السبت، 14 فبراير 2015

خلاصة مركزة للموقف من المرويات

خلاصة مركزة للموقف من المرويات
 
1.            من الثابت أنه كان ثمة نهيٌ صارم في العصر النبوي عن كتابةِ أي شيء في الدين إلا القرءان، وكانت الكتابة هي الاستثناء الذي يستلزم إذنا خاصا، وبذلك النهي التزم الخلفاءُ الراشدون وخيرُ القرون من المسلمين، وكان من الشعارات المعلنة "حسبنا كتاب الله"، "لا نشوب كتاب الله بشيء أبدا"، "أكتاب مع كتاب الله؟" وقد تصدوا بقوةٍ وحزم لكل من حاول أن يجعل كتاباً في الدين مع كتاب الله تعالى، وحقائقُ التاريخِ الدامغة تقول بذلك، ولقد التزم المسلمون بالنهي النبوي طوالَ أكثرِ من قرنين، ولم يجرؤ أحد على مخالفته، ولذلك لا يوجدُ أي كتاب موثق (مثل القرءان الكريم) معتمدٌ يتضمنُ أقوالَ الرسول أو سيرتَه ويكون مجمعا عليه، ولا يمكن لأعتى شيطان مريد أن يجادلَ جدالا حقيقيا في شيء من هذا أبداً، (ملحوظة: هذا الكلام مبني على حسن الظن بالخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان، وإلا فالبديل الوحيد هو القول بأنه كانت هناك مؤامرة محكمة للقضاء على وثائق العهد النبوي، وهذا ما نرفضه لأسباب عديدة).
2.            الشرط الشرعي المقرر والمعلوم في الأمور الشخصية والمعاملات مثل قبول دعوى الدين أو لوقوع الطلاق أو لتوثيق عقود البيع....الخ هو وجود وثائق مكتوبة بحضور شهود عدول أو وجود شهود عدول أحياء (شاهد واحد لا يكفي)، إلا في حالة التجارة الحاضرة، وإيقاع العقوبة على الزاني مثلا تستلزم ِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء، والإلزامُ في المجال الديني أشد خطورةً بكثير خاصة وأن الرسالة المحمدية هي الرسالة الخاتِمة الملزمة للعالمين إلى يوم الدين، والله تعالى يرسل رسله مزودين بالبينات والحجج والبراهين وبسلطان مبين لكيلا يكون للناس عليه حجة، ولا توجد أيةُ وثيقة حقيقية تنصّ على أقوال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، والمقصود بالوثيقة القولُ المنسوب إليه موقعا عليه من الشهود الحقيقيين بأمرٍ من سلطة شرعية وباعتماد منها.
3.            وكان من أسباب افتعال مصطلح الصحابة –أكبر المصطلحات تحديا للقرءان والمنطق والعقل والتاريخ- هو القفز على الشرط الشرعي وتجاوزه وادعاء صحة أية مروية مرفق بها سند (من خمسة أو ستة أجيال) ينتهي بواحد فقط ممن زعموا له الصحبة، ورغم أنهم زعموا أنه يجب فحص المتن ورفضه إذا كان فيه علة قادحة فإنهم لم يروا أية علة في مرويات تتطاول على الله ورسوله وتشكك في حفظ الله لكتابه!!! ألم يروا أية علة قادحة في مروية الداجن التي أكلت آية الرجم المزعومة أو في مروية السحر أو في المروية التي تزعم أن المعوذتين ليستا من القرءان أو أن سورة الأحزاب كانت بحجم سورة البقرة؟؟!!
4.            جمهور العلماء على أن جلّ المرويات ظنية من حيث السند، ونحن نضيف أنها كذلك أيضا من حيث المتن، فكل المرويات لم يُدوَّن بدقة كل ما يلزم لفقهها السليم من تاريخ وظروف وملابسات، وقد تكون مقتطعة من سياق بما يخل بالمقصد منها، ومن نقلوها من الرواة وتداولوها كانوا يفعلون ذلك وفق إمكاناتهم الفقهية، ولا يجوز الأخذ بالظن في الأمور الدينية، ولقد ندد القرءان بمتبعي الظنون وأمر باجتناب الظن في نصوص قطعية الدلالة، هذا بينما يقول أتباع المذهب السني أنهم لو تركوا العمل بالظن الراجح لتركوا العمل بأكثر أوامر القرءان.
5.            لم يرد مطلقا أن الرسول شكل لجنة خاصة لكتابة أقواله ولا أنه ألزم الناس بذلك أبدا، وكل ما ورد من آثار قليلة يُثبت أن ذلك كان يحدث عرضا.
6.            الرسول كان ملزما ومأمورا بالبلاغ المبين بحكم أنه رسول، ولذلك كان يجب أن تصلَ كل أوامر الدين لكافة المسلمين إما في كتب موثقة وإما بالتواتر الحقيقي المانع لأي اختلاف، وإقرارُ جامعي المرويات أن أكثر مروياتهم آحادية وأنهم كانوا يضربون أكباد الإبل ليحصلوا على بعضها عند واحد في أقصى الأرض يُدينهم ويُقيم الحجج عليهم، فالإسلام ليس ديانةً سرية، وعملهم هذا يجعل ما جمعوه آثارا تاريخية وليس أحكاماً دينية ملزمةً للعالمين!!
7.            النبي الخاتم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ لم يكن ينطق عن الهوى، وكذلك كل النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ولكنه لم يكن مجرد جهاز استقبال بل كان إنسانا كاملا يجتهد كما أمره ربه، ولم يكن ينتظر وحيا في كل أمرٍ يُعرض عليه أو قضية يُطلب منه الحكم فيها، بل كان يحكم وفق ما هو متوفر من الأدلة وشهادات الشهود، وقضية اليهودي الذي اتهموه ظلما بالسرقة فنزلت تسع آيات تبرئ ساحته معلومة، ومنها: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)} النساء، والرسول بالطبع لم يكن ينطق بالضرورة بما سينسبه إليه بعض الناس في القرن الثالث الهجري.
8.            ويحتج عبيد المرويات الآحادية -وهي جلّ المرويات- بأن الرسول كان يرسل الرسل إلى الملوك وزعماء القبائل برسائل منه وكان المرسل إليهم يصدقونهم!!! والحق هو أن هؤلاء الرسل كانوا يحملون رسائل مختومة بختم النبي، وكان يمكن للمرسل إليه دائماً أن يتحقق من صدق رسول الرسول، فهو لم يكن ملزما بأن يصدق كل من جاءه زاعما أنه يحمل إليه رسالة من الرسول، وهناك فرق هائل بين أن يرسل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ-وهو من هو- واحدا من السابقين الأولين على مشهد من كل أكابر السابقين الأولين ليعلِّم الناس ما تلقاه عن الرسول، وبين أن يذهب أحد الأشخاص إلى شخص آخر أعطى لنفسه بدون تكليف من الله تعالى أو من أية سلطة دينية حقيقية حق جمع وفحص وتمحيص التراث بعد أكثر من مائتي سنة ليقول له إن لديه قولا منسوبا إلى الرسول عبر ستة أجيال من البشر، ولم يكن هذا الجامع الممحص إلها ليعلم حقيقة هذا الذي يخاطبه، ولم يكن أيضا رسولا يتلقى الوحي الذي يخطره بما تضمره النفوس، ولو أقسم أحد الناس الآن أن أية مروية قد صدرت عن الرسول بنفس ألفاظها لتبوأ لتوِّه مقعده من النار، فمقاييس البشر معلولة، يا عبد الآثار والمرويات: لا تحاول أن تدافع عن باطل لا يقيم له احد من الباحثين الجادين وزنا، إنه خارج نطاق المقلدين الذين ولدوا على مذاهبكم التي حلت محلّ الدين وتم اغتصاب عقولهم لا يمكن إقناع أحد بالمصداقية الكاملة لكتب المرويات، لذلك لابد من معيار آخر للحكم على المرويات، هذا المعيار هو دين الحق المستخلص من القرءان الكريم.
9.            الإسلامُ لم يبدأْ من الصفر في العصر النبوي؛ ذلك ظن الذين كفروا، ولكن الرسالة المحمدية كانت تتويجا لرسالات الأنبياء السابقين التي تتضمن أوامر بالإيمان بالله وحده وبإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصيام والركوع والسجود والتوبة والتقوى والاستغفار والشكر لله....الخ، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ كان مأمورا في القرءان باتباع ملة ابيه إبراهيم عليه السلام، وكيفيات أداء بعض العبادات كالصلاة والحج ترجع إلى هذه الملة، وقد تم إجراء بعض التعديلات فيها بالرسالة المحمدية، ولقد انتقلت العباداتُ العملية بالتواتر العملي المجتمعي الجماهيري، فلقد أدَّاها مع الرسول عشرات الألوف نقلوها إلى مئات الألوف، نقلوها إلى ملايين، ودونها أئمة "الفقه" قبل مولدِ جامعي الآثار والمرويات، ولم يكن للمتسلطين أية مصلحة في المخاطرة بتحريف كيفيات الصلاة ولم يرو التاريخ أن أيهم حاول ذلك إلا ما كان من فعل بعض مجرمي الأمويين، وقد تصدَّت الأمة لهم في حينه، بل كان للمتسلطين مصلحةٌ مؤكدة في حمل الناس على الغلو في أمر العبادات العملية وتوثينها وحث الناس على تفريعها والتفنن في تفصيل حركاتها، وكانوا يقولون عندما يسمعون عن أحد الصالحين أنه انشغل بأمور العبادات التقليدية: "نِعم ما شغل به نفسه"، أما القرءان فقد تضمن علوما وأوامر جديدة بخصوص العبادات، ومع كل ذلك فمن المعلوم أنه حدثت اختلافات بين المذاهب الإسلامية العقائدية و(الفقهية) في هذه الأمور العملية البسيطة.
10.       من المعلوم تماما أنهم اقتصروا في الرواية على بعض الشخصيات لأسباب معلومة، فرغم أن كل نساء النبي كنَّ مأمورات بأن يذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِهنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ فلم يرووا أساسا إلا عن السيدة عائشة باستثناءات قليلة، ولم يرووا عن أكابر السابقين الأولين ولا عن (العشرة المبشرين بالجنة) شيئا يُعتد به، في حين رووا عن شخصيات شديدة الهامشية أو كانوا صبية أو أطفالا في العصر النبوي، كما تجاهلوا أئمة أهل البيت تجاهلا مفضوحا مكشوفا.
11.       لا يمكن إلزام العالمين إلى يوم الدين بتراث شفهي ظل ملقى على قارعة الطريق لأكثر من مائتي سنة يضع فيه من يضع ويحرِّف فيه من يحرف ويدلس فيه من يدلس، خاصة وأنه قد عصفت بالأمة فيها فتن مظلمة مدلهمة وكان هناك الكثيرون ممن يكيدون لهذا الدين، كان هناك المنافقون والموتورون، وكان هناك فئات تتصارع وتريد أقوالا دينية تجتذب بها الأنصار، بل كان هناك تجارٌ يريدون الترويج لبضاعتهم، وكان هناك أيضاً بعض من أراد جذب الناس لأداء بعض العبادات بالتفنن والمبالغة في وصف ثوابها من النعيم وعدد الحور العين!! وقبل كل ذلك كان هناك الشيطان الرجيم الذي كان يسخر جنوده للإلقاء في التراث الديني وتحريفه، فلم يرد أي نص على أنه اعتزل العمل بعد نزول الرسالة الخاتمة، وباعتراف الجهابذة أنفسهم كان الباطل من المرويات أكبر من الصحيح بحوالي مائة مرة، ولو لم يتعرض التراث للوضع فيه والاختلاق والتحريف لما كان لهؤلاء الممحصين الجهابذة من عمل أصلا، ومن الثابت أنهم أمسكوا بوضاعين في العصر العباسي، والإمساك بواحد لا يدل إلا على إفلات عشرة مثلا.
12.       من الثابت أنه لأسباب لا مجال لذكرها الآن أن الوضع والتحريف في المرويات كان هو القاعدة، وأن وجود مروية صحيحة كان هو الاستثناءَ النادر، فكان الموضوعُ والمحرف من المرويات حوالي مائة ضعف الصحيح منها كما أقر الجامعون بذلك، ولقد قال البخاري إنه كان يحفظ حوالي 600000 مروية لم يصحح منها إلا حوالي 6000، أي أن النسبة 1%، ورُوي كلام مماثل عن غيره، وبذلك يثبت أن الوضع والتحريف كان هو الأصل، وأن الصحيح من المرويات هو الاستثناء، وذلك باعتراف جامعي المرويات أنفسهم.
13.       ومن الثابت أيضا أن موضوع السند نفسه ومعه كل ما يتعلق به لم ينشأ إلا بعد حدوث الفتن، وقول أحدهم "سموا لنا رجالكم" جاء بعد فوات الأوان بكثير.
14.       لا يجوز القذف بأي قول يحاول أن يلقي في روع الناس أن تدوين المرويات كان كتدوين القرءان كأن يقول أحدهم إن من جمع هذا هو من جمع ذاك، فمثل هذا الزعم لا قيمة له أصلا، وهو يحاول أن يضع الأمة على حافة الهاوية: إما أن تؤمنوا بكتب المرويات، وإما أن تكفروا معها بالقرءان!! وقائل مثل هذا القول إما متخلف جاهل أو مدلس كذاب.
15.       القول بصحة مروية يعتمد على خلف في المنطق؛ أي مخالفة منطقية A logical fallacy، هي الدور أو الاستدلال الدائري Circular reasoning، والدور في المنطق هو توقف الشيء على ما يتوقف عليه، ويسمى الدور المصرح، وفيه يتوقف "أ" على "ب" وبالعكس، وهو خُلف أو مغالطة أو استدلال خاطئ، وأوضح الأمثلة عليه تعريف الصحابي وصحة المروية، فهم يثبتون كون فلان من الصحابة بورود ذلك في مروية صحيحة، ولكن لكي تكون المروية صحيحة يجب أن يكون راويها صحابيا!! ولا ينطلي مثل ذلك إلا على من يؤمن مسبقا بالمقدمة، وبالنتيجة أيضا!!
16.       ولقد ظهر فجأة بعض العجم في أزمنة متقاربة في القرن الثالث الهجري وأسندوا إلى أنفسهم –دون تكليف من سلطة دينية رسمية- مهمةَ جمع ما هو متداول من آثار وتمحيصها وفق معايير وضعوها بأنفسهم وطبقوها بأنفسهم في إطار مذهبهم، ولم يقم بذلك مثلا أحد من عرب المدينة الذين كانوا بالتأكيد أعلم بالآثار من هؤلاء العجم بحكم أنهم أحفاد من رووها، أما نتائج عمل هؤلاء فلم تعتمدها من بعد أية سلطة رسمية، ذلك لأنه لم يعد هناك أي سلطة دينية رسمية يُعتد بها منذ زمن الخلفاء، ومنذ أن تفرق الدين، ولا يجوز القول بأن الأمة قد تلقت عملهم بالقبول، ذلك لأن الأمة كانت قد تمزَّقت من قبل، وعامة الناس لم يكن لهم أي شأن بعمل هؤلاء الرواة.
17.       لا يوجد حتى ما يثبت أن الكتب المتداولة الآن منسوخة عن النسخ الأصلية التي كتبها جامعو المرويات، بل ثمة ما يثبت عكس ذلك، أما من يسمونهم بأصحاب الشأن، ولم يعينهم أحد أصحابا للشأن فهم لم يُجمعوا أبدا على تلقي ما في كتب المرويات بالقبول، كما أنه ليس من حق أتباع مذهب واحد أن يزعموا أنهم الأمة وأن يطبقوا الحرم Excommunication على كل أتباع المذاهب الأخرى.
18.       جُلُّ المرويات التي جمعوها كانت مرويات آحادية لا تحقق الشرط الشرعي اللازم وهو وجود وثيقة موقعة بحضور شاهدي عدل على الأقل، ولذلك زعموا أن كل من قالوا هم إنه "صحابي" هو عدل ويمكن القبولُ بشهادته لوحده، وهذا القول (باطل X باطل)باطل، فلا قيمة له، فلا توجد مرتبةٌ دينية اسمها الصحبة، وآيات القرءان تقوِّض تعريفَهم واصطلاحهم، وتعريفهم يتضمن ادعاء صفات إلهية لعلماء الجرح والتعديل، والآية الآتية تدحض ما يُسمَّى بعلم الجرح والتعديل وتجتثه من جذوره وهي: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}التوبة،101 فالآية تنفي عن الرسول العلم بالمنافقين، فلا يمكن أن يكون جامعو المرويات الذين أتوا بعد الرسول بأكثر من مائتي سنة عالمين بما لم يعلمه هو في عصره، ولا يمكن أن يعلموا ما تخفي صدور من جاء من بعدهم! ولا يمكن أن يكون المنافقون الذين أسهبت في وصفهم آخر سور القرءان نزولا وكانوا حزبا عديدا كبيرا قد تبخروا فجأة بعد انتقال الرسول، بل من البديهي أن أعدادهم تضاعفت، فالآية تقوض تعريف (الصحابي) وما يترتب عليه مثل القول بـ(عدالة الصحابي) والذي اختلقوه للإفلات من الإلزام الشرعي المعلوم، أما من يجهل أو ينكر أو لا يستطيع أن يفقه أن هذه الآية وغيرها تقوض تعريف الصحابي فيجب عليه أن يلتحق بمدرسة لتعلم اللسان العربي والمنطق وإلا فليبادر بعرض نفسه على طبيب بيطري.
19.       وضع كل محدِّث لنفسه مجموعة من القواعد للحكم على المرويات، وطبقها بنفسه، ولا يوجد ما يضمن الكمال المطلق لهذه القواعد ولا في أسلوب تطبيقها، ولا يمكن لأحد ادعاء العصمةِ المطلقة لجامعي ونقاد المرويات، وكل ذلك يقلل من مصداقيةِ عملهم ويجعله مشوباً بأخطاء فادحة كما أن ذلك يقلل إلى أدنى حد من احتمال صحة المروية، هذه القواعد تتسم بالطابع الذاتي والشخصي والمذهبي وتحاول إخضاع الحق للرجال.
20.       كل ذلك يجعل احتمال صحة المروية أمرا ظنيا احتماليا، وهذا ما سيتم بيانه بمزيد من الإيضاح.
21.       تصحيح المرويات كان يستند إلى بعض الأباطيل وعلى رأسها تعريفهم لمن يسمونهم بالصحابة وما رتبوه عليه من القول بعدالتهم والتي أبطلوا بها الشروط القرءانية الواجبة للأخذ بالقول وهي وجود البرهان المبين أو الآية البينة أو الكتاب الموثق بمحضر شهود حقيقيين عدول، وتعريفهم للصحابة باطل بطلانا مطلقا، فهو ليس بمصطلح قرءاني ديني، ومن يحاول أن يُعمِله يختلس لنفسه سلطات إلهية ويزعم لنفسه ما نفاه الله تعالى عن نبيه ويزعم لنفسه أو لغيره القدرة على الاطلاع على السرائر، واستعمال هذا المصطلح لتصحيح مروية يتضمن دورا، وهو باطل وخلف! ومن أراد الاستزادة فليراجع كلامنا في دحض هذا المصطلح الأجوف المضلل والكارثي أيضا.
22.       ليست الخطورة فقط فيما قبلوه من الخطأ بل أيضا فيما استبعدوه مما يُحتَمل أن يكون صحيحا، فإذا كانوا قد صححوا على سبيل الخطأ مئات المرويات فقد رفضوا خطأً أيضا عشرات الألوف منها، وكان الرفض أساسا لأسباب مذهبية وخوفاً من بطش الحكام، وجامعو المرويات لم يكونوا أئمة مقدسين بل أشخاصا طبيعيا يخشى كل واحد منهم على نفسه، وقد قال زعيمهم البخاري بأن القرءان مخلوق لينجو بحياته، في حين استشهد البويطي الشافعي المصري كيلا يقول بشيء من ذلك، ورفض هذا العدد الهائل من المرويات الصحيحة يؤدي لا محالة إلى خلل في معرفة الأوزان النسبية للأوامر الدينية ويجعل من المستحيل تكوين صورة صحيحة للدين عن طريق ما تبقى من المرويات.
23.       لم يرد في القرءان أيُ تبشير بظهور هؤلاء الجامعين لكي يتمَ فرضُ الإيمان بهم وبأفعالهم على الناس، هذا القول لأن أكثر مادة الدين مأخوذة من المرويات (أوصلها بعضهم إلى 80%)، وقد جعلوها هي السنة التي قالوا إنها قاضية على القرءان وحاكمة عليه وناسخة لآياته عند التعارض، كما جعلوها موضحة لمشكلة مقيدة لمطلقه مفصلة لمجمله مبينة لمبهمه ... الخ، فلا يمكن أن تكون للمرويات كل هذه المكانة ولا يرد عنهم شيء في الكتاب الذي هو تبيان لكل شيء، هل 80% من مادة الدين أقل شأنا من حديث النملة أو الهدهد؟! وهم لم يأتوا بأي آيات أو ببرهان مبين يثبت أنهم كانوا معصومين، ولا يجوز لأحد إحداث عقائد لا أصل لها في القرءان وبالأحرى لا يجوز له إلزامُ الناس بها، فلا يجوز لأحد مثلا أن يُطالب الناس باعتقاد أن البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله، وأقصى ما يمكنه قوله هو: "هذا هو رأيي في هذه المسألة والذي ترجح عندي"! وبالطبع فلكل إنسان الحق في اختيار ما يؤمن به، ولكن ليس له أن يزعم أن اختياره هو الاختيار الوحيد الصحيح.
24.       من الثابت بالقرءان الكريم أن الدين لم يكتمل إلا قبيل انتقال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ وأن التشريع كان يتدرج بالناس، فلم تُفرض عليهم الأوامرُ دفعةً واحدة، لذلك قد توجد مروية صحيحة بالفعل ولكن لا يجوز العمل بها خاصة وأن جامعي المرويات لم يدوِّنوا معها بصفة عامة زمن صدورها ولا ملابساتها.
25.       ومن الثابت وجود مرويات تتضمن تطاولا على الله وكتابه ورسوله، ومرويات تشكك في التعهد الإلهي بحفظ القرءان، ومرويات لا يجوز أبدا أن تُحسب على أي دين من الأديان.
26.       ومن الثابت أن المرويات لا تغطي فترة العصر النبوي تغطية متزنة عادلة، فهي لا يمكن من الناحية الزمانية أن تمثل الإسلام.
27.       ومن الثابت أنها من الناحية الحقانية الموضوعية لا تمثل الإسلام تمثيلاً صادقا ولا أن تُظهِر الأوزان النسبية لأوامره، وذلك لكونها في أكثرها موجهة إلى أفراد، وهي لا تتضمن خطب الرسل الجامعة في أيام الجمعة والأعياد، ولا الخطب التي كان يلقيها عليهم في كل أمرٍ جامع، وهي الأهم والأخطر.
28.       كما ثبت أن بعض المرويات تتضمن معلومات خاطئة أو نبوءات لم تتحقق أو ما يخالف السنن الكونية.
29.       كما ثبت أن بعض المرويات تقذف بعض الأنبياء السابقين بما لا يليق.
30.       كما ثبت على مدى التاريخ أن بعض المرويات كان لها آثارها الكارثية على الإسلام والأمة والبشرية جمعاء.
31.       من المعلوم أن النظرية تسقط إذا ثبت فشلها ولو في حالة واحدة من الحالات الداخلة في مجالها ونطاقها، ووجود مرويات عديدة ومعروفة باطلة بطلانا مطلقا هو أمر ثابت، وهذا كافٍ تماما لتقويض الأسس التي محَّصوا وصححوا على أساسها المرويات، وليس من مقاصدنا بالأصالة نقد ونقض المرويات الباطلة، فمعرفة بيان وهيكل ومنظومات وعناصر دين الحق تغني عن كل ذلك، وهي تقدم المعايير اللازمة للحكم على المروية، ولكن يجب بالفعل على الباحثين المحايدين أن يتتبعوا كل المرويات الباطلة والمحرفة وأن يكشفوا أمرها بأساليب البحث الحديثة، ومن وسائل ذلك مقارنتها بتراث بني إسرائيل، ويجب أن يشارك في ذلك الباحثون العلميون المحايدون في اللغات والأساليب وتاريخ الألفاظ والتاريخ ومقارنة الأديان، ولدى الأوروبيين خبرات هائلة في هذا المجال تمكنوا بها من دراسة كل ما يتعلق بالعهدين القديم والجديد.
32.       كل ما سبق ذكره يعني أنه لا يمكن أن تمثل المروياتُ الدينَ تمثيلاً صادقا ولا أن تُظهِر الأوزان النسبية لأوامره ولا أن تعتبر نصوصا مطلقة تامة فيما تعالجه من أمور، وذلك لأن الدين لم يكتمل إلا قبيل انتهاء العصر النبوي، ولم يكن من الممكن في ظل الصراع الدامي المصيري بين الذين آمنوا وبين الذين كفروا أن يتم تسجيل كل أقوال الرسول وأفعاله في توقيتاتها الحقيقية مع تسجيل كل ظروفها، وبالطبع لا يمكن العلم بالمعاني الحقيقية لأقوال معزولة عن سياق الأحداث الذي قيلت فيه.
33.       ومع كل ذلك فلابد من معرفة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ كان منوطا به مهام عديدة بالنسبة لقومه، وهي ثابتة بنصوص آيات القرءان الكريم، فهو كان يعلِّم قومه ويزكيهم ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون ويبشر وينذر ويدعو إلى الله ويحكم بينهم ويبين لهم ما غمض عليهم، وقد كان منوطا به أن يحقق فيهم وبهم المقصد الدين الأعظم بأن يجعل منهم الأمة الخيرة الفائقة، وقد كان بلا ريب وليّ أمر هذه الأمة، وقد كان بالفعل يتولى كافة أمورهم، فلابد أنه فعل أفعالا وقال أقوالا بمقتضى كل ذلك، وكان كل ذلك لازماً له ليتحقق بكماله المنشود وليبلغ درجته الرفيعة.
34.       وقد كان يعلمهم القولَ القرءاني في كل مسألة باعتبار أنه الأعلم بما نزل منه وأنه أعلمُ الخلق به وبمنهجه في إيراد الحقائق، فالقرءانُ بالفعل مبين ومبيِّن وتبيانٌ لكل شيء لمن كان على درجة عالية من العلم والرقي الذهني والوجداني، وكان الأرقى في كل ذلك هو الرسول، هذا فضلا عن أن حفظة كل ما أُنزل من القرءان كانوا دائما قليلين، لكل ذلك لابد أن الرسول كان يبيِّن لهم القرءان بالقرءان ويوضح لهم ما غمض عليهم بلسان هو أقرب إلى لسانهم.
35.       وثمة أمر قرءاني موجه إلى الرسول والمؤمنين باتباع ملة إبراهيم، وكان الرسول يعمل بمقتضى ذلك، وأعماله وأقواله كانت مبينة لهذه الملة، وتفصيلها لم يرد في القرءان بحكم أنها كانت معلومة لهم، وهو بالتأكيد الذي طهرها مما لحق بها بهديٍ من ربه.
36.       ولما كان من سمات الرسالة الخاتمة العالمية والشمول والصلاحية لكل زمان ومكان فإنه توجد أوامر قرءانية هي بالأصالة ذات طبيعة مفتوحة، فلم يتم لذلك النص على كل عناصر مجالاتها ومصاديقها وهي أنواع: (أ) منها ما هو قابل للاجتهاد والإبداع والتنوع، ومنها الأوامر بذكر الله والتسبيح له، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)} الأحزاب، وقال: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)} الإنسان، {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8)} المزمل، سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الْأَعْلَى، فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52} الْحَاقَّةُ، ولقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ باعتباره أول المسلمين وأول العابدين أول عاملٍ بهذه الأوامر الإلهية، لذلك صدرت عنه صيغ لذكر الله والتسبيح قياما بهذه الأوامر، وهي تحاكي ما هو في القرءان وتستلهم منه، وبعضها مجرد تكرار لما هو فيه، وقد نقلها الناس عنه، ومنها مثلا صيغ التسبيح في الركوع والسجود، وهي مجرد التزام بالأوامر القرءانية، لذلك فلا يوجد أي مبرر للإعراض عنها، ومن يأخذ بها يكون منفذا للأمر بالذكر، ومنفذا للأمر بطاعة الرسول ومنفذا للأمر بالتأسِّي به، قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)} النور، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} الْأَحْزَاب، ويلاحظ أنه يوجد نص صريح على التأسي بالرسول في الذكر الكثير لله، (ب) ومنها أوامر قرءانية تتنوع وتتسع وتتطور مصاديقها بمضي الزمن واطراد التقدم، وذلك بمعنى أنه تستجد أمور يمكن أن تكون من مجالاتها، ومنها العمل الصالح، ولقد بيَّنه الرسول لقومه بسلوكه، ويجب على المسلمين التأسي بجوهره ولبه، (ج) ومنها أوامر تتضمن مصطلحات قرءانية تتنوع وتتسع وتتطور مصاديقها بمضي الزمن واطراد التقدم، وذلك بمعنى أنه تستجد أمور يمكن أن ينطبق المصطلح عليها، ومن ذلك المصطلحات: فقير، مسكين، المؤلفة قلوبهم، الفاحشة، الخمر، .... الخ، ولقد بيَّن الرسول لقومه في عصرهم معنى كل مصطلح منها.
37.       لكل ذلك فلا يمكن أبدًا أن يكون كلُّ هذا التراث باطلا بطلانا مطلقا، وهذا هو السند القرءاني المنطقي الذي يبرر النظر في المرويات والأخذ ببعضها وفقا لشروط قرءانية حقانية، فلا يجوز الرفض المطلق للمرويات خلافا لما يقول به (القرءانيون).
38.       والرسول منع الكتابة في عصره، ولكنه لم يمنع التداول الشفهي لأقواله والتحديث بها، بل أمر بذلك، فمنعه الكتابة كان له أسبابه المعلومة، وعلى رأسها وجود حزب قوي من المنافقين غير المعلومين، وأمره بالتحديث عنه كذلك "حدثوا عني ولا حرج" يعني أنه كان يريد لبعض أقواله أن تُحفظ بالطريقة المعهودة عند العرب، فهو لم يأمر أحدا بلزوم الصمت المطبق عن فترة العصر النبوي، وبالتأكيد كان الرسول يعمل ويتحدث بمقتضى الذكر الذي أنزله الله تعالى عليه ليبين للناس ما نُزِّل إليهم.
39.       ووجود المروية في كتب المرويات لا يثبت إلا أن ثمة احتمالا لأن يكون لها أصل صحيح، وهذا كافٍ لاعتبارها، ولكنه لا يكفي للجزم بصحتها، ولابد من قرينة تثبت أن لها بالفعل أصلا صحيحا، هذه القرينة هي اتساقها التام مع دين الحق المستخلص من القرءان ومما ثبت أن له أصل صحيح من الآثار، وثبوت أن للمروية أصل صحيح يجعلها تنضم لنسيج الدين وبنيانه، ويجعل من الممكن الاعتداد بها عند النظر في الآثار الأخرى.
40.       ولكل ذلك لابد من معيار دقيق وصارم للحكم على المروية، هذا المعيار القرءاني المنطقي هو ضرورةُ اتساقها مع دين الحق المستخلصِ من القرءان الكريم وإمكانُ اندراجها في إطاره، ودين الحق ممثل في منظومات سننه وقيمه وسماته وأركانه ومقاصده، والتأكيد على ذلك لأن القول القرءاني بخصوص أية مسألة موزع –وفقا للنهج القرءاني- على آيات عديدة، وبذلك يمكن تجنب أخطاء المتعجلين والمغرضين الذين يقتطعون الآية من سياقها ويلوون عنقها ويستعملونها لضرب الآيات الأخرى ذات الصلة بنفس المسألة، فنحن نأخذ بالمروية التي تحقق شرط الاتساق المذكور حتى وإن ضعَّفها الرواة، كما نرفض المروية المتعارضة مع القرءان الكريم رفضا تاما حتى وإن زعموا لها التواتر، أما المرويات التي تتعرض لأمور لم يرد لها ذكر أو أصل في القرءان فتُعتبر من الأمور غير المطروحةِ أصلا، ويُترك أمرها للعلماء المتخصصين في اللغات ومقارنة الأديان والتاريخ...الخ، والأمة بالطبع ليست ملزمة بانتظار نتائج أبحاثهم، فلا يمكن لدين الحق أن يكون معلقاً بمثل هذه الأمور.
41.       من سمات المروية ذات الأصل الصحيح أن يمكن الاستغناء عنها بالقرءان، وهذا الأساس يستلزم بيانا خاصا.
42.       لا يجوز رفضُ مرويةٍ منسوبةٍ إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ رفضا مطلقا دون تقديم أسباب قوية كتعارضٍ لا يمكن دفعُه مع أصلٍ قرءاني ثابت أو مع أي عنصر من عناصر دين الحق المستخلص منه.
43.       يجب التمييزُ بين المرويات المتعلقة بأمور دينية وبين المرويات المتعلقة بمحض وقائع تاريخية، فهذه يكون الحكم عليها لعلماء التاريخ المتخصصين، أما المروية الدينية فترتب على الناس التزامات دينية، فيجب الرجوع في أمرها إلى المصدر الأعلى للأمور الدينية، وهو القرءان الكريم.
44.       لا يجوز التمييز في أمر المرويات بين ما يسمونه بالعلم وبين ما يسمونه بالعمل، هذا من الاستهزاء والسخرية والاستخفاف الذي ألقاه إليه الشيطان وجعلهم يقدمون ما يسمونه بـ( أمور الحلال والحرام) على كل الأمور الأخرى التي تساهلوا فيها، المعيار يجب أن يكون واحدا، وما قالوا إنه من الفروع قد يكون من لوازم الأوامر القرءانية الكبرى التي أهملوها، ومنها الأوامر بذكر الله أو النص على أسمائه الحسنى أو شئونه.
45.       يقول بعضهم كيف يمكن الاحتجاج بالمرويات في أمور تتعلق بها طالما هذا هو حالها عندك؟ يبدو أنهم يجهلون أن لك أن تحتج بما يسلم به خصمك ويؤمن به إيمانا راسخا لإثبات تهافت منطقه ومعاييره، فإذا كان لديهم مروية تقول بعكس ما تقول به مروية أخرى ولم يمكن التوفيق بينهما إلا بحيلة تافهة يتهاوى منهجهم، وهم لا يميزون بين المروية الدينية وبين المروية التاريخية، المروية الدينية محكومة أصلا بنص إلهي مقدس ويترتب عليها إلزامات دينية، فيجب أن تتسق معه، أما المروية التاريخية فتتعلق بوقائع وشخصيات، والحكم عليها هو عمل علماء التاريخ المتخصصين لا عبيد المرويات المتمذهبين، ومن أمثلة ما يبين تهافت منهجهم: جاء في صحيح البخاري أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال: (يرد على الحوض رجال من أصحابي فيحلئون عنه فأقول يا رب أصحابي فيقول إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري)، وجاء أيضا في صحيح البخاري عن أنس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (ليردن على ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتهم اختلجوا دوني فأقول أصحابي فيقول لا تدرى ما أحدثوا بعدك)، ولقد ورد هذا المعني في مرويات عديدة، وهؤلاء الأصحاب كما تبين المرويات لم يحدثوا ما أحدثوه إلا بعد انتقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ألم يلاحظ البخاري أن هذه المرويات تقوِّض تماما منهجه الذي اتبعه لتصحيح المروية والقائم على القول بعدالة الصحابي؟ فأي عدالة لمن ارتد على أدباره القهقرى ولمن أحدث بعد الرسول؟ ألم يلاحظ البخاري أن هذه المرويات تبيِّن بكل صراحة ووضوح أنه ليس ثمة أي مدلول ديني للمفردة "صحابي" وأنها استعملت فقط طبقاً لمعناها اللغوي المعلوم؟ إن اتباع أمة ما لنهج متهافت يتضمن تناقضات ذاتية داخلية لابد من أن يؤدى إلى القضاء عليها، وهذا هو ما حدث مع تلك الأمة ومع النظم الشيوعية والشمولية من بعد، وآيات القرءان وهذه المرويات تقوِّض تماماً اعتبارهم الصحبة مرتبة دينية، وتؤكد المرويات أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتبع سنة الكتاب العزيز ولم يعطها أية دلالة شرعية غير دلالتها اللغوية المعلومة.
46.       ومن يتساءلون عن مشروعية احتجاجنا بالمرويات يجهلون منهجنا لتمحيص المرويات والأخذ بها، وطبقا لمنهجنا مثلا نحن نأخذ بالمروية "من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار"، ذلك لأن هذا القول متسق تماما مع دين الحق المستخلص من القرءان الكريم ومؤيد بآيات قرءانية لا حصر لها، إنها الآيات التي تحذِّر الناس تحذيرا شديدا من الافتراء على الله كذبا ومن التقول عليه، والكذب على الرسول يعني الكذب على من أرسله، أليس كذلك؟؟! كما أنه من البديهي أن يحذر الرسول الناس غير المعصومين والذين صدرت عنهم كبائر إثمٍ مذكورة في القرءان من مغبة الكذب عليه، وقد ثبت أنهم كذبوا عليه في حياته بل وخانوه، فكيف كان الأمر بعد انتقاله؟ وبذلك طبقا لمنهجنا الذي شرحناه مرات عديدة يمكن الاحتجاج بهذا القول والحكم به على المرويات الأخرى.
47.       ومع كل ذلك فلا خوف على دين الحق، فهو ماثل بتمامه في القرءان الكريم، فهو الرسالة التي حفظها الله تعالى للعالمين، وذكر فيه وها الأصدق حديثا أنه الكتاب المبين والمبيَّن والتبيان لكل شيء والمهيمن على سائر الكتب المنزلة، لذلك يجب اتخاذه المرجع الأوحد في أمور الدين الكبرى والمرجع الأعلى في الأمور الثانوية. 
بالطبع سيرفض إبليس ومن اتبعه من شياطين الإنس والجن مجرد النظر في هذه الخلاصة، وسيرفضون بكل قوة عرض المروية على دين الحق المستخلص من القرءان الكريم!! ولن يتركوا المسلمين ليخرجوا من الهوة السحيقة التي تردوا فيها والتي تجعلهم الآن شر أمة أخرجت للناس!! وسيرفضها أيضا –لأسباب شتى- من كفروا كفرا مطلقا بالمرويات مثل من يسمون بالقرءانيين!!
ولا يحق لأحد أبدا اعتبار الآثار والمرويات مرادفة للسنة، إن مصطلح "السنة" هو بالأصالة مصطلح قرءاني، وله مضمونه ومعانيه القرءانية، فالسنة تعني القانون أو المنهج أو المنطق أو العادة أو الطريق أو النمط السلوكي، وهي تعبر عن وسائل موصلة إلى غايات ومقاصد، والسنة بالأصالة هي سنة الله تعالى؛ فهو الذي قدَّرها واقتضاها، ولكنه ينسبها أحياناً لمن أُرسل بها وأظهرها وبيَّنها أو كان مجالاً لهذا الظهور، ومن أنواع السنة:
1-     سنة اقتضتها كل منظومة الأسماء الحسني، فهي جماع القوانين والسنن الكونية التي لا تبديل لها ولا تحويل، ومنها القوانين الطبيعية والقوانين الحاكمة على الشعوب والأمم.
2-     سنة اقتضتها منظومة الرحمة والهدي والتشريع، وهي جماع الأوامر الشرعية وما تستلزمه من المناهج والأنماط السلوكية التي يجب أن يعمل بمقتضاها من أراد السعادة والكمال في الدنيا والآخرة؛ فهي السنن الشرعية.
3-     سنة تشريعية يجب العمل بها والالتزام بها عند سنّ أي قوانين جديدة للناس اقتضاها تطور العصر.
والقول القرءاني {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قد اجتمعت فيه أنواع السنن الثلاث، فهو سنة كونية، فلا سلطان لأحد على قلب إنسان، ولا يمكن لأحد إكراه آخر على الإيمان بأمرٍ ما، وهو سنة شرعية، فلا يجوز لمسلم إكراه غيره على الإيمان بشيء، وإنما عليه أن يتبع سبل الدعوة السلمية المعلومة، وهو سنة تشريعية، فلا يجوز لأحد سنّ قانون يتضمن إكراه الناس على أي أمر يتعلق بالدين.
والقرءان الكريم هو المصدر الأوحد للسنن الشرعية الكبرى، وهو المصدر الرئيس للسنن الثانوية، ومن المصادر الأخرى ما تواتر عن الرسول من كيفيات أداء الشعائر ودوَّنه أئمة (الفقه) وما أمكن اندراجه في الإطار العام لدين الحق مما جاء في كتب الآثار لدى أية طائفة من طوائف المسلمين وكان له سند، ومن البديهي أن ما يمكن اندراجه لابد له من أصل حقيقي في كتاب الله العزيز وأنه يجب أن يفقه وفق أسس دين الحق، فما جاء في كتب الآثار ليس هو السنة وإنما يشير إليها، فلا يجوز أن يقال "جاء في السنة"؛ فذلك استعمال خاطئ للغة.
فسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الملزمة ليست هي ما نُسِب إليه في كتب المرويات وإنما هي مناهجه وأنماطه السلوكية وطرقه أو أسلوبه لمعالجة الأمور التزاما بالأوامر الدينية الشرعية الواردة في القرءان الكريم، فلا يمكن أن تتعارض سنة حقيقية ظهرت به مع أصلها الموجود في هذا الكتاب الذي حفظه الله للناس.
أما مصطلح أهل اللاسنة فهو يتعارض مع ما ورد في القرءان من معاني هذا المصطلح ويلزم الناس بما يؤدي إلى اختزال وتحريف الدين والقضاء على مقاصده كما حدث بالفعل وأوصل الأمة إلى حالتها المعلومة.
*******
والمقصود بان المروية ظنية أنها كذلك من حيث السند ومن حيث المتن، فمن حيث السند لا يمكن القطع بأن كل واحد من الخمسة أو الستة أجيال الذين رووا المروية كان كما افترض فيه مدون المروية ومصححها من العدالة والنزاهة وعدم القابلية للانحراف، وإذا كان عبيد الله بن العباس وهو قائد جيش الإمام الحسن قد ترك الحسن ابن عمه والتحق بمعاوية مقابل اموال دفعها إليه معاوية، فما هو المانع من أن ينحرف من هو أقل منه مرتبة ومكانة؟ بل إن المصحح هو نفسه عرضة للخطأ في حكمه بل والانحراف مثل غيره من البشر، وهو بالتأكيد لا يعلم ما تخفي الصدور بالنسبة لمن يروي له المروية فكيف الحال بمن لم يره؟
والمعايير التي استعملها الجهابذة لتصحيح السند هي بالتأكيد معايير بشرية وليست إلهية، لذلك فهي أيضا لا يمكن القطع بأنها صحيحة 100%، فالظنية هنا هي لاحتمال وجود خطأ في معايير التصحيح وكذلك في تطبيق هذه المعايير، أما الظنية من حيث المتن فلأنه لا يمكن القطع بأن المروية التي ظل الناس يتداولونها شفهيا على مدى أكثر من قرنين من الزمان لم يلحق التغيير المتعمد أو غير المتعمد بمتنها، هذا بالإضافة إلى أن الراوي لا يروي إلا ما فقهه هو من القول الذي سمعه، فبافتراض أن السند صحيح بالفعل لا يمكن لأحد أن المروية صدرت بنفس ألفاظها وحروفها عن الرسول أو أن الرسول كان يعني بها ما فقهه الراوي منها، أو أن الراوي الأحدث قد فقه تماما ما كان يقصده الراوي الأقدم، وقد لا يكون المتن إلا جزءا من كلٍّ لم يذكره الراوي الأول أو لم يشهده أصلا، هذا فضلا عن أن الراوي لا يذكر عادة ظروف أو ملابسات أو تاريخ المروية، فقد يكون معنى المتن صحيحا ولكن تم تجاوزه لكون التشريع كان يتدرج بالناس ولكون الدين لم يكتمل إلا قبيل انتقال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ.
وبلغة الرياضة فالحكم الصادر على مروية يجب أن يكون متغيرا منطقيا (Logical Variable)، والمتغير المنطقي لا يأخذ إلا قيمة واحدة من قيمتين لا ثالث لهما؛ حقيقي (True)، أو زائف (False)، ولكن كل جامعي وجهابذة المرويات لم يجرؤوا على الالتزام بهذه القاعدة الواضحة فاضطروا إلى إحداث ما يسمونه بدرجات الصحة، وهذا إقرار منهم بفشلهم الذريع في معالجة المشكلة التي تصدوا لها سواء من حيث وضع المعايير اللازمة للحكم أو في إعمالها وتطبيقها على ما وجوده متداولا من آثار أو مرويات، ولكنهم كانوا واثقين تماما من أن أحدا لن يراجع أعمالهم بالجدية اللازمة فقد كان باقي الأمة في ظلمات الجهل والتخلف يعمهون، أما الآن فالعامة –مهما كانت درجة تأهيلهم- يسلمون بكل ما يُلقى عليهم رغم الأحوال الكارثية لبلادهم مقارنة بالحضارة والتقدم المبهر الذي حققته الشعوب الأخرى.
وبالنظر إلى إهمال شأن الآثار والمرويات لفترة زمنية طويلة قبل أن تُفحص وتدون خاصة وأنه في هذه الفترة عصفت بالأمة كوارث وفتن مظلمة مدلهمة تمزقت بسببها إربا وتفرقت فيها شيعا فقد أصبح لا يمكن إصدار الحكم المنطقي السليم على المرويات بمجرد فحص سند أو سلسلة رواة، ولم يعد ممكنا بإعمال مقاييسهم اعتبار الحكم متغيرا منطقيا، وبذلك أصبح الحكم عليها من هذه الحيثية متغيرا عشوائيا (Random Variable) يمكن أن يأخذ أية قيمة من 0% إلى أقل من 100%، وقد كان ذلك سبب اضطرارهم إلى إحداث مفاهيمهم وتعريفاتهم لدرجات الصحة، فلم يكونوا يعرفون شيئا عن نظرية الاحتمالات  (Probability Theorem)!!
وطبقا لعلم الاحتمالات، فإنه لو وجد طريقان مستقلان تماما للوصول إلى نفس المروية فإن كل طريق منهما يشكل متغيرا عشوائيا مستقلا (Independent Random Variable)، وفي هذه الحالة يزداد احتمال صحة المروية لكون احتمال الصحة هو المجموع الجبري لاحتمال صحة كل طريق على حدة.
ولكن طبقاً لعلم الاحتمالات أيضا فإن احتمال صحة أية مروية استمر تداولها شفهيا ستة أجيال من البشر (يشكل كل منهم متغيرا عشوائيا مستقلا) على مدى أكثر من قرنين من الزمان هو احتمال ضعيف.
مثال: لنفترض أن لدينا ستة رجال هم B, C, D, E, F, G، ولنفترض أن أولهم سمع كلاما من أحد الأشخاص A في حوار متصل أو في خطاب مثلا، وكان عليه أن يوصل الخطاب الذي سمعه ولم يدونه إلى B الذي سيوصله بدوره شفهيا إلى C، وهكذا، فما هو احتمال أن يصل كلام A إلى آخرهم G بدون أي تغيير؟ لو افترضنا أن احتمال أن يكون B صحيحا في أدائه هو P(B)، فإن P(B) هي بالضرورة أقل من واحد صحيح؛ أي لا يمكن أن تكون 100%، لو افترضنا أنها 90%، وهي نسبة عالية جدا، ولو افترضنا أن كل الرجال الآخرين سيحققون نفس النسبة سيكون احتمال أن يصل كلام A إلى آخرهم G بدون أي تغيير هو:
P(BCDEF) = P(B) x P(C) x P(D) x P(E) x P(F) x P(G) = (0.9)6 = 53%
أي أن الاحتمال المتوقع هو 53% في أحسن الأحوال، وبالطبع لو تم إدخال العوامل الأخرى -مثل عامل الزمن وتقادمه مثلا- لقل احتمال الصحة المتوقع كثيرا، وهذه بالمناسبة تجربة عملية يمكن إجراؤها والتحقق منها!
بالطبع قد يقل احتمال الخطأ لو كان الرواة الأوائل يدونون ما يسمعونه، أو كانوا يعملون في ظروف مواتية من السلام والتعاون والحرص على دقة النقل وعدم التأثر بالأمور المذهبية والشخصية، ولكن للأسف كان عكس ذلك هو المتوفر، ولو تمَّ أخذ ذلك في الاعتبار لقلت نسبة الصحة كثيرا.
ونسبة الـ 90% المفترضة تقل كثيرا كلما زاد حجم المروية، فالمرويات المطولة لا يمكن أن تحقق هذه النسبة، وبالطبع لا يوجد دين يكون التعبد فيه والأحكام أمورا ظنية!! لذلك قالوا: "المرويات ظنية، وهي تفيد العمل ولا تفيد العلم ولا يؤخذ منها عقيدة"، وهذا ما كان يقر به جمهور العلماء من عمالقة المذهب الأشعري والماتوردي الذي كان يعتبر المذهب السني الحقيقي، وكان الأزهر يأخذ به، ولكن عندما ظهر المذهب السلفي الوهابي مسلحا بأموال النفط تم تقويض الاتجاه الأزهري الحقيقي لحساب المذهب الوهابي، وظهرت تلك النماذج البشعة المرعبة، وتوارى الدين خلف مذهب أعرابي بدوي أموي دموي! هذا مع إجماع كافة المذاهب (السنية)!!!! على القول بأن المرويات -رغم اختلاف نظرتهم إليها- لها الحكم والقضاء على القرءان ونسخ آياته عند التعارض!!!! هذا مع إجماعهم على التعامل العملي معها كآيات القرءان؛ فهي عندهم تُتلى وتفسر!!! بل ويستعملون آيات القرءان لشرحها وتفسيرها رغم أنهم زعموا أن الوظيفة المنوطة بها تبيين القرءان وتفصيل مجمله وتقييد مطلقه ... الخ.
وبذلك يتضح للأسف الشديد أن المذهب السلفي أكثر اتساقا مع نفسه من المذاهب الأشعرية والماتوردية، وحُقَّ لشياطينه أن يزعموا أنهم أهل (السنة)!!!
*******
تصحيح المروية يعتمد على مغالطة منطقية واضحة A logical fallacy، وهي الاستدلال الدائري Circular reasoning حيث يبدأ فيها الشخص من حيث يحاول أن ينتهي أو يثبت، الاستدلال الدائري في كثير من الأحيان يكون من النموذج: A صحيح لأن B صحيح، B  صحيح لأن A صحيح، وهذا الاستدلال هو خلل في الحجة أو البرهان حيث أن المقدمات هي بنفس القدر في حاجة إلى إثبات أو بينات Evidences كالأمر المراد إثباته، وبالتالي فهو لا يصلح حجة لأثبات أي شيء، يمكن التعبير عن ذلك أيضا بالقول بأنه لا يوجد أي سبب لقبول المقدمات إلا لأن الشخص يعتقد في النتيجة؛ أي يؤمن بصحتها، أو أن المقدمات لا توفر أرضية مستقلة أو بينة Evidence للاستنتاج، ومن أوضح الأمثلة عليه تعريف الصحابي وصحة المروية، فهم يثبتون كون فلان من الصحابة بورود ذلك في مروية صحيحة عندهم، ولكن لكي تكون المروية صحيحة يجب أن يكون راويها صحابيا!!
*****
ومن الأسس الراسخة التي قلنا بها: "علامة المروية ذات الأصل الصحيح أن يمكن الاستغناء عنها بالقرءان".
وهذا أيضا هو الفرقان بين دين الحق وبين المذاهب التي حلَّت محله.
ويمكن بيان هذا الأساس بالأمثلة التالية:
1.     توجد أوامر قرءانية أن يدعو الإنسان ربه، توجد مرويات تتضمن أدعية منسوبة إلى الرسول، يمكن الاستغناء عنها بالأدعية الواردة في القرءان، ولا حرج على الإنسان أن يدعو ربه بأية صيغة، وأفضلها ما هو منسوب إلى الرسول، فلا يوجد ما يبرر الإعراض عنها.
2.     توجد أوامر بذكر الله تعالى، ومن الذكر ترديد صيغ ترد فيها الأسماء الإلهية، ولا حرج على الإنسان أن يذكر ربه بأية صيغة، وأفضلها -من بعد ما هو في القرءان- ما هو منسوب إلى الرسول، فلا يوجد ما يبرر الإعراض عنها.
3.     يوجد نص على أن لله الأسماء الحسنى، وأمر بأن يدعو الإنسان ربه بها، هذه الأسماء مذكورة كلها في القرءان باعتبار أنها لبّ العقيدة الإسلامية، وتوجد مروية تحث الناس على إحصاء تسعة وتسعين اسما منها، يمكن بالطبع استخلاصها من القرءان باتباع منهج علمي قرءاني صارم، ولكن يمكن الاستغناء عن ذلك بالعلم بكل الأسماء الحسنى المذكورة في القرءان والدعاء بها كلها. 
4.     توجد أوامر بالإنفاق في سبيل الله، وهي غير الأوامر بإيتاء الزكاة، فاختلاف المبنى يوجب اختلاف المعنى، ولم تحدد الآيات نسب هذا الإنفاق، وقد وردت آثار تتحدث عن بعض النسب، ولكنها غير ملزمة للإنسان طالما لم يحددها القرءان، لذلك فالأمر مفوض إلى طاقة ووسع ودرجة كل إنسان.
وقد قدمنا بعض الأمثلة خاصة بموضوع الأسماء الحسنى وبموضوع أركان الدين في المدونة لمن يرغب في الاستزادة.


*******


هناك 6 تعليقات:

  1. نقول لمن؟! والجهل فى النفوس مستشرى.. رحمتك يا رب..

    ردحذف
  2. من يعبد الفقهاء و المشايخ فإنهم في زوال، ومن يعبد الله فإن الله حي لا يموت، بحر من العلم دكتور حسني المتعافي، ما شاء الله.

    ردحذف
  3. القرآن المرجع لما اختلف فيه علماء الحديث..!
    http://www.mahdi-alumma.com/showthread.php?1254

    ردحذف