الخميس، 5 فبراير 2015

من القصة الحقيقية للمسيح عليه السلام4

من القصة الحقيقية للمسيح عليه السلام4 
ومن المعلوم أن تسجيل كل المعلومات عن الأنبياء كان بيد حفنة قليلة من الأحبار وأن ظهور نبي (بالمفهوم اليهودي) في بني إسرائيل كان أمرا عاديا عندهم، بل كان من الممكن أن يوجد منهم أعداد كبيرة في عصر واحد، والمفهوم اليهودي يجعل النبي مناظرة لما يُعرف عند الهنود بالمعلمين Guru، أو مناظرا للأولياء أو المجاذيب عند المسلمين.
وكان أكبر ما أثار اليهود تجاه المسيح هو موقفه من الكهنة اللصوص والتجار والمرابين، كان هؤلاء يجنون أرباحا هائلة بسبب الهيكل وفرض الطقوس والقرابين على الناس، وكان أكثر اليهود في ذلك العصر قوماً عتاة مجرمين يأتون في ناديهم المنكر ويزدرون المصلحين ويتمادون في التمرد والعصيان.
وعندما تآمر بعض بني إسرائيل على المسيح عليه السلام ليقتلوه نجاه الله من مكرهم، ولقد تُوفي بطريقة طبيعية مثل من خلوا قبله من الرسل كما ذكر القرءان تماما من بعد أن أدى رسالته الأساسية وهي تصديق التوراة وكُتُب أنبياء بني إسرائيل وتطهيرها من التحريف ومن إلقاءات الشياطين، وكذلك إعلام بني إسرائيل بانتهاء دورهم كأمة مفضلة حاملة للرسالة بعد أن فشلوا فشلا ذريعا واستحقوا اللعن بسبب ذلك، وكذلك التبشير بأوان ظهور النبي الخاتم الذي ستحمل أمته الرسالة إلى الناس كافة، فالمهام المنوطة به والمذكورة في القرءان قد أتمها تماما، وكان مجالَ عمله بنو إسرائيل، فقد كان رسولا إليهم من دون الناس.
وقد كان من رسالة المسيح إعلام بني إسرائيل بنتيجة مسيرتهم الدينية الطويلة وهي فشلهم في حمل الرسالة والقيام بالواجبات المنوطة بهم كأمة مفضلة، وأن الأمر قد انتقل إلى أمة أخرى وأنه قد اقترب ظهور الإسلام يأتي به أحمد من الإسماعيليين، ولذلك أيضاً لم يكن مقدراً له أن يعقب كما كان يحيى (وليس يوحنا) عليه السلام حصورا، وكل ذلك كان من مقتضى انتهاء سلالة النبوة من بني إسرائيل.
ولم يستمر في تمسكه برسالة المسيح عليه السلام إلا طائفة قليلة كانت تتداول الإنجيل الصحيح وتعمل به، وتلك هي الطائفة المسماة بالعيسينيين أو بالأحرى العيسويين، وهي لم تعلن أبداً خروجها عن شريعة موسى عليه السلام، وكان أكثر إقامتهم في الكهوف والأماكن الموحشة، وبانقراضهم كجماعة انقرضت رسالة المسيح عليه السلام واختفى الإنجيل الكامل الأصلي إلا ما أخفوه منه في أماكن اختبائهم وتنسكهم، وإلا ما كان أحبار اليهود قد دونوه في بداية رسالة المسيح.
أما السيدة مريم فقد عاشت من بعد ابنها في رعاية من آمنوا به، ولم تتزوج بالطبع إلى أن توفيت.
ولقد بقي من أتباع المسيح بعض الأفراد المتناثرين في الشام، ويجب العلم بأن المسيح وأتباعه كانوا يُعتبرون حتى عند اليهود طائفة من اليهود، فاليهودي هو يهودي بالولادة بغض النظر عن عقيدته، وهو يظل يهوديا حتى لو ألحد، ولقد كان الصدوقيون هم علية اليهود وأرقى طبقاتهم والمشرفون على الهيكل، هذا مع إنكارهم للبعث ويوم القيامة والملائكة!! ولكن أتباع المسيحيين هم الذين اعتزلوا بني إسرائيل حتى يستطيعوا العيش وفق نظامهم المرتضى، فكانوا بالنسبة لهم كالسامريين.
وُلِد المسيح الحقيقي في العصر الفارسي حوالي سنة 361 ق. م. طبقا للتقويم الميلادي المعروف، وهو خاطئ بالطبع، ثم هاجرت الأسرة إلى مصر، وكان معها أحد رجال العائلة المسنين، أثناء وجودهم هناك دخل الصراع بين الفرس وبين المقدونيين واليونانيين في طور جديد، كان الإسكندر قد تولى الملك في مقدونيا وأخضع كل بلاد اليونان الثائرة بالقوة الباطشة لسلطانه، وبدأ زحفه لتقويض الإمبراطورية الفارسية.
في سنة 333 ق.م، التقى الجيش المقدوني اليوناني بالفرس عند إسوس يقودهم ملكهم داريوس الثالث بنفسه، اشتبك الجيشان في معركة حامية الوطيس أسفرت عن تحقيق الإسكندر لنصر حاسم، وانكسار الجيش الفارسي وفرار داريوس ناجيًا بحياته، وقعت في الأسر زوجته وابنتاه وأمه.
واصل الإسكندر غزو الشام، كانت أقسى المعارك في صور، وربما كانت أشد معركة خاضها، رغب الإسكندر في أن يُقدّم الذبائح لإله صور، فأبى الصوريّون عليه ذلك، إذ كانوا يعتبرون هذا العمل حقًا من حقوق ملكهم دون غيره، فعدّ الإسكندر رفضهم هذا إهانة شخصية له، وعزم على تأديب المدينة العنيدة، كانت صور تنقسم آنذاك إلى قسمين: صور البرية وصور الجزيرة. فارتأى الإسكندر أن يفتح المدينة البرية أولاً، ثم يبني سدًا يربطها بالجزيرة فيعبر البحر عليه، ويحاصر الجزيرة فتسقط في يديه، وهكذا استولى في سهولة فائقة على صور البرية، ثم أمر رجاله بهدم مبانيها وإلقاء أنقاضها في البحر، وبقطع الأشجار من الغابات المجاورة لاستخدامها في أعمال الطمر الجبّارة، ولكن الصوريّون قاوموا الغزو ببسالة حتى كاد اليأس يتسرب إلى فؤاده، وأخيرًا استطاع أن يجمع قوة بحرية هائلة حاصر بها الجزيرة فسقطت في يده، في شهر يوليو سنة 332 ق.م، بعد حصار دام سبعة أشهر، وانتقم الإسكندر من سكان صور أبشع انتقام، ثم دخل هيكل إلههم وقدّم الذبائح إليه!! وأقام حفلة ألعاب ابتهاجًا بنصره.
فتحت مدينة أورشليم أبوابها سلمًا للإسكندر، فدخلها دون مقاومة، ويذكر المؤرخ اليهودي الروماني يوسفوس فلاڤيوس أن الأحبار عرضوا على الإسكندر الإصحاح الثامن من سفر دانيال، الذي يتحدث عما قاله النبي دانيال من أن ملكًا إغريقيًا عظيمًا سوف يغزو أراضي الامبراطورية الفارسية وأن شاه فارس صاحب القرنين عظيم الشأن لن يقوى على الوقوف في دربه:
"وَبَيْنَمَا كُنْتُ مُتَأَمِّلاً إِذَا بتَيْسٍ مِنَ الْمَعْزِ جَاءَ مِنَ الْمَغْرِبِ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ وَلَمْ يَمَسَّ الأَرْضَ، وَلِلتَّيْسِ قَرْنٌ مُعْتَبَرٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. وَجَاءَ إِلَى الْكَبْشِ صَاحِبِ الْقَرْنَيْنِ الَّذِي رَأَيْتُهُ وَاقِفًا عِنْدَ النَّهْرِ وَرَكَضَ إِلَيْهِ بِشِدَّةِ قُوَّتِهِ. وَرَأَيْتُهُ قَدْ وَصَلَ إِلَى جَانِبِ الْكَبْشِ، فَاسْتَشَاطَ عَلَيْهِ وَضَرَبَ الْكَبْشَ وَكَسَرَ قَرْنَيْهِ، فَلَمْ تَكُنْ لِلْكَبْشِ قُوَّةٌ عَلَى الْوُقُوفِ أَمَامَهُ، وَطَرَحَهُ عَلَى الأَرْضِ وَدَاسَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْكَبْشِ مُنْقِذٌ مِنْ يَدِهِ".
ويبدو أن الإسكندر طرب عند سماعه نبوءة تتعلق به، فأكرم اليهود، ومكث فترة في المدينة زار خلالها الهيكل، ثم غادر وتابع طريقه جنوبًا.
في سنة 332 ق.م دخل الإسكندر مصر حيث استقبل كمحرر لها من الاحتلال الفارسي الغاشم، قرر القيام برحلة روحية لمعبد الإله آمون -المقابل لزيوس عند الإغريق- في واحة سيوه بصحراء مصر الغربية التي كانت معروفة بالصحراء الليبية، ولمّا وصل المعبد ودخله، قوبل بالترحاب من قبل الكهنة، الذين نصبوه فرعونًا على مصر وأعلنوه ابناً لآمون كبير الآلهة المصرية، وألبسوه تاجه وشكله كرأس كبش ذو قرنين، فلقب بذلك بـ"الإسكندر ذي القرنين".
ومنذ ذلك الحين، أخذ الإسكندر يزعم بأن زيوس-آمون هو والده الحقيقي، وظهر نقش رأسه لاحقًا على العملات المسكوكة مزينًا بقرون كبش، وهي علامة الخلود، وهذا ما دفع بعضهم إلى الظن بأنه ذو القرنين المذكور في القرءان، هذا مع أن كلمة "قرن" في القرءان تعني "جيل من الناس" ولا تعني قرن كبش أو غيره!
في سنة 331 ق.م عندما كان الإسكندر يغادر مصر قاصدا بلاد الرافدين كان المسيح قد بدأ رسالته، والتي انتهت حوالي سنة 328 ق.م. والإسكندر هناك يواصل فتوحاته في أعماق آسيا، كان الإسكندر قد انتصر انتصارا حاسما على جيش فارسي مهول بقيادة دارا في جوجاميلا (بين إربل والموصل) سنة 331، فرّ داريوس ليغتاله "بسوس" أحد أتباعه سنة 330 ولينصب نفسه إمبراطورا مكانه، طارده الإسكندر إلى أن أمسك به وأعدمه سنة 329 ق.م.



هناك تعليق واحد: