الاثنين، 23 فبراير 2015

الأسماء الحسنى ج1

الأسماء الحسنى ج1

إن الأسماءَ الحسني تشيرُ إلي سمات هي بالأصالة لله سبحانه وهي واجبة له لازمة له وهو ظاهرٌ بها حتى عُرِف بها وصارت أعلاماً عليه (Proper Names, des noms propres) بحيث أنه إذا ذُكرت هي ذُكر هو، ولذلك حُمدَ بها، وهذا الحمد نوعان الأول حمدٌ فعليٌّ متحقق وهو عين ظهور آثارها، فكلُّ مخلوقٍ ظهرَ أو سنَّةٍ عرفها الناس أو تدبيرٍ تحققَ هو حمد لله سبحانه من حيث تلك الأسماء، أما الثاني فهو الحمد القولي اللساني، وهو ما تنطق به الألسن إقراراً بما هو له من السمات الحسنى وإظهاراً لما في القلوب من توقيره وإجلاله، والسمات الحسنى هي لوازم وتفاصيل ماهيته التي هي عين الحسن الذاتي المطلق.
والاسم بالنسبة إلى الإنسان ليس كالاسم بالنسبة إلى الذات الإلهية، فاسم إنسانٍ ما هو ما أطلقَه عليه غيرُه لتمييزه عن نظراء له، وهو لا يشير إلى سمات حقيقية عنده، بل قد لا يكون له أي معنى، وإنما هو بمثابة عَلَم عليه يُنادى ويُدعى به، وليس بالله حاجة إلى اسم علَمي لفظي لكي يتميزَ به عن غيره إذ لا شريك له في مرتبته أو كنهه، وقد كان ولا شيء معه.
أما الاسم الإلهيُّ اللفظي فهو ما سمى الله به نفسه وأخبر عباده به ليدعوه به، وهو اسم حقيقي بمعني أنه يمكن أن يُدعي الله به وبمعنى أنه يشير إلى سمةٍ ذاتية حقيقية تتجلى آثارها في هذا العالم المشهود، والدليل على حقانية الأسماء هو ما يجده الإنسان في الآفاق وفي نفسه، والإنسان إذ يدعو اسماً إلهياً فإنما يتوجه إلى الاسم الوجودي الفعال الذي هو الذات الإلهية من حيث تلك السمة التي يشير إليها الاسم، وهو يستحث بذلك أنساق الملائكة والجنود الموكلين بتحقيق مقتضيات الاسم من القوانين والسنن ويهيئ نفسه للانتفاع بأنوارهم ومددهم، ولأن الله سبحانه وتعالى أمر عباده أن يدعوه بأسمائه اللفظيةِ الواردة في كتابه فلقد صارت بمثابة أسماءٍ عَلميةٍ عليه، والاسم اللفظي هو بمثابة عَلَم علي السمة الإلهية، ولقد انفرد الله تعالى بأن كل اسم من أسماء الكمالات أو الأسماء الحسني هو عَلَمٌ حقيقيٌّ عليه.
والاسم الإلهي الوارد في القرءان هو الاسمُ اللفظي الذي سمَّى الله تعالى به نفسه ونصّ عليه كتابُه ويمكن للإنسانِ عملاً بأوامره تعالى أن يدعوه به وأن يناديَه وأن يناجيَه به وأن يتوجهَ إليه به وأن يذكرَه به، فهو مصطلح قرءاني للإشارة إلى إله الكون، وهو يتضمن لفظا لغوياً أو أكثر ورد في القرءان للدلالة علي ذات الإله والإشارة إلى اسم من لوازم وجوده؛ أي إنه يجب أن يشيرَ هذا الاسم اللفظي إلى اسمٍ وجودي، وهو بذلك يكون عَلَماً على ذات الإله من حيث سمة من سماته وعلى سمة من سماته، أما الاسم الوجودي فهو الذات الإلهية من حيث سمة من سماتها أي متجلية بسمةٍ من سماتها اللازمة.
والاسم اللفظي إذا ثبت أنه اسمٌ إلهي بالمعنى المشارِ إليه هنا يكون بالضرورة من الأسماء الحسنى، ولا يُعتدٌّ بالمعايير أو الموازين البشرية هنا.
ويترتب على ما ذُكر أن الأسماء المتحدة في أصل المعنى أو أصل السمة هي تجليات لاسم واحد مهما تعددت صورها اللفظية.



الأسماء الحسنى في القرءان العظيم
النسق الأول من الأسماء الحسنى
الله*
ٱلرَّحۡمَٰن
الرَّبّ، رب العالمين
الإلـه
الواحد
الأحد
الصمد
الحقّ
الحيّ
النور
اللطيف
العليم، العالم، العلام، الأعلم
الخبير
المحيط
الشهيد
الحفيظ، الحافظ
الوليّ، المولى
الغنيّ
الأعلى، العليّ
الأكرم، الكريم
السميع
البصير
الحَكِيم، أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ، خَيْرُ الْحَاكِمِينَ
القدير، القادر
العظيم
الملك
ٱلرَّحِيم، أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، خَيْرُ الرَّاحِـمِينَ، ذُو الرَّحْمَةِ
الغفار، الغفور، خير الغافرين، ذو مغفرة
التوَّاب
الوهَّاب
الفعَّال
الرزَّاق، خَيْرُ الرَّازِقِيـنَ
الْفَتَّاحُ، خَيْرُ الْفَاتِحِينَ
البديع
الخَالـِق، أَحْسَنُ الْخَالِقِيـنَ
الفاطر
الْقَرِيب
الرَّقيــب
الْقَاهِـرُ، الْقَهـَّار
الْحَسِيب
الْوَكِيلُ
النَّصِيرُ
رَبِّ الْعِزَّةِ، الْعَزِيزُ
ذُو الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ
ذُو الْفَضْلِ
الحميد
الرحمن الرحيم
الحي القيوم
القوي العزيز
العزيز الرحيم
العزيز العليم
العزيز الحكيم
العزيز الحميد
العزيز الغفار، العزيز الغفور
العزيز الوهاب
العزيز المقتدر
الواحد القهار
الحكيم العليم
الحكيم الخبير
الحكيم الحميد
العلي الحكيم
العلي العظيم
العلي الكبير
السميع العليم
الخلاق العليم
الفتاح العليم
الواسع العليم
الغفور الرحيم، الغفور ذو الرحمة
التواب الرحيم
الرؤوف الرحيم
البر الرحيم
الرحيم الغفور
الرحيم الودود
الغفور الودود
العليم الحكيم
العليم الخبير
العليم القدير
العليم الحليم
السميع البصير
السميع القريب
القريب المجيب
اللطيف الخبير
الخبير البصير
الحليم الغفور
الغفور الحليم
الغفور الشكور
العفوّ الغفور
الولي الحميد
الغني الحميد
الحميد المجيد
الملك الحق
الحق المبين
المليك المقتدر
التواب الحكيم
الغني ذو الرحمة
الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ
الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
الأوّلُ وَالاَخِرُ وَالظّاهِرُ وَالْبَاطِنُ
الْمَلِك الْقُدُّوس الْعَزِيز الْحَكِيم

الْمَلِكُ الْقُدّوسُ السّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبّرُ



*ملحوظة: الاسم "الله" هو الذي له أسماء الإحصاء الحسنى التسعة والتسعون، فهو الاسم الأعظم المتمم للمائة.


*******



إن الكتاب العزيز قد بيَّن للناس أن لله الأسماء الحسني وأمرهم أن يدعوه أي يعبدوه بها وأن يستجيبوا له بالعمل بمقتضياتها، وجعل من العلم بهذه الأسماء المقصدَ من إنزال الكتاب وتبيين وتفصيل آياته ومن إيجاد وإبداع وتصريف الآيات الكونية والكتابية ومن سنِّ الأوامر الدينية والوصايا الشرعية ومن ضرب الأمثال ومن تقدير القوانين والسنن والنواميس ومن تدبير الوقائع والأمور علي المستوي الكوني ومن تقليب الإنسان في أطواره المختلفة ومن تسخير ما في السماوات والأرض له ومن جعل ما في الأرض له ومن الإنعام عليه ومن قصِّ القصصِ وضربِ الأمثال، لكل ذلك تضمنت نسبةٌ هائلة من الآيات تلك الأسماء الحسني؛ فوردت الأسماء الحسني إما في ثناياها وإما أنها خُتِمت بها، بل إن ثمة آيات مخصصة بالكامل لذكر اسم أو أكثر من هذه الأسماء، ومنها: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }الفاتحة1، {الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ }الفاتحة3، {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}الرعد9، {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ }السجدة6، {الرَّحْمَنُ }الرحمن1، {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)}الزخرف، {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }الحشر22، {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }التغابن18، {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ}البروج14، {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ }البروج15، {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ}البروج16.
فالأسماء الحسني موجودة في القرءان العظيم ولقد أحصيناها فيه واستخرجناها منه بفضل الله تعالي وألَّفنا في بيان ذلك وفي تفصيله كتباً عديدة.
ولأمور الدين الكبرى والأساسية مصدر واحد هو كتاب الله تعالى، فهو الرسالة الخاتمة، وهو الذكر والنص الوحيد الذي تكفَّل الله عز وجل بحفظه للعالمين بنفسه وبكل أسمائه وجنوده وآلاته، ولم يستحفظْ عليه ربانيين ولا أحبارا، وألزمهم باتباعه، ولا يجوز أن يُقارَن أي مصدر آخر بهذا المصدر كما لا يجوز أن يقارنَ المخلوقُ بالخالق، فلكتاب الله من العلو والهيمنة على سائر المصادر الأخرى بقدر ما لله تعالى من العلو والهيمنة على مخلوقاته، فالكتاب العزيز هو المصدر الأوحد للأمور الدينية الكبرى والمصدر الأعلى للأمور الدينية الثانوية، وكل مصدر آخر إنما هو كذلك فيما يتعلق بالأمور الثانوية فقط، وهو إنما يستمد شرعيته مما ذكره كتاب الله، فتلك المصادر الأخرى إنما هي لخدمته وللمساعدة على تدبره وفقهه أو لمساعدة أولى الأمر على استنباط ما يتفق معه أو مع ما سبق استنباطه منه مما يحتاجه أهل كل عصر ومصر.
وعلى رأسِ الأمور الدينيةِ الكبرى التي يجبُ استخراجُها من الكتابِ العزيزِ وحدَه: أسماءُ الله الحسني وكذلك السماتُ والأفعال والشؤون والسنن الإلهية.
فالكتابُ العزيز هو المصدرُ الأوحد الذي يتضمن الأسماءَ الحسنى التي يجب علي الإنسان أن يعرفَها، لذلك فلابد أن يرد فيه الاسم نصاً ولفظاً دون اللجوء إلي أي اشتقاق أو استنباط.
والأسماءَ لا توصفُ بالحسنى لمجردِ أنها ألفاظ، بل لما تشيرُ إليه أو ترمز إليه من السمات والمعاني، لذلك لابد أن يشيرَ كل اسمٍ لفظي من الأسماء إلى معنى يتسمُ بالحسن، ولا يمكن أن يكون الاسم الأحسن بلا معنى، والله سبحانه يتسم بأنه مطلق Absolute ، لانهائي Infinite ، وله الوجود الواجب Necessary existence، وله الكينونة المطلقة Absolute being وهو لكل الكائنات المرجع المطلق Absolute reference، والسمةُ التي يشير إليها الاسم هي سمةٌ ذاتية لله تعالى، لذلك فإنها تتسم أيضاً بالطلاقة والوجوب واللاتناهي وبأنها المرجع والأصل لكل صفات المخلوقات المشتركة معها من حيث اللفظ، فهي بذلك لله وحده، وبذلك كان الاسم المشيرُ إليها عَلَماً عليه سبحانه.
وكل ما اتصف به مخلوق من صفات الحسن والكمال فلا مصدرَ له في الوجود إلا اللهَ تعالى، فهو أولى بهذه الصفة من مخلوقاته، وكل ما يتصفون به من صفات النقص أو التقيد فإنه منزه عنها تنزيها مطلقا.
وبالنظرِ إلى المرويات الموجودة والمتعلقة بأمر الأسماء فإنها كلها أجمعت على أن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة، وقد رووا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قال: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا -مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا- مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)، والحديث متفق عليه.
وكذلك روى ابن أبي جرير عن أبي هريرة في الجامع الكبير قولَه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: (إن لله تسعةً وتسعين اسماً كلُّها في القرءان من أحصاها دخل الجنة)، وهذا هو القولُ الحقُّ في شأن الأسماء، فالأسماء الحسنى موجودة نصاً ولفظاً في القرءان دون الحاجةِ إلى اشتقاقٍ من فعلٍ أو صفة أو مصدر، وهذه المروية تشير إلى أصل صحيح، ذلك لأنها مؤيدة بكل الآيات التي تعلي من قدر الأسماء الحسنى وتأمر الناس بأن يدعوا الله تعالى بها، والأسماء في القرءان لأن العلم بها هو أساس هذا الدين والقرءان هو المصدر الأوحد لكل أمور الدين الكبرى.
والمروية الصحيحة لا تتضمن ذكراً لأية أسماء، فالأسماء المشهورة من إدراج الرواة، وهذا من المعلوم والثابت عند علماء المرويات.
فالأسماء التي يتغنى بها الناس ويزخرفون بها مساجدَهم وبيوتهم هي الواردة في مروية الترمذي، وهي في الحقيقة مدرجة (ملحقة) بالمروية الصحيحة، ويجب العلم بأنها غير ثابتة وأنها تتضمن أسماء لم ترد أبداً في كتاب الله تعالى، ومنها: القابض، الباسط، الخافضُ، الرَّافِعُ، المعزُّ، المذِل، العَدْلُ، البَاعِثُ، المُحْصِي، المُبْدِيءُ، المُعِيدُ، المُمِيتُ، الوَاجِدُ، المُقْسِط، المَانِعُ، الضَّارُّ، النَّافِعُ، الرَّشِيدُ، الصَّبُور، وبعض هذه الأسماء لا يصح إطلاقها علي الله تعالى أصلا، هذا فضلا عن عدم تضمنها أسماء وردت في القرءان منها الاسم "رب العالمين".
ومروية ابن ماجة (وهي أقل شهرة من مروية الترمذي) قد أوردت أيضاً أسماء لم تثبت منها: الْمَاجِدُ، الْوَاجِدُ، الرَّاشِدُ، الْبُرْهَانُ، الْمُبْدِئُ، الْمُعِيدُ، الْبَاعِثُ، الضَّارُّ، النَّافِعُ، الْوَاقِي، الْخَافِضُ، الرَّافِعُ، الْمُعِزُّ، الْمُذِلُّ، الْمُقْسِطُ، الْمُمِيتُ، الْمَانِعُ، الأَبَدُ، الْمُنِيرُ، التَّامُّ، الْقَدِيمُ.
والأصلُ في إحصاء الأسماء هو السمةُ التي يشير إليها الاسم، فالأسماء المشتركة في الإشارة إلى سمة واحدة هي اسم واحد، وإنما الاختلاف هو في درجات السمة أو تجلياتها وليس في أصلها أو كنهها، ويمكن اعتبار مثل هذه الأسماء أسماء متميزة عن بعضها في الأنساق التالية من الأسماء، وليس في أسماء الإحصاء.
ونظرية الأسماء هي نظرية بالغة التعقيد، وتستلزم علما ببعض الحقائق الدينية الكبرى وبالمنهج والمنطق القرءاني وباللسان العربي وأساليبه وقواعده بالإضافة إلى أمور أخرى، ولذلك فلا مجال هنا لشرح وبيان كل ذلك، وسنكتفي بتقديم ما يلزم لقرءاة قوائم الأسماء الحسنى، ولا غرابة في أن تكون بعض النظريات العلمية معقدة، بل إن هذا هو الأمر الطبيعي، ولكن هذا لا يمنع الناس من الانتفاع والإفادة من نتائجها.
والأسماءُ الحسنى هي أيضاً مصطلحاتٌ قرءانية، والقرءانٌ كتاب عربي مبين، فيجبُ أن تظلَّ هكذا عربية، فلا يمكن للسانٍ آخر أن يؤديَ معناها، فيجب أن تظل أعلاما  (Proper names)، ولا يجوز لأحد ترجمتُها؛ They should be transliterated not translated، ولكن يمكن ترجمة معانيها فقط لكي يفقهَ الأعجمي شيئا من المعنى الذي تؤديه الألفاظ العربية، وعادةً ما سيستلزمُ ذلك عدةَ ألفاظٍ لأداءِ معنىً مقاربٍ لمعنى الاسمِ الواحد ولو كان اسماً مفردا، هذه المعاني التقريبية ستثير في نفسه المشاعر اللازمة عند ذكرها، والعبرة دائما بأعمال القلوب.
والاسمَ هو مشتقٌّ من "السمة"، ولا يوجد لفظ عربي آخر يمكنُ أن يؤدي معناها، ولكنها تتضمنُ معانيَ العلامة والخاصية والصفة في ذاتها، كما أنها تدلُّ أيضاً على السموّ، وباللغة الأصلية هي الأمرُ الحسَن الكامل التام الذي هو من لوازم كيان ولابد له من مجال، فالسماتُ بالأصالة هي صفات حسن وكمال.
وبالاسم يتميز الكائن عن غيره، وهو بالنسبة إلى الله تعالى مشتق أيضاً من "السُّمُوِّ" وهو العلوُّ والارتفاع، فله العلو المطلق على كل ما هو من دونه بكل اسم من أسمائه، واسمه هو عَلم على سمته وعلى العلو المطلق لمقامه وشأنه.
والاسم اللفظي هو لغوياً صفة يمكن أن تأخذ صورا متعددة، وهو يتضمن اسم معنى إما بأن يكون مشتقاً منه وفقاً لشكله وإما بأن يتضمنَّه صراحةً، وقد يكون اسم المعنى هو نفسه الاسم اللفظي.
إنه لابد أن يشيرَ كل اسمٍ إلهي لفظي إلى سمةٍ إلهية، فليس لدى الناسِ اسمٌ علَميٌّ جامد له سبحانه، وليست به سبحانه حاجةٌ لاسم كهذا أبدا، وإنما يحتاجُ إلى اسمٍ كهذا مخلوقاتُه، وحتى الأسماء التي يظن الناس أنها لا تتضمن إلا العَلَمية فإنما هي أسماء باللغة العلوية المحكمة الأصلية وتشير إلى سمات محكمة، فالاسم "الله" والاسم "الرحمن" يشير كل منهما إلى سمةٍ تفصيلها هو كل السماتِ التي تشير إليها كلُّ الأسماء الحسنى، والاسم اللفظي هو علم على الاسم الوجودي الذي هو الكِيان الإلهي من حيث سمةٍ من سماته، وهو بذلك علم على السمة أيضا، وكل ما يمكن قوله عن السمة هو أنها من لوازم الحقيقة الإلهية وأنه لا سبيل إلى ظهورها من حيث هي لكيان حادث، وإنما يمكن ظهور آثار ومقتضيات وأفعال الكيانِ الإلهي من حيث تلك السمة.
والاسم اللفظي المنتمي لغوياً للسان العربي هو من الناحية اللغوية صفة يمكن أن يوصف بها كيان، وهو لغوياً مشتق مما يعرف بالمصدر أو اسم المعنى، فالكيان مثلاً يوصف بأنه عالم، فالعالم صفة للكيان وهو مشتق من العلم الذي هو المصدر أو اسم المعنى.
إن كون اللفظ مشتركا بين السمة الإلهية وبين الصفة البشرية هو من مقتضيات ضرورة التعبير عن عالم الغيب بألفاظ وضعت أصلا (بالنسبة للناس) في عالم الشهادة أو يستعملها الناس للتعايش والتعامل فيه، وهذا من معاني التشابه الذي هو من سمات بعض آيات الكتاب ومن سمات الكتاب ككل، ومع هذا فإن الأمرَ ليس مجردَ اشتراك لفظي، وإنما يطلق الاسم اللفظي على الاسم الوجودي لكائنٍ مخلوق لعلاقة لازمة هي كون الأمور التي يشير إليها اللفظ أصلا هي من مظاهر وآثار الاسم الإلهي الوجودي.

ولقد وُجِـد بإعمال النظرية -أي أسس الاستخلاص المشار إليها- أن ثمةَ نسقين من الأسماء الحسني في القرءان الكريم؛ يتضمن النسق الأول منها تسعة وتسعين اسماً من الأسماء الحسنى، هي الأسماء المطلوب إحصاؤها، بينما يتضمن النسق الثاني تسعة وتسعين اسماً من الأسماء المفردة، والنسق الأول يتضمنُ الأسماء ذات الحسن المطلق، فهذا النسق هو النسق الذي يتضمن الأسماء المطلوب إحصاؤها لتحقيقها أعلى درجات الطلاقة ولورودها في صيغ قرءانية أشد دلالة وقوة وتأكيداً من غيرها، أما النسق الثاني فهو نسق الأسماء الحسني المفردة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق