الأربعاء، 4 فبراير 2015

من القصة الحقيقية للمسيح عليه السلام3


من القصة الحقيقية للمسيح عليه السلام3

وقد عاشت أسرة المسيح عليه السلام في مصر لمدة طويلة؛ وكان أكثر عيشها في صعيد مصر، إلى أن بلغ أواخر العشرينات من عمره، ثم عادت الأسرة إلى فلسطين، وإلى ذلك الإشارة بالنبوءة: "من مصر دعوت عبدي"، وقد استبدلوا باللفظ الأصلي "عبدي" اللفظ "ابني"، والإشارة تعني أصلا بني إسرائيل.
فالمسيح الحقيقي كان لابد أن ينشأ بعيدا عن تأثيرات بني إسرائيل المتعصبين، مثلما حدث مع موسى من قبل، الذي تربى بعيدا عنهم في بلاط فرعون ملك مصر من أسرة الرعامسة؛ وهي الأسرة العشرون (في تقدير المؤرخين، أما عندنا فالأسر أكثر من ذلك بكثير)، ولذلك امتنّ الله تعالى عليه بقوله: {... وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39]، ولذلك يُلاحظ أن روح خطاب المسيح لهم كان غير مألوف بالنسبة إليهم.
ولقد فرت به أمه إلى مصر، كان ذلك في عصر الإمبراطورية الفارسية، والتي كانت مصر وأرض كنعان واليهودية تابعة لها، وعاش فيها أكثر سنوات عمره، وتلقى تعليما على يد معلمين عبرانيين مستنيرين ممن كانوا في مصر، ثم استدعي ليقوم برسالته كما في الإنجيل!
والذي جاء في الإصحاح الْحَادِي عَشَر لهوشع تذكير بنعمته التي أنعمها على بني إسرائيل، وكيف أنهم كفروا بأنعمه وعبدوا غيره!:
1«لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَمًا أَحْبَبْتُهُ، وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي. 2كُلَّ مَا دَعَوْهُمْ ذَهَبُوا مِنْ أَمَامِهِمْ يَذْبَحُونَ لِلْبَعْلِيمِ، وَيُبَخِّرُونَ لِلتَّمَاثِيلِ الْمَنْحُوتَةِ. 3وَأَنَا دَرَّجْتُ أَفْرَايِمَ مُمْسِكًا إِيَّاهُمْ بِأَذْرُعِهِمْ، فَلَمْ يَعْرِفُوا أَنِّي شَفَيْتُهُمْ. 4كُنْتُ أَجْذِبُهُمْ بِحِبَالِ الْبَشَرِ، بِرُبُطِ الْمَحَبَّةِ، وَكُنْتُ لَهُمْ كَمَنْ يَرْفَعُ النِّيرَ عَنْ أَعْنَاقِهِمْ، وَمَدَدْتُ إِلَيْهِ مُطْعِمًا إِيَّاهُ.
فمن الواضح من النص أن الذي دُعِي من مصر هو قبيلة إسرائيل وليس المسيح، والقول بأن المقصود هاهنا هو المسيح هو تأويل للنص أي هو من باب الإشارة، وهي إشارة صحيحة، وكما بدأت مسيرة بني إسرائيل بالخروج من مصر فقد انتهت سلسلة أنبيائهم بالنبي الذي دُعي من مصر.
وكانت رسالة المسيح عليه السلام خاصة ببني إسرائيل؛ بني إسرائيل فقط، الذين لم يؤمن منهم إلا عدد محدود، قال تعالى: 
{ويُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ{48} وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{49} وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ{50} إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ{51} فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ{52} رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ{53}} آل عمران.
أما الأناجيل فتؤكد ذلك أيضاً؛ فالنص التالي من إنجيل متى الإصحاح العاشر يبين كيف أن دعوة المسيح مقصورة على بني إسرائيل، بل إنها تستبعد السامريين الذين من المفترض أنهم من بقايا أسباط إسرائيل:
5هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ. 7وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ.
23وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ.
وكذلك في الإصحاح الخامس عشر:
21ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. 22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً: « ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا».23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ:«اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ وَقَالَ:« لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً:«يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ وَقَالَ:« لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب». 27فَقَالَتْ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!». 28حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.
ولقد ظل من آمنوا بالمسيح يُعتبرون طائفة من بني إسرائيل أو من طوائف اليهود، فتعريف اليهودي يسمح بذلك، فاليهودية بالأصالة هي انتماء عرقي سلالي قومي، وكل من كانت أمه يهودية فهو يهودي ولو أنكر البعث ويوم القيامة وأكثر الأسفار، بل ولو كان ملحدا، بل يمكنه اعتناق دين آخر، ويظل يهوديا!! وطائفة الصدوقيين التي كانت تمثل كهنة المعبد وعلية بني إسرائيل كانت لا تؤمن بالبعث ولا بيوم القيامة، فمن حقق الشرط هو يهودي ولو كان ملحدا ولو اعتنق ديناً آخر! فليس عند اليهود عقوبة الحرم Excommunication وكون المرء يهوديا هو بمثابة القدر الملزم عندهم.
ولكن تم استبعادهم من بعد تماما من التيار اليهودي الرئيس مثلما حدث مع السامريين من قبل، وهذا يعني الحكم بالإعدام على كل تراثهم، وكذلك تم حذف أي ذكر للمسيح الحقيقي من بعد أن تصدى لضلالهم ولعنهم، وإن لم يستطيعوا حذف بعض أسفاره.


هناك تعليق واحد: