنى التسعة والتسعون، فهو الاسم الأعظم المتمم للمائة.




إنه لما كان من غير الممكن للإنسان من حيث ملكاته وإمكاناته أن يصل بمفرده إلى التعرف على الأسماء الحسنى الإلهية كان إعلام الناس بهذه الأسماء المقصدَ القرءاني الأعظم، ذلك لأنها تشير إلى الأخلاق الإلهية التي أُمِر المسلمون بالتخلُّق بها ولأنها تقتضي قوانين القضاء والقدر وتدبير الأمر وتصريف الآيات والسنن الإلهية التي أُمِر المسلمون بالإيمان بها والعمل وفق مقتضياتها ولأنها المصدر الأصلي لكل القيم الإسلامية، كما أنه لما كان العلم بالأسماء الحسنى من لوازم الركن الديني الأساسي الأكبر كان لابد من التماسها في القرءان باعتباره المرجع الأوحد للعقيدة الإسلامية، فالأسماء موجودةٌ فيه بصيغها الحقيقية نصَّـاً ولفظاً دون الحاجة إلى اشتقاقٍ من فعلٍ أو مصدر، فالأسماء الحسنى كما وردت في القرءان الكريم هي فخر هذا الدين وبها اكتمل وظهرت حجته على المعاندين، فهي لب دين الحق الذي الموحى إلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ والتي بها سيظهره الله تعالى على الدين كله، ذلك لأنه الحق الذي سيدمغُ أباطيلَ المشركين وتحريفاتِهم وأخطاءَهم في حق ربهم، وكان على المسلمين أن يتعرَّفوا على ربهم من حيث تلك الأسماء لا من خلال العقيدة الكلامية المصاغة وفق متطلبات المنطق الصوري اليوناني ومقولاته، والذي نقله المسلمون ثم فتنوا به، إذ تصوروا أنه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، مع أنه بحكم طبيعته ليس إلا تحصيل حاصل، ولا يمكن أن يقدم جديداً.
والتوجه إلي الله سبحانه يكون بالأسماء الحسنى المذكورةِ في القرءان، فهو مصدرها الأوحد، ولذلك فورود أسماءٍ معينة في الأدعية القرءانية يشير إلى أن هذه الأسماء من الأسماء الحسنى، ولقد ذكر الله تعالى في كتابه كيف كان يدعوه بها الصفوة من عباده المصطفين الأخيار.


هناك تعليقان (2):