الجمعة، 27 فبراير 2015

الفاحشة

فاحشة

إن الفاحشة هي السلوك الفاضح القبيح الشنيع المخل بالأعراف والمضاد للفطرة السوية، ومن الخطر المهلك أن تستمرئ النفوس مثل هذا السلوك أو أن تحب أن يشيع لأغراض في نفوسهم، ولذلك جاء في الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}النور19، فمن يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فكيف بمن يعملون علي إشاعتها بل ويتكسبون بذلك؟
فالفاحشة هي المخالفات والمعاصي المتعلقة بما يعرف الآن بالأمور الجنسية بصفة خاصة، فهي تتضمن كل عمل يتضمن الاستخدام غير المشروع للجسم الإنساني والمخالفة الصارخة لمقتضيات العرف، وهي تؤدي إلي ترسيخ الجانب البهيمي في الإنسان وإلي حرمانه من التزكي والترقي في مقامات الكمال، أما تمادى الإنسان فيها فيؤدي إلي مسخ الكيان الجوهري للإنسان.
واقتراف الفواحش مضاد ومقوض لكثير من أركان الدين، ولا يمكن أن تصلي نفس صلاة حقيقية لربها ولا أن تتزكى وهي حريصة على اقتراف الفواحش ومولعة بها ومصرة عليها.
والفاحشة هي مصطلح شرعي مفتوح؛ أي هو قابل للاتساع وظهور مصاديق جديدة له بتطور العصور ومضي الزمن، وقد ظهرت في العصر الحديث ألوان منها لم تخطر على بال الناس من قبل.
ولا يجوز الاستهانة بأمر اللمم ومنه مقدمات الفواحش، فقد يُستدرج بها الإنسان إلى الوقوع في أكبرها.
والعقوبات المفروضة على مقترفي الفواحش ليست للتشفي فيهم ولا للانتقام منهم وإنما هي بمثابة حماية للناس منهم ومن أن تشيع الفواحش فيما بينهم، ويجب دائماً عند تطبيق العقوبة علي مقترفي الفواحش أخذ الوضع الاجتماعي في الاعتبار؛ فتشدد العقوبة علي المحصنين والمحصنات وعلي ذوي الحيثية وتخفف عن أهل الطبقات المتدنية، ويجب أن تُسنَّ عقوبات لردع مروجي الفواحش والمتكسبين بها.
ومن العبث القول بأنه يجب تأجيل تطبيق هذه العقوبات إلى أن يتحول الناس إلى ملائكة، بل إن تطبيق العقوبات هو من وسائل الإصلاح وبناء الأمة الخيرة الفائقة.

والآيات الآتية تبين ما يتعلق بهذا المصطلح ومقتضياته:
{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }آل عمران135  *  {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً}النساء15  *  {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً }النساء22  *  {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }الأعراف28  *  {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ}الأعراف80  *  {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}الإسراء32  *  {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19  *  {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ}النمل54  *  {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ}العنكبوت28  *  {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }الأنعام151  *  {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }الأعراف33  *  {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}الشورى37

ومن أركان الدين الكبرى: اجتناب كبائر الإثم والفواحش والانتهاء عن المنكر
وهذا الركن يتقدم في ترتيب الأركان على ركن إقامة الصلاة لأنه منها بمثابة الغاية من الوسيلة.


*******



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق