الأربعاء، 30 أبريل 2014

أسباب النهي عن كتابة غير القرءان في العصر النبوي

أسباب النهي عن كتابة غير القرءان في العصر النبوي

النهي عن كتابة غير القرءان كان له أسباب عديدة، منها:
  1. كان المقصود ألا يكون هناك كتاب رسمي معتمد للدين إلا القرءان الكريم، وهذا قد تحقق بالفعل.
  2. كان التشريع يتدرج بالناس، فكيف كان يمكن تدوين مروية تتحدث عن كل أركان الإسلام دون اكتمال فرض هذه الأركان أو تتضمن الأمر باجتناب شرب الخمر مثلا وتحريمه قبل أن ينزل أمر قرءاني بذلك؟ وقد تكون هناك مروية تتولى تقرير أمر ما تم نسخه أو تعديله من بعد بالقرءان، فوجودها سيسبب لا محالة لبساً للناس.
  3. الدين لم يكتمل إلا قبيل انتقال الرسول ولو تم تدوين مرويات بطريقة رسمية قبل اكتمال الدين لسببت للناس لبسا! وربما كان المسلمون ينفذون أحكاماً ما أخذوها عن أهل الكتاب قبل أن ينزل الحكم القرءاني، فوجود مرويات تتحدث عن ذلك ستسبب لبسا، وقد يكفر الناس بالآية القرءانية في سبيل المروية التي تتضمن الحكم الكتابي، وهذا ما حدث في موضوع عقوبة الزنا!
  4. كان بعضهم يدون في مصحفه الخاص بجوار الآية بعض ما سمعه من الرسول أو بعض ما استخلصه هو، فكان يُخشى أن يُظن أن هذه الأقوال هي التفسير الوحيد المعتمد للآية.
  5.  وجود حزب قوي من المنافقين الذين لم يكن الرسول نفسه –بنص القرءان- يعلمهم، قال تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} التوبة101، لذلك فوجود تصريح رسمي بالكتابة كان يعني أن يكتب هؤلاء ما يشاءون ويصبح كلامهم جزءا من الدين لا يملك أحد إنكاره أو انتقاده.
  6. ثبت من سلوك الأولين وسننهم ومن سلوك المحسوبين على الإسلام أن ما يكتبونه عن أنبيائهم وصالحيهم يتحول إلى كتب يعطونها التقدم والحكم والقضاء على كتاب الله تعالى، ولذلك صدرت عن سدنة ومؤسسي المذهب اللاسني أقوال شنيعة بشعة مثل: "السنة قاضية على كتاب الله"، "لولا السنة لهلك القرءان"، "حاجة الكتاب للسنة أشد من حاجة السنة إلى الكتاب"، "للسنة أن تنسخ آيات الكتاب"!!!!! ومازال الخلف الضال يتعبدون بممارسة هذه الضلاليات والكفريات، ومازال القطيع الذي يتبعهم يهاجم بوحشية وضراوة كل من يحاول أن يعيد للقرءان مكانته، لذلك كان من المقصود بالفعل ألا تتحول كتب الآثار إلى كتب دينية مقدسة بل إلى مجرد كتب تاريخية يتولى أمرها الصفوة من علماء الأمة الحقيقيين ويستخرجون منها ما هو متسق مع دين الحق.
  7. أما السنن العملية وما يلزم معرفته من أمور الدين الأخرى لكل المسلمين فلم يكن ثمة خوف عليها، وقد نقلها ألوف المسلمين المعاصرين للرسول إلى عشرات الألوف إلى مئات الألوف...
  8. كان من المعلوم مسبقاً أن الأمة ستختلف وتتفرق وأن كل طائفة نبتت ستحاول الانتصار لمذهبها بأية نصوص دينية، وكذلك كان من المعلوم أنه سيكون هناك الكثير من الموتورين، كل أولئك كان يُخشى منهم على الدين إذا كان ثمة إذنٍ عام بالكتابة عن الرسول.

وموقفنا من المرويات متسق تماماً مع المنهج القرءاني العلمي وهو لا يعبأ بغلو من جعلوا المرويات عمليا وواقعيا كآيات القرءان ولا بغلوّ من يتعاملون مع الرسول وكأنه وجد صحفا فيها القرءان فبلغه للناس ثم انتهى أمره، إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ كان مأمورا بأن يعلم قومه ويزكيهم ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون، فلابد أنه قد صدرت عنه أقوال لهم بمقتضى ذلك، وقد كان منوطاً به أن يحقق فيهم وبهم المقصد الدين الأعظم بأن يجعل منهم الأمة الخيرة الفائقة، فلابد أنه فعل أفعالا وقال أقوالا بمقتضى ذلك.
وقد كان مأمورا بأن يعلمهم آيات القرءان والقول القرءاني في كل مسألة باعتبار أنه أعلم الخلق به وبمنهجه في إيراد الحقائق، فالقرءان بالفعل مبين ومبيِّن وتبيان لكل شيء لمن كان على درجة عالية من العلم والرقي الذهني والوجداني ولمن يعلم كل آيات القرءان ويجيد التعامل معها، فلابد أن الرسول كان يبيِّن لهم ما غمض عليهم، خاصة وأن أكثرهم لم يكن يحفظه كاملا ولم يكونوا كلهم متساويين في الملكات والقدرات.
لكل ذلك فلا يمكن أبداً أن يكون كل هذا التراث باطلا بطلانا مطلقا، ولذلك لابد من معيار دقيق وصارم للحكم على المروية، هذا المعيار المنطقي هو ضرورة اتساقها مع دين الحق المستخلص من القرءان الكريم وإمكان اندراجها في إطاره، ودين الحق ممثل في منظومات سننه وقيمه وسماته، والتأكيد على ذلك لأن القول القرءاني بخصوص أية مسألة موزع بصفة عامة –وفقا للنهج القرءاني- على آيات عديدة، فنحن نأخذ بالمروية التي تحقق هذا الشرط حتى وإن ضعَّفها الرواة، كما نرفض المروية المتعارضة مع القرءان الكريم رفضا تاما، أما المرويات التي تتعرض لأمور لم يرد لها ذكر أو أصل في القرءان فتُعتبر من الأمور غير المطروحة أصلا، ويُترك أمرها للعلماء المتخصصين في اللغات ومقارنة الأديان والتاريخ...الخ، والأمة بالطبع ليست ملزمة بانتظار نتائج أبحاثهم.

ونحن نقول دائما: لا يجوز رفض مروية منسوبة إلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ رفضاً مطلقاً دون تقديم أسباب قوية كتعارض لا يمكن دفعه مع القرءان الكريم أو مع أي عنصر من عناصر دين الحق المستخلص منه.

هناك تعليقان (2):

  1. لا صحيح الا كتاب الله القرأن الكريم

    ردحذف
  2. رحم الله الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي، وبارك الله فيكم دكتور فعلا يجب التأكد وإعادة النظر في السنة المغلوطة.. ما كان متوافق مع القرءان العظيم من أحاديث عن رسول الله صلً الله عليه وآله وسلم فهي منه حقاَ، وما كان غير متوافق مع كتاب الله فهي ليست من الرسول في شيء وإنما من رواة الباطل خدمة للأمراء والسلاطين والله سيجزيهم بظلمهم وضلالهم للأمة..

    ردحذف