الجمعة، 5 سبتمبر 2025

من كتابنا 235 نظرات في السور من السجدة إلى الزمر، ومن الملك إلى الناس، 2024


 

*سورة يس

 

سمات وطابع السورة

جدول عدد نوع 1 وعدد ذكر 1

تعريف العدد هنا يأخذ بمفاهيم المثاني والحلقات.

والمقصود بالعدد النوعي للأسماء عددها من حيث النوع، فلا يحتسب تعدد ورود الاسم في السورة.

أما عدد الذكر فهو عدد الأسماء مع احتساب مرات تكرارها في السورة

وتُستعمل في الجداول الاختصارات الآتية:

ع ن 1 = عدد نوع 1 = عدد الأسماء المفردة والمثاني والحلقات كما وردت

ع ذ 1 = عدد ذكر 1

 

رقم

السورة

الأسماء من حيث النوع

ع ن 1

ع ذ 1

36

يس

الله 3، الرب 6، الرَّحْمَنُ 4

الْعَزِيزِ الرَّحِيم، الْعَزِيزِ الْعَلِيم، الْخَلاَّقُ الْعَلِيم، الرَّحِيم، العليم

القادر: مستنبط؛ إجابة استفهام

إحصاء الصورة:

الله 3، الرب 6، الرَّحْمَنُ 4، الْعَزِيز 2، الرَّحِيم 2، الْعَلِيم 3، الْخَلاَّقُ، القادر

9

18

 

 

جدول عدد نوع 2 وعدد ذكر 2

ع ن 2 = عدد نوع 2 = عدد أسماء من حيث الصورة، أي بعد فك المثاني والحلقات، أي المفردة

ع ذ 2 = عدد ذكر 2

ع ذ م ح = عدد ذكر مثان وحلقات

ع ذ 3 = عدد ذكر3 = عدد ذكر 2 + ع ذ م ح

 

رقم س

اسم السورة

أسماء النسق التفصيلي

ع نوع 2

ع ذكر 2

ع ذ مثان وحلقات

36

يس

الله 3، الرب 6، الرَّحْمَنُ 4، الْعَزِيز 2، الرَّحِيم 2، الْعَلِيم 3، الْخَلاَّقُ، القادر

الْعَزِيزِ الرَّحِيم، الْعَزِيزِ الْعَلِيم، الْخَلاَّقُ الْعَلِيم

8

22

3

 

جدول مراكز السورة من حيث معاملات الأحرف

 

رقم السورة

اسم السورة

الإلهية

ح1

 

الرسالة

م ح 2

الرسول 

م ح 3

الغيب

م ح 4

سنن إلهية كونية

م ح 5

أمور وأحكام دينية

م ح 6

أمور وجدانية

م ح 7 

م أ ب

م أ م

36

يس

55

63

61

34

74

69

37

49

58

37

الصافات

65

80

88

7

100

62

75

44

68

38

ص

63

43

57

10

59

67

82

51

57

39

الزمر

20

11

24

42

12

16

4

11

8

 

جدول مراكز السورة من حيث المعاملات الأسمائية

 

رقم السورة

اسم السورة

م أ ع

م ع 33

م أ 4

33

الأحزاب

8

9

8

34

سبأ

13

15

16

35

فاطر

10

13

23

36

يس

55

54

47

37

الصافات

60

48

54

38

ص

59

56

57

39

الزمر

14

12

10

40

غافر

7

10

6

 

جدول الطابع المكي والمدني

 

رقم السورة

اسم السورة

م ط2

م ط ع 3

م ط مكي

ترتيب نزول

29

العنكبوت

31

31

84

85

30

الروم

38

39

76

84

31

لقمان

22

22

93

57

32

السجدة

80

77

38

73

33

الأحزاب

11

12

103

90

34

سبأ

51

50

65

58

35

فاطر

23

23

92

43

36

يس

76

75

40

41

 

السورة ذات طابع مكي قوي

 

القراءة الأوْلى لما خالف فيه حفص الأوْلى

1.   {تَنزِيلَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ} [سورة يس: 5]   تَنزِيلُ  @  Φ 

{تَنزِيلَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } [سورة يس: 5]

قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَحَفْصٌ بِنَصْبِ اللَّامِ

قَرَأَ الْبَاقُونَ بِرَفْعِ اللام

2.            {وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ سُدّٗا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سُدّٗا فَأَغۡشَيۡنَٰهُمۡ فَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ} [سورة يس: 9]  @  @  ω ω  ℭ ℭ

{وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ سَدّٗا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدّٗا فَأَغۡشَيۡنَٰهُمۡ فَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ } [سورة يس: 9]

قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَحَفْصٌ عن عاصِم بِفَتْحِ السِّينِ

باقي الرواة قرأوا بضم السين.

3.             {إِن كَانَتۡ إِلَّا صَيۡحَةٌ وَٰحِدَةٌ فَإِذَا هُمۡ خَٰمِدُونَ} [سورة يس: 29]  @  @ Φ Φ Ҡ

{إِن كَانَتۡ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَإِذَا هُمۡ خَٰمِدُونَ } [سورة يس: 29]

صيحة: قرأ أَبُو جَعْفَر وشيبة، ومعاذ بن الحارث القارئ بالرفع، وهو الأوْلى.

باقي الرواة قرأوا بالنصب.

واحدة: قرأ أَبُو جَعْفَر وشيبة، ومعاذ بن الحارث القارئ بالرفع، وهو الأوْلى.

باقي الرواة قرأوا بالنصب.

4.             {وَإِن كُلّٞ لَّمَا جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ } [سورة يس: 32]

{وَإِن كُلّٞ لَّمَّا جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ } [سورة يس: 32]

قرأ ابْنُ جَمَّاز عن أَبي جَعْفَر وابْن عَامِر وعاصِم وحمْزَة بتشديد الميم.

باقي الرواة قرأوا بتخفيف الميم، وهو الأوْلى.

5.             {وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِي لِمُسۡتَقَرّٖ لَّهَاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ} [سورة يس: 38]  لا مُسۡتَقَرَّ لَّهَا     Ψ  λ  Φ Φ 

{وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِي لِمُسۡتَقَرّٖ لَّهَاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ } [سورة يس: 38]

لِمُسۡتَقَرّٖ لَّهَاۚ: قراءة الجمهور

لا مُسۡتَقَرَّ لَّهَا: قراءة ابن عباس وعلي زين العابدين والباقر، وابنه الصادق، وابن أبى عبدة، وابن مسعود والشيرازي عن الكسائي ... الخ

6.             {وَٱلۡقَمَرُ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِيمِ} [سورة يس: 39]   @  Φ

{وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِيمِ } [سورة يس: 39]

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَرَوْحٌ عن يعقوب بِرَفْعِ الرَّاءِ، وهو الأوْلى.

باقي الرواة قرأوا بالنصب.

 

7.             {مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ تَأۡخُذُهُمۡ وَهُمۡ يَخَصِّمُونَ } [سورة يس: 49]

{مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ تَأۡخُذُهُمۡ وَهُمۡ يَخِصِّمُونَ } [سورة يس: 49]

قراءة الحرميين، وأبى عمرو، والأعرج، وشبل بإدغام التاء في الصاد ونقل حركتها إلى الخاء، وهو الأوْلى

قرأ وَرْش عن نافِع وابْن كَثِير والحُلوَانِيّ عن هُشَام عن ابْن عَامِر بإتمام فتحة الخاء، مع تشديد الصاد، وفتح الياء، وهو الأوْلى.

باقي الرواة قرأوا بكسر الخاء، مع تشديد الصاد، وفتح الياء.

 

8.             {قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مِنۢ بَعْثِنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} [سورة يس: 52]   @  @  @    مَنۢ بَعَثَنَا    Φ Φ  Ḧ Ḧ  𝓟 𝓟 ε

{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ } [سورة يس: 52]

مَنۢ بَعَثَنَا  ĝ

مِنۢ بَعْثِنَا  # @  # @  قراءة الإمام علي وابن عباس ومجاهد والضحاك ...

 

9.             {إِن كَانَتۡ إِلَّا صَيۡحَةٌ وَٰحِدَةٌ فَإِذَا هُمۡ جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ} [سورة يس: 53]   @  @   Φ Φ Ҡ

{إِن كَانَتۡ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَإِذَا هُمۡ جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ } [سورة يس: 53]

صيحة: قرأ أَبُو جَعْفَر وشيبة، ومعاذ بن الحارث القارئ بالرفع، وهو الأوْلى.

باقي الرواة قرأوا بالنصب.

واحدة: قرأ أَبُو جَعْفَر وشيبة، ومعاذ بن الحارث القارئ بالرفع، وهو الأوْلى.

باقي الرواة قرأوا بالنصب.

 

10.           {إِنَّ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ ٱلۡيَوۡمَ فِي شُغۡلٖ فَٰكِهُونَ } [سورة يسٓ: 55]  ω

{إِنَّ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ ٱلۡيَوۡمَ فِي شُغُلٖ فَٰكِهُونَ } [سورة يس: 55]

قرأ نافِع ابْن كَثِير أَبُو عَمْرٍو بإسكان الغين، وهو الأوْلى.

باقي الرواة قرأوا بضم الغين.

 

11.            {وَأَنُ ٱعۡبُدُونِيۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} [سورة يس: 61]  @  ε

{وَأَنِ ٱعۡبُدُونِيۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ } [سورة يس: 61]

قرأ أَبُو عَمْرٍو ويَعْقُوب وعاصِم وحمْزَة بكسر النون.

باقي الرواة قرأوا بضم النون.

12.           {وَلَقَدۡ أَضَلَّ مِنكُمۡ جُبۡلٗا كَثِيرًاۖ أَفَلَمۡ تَكُونُواْ تَعۡقِلُونَ} [سورة يس: 62]  جِبِلّٗا  @    

{وَلَقَدۡ أَضَلَّ مِنكُمۡ جِبِلّٗا كَثِيرًاۖ أَفَلَمۡ تَكُونُواْ تَعۡقِلُونَ } [سورة يس: 62]

قرأ نافِع وأَبُو جَعْفَر وعاصِم بكسر الجيم والباء، وتشديد اللام.

قرأ العربيان أَبُو عَمْرٍو وابْن عَامِر بضم الجيم، وسكون الباء، وتخفيف اللام، وهو الأوْلى

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَرُوَيْسٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالْبَاءِ جَمِيعًا وَتَخْفِيفِ اللَّامِ، وهو الأوْلى

قرأ رَوْح عن يَعْقُوب بضم الجيم والباء، وتشديد اللام.

باقي الرواة قرأوا بضم الجيم والباء، وتخفيف اللام.

======= 

سورة الجن 20-24

قُلۡ إِنَّمَآ أَدۡعُواْ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِهِۦٓ أَحَدٗا ٢٠ قُلۡ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا رَشَدٗا ٢١ قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا ٢٢ إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ٢٣ حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا ٢٤

 

الآيات تبين مقتضيات العبودية الكاملة لله تعالى، فمن أراد أن يكون عبدا خالصا له فليدعوه وحده ولا يشرك به أحدا، وليعترف للناس بأنه لا يملك لهم من الله شيئا وأنه يتقي الله ويخشاه وأنه لا ملجأ له إلا هو؛ فهو لا يجد مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا، ولا مكان يمكن الفرار خارج مملكته، وبإعلان العبودية الكاملة لله تعالى ونسبة كل الفضائل إليه ظهر فضل النبي الخاتم على أولي العزم من الرسل، وما أعلنه هو الحقيقة كاملة، فلا يملك الإنسان مع الله شيئا، وهو أصل ومصدر كل مكرمة ومحمدة وصفة حسنة وخلق كريم، فكل ما لدى الإنسان منها هو بالأصالة لله تعالى.

وقول الله تعالى {إِلاَّ بَلاَغا مِّنَ الله وَرِسَالاَتِهِ...} بيان بأن ما هو منوط بالرسول من مهام هو تبليغ رسالات ربه إليهم، والبلاغ: مصدر الفعل "بلَّغ"، وهو إيصال العلوم أو الكلام أو الحديث إلى الغير، ويطلق أيضا على الكلام المبلغ من باب إطلاق المصدر أو اسم المعنى على المفعول أو على مجال الفعل، فالرسول لا يملك إحداث الهدى والرشاد في نفوس من أحب من الناس، وإنما يملك الدلالة على السبل إلى ذلك بما يوحيه إليه ربه.

*****

سورة الجن 25-28

عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦ إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا ٢٧ لِّيَعۡلَمَ أَن قَدۡ أَبۡلَغُواْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّهِمۡ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيۡهِمۡ وَأَحۡصَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ عَدَدَۢا ٢٨

 

الرسول مأمور هنا بأن يقول: "إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا"، فهو يعلن هنا أنه لا يعلم متى تتحقق الوعود المذكورة في السورة، وهي هزيمة الكافرين في الدنيا وبدء عذابهم في نار جهنم، وذلك مذكور في قوله تعالى: {... وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)}

والأمر الأول لابد منه حتى يكون الابتلاء كاملا، فمقام أولي العزم من الرسل يقتضي أن يمروا بأشد الابتلاءات ليتبين للناس علو مرتبتهم، فهم لم يكونوا يؤدون أدوارا في مسرحية معدة سلفا، وإنما هم يعلمون مدى طلاقة المشيئة الإلهية، ولذلك كانوا أشد الناس خشية من الله تعالى.

أما موعد بدء العذاب فهو أمر غيبي غير قابل للعلم من حيث كون الإنسان موجودا في هذا العالم المادي الظاهر بإطاره الزمكاني المعلوم، فلا معنى للزمان بالنسبة لهذا الإنسان خارج هذا الإطار، وبانقضاء العالم المادي الطبيعي المعلوم ينقضي معه زمانه ومكانه، فيصبح بذلك السؤال عن بدأ الحساب بلا معنى، فسيكون للعالم الجديد أو الدار الآخرة إطارات زمكانية مختلفة، يدركها الإنسان بحواسه الأكثر جوهرية.

والآيات تبين أن علم الغيب هو لله تعالى، ولا يعني ذلك نفي العلم بالغيب مطلقا عن غيره، ولا ريب أن الغيب المطلق هو لله تعالى، وهذا العلم منفي عن مخلوقاته، وهذا الغيب هو الذي تنفيه آيات القرءان عن المخلوقات.

ولكن ثمة غيب نسبي من حيث أن البعض من الممكن أن يعلموا شيئا عنه بأمر الله، وطبقا لقوانين الله وسننه، في حين يظل غيبا بالنسبة للآخرين، أو من حيث أن الإنسان لا يمكنه الاطلاع عليه الآن لوجود فواصل الزمان والمكان أو لشدة انحجابه بالعالم الطبيعي وبمفاهيمه وتصوراته.

والرسل بحكم حقيقتهم وبحكم اصطفاء الله تعالى لهم هم متصلون بعالم الغيب القدسي، والله تعالى يطلعهم بذلك على بعض الغيب ويظهرهم عليه فيبينونه للناس ويدعون إليه على بصيرة.

وكل رسول هو محاط من كافة الاتجاهات بالرصد؛ والرصد جمع راصد، وهو ما يحفظ الشيء ويصونه من كل ما لا يريده أو من يريد به سوءا، والرصد هم حرس من الملائكة يحفظون الرسول ويضمنون وصول الرسالة صحيحة وكاملة للناس، كما يكونون شهداء على أن الرسول قد قام بالمهام المنوطة به وأن الرسالة قد وصلت كاملة للناس دون أدنى تغيير أو تحريف.

وقوله تعالى: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} يبين بجلاء أن مجال العلم هو الأمور المفصَّلة المتحققة، فبتحقق الأمر ينتقل من مجال التقدير إلى مجال العلم، وتصبح المعلومة المقدرة معلومة متحققة، فالذي تغير هو حالة المعلومة وليس السمة الإلهية، فالسمة الإلهية واجبة لانهائية مطلقة؛ فلا تتغير عما هي عليه.

وإضافة الأفعال إليه سبحانه تجعل من هذه الأفعال نوعا آخر من الكلام، وكل ما يصدر عن المخلوقات يصبح لتوه محاطا به وعنصرا لمجالات من مجالات أفعال إلهية مثل الإحاطة والعلم والإحصاء.

*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق