الثلاثاء، 13 يناير 2015

العمل الصالح

الركن الرابع عشر
العمل الصالح

إن العمل الصالح هو ركن ركين من أركان الدين، وهو كل عمل يقوم به الإنسان أو أي كيان إنساني أكبر للوفاء بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض ولتحقيق مقاصد الدين، وهو يُقبَل عند الله إذا كان صادراً عن إيمان سليم، أي عندما يكون العمل خالصاً لوجه الله رب العالمين، والقبول يعني ويقتضي أن ينتفع به الكيان الإنساني الجوهري ويتزكى بآثاره، والعمل الصالح لابد أن يؤدي إلي نفع كيانٍ ما والصلاح يتناسب مع حجم الكيان وسعته؛ لذلك فالعمل الذي يؤدي إلي نفع أمة أفضل من ذلك الذي لا يتجاوز تأثيره فاعله، والعمل الذي يؤدي إلي نفع البشرية جمعاء أفضل من العمل الذي يؤدي إلي نفع أمة بمفردها، والعمل الذي يؤدي إلى نفع الآخرين سيظل الإنسان يجني ثماره إلى يوم الدين.
وللعمل الصالح مفهومان:
1-     كل أعمال المسلم المؤمن إذا ما صحح نواياه ومقاصده، وهذا هو المفهوم العام ويشمل بذلك كل ما يمكن أن يُسمى بالعمل.
2-     كل عمل يقوم به كل كيان إنساني (من الفرد إلى الأمة) للوفاء بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض، فهو كل عمل يقوم به هذا الكيان لتحقيق مقاصد الدين وكمقتضى لكونه حاملاً للرسالة العالمية الخاتمة، وهذا هو المفهوم الخاص، والذي هو ركن ديني ملزم لكل كيان إنساني من الفرد إلى الأمة.
والعمل الصالح –بالمفهوم العام- يشمل العبادات المعروفة وكذلك كل ما يمكن أن يصدر عن الإنسان من الأعمال النافعة التي يمكن أن يستجد منها الكثير على مدى العصور؛ فهو يشمل الآن مثلاً التزكية والتعليم والبحث العلمي وكافة ما هو معروف من المهن وما يمكن أن يستجد منها كمقتضى من مقتضيات التطور، وكذلك يشمل كل عمل يؤدي إلى الحفاظ على البيئة وموارد الرزق، ومن ثمار العمل الصالح تحقيق الأمن والسعادة والوفاء بكافة احتياجات الإنسان وتعمير الأرض.
والإنسان ملزم بالعمل الصالح بقدر ما استطاع مثلما هو ملزم بإقامة الصلاة وصيام رمضان، وفي هذا العصر أصبح محتما على كل إنسان –أكثر من أي عصر مضى- أن يجيد مهنة أو حرفة ينتفع بها وينفع ذوي قرباه والناس وبلده بها، وذلك من لوازم القيام بهذا الركن، فكلما ارتقت البشرية كلما اضطر الناس إلى الأخذ بما قرره الإسلام من قبل وكلما استجدت ظواهر جديدة مفصِّلة لما أجمله القرءان.
وركن العمل الصالح الملزم للأمة يتضمن القيام بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض على المستوى الأممي، ومن ذلك استعمار الأرض وحسن الإفادة من مواردها والحفاظ عليها وعلى الكائنات الحية التي تقاسم الإنسان العيش فيها، ومن العمل الصالح إعداد وتمويل مؤسسات البحث العلمي وتأهيل الناس وتعليمهم بحيث يكونون قادرين على العمل الصالح المتقن واتخاذ كل ما يلزم للرقي بالمسلمين بصفة خاصة والبشرية جمعاء بصفة عامة.
------------
وقيام المؤمن بركن العمل الصالح يجعله من المبشرين بالجنة وممن رضي الله عنهم، قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة25،  {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة82،  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً }الكهف107، {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)} البينة
فالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ وهم مبشرون بالجنة، وقد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ولكن المغضوب عليهم والضالين حاولوا شخصنة القرءان وتحويله إلى قصائد مدح لبعض الأشخاص وأساءوا استعمال هذه الآيات البينات واتخذوها ذريعة لافتعال أرباب مشرعين مع الله تعالى!!!!!!!!!!
فمن وجد نفسه مؤمنا بالله وكتابه ورسوله ويعمل الصَّالِحَاتِ فليعلم أنه مبشر لذلك بالجنة وأن الله تعالي قد رضي عنه طالما ظل على حالته هذه، وعليه ألا يشغل نفسه بأمر السلف ولا بأمر عبيد نعالهم، فهو ليس مسئولا عن أحدٍ منهم!! بل عليه أن يعتصم بربه حتى لا ينزل عن حالته وإنما يرتفع إلى الله تعالى بها!!
إن ركن العمل الصالح ملزم لكافة الكيانات الإنسانية بما في ذلك طرفاها وقطباها؛ أي الفرد والأمة، وأثر العمل الصالح يتزايد مع كبر حجم الكيان وعظم أهميته، فالعمل الصالح هو من أركان الدين الواجبة على كل كيان إنساني معلوم أو من الممكن أن يستجد، وهو من الأركان التي يزداد وزنها وثقلها بازدياد حجم الكيان الملزم بها.
------------
إن العمل الصالح هو كل عمل من مقتضيات الوفاء بالأمانة التي حملها الإنسان وكذلك استخلافه في الأرض، ومن لوازم ذلك أن ينمِّي قدراته وملكاته وأن يحسن الانتفاع بها وبوقته وألا يهدر شيئاً من ذلك عبثا فلا يسرف ولا يبذر تبذيرا، وهذا يقتضي الإعراض عن اللغو، ومن لوازم ذلك أيضاً الأكل من الطيبات من الرزق والانتشار في الأرض وابتغاء فضل الله وأن يحترم حق الكائنات الأرضية الأخرى في البقاء، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الإفساد في الأرض والذي يتضمن العمل علي تقويض مقاصد الدين العظمي والعدوان علي حقوق وكرامة الإنسان والعدوان علي الاتزان الكوني الطبيعي وعلي حقوق الكائنات الأخرى والتخريب، ومن الآثام المضادة لهذا الركن التبذير وإهدار وتبديد الموارد والشح والبخل والأثرة، ولقد نبأهم الله تعالي بأنه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأن العلة الغائية لخلقهما هو الإنسان وأنه سخر له كل ما فيهما وأنه لا سبيل إلي تبديل سنن أو كلمات الله، وعلي الناس أن يعملوا بمقتضيات ذلك، والعمل الصالح ملزم أيضاً للأمة وهو يتضمن العمل الذي يستلزم كياناً إنسانياً كبيراً للقيام به، فهو جماع كل ما كان قياماً بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض وهى تتسع بالتقدم الحضاري، ومن ذلك إيجاد مؤسسات كبيرة للبحث العلمي في كل المجالات التي تؤدي إلي تحقيق مقاصد الدين وإلي ازدهار الحضارة، إيجاد مؤسسات لمد يد العون للأقليات الإسلامية وللمنكوبين والمضطهدين والمستضعفين وكذلك مساعدة كافة الشعوب علي مواجهة الفقر والجهل والتخلف وسوء الاستغلال وآثار الحروب والكوارث الطبيعية، والإثم الأعظم المضاد لهذا الركن هو الإفساد في الأرض، وهو يتضمن كل أعمال التخريب وكل ما يؤدي إلي تلويثها والإخلال بالتوازن البيئي فيها، ويلاحظ أنه كلما تقدمت البشرية كلما اتجهت نحو إيجاد آليات لتفعيل هذا الركن، ولقد سبق الغرب المسلمين إلي العمل ببعض تفاصيل هذا الركن وقدم لهم المثل وأقام عليهم الحجج وبين لهم ما كان يجب أن يفعلوه عندما كانوا سادة العالم.
------------
إن العمل الصالح وهو جماع كل ما هو مضاد للإفساد، وهو ركن من أركان الدين المتنامية المتسعة المتطورة برقي الحضارة، فهو كل عمل يمكن أن تنتفع به الكيانات الإنسانية وغيرها، وأهل الغرب هم أكثر من عرفوا هذه الأعمال الصالحة وأفضل من قاموا بها وإن كانوا هم أيضا أكثر من أفسد في الأرض، ولكن الغربي يقوم بالأعمال الصالحة ليس في سبيل الله ولا لابتغاء مرضاته وإنما لتخليد ذكره أو لتحقيق مجد دنيوي أو لصالح قومه أو وطنه، أما المسلم فعمله الصالح إنما يكون انطلاقا من إيمانه بالله تعالى وفى سبيله، وهذا العمل الصالح تتسع آفاقه باطِّراد التقدم، ولذلك لم تأت تفصيلات له، فالعمل الصالح يشمل الآن مثلا القيام بالأبحاث العلمية والطبية والحفاظ على البيئة من التلوث والإفساد ومقاومة الأوبئة ومساعدة من تعرضوا لكوارث طبيعية ومكافحة الفقر والجهل والمرض، كما يشمل المساهمة في الرقي بالناس على كافة المستويات العلمية والخلقية والثقافية.
------------
إن العمل الصالح هو من الأركان الشاملة الممتدة القابلة للاتساع عبر العصور، فكل ما يستجد مما هو نافع للناس هو من العمل الصالح، ولمَّا أهمل الناس هذا الركن بعد أن حرفوا مفهومه وقصروه على ضروب العبادة التقليدية اضطروا إلى إحداث مفهوم المصلحة المرسلة، والقول بهذه المصلحة المرسلة يتضمن الإقرار بأن الدين غير كامل وغير صالح لكل زمان ومكان، والحق هو أن كل ما هو داخل تحت بند تلك المصلحة هو من لوازم وتفاصيل أركان الدين ومنها ركن العمل الصالح.
ولما كان العمل الصالح من أركان الدين الكبرى فإن كل ما هو مضاد له هو من الآثام الكبرى، لذلك من كبائر الإثم على كافة المستويات سفك الدماء وإشاعة الفواحش والإفساد في الأرض، وهذه الآثام قابلة للزيادة والاتساع واتخاذ أشكال جديدة وصور متنوعة.
------------
إنه لابد للإنسان من العمل بحكم أنه حامل للأمانة ومستخلف في الأرض، والعمل الصالح هو ما يؤدي إلي نفع كيانٍ إنساني ما، والعمل لا يراد لذاته وإنما لمقاصده، ومقاصد العمل هي لوازم وتفاصيل مقاصد الدين العظمى، فبالنسبة إلي الإنسان فإن المقصد من العمل أن يكون هذا الإنسان إنسانا ربانيا فائقا صالحا مفلحا، وكل عمل صالح سيؤدى إلى التحلي بخلق كريم أو اكتساب ملكة ما أو اتساع ملكة ما أو كمال ما، فالعمل ليس إلا وسيلة، ولكن الإنسان أيضا يُعامل وفق ظنه ويؤاخذ بما أوجبه على نفسه بمقتضى ما أُودع في كيانه من قوى وأسرار، فإن تصور أن التقرب إلى الله لا يكون إلا بالمداومة على عملٍ ما فسيعامل وفق ظنه هذا، وسيثاب إذا واظب على العمل وأتقنه وإن لم توجبه عليه شريعة ما أصلا، ومما يقوى من أثر عمل كهذا تأثير الملائكة الأرضية والجنود، فهي تستحسن ما استقر في عرفها أنه سبيل إلى مرضاة الإله مما عرفته من أعمال الناس وأنماط سلوكهم، فيترتب على ذلك آثار حسنة على القائمين بتلك الأعمال.
------------
إن الإيمان الحقيقي لابد أن يقتضي عملاً صالحا، ومن لا يجد في نفسه رغبة في عمل صالح فليتَّهم نفسه وليعلم أنه متلاعب، وعليه أن يتدارك نفسه، والإيمان والعمل الصالح المترتب عليه يشكلان حلقة تغذية موجبة Positive feedback loop؛ أي يقوي كل منهما الآخر، ويترتب على ذلك تزكية الكيان الإنساني الجوهري، وتلك التزكية لابد منها لدخول الجنة في الدار الآخرة، فدرجته في تلك الدار هي مرتبته الحقانية المناسبة لكيانه الجوهري.
------------
إن ما يعطي العمل قيمة وما يجعل له أثراً على الكيان الجوهري للإنسان هو أن يصدر عنه بمحض اختياره وإرادته، ولا يعني ذلك أن للإنسان حرية مطلقة، ولكنه يعني أنه يمتلك من حرية الإرادة ما يمكنه من السعي إلى والعمل على تحقيق المقصد من وجوده والتحقق بكماله المنشود.
------------
لقد حرفوا مفهوم العمل الصالح الذي هو ركن من أركان الدين واختزلوه حتى أصبح يقتصر علي الأداء الشكلي للعبادات أو الشعائر، والحق هو أن العمل الصالح هو كل عمل من مقتضيات الوفاء بالأمانة التي حملها الإنسان وكذلك استخلافه في الأرض، ومن لوازم ذلك أن ينمي قدراته وملكاته وأن يحسن الانتفاع بها وبوقته وألا يهدر شيئاً من ذلك عبثا فلا يسرف ولا يبذر تبذيرا، وهذا يقتضي الإعراض عن اللغو وأن يعمل علي إتقان مهنة أو حرفة يتكسب منها وأن يؤدي واجباته تجاه من هو مسئول عنهم فيعلمهم الصلاة ويأمرهم بها وكذلك يعلمهم مكارم الأخلاق، ومن ذلك أيضاً الأكل من الطيبات من الرزق والانتشار في الأرض وابتغاء فضل الله وأن يحترم حق الكائنات الأرضية الأخرى في البقاء، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الإفساد في الأرض والذي يتضمن العمل علي تقويض مقاصد الدين العظمي والعدوان علي حقوق وكرامة الإنسان والعدوان علي الاتزان الكوني الطبيعي وعلي حقوق الكائنات الأخرى والتخريب، ومن الآثام المضادة لهذا الركن التبذير وإهدار وتبديد الموارد والشح والبخل والأثرة، ولقد نبأهم الله تعالي بأنه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأن العلة الغائية لخلقهما هو الإنسان وأنه سخر له كل ما فيهما وأنه لا سبيل إلي تبديل سنن أو كلمات الله، وعلي الناس أن يعملوا بمقتضيات ذلك.
------------
إن العمل الصالح هو كل عمل يقوم به الإنسان للوفاء بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض علي أن يكون صادرا عن إيمان سليم، وذلك يعني أنه يجب أن يكون خالصاً لوجه الله الكريم، والإنسان الحريص على ذلك تكون كل حركاته وسكناته لله رب العالمين، فبتصحيح القصد والنية يمكن أن يكون كل ما يصدر عن الإنسان عملاً صالحا، وبالمثل فمن وصل إلى درجة أن كانت كل حياته لله رب العالمين يصبح كل عمل صدر عنه عملاً صالحا، أما العمل غير الصالح فهو ما كان فيه إخلال بالتعريف السابق، والعمل الصالح لابد أن يؤدي إلي نفع كيان ما والصلاح يتناسب مع حجم الكيان وسعته، ومن ثمار العمل الصالح تحقيق الأمن والسعادة وتعمير الأرض، ومن لوازم ذلك أن ينمي الإنسان قدراته وملكاته وأن يحسن الانتفاع بها وبوقته وألا يهدر شيئاً من ذلك عبثا فلا يسرف ولا يبذر تبذيرا، وهذا يقتضي الإعراض عن اللغو وأن يعمل علي إتقان مهنة أو حرفة يتكسب منها وأن يؤدي واجباته تجاه من هو مسؤول عنهم فيعلمهم الصلاة مثلاً ويأمرهم بها وكذلك يعلمهم مكارم الأخلاق، ومن ذلك أيضاً الأكل من الطيبات من الرزق والانتشار في الأرض وابتغاء فضل الله وأن يحترم حق الكائنات الأرضية الأخرى في البقاء، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الإفساد في الأرض ومن تفاصيل ذلك العمل علي تقويض مقاصد الدين العظمي والعدوان علي حقوق وكرامة الإنسان والعدوان علي الاتزان الكوني الطبيعي وعلي حقوق الكائنات الأخرى والتخريب، ومن الآثام المضادة لهذا الركن التبذير وإهدار وتبديد الموارد والشح والبخل والأثرة، ولقد أعلن الله تعالي بأنه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأن العلة الغائية لخلقهما هي الإنسان وأنه سخَّر له كل ما فيهما وأنه لا سبيل إلي تبديل سنن أو كلمات الله، وعلي الناس أن يعملوا بمقتضيات ذلك.
------------
إن العمل الصالح يمكن أن يصدر من أي إنسان مهما كان دينه، ولكن الإنسان لا يفيد منه على المستوي الجوهري إلا إذا من مقتضيات إيمان سليم، أما من كان عمله طلبا لمجد شخصي أو دنيا يصيبها فماله على المستوى الجوهري من نصيب، وإنما قد ينال نصيبه في هذه الدنيا، والعمل الصالح يؤدي بالضرورة إلى نفع كيانٍ ما وهو يتضمن كل عمل من مقتضيات الالتزام بالأوامر الشرعية الخاصة بالتعامل مع الكيانات الإنسانية، والأعمال ذات الصبغة الدينية الإسلامية هي التي يتضمنها ركن معاملة الكيانات الأخرى طبقاً للأوامر الشرعية.
------------
إن الله عزَّ وجلَّ يحب من يعرف لنعمته قدرها ويحدِّث بها ولا يحب من يزدريها أو يجحدها أو يكفر بها أو يسعى إلى تحريمها، إن التفضل على الناس بالنعم هو من لوازم التجلي الإلهي وتفصيل الكمالات الإلهية وتحقيق المقاصد الوجودية، والعمل الصالح هو من وسائل الانتفاع بالنعم الإلهية وتعميم هذا الانتفاع.
------------
إن العمل الصالح هو ركن ركين من أركان الدين، والعمل الصالح هو كل عمل يقوم به الإنسان للوفاء بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض، فهو يتضمن ما كان به صلاح الأرض واستعمارها والحفاظ علي عمَّارها من الكائنات، فهو ما يؤدي بالضرورة إلى نفع كائن أو كيان ما، والقيام بواجبات الاستخلاف في الأرض هو من الأعمال الصالحة التي يمكن أن تصدر عن أي إنسان مهما كان دينه أو مذهبه، فالإصلاح مضاد للإفساد، قال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}الأعراف142، ولكن قبول العمل عند الله تعالى والذي يترتب عليه تحسن الكيان الجوهري للإنسان فيستلزم أن يكون العمل الصالح صادراُ عن إيمان صحيح، أما الكافرون والمشركون الملحدون أو المتشككون أو اللاأدريون الذين تصدر عنهم أعمال صالحة فالعدل يقتضي أن ينالوا ثواب ذلك في حياتهم الدنيا إذ لا ثواب لهم في الآخرة، ولا يحق لأحد الدفاع عنهم، فهؤلاء مجرد مخلوقات لله الواحد القهار، خلقهم ولم يكونوا من قبل شيئا مذكورا، وبدلا من أن يظهروا لخالقهم ما هو حق له من الحمد والشكر فإنهم أنكروا وجوده أصلا أو زعموا لشيء مما هو من دونه ما هو حق له، هل يجوز مثلا لطفل صغير يعيش في بيت والديه أن ينكر وجودهما أو أن يقول لهما إنه ما وُجد إلا بمحض الصدفة أو أن يقول لهما: "ليس لكم علي أي فضل، ولم تقدما لي ما يلزم من الطعام والشراب"؟ إن لله تعالى أوجب الحقوق على مخلوقاته، والفوز برضوان منه أفضل بما لا يتناهى من محاولة استرضاء الناس على حساب حقوقه على عباده.
------------
إن الإنسان بحكم أنه مستخلف في الأرض مسئول عن كل ما هو فيها من دواب وطيور وجماد وموارد طبيعية، وهو مأمور بأن يستعمر الأرض وبألا يفسد فيها، والأرض ليست بملك خالص له بل لربه وإنما هو مستخلف فيها، وليس له إلا حق الانتفاع بها، ودواب الأرض وطيورها هي أمم مثل البشر، لها حق العيش في هذا الكوكب، لذلك فعلى الإنسان الرفق بدواب الأرض والعمل علي بقائها وليس له أن يقترف ما قد يؤدي إلى إبادة أي نوع من دواب الأرض خاصة بعد أن أعلن الله تعالى في كتابه العزيز إنهم أمم أمثالنا وأنه قد خلق كل شيء بالحق وبمقدار وقدر، فهو الأعلم بما يلزم لصلاح هذا الكوكب واستمرار عمرانه، ولكن حق الإنسان مقدم على حقوق غيره من المخلوقات الأرضية بحكم كونه خليفة، لذلك فله أن يعمل على أن يقي نفسه شر ما ثبت ضرره عليه.
------------
إن الأمر بالسير في الأرض للنظر في كيفية بدأ الخلق هو أمر قرءاني ملزم، وهو تكليف بما هو في الوسع وبما هو ممكن، ذلك لأنه كما هو معلوم: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا، فهذا الأمر يعني أن في الأرض كل ما يلزم لمعرفة كيفية هذا البدء، ولو عمل المسلمون بمثل هذه الأوامر القرءانية لتحققت النهضة العلمية هنا قبل أن تتحقق في أوروبا.
------------
إن الأشياء مسخَّرة للإنسان والإنسان مدعو إلى الانتفاع بذلك، فهذا الانتفاع هو من لوازم شكر الله على نعمائه وآلائه وهي من لوازم حمده والثناء عليه بأسمائه، ذلك لأن للإنسان مكانته في هذا العالم المشهود بحكم حمله للأمانة، قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} الأحزاب72.
------------
وتبين آيات القرءان أن الرزق من الطيبات هو من النعم الكبرى التي ذكرها الله عزَّ وجلَّ مقارنة لإيتاء الكتاب والنبوة وأن عمل الصالحات يعادل الإيمان؛ فهو من نفس مرتبته، وأن العمل الصالح لا يعني بالضرورة أداء العبادات المعروفة وأن العمل الصالح ينجي الإنسان من الهلاك في الدنيا ويجعل له حسن العاقبة في الآخرة إذا اقترن بالإيمان وأنه ركن آخر غير الأركان المشهورة مثل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأن الذي آمن وعمل صالحاً مبشر بالجنة، فلقد بشر الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالجنة بكل صور التبشير، والعمل الصالح مضاد للإفساد في الأرض والإساءة، والعمل الصالح قد يصدر من أي إنسان ولكنه علي المستوى الجوهري لن ينتفع به إلا إذا كان صادرا عن إيمان بالله وباليوم الآخر.
-------
إن الإيمان والعمل الصالح وآثارهما على الكيان الإنساني يشكلون حلقة تغذية موجبة يقوِّي كل عنصر فيها العناصر الأخرى.
------------
من الآيات التي تبين أهمية هذا الركن:
{وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}البقرة25  *  {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة82  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}البقرة277  *  {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }آل عمران57  *  {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً }النساء57  *  {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً }النساء122  *  {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً}النساء124  *  {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً}النساء173  *  {وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }المائدة9  *  {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}الأعراف42  *  {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }يونس4  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}يونس9  *  {إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }هود11  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }هود23  *  {الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ }الرعد29  *  {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ }إبراهيم23  *  {إِنَّ هَـذَا الْقرءان يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً }الكهف30  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً }الكهف107  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً }مريم96  *  {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى}طه75  *  {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْماً وَلَا هَضْماً }طه112  *  {فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ }الأنبياء94  *  {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ }الحج14  *  {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ }الحج23  *  {فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}الحج50  *  {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ }الحج56  *  {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55  *  {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }الشعراء227  *  {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ }العنكبوت7  *  {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ }العنكبوت9  *  {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }العنكبوت58  *  {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}الروم15  *  {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ }الروم45  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ }لقمان8  *  {أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }السجدة19  *  {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}سبأ4  *  {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }فاطر7  *  {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ }ص28  *  {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ }غافر58  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }فصلت8  *  {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ}الشورى22  *  {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}الشورى26  *  {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}الجاثية21  *  {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ }الجاثية30  *  {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ }محمد2  *  {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ }محمد12  *  وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الفتح29  *  {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }الانشقاق25  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ }البروج11  *  إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ{7} جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ{8} (البينة)  *  {وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}البقرة220  *   {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62  *  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }المائدة69  *  {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }النحل97  *  {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً }مريم60  *  {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى }طه82  *  {وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً}الفرقان71  *  {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}النمل19  *  {فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ}القصص67  *  {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ }القصص80  *  {مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ }الروم44  *  {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً }الأحزاب31  *  {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}سبأ37  *  {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }فاطر37  *  {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ }غافر40  *  {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }فصلت33  *  {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت46  *  {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ }الجاثية15  *  {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }الأحقاف15  *  {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التغابن9  *  {رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً }الطلاق11  *  {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }الكهف110  *  {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الفرقان70.
والآيات تبين بأقوى العبارات وصيغ التأكيد أن الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هم مبشرون بالجنة، وكذلك تؤكد أن الله تعالى قد رضي عنهم.
------------
ولقد استخلف الله تعالى الإنسان في الأرض وسخر له ما فيها، قال تعالى:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }البقرة164  *  {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }الأعراف54  *  {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ }الرعد2  *  {اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ}إبراهيم32  *  {وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ }إبراهيم33  *  {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}النحل12  *  {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }النحل14  *  {أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }النحل79  *  {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }الحج36  *  {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }الحج37  *  {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }الحج65  *  {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ }العنكبوت61  *  {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ}لقمان20  *  {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }لقمان29  *  {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ }فاطر13  *  {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ }الزمر5  *  {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}الزخرف13  *  {اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}الجاثية12  *  {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}الجاثية13.
------------
ولقد جعل الله تعالى الإنسان خليفة في الأرض وخلق له ما يلزم لبقاء نوعه وأداء ما نيط به من مهام، والقيام بمقتضيات الاستخلاف في الأرض هو من العمل الصالح، قال تعالى:
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة30  *  {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }الأنعام165  *  {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}يونس14  *  {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً }فاطر39  *  {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}الحديد7  *  {اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ} إبراهيم32  *  {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }النحل12  *  {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }الحج36.

وكذلك جعل الله عزَّ وجلَّ للإنسان أشياء مما في الأرض والسماء إي جعلها متسقة مع مطالبه ولوازمه وجعل فيها ما يعينه على الحياة والبقاء ووعد بأن يجعل له أمورا رتبها على أفعاله، قال تعالى:
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }البقرة22  *  {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }الأنعام97  *  {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى }طه53  *  {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً }الفرقان47  *  {وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }القصص73  *  {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }السجدة9  *  {الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ }يس80  *  {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ }غافر61  *  {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }غافر64  *  {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }غافر79  *  {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الشورى11  *  {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }الزخرف10  *  {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ }الزخرف12  *  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}الحديد28  *  {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}الملك15  *  {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }الملك23  *  {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{12}نوح  *  {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطاً }نوح19  *  *  {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الروم21.

ولقد خلق الله كثيراً من الأشياء للإنسان وأحل له الطيبات، ولا تُحرَّم الطيبات على الناس إلا عقوبة لهم، ولا يجوز لأحد أن يحرِّم على الناس شيئاً من الطيبات، ومن يفعل فإنما هو معتد قال تعالى:
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }البقرة29  *  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }البقرة168  *  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }البقرة172  *  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }البقرة267  *  {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً }النساء160  *  {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }المائدة4  * {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }المائدة5  *  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }المائدة87  *  {وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ }المائدة88  *  {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }الأعراف32  *  {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }الأنفال26  *  {فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }النحل114  *  {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70  *  {كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى }طه81  *  {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }المؤمنون51  *  {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }غافر64  *  {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ }الجاثية16  *  وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ(119) (الأنعام)  *  وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ(141) (الأنعام)  *  كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ(142) (الأنعام)  *  يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ(31) (الأعراف)  *  وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(14) (النحل)  *  هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ(15) (الملك)  *  فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(10) (الجمعة).
------------
إن العمل الأفضل هو ما كان أثره الحسن أو نفعه على كيان إنساني أبقي وأقوي وأشمل وأعمق، والأفضلية تتناسب أيضاً مع ثقل الكيان المنتفع وكثرته ومع عظم قدر هذا النفع.
------------
إنه يجب العلم بأن الله تعالي ليس بحاجة إلى أن ينصره الناس الذين خلقهم والذين هم آلات وأدوات بيده ولكنه خلق الإنسان حرا مختارا، وهو يريد منه أن يسعى إليه طوعاً لا كرها، ذلك لأن الإنسان لن ينتفع إلا بما يصدر عنه بمحض اختياره، وطلبه من الناس أن ينصروه هو من باب التنزل، فانتصارهم له هو انتصار للقيم والسنن الإلهية اللازمة لصلاح أمرهم في الدنيا والآخرة.
ولقد علم الناس أن الأمور تجري بمشيئة الله تعالى أي وفق قوانينه وسننه، فعلي من أراد إنجاز شيء ما أن يعلم القوانين الحاكمة على هذا الشيء وأن يعمل بمقتضاها، ولقد أمر الله تعالي عباده بالسعي والعمل وجعل العمل الصالح من أركان الدين، وهذا العمل الصالح يتضمن بالإضافة إلى إقامة الشعائر كل سعي لتحقيق مقاصد الدين العظمي والفرعية، لذلك فالعمل الصالح يتضمن كل عمل يؤدي إلى تزكية الإنسان وتحويله إلى إنسان رباني فائق، وكل عمل يؤدي إلى إعداد الأمة الخيرة وكل عمل يؤدي إلى خير البشرية والإصلاح في الأرض.
واستخلاف الإنسان في الأرض يلقي عليه أعباء ومسئوليات تجاه كل ما فيها وما عليها من دواب الأرض وكياناتها ومكوناتها.
------------
إن العمل الصالح هو ما كان محققاً لمقاصد الدين وهو بالضرورة كل ما كان محققاً لنفع الإنسان، فالبحث العلمي أو استحداث وسائل نقل أو اتصال أفضل أو اكتشاف دواء جديد أو السعي إلي ذلك وكل ما يؤدي إلي نفع الناس وكل عمل كان من مقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض هو من العمل الصالح، وصلاح أو حسن العمل أو الفعل الاختياري يكون من حيث أثره على الكيانات الإنسانية، ولما كان كل ما لدى الإنسان من صفات الكمال هو من آثار السمات الإلهية الكمالية فإن كل فعل يؤدى إلى اكتساب الإنسان لصفة كمال أو للمزيد منها هو فعل حسن وعمل صالح، والأفعال اللازمة هي المترتبة على الالتزام بما اقتضته منظومة أسماء الرحمة والهدى من التعليمات والسنن، فالسنن هي التي ترتب على الفعل الاختياري آثاره اللازمة على الكيانات الإنسانية، وثمة أنساق من الملائكة والجنود موكلون بذلك ومسخرون لتحقيقه، والسنن تقتضى أن الصفة أو الخلق الذي كان الباعث على صدور الفعل يتقوى ويرسخ بالآثار المترتبة على هذا الصدور، وأنساق الملائكة الموكلة بأمر الإنسان والجنود تترتب وفق ما لدى الإنسان من طبقات وكيانات؛ فالملائكة الأرضية مثلا مختصة بتلك الأفعال التي تصدر عن الإنسان ككائن أرضى ذي جسد مادي ومستخلف في الأرض.
والفعل الحسن تسبب آثاره للإنسان مزيدا من الرقى والتحقق بالكمال، وقد يحيط الإنسان ببعض أسباب ذلك وقد لا يحيط، ولكنه ينتفع بالفعل الحسن كما ينتفع جسده بالطعام المفيد وإن لم يعرف الآليات المؤدية إلى ذلك، وكلما ترقى الإنسان ازداد علمه بطبيعة الفعل وكلما كان حكمه عليه أقرب إلى الصحة، والشريعة توفر على الإنسان مجهودات هائلة وتختصر له السبيل نحو المعرفة وتصحح أحكامه وتجعله أكثر إدراكا للطبيعة الحقيقية للأشياء، والأمر الشرعي بالفعل الحسن يترتب عليه آثار كونية إضافية خاصة بالفعل كما أن النهى عن فعل معين يرتب آثارا إضافية تعود بالضرر على مقترف هذا الفعل، فأكل لحم الخنزير هو عمل خبيث لأن له آثاراً ضارة على جسم الإنسان سواء أكان ثمة شريعة تحرمه أم لا، فإذا ما حُرِّم بأمر شرعي فإنه ستعود على الكيان الجوهري لآكله أضرار جسيمة لتعمده مخالفة أمر شرعي بالإضافة إلى الضرر الذي سيتعرض له جسده، ونفس الأمر يسري علي شرب الخمر، فمن يخالف أمراً شرعياً فإنما يستحث أنساقاً من السنن والملائكة والجنود لتعمل ضده، وسيترتب علي ذلك آثار سيئة ستلحق بكيانه.
------------
إن لكل فعل إنساني آثاراً طبيعية أخرى ستترتب عليه سواء أكان ثمة أمر شرعي أم لا، فإذا كان ثمة أمر شرعي كان لابد من آثار إضافية، وطبيعة الأمر الشرعي تحدد لآثار الأفعال الاختيارية الإنسانية نوعيتها ومداها وعمقها، فمن حيث الناحية الشرعية فالسلوك يكون حسنا بقدر المدى الذي يؤدى إلى تحقيق مقاصد الدين العظمى، والسلوك المأمور به هو ما يكون أثره بالنسبة إلى تحقيق المقاصد إيجابياً، أما السلوك المنهي عنه فهو الذي يكون أثره سلبيا، فإذا ما كان ثمة نص على أمر ما فلا بد أن له فائدة في تحقيق تلك المقاصد وإن جهلها الإنسان.
والأمر الشرعي لا يجعل فعلاً ما حسناً والآخر قبيحا وإنما يرتب علي هذا الفعل آثارا إضافية تمس الكيانات اللطيفة بالإضافة إلي آثاره الطبيعية، أما الآثار الطبيعية فمنها آثار على المستوى العضوي ومنها آثار على المستوى السيكولوجي ومنها آثار علي أكثف الكيانات اللطيفة، فالآثار العضوية تعتمد بدورها على مدي متانة البنيان الجسدي، فشرب الخمر مثلا لا يكون أثره الضار واحدا بالنسبة إلى كل الناس، أما الأثر السيكولوجي فيعتمد على متانة البنيان النفسي وعلى البيئة الأمرية القيمية المحيطة بالإنسان، فهذا الأثر نسبى ويتأثر بكل ما يؤدى إلى تعديل أو صياغة أو إعادة صياغة البيئة القيمية.
أما الأمر الشرعي فيترتب عليه قانون كوني يتعين بناء عليه الأثر على موقف الإنسان من هذا الأمر، ولكن هل يستطيع الإنسان بإعمال ملكاته الذهنية (والتي عادة ما يسمونها بالعقل) وحدها معرفة أثر الفعل عليه؟ إن هذا الأمر منوط بمدى قدرة تلك الملكات ونوعية وشمول ما لديه من المعلومات ومرتبة الكمال التي هو عليها والسقف الحضاري لعصر هذا الإنسان، والإنسان مهما ارتقت مرتبته وتقدمت علوم ومعارف عصره سيظل حكمه نسبيا مقيدا كطبيعته ولن يعرف أكثر من بعض الآثار الطبيعية العضوية والسيكولوجية ولن يعرف الأثر الإضافي الشرعي، فهو مثلا يمكن أن يعرف الآثار العضوية والسيكولوجية المترتبة على تعاطى المشروبات الكحولية، ولكنه لن يعرف الآثار التي ستحيق بكيانه الجوهري الحقيقي من جراء تجاهله لأمر أو نهى شرعي معين، وبالمثل لن يعرف الآثار المترتبة على طاعته لأمر شرعي إلا بإعلام إلهي، ومن المعلوم أنه بناء على ما يلحق بكيانه الجوهري من الآثار المترتبة على فعله ستتعين آثار أخرى في دار البقاء، وبالنظر إلى كل ما سبق بيانه فإن حكم الإنسان على أمر أو فعل أو سلوك ما سيظل أمرا نسبيا مقيدا محدودا ولن يحيط الإنسان إلا ببعض الآثار الطبيعية العضوية والسيكولوجية ولن يعرف الآثار الإضافية المترتبة على تحقق وتعين الأمر الشرعي.
------------
إنه مما لا يعنى الإنسان من الناحية الشرعية أن يتساءل عن مدى حسن أو قبح الفعل الإنساني بمعزل عن وجود شريعة أو أمر شرعي، إن ما يعني الإنسان هو الأثر الذي سيترتب على نوعية ومدي استجابته للأمر الشرعي، وهذه الاستجابة ستكشف للناس وللإنسان عن مدى ثقته بربه وستظهر مدى إيمانه بما نبأه به، فإذا كانت الاستجابة إيجابية مُرْضية فستسبب آثارها مزيداً من الإيمان يتحسن به الكيان الإنساني الجوهري ويدفع الإنسان إلى مزيد من العمل الصالح يتحسن بها من جديد الكيان الجوهري، ويأخذ الأمر صورة حلقة تغذية خلفية موجبة يترتب عليها أن يتحسن باستمرار الكيان الجوهري للإنسان وأن يزداد إيمانه وقدرته على إصدار المزيد من الأعمال الصالحة.
فالعبرة في توصيف العمل من الناحية الشرعية هو أثره على الكيان الإنساني الجوهري، ومن العوامل التي تحدد هذا الأثر دوافع الإنسان أو ما يسمى بالقصد أو النية، فلا يستوي من شرب الماء سهواً في نهار رمضان مثلاً مع من شربه عامدا متعمدا مستخفاً بالأمر الإلهي بالصوم، فوجود أمر شرعي يترتب عليه قانون كوني يرتب بدوره آثاراً على مدى ونوعية استجابة الإنسان للأمر الشرعي، وتلك الآثار قد تكون هي عين الثواب والعقاب وقد يتحدد بناءً عليها الثواب أو العقاب.
وتوصيف العمل من الناحية الشرعية هو رحمة وهدى للإنسان، وكلما تطور الإنسان سيزداد إدراكاً لمدى حقانية الأمر الشرعي، فالأمر الشرعي كاشف لطبيعة العمل الإنساني وهو أيضاً يرتب عليه آثاراً إضافية، وليس ثمة تنافٍ أو تمانع بين الأمرين.
------------
إن العمل الصالح هو ركن من أركان الدين وهو القيام بكل ما ناطه الله تعالى بالإنسان من مقتضيات الاستخلاف في الأرض وحمل الأمانة وعمارة الأرض وإصلاحها وإصلاح ما عليها من كائنات، فالعمل الصالح هو ما يترتب عليه إصلاح الأرض وعمارتها ويقابله الإفساد في الأرض وتخريبها.
ولقد استبشع الملائكة جعل الإنسان خليفة في الأرض لعلمهم بأنه سيصدر عن كثير من الناس أعمال مثل سفك الدماء والإفساد في الأرض ولخبرتهم بسلوك الكائنات الأرضية قبل ظهور الإنسان ومنها طلائع أو أسلاف الجنس البشري، ولقد علمهم ربهم أنه رغم ذلك فإن الإنسان يستحق الخلافة بما لديه من استعدادات هي من لوازم ماهيته الإنسانية، فهو أداة التفصيل المثلى وأداة تحصيل المعلومات المفصلة؛ أي العلم بمعنى المعلومات، وكذلك هو أداة استخلاص الخبرة والحكمة اللاحقة، وهو الكائن الأرضي الوحيد المؤهل للاستخلاف فيها وحمل الأمانة، ومن يتأمل رحلة الإنسان الطويلة للسيطرة على دواب الأرض الأخرى وللتحكم في الكثير من الظواهر الطبيعية لعلم مدى علو قدر الإنسان.
ولكن هذا قد دلَّ أيضا على أن سفك الدماء والإفساد في الأرض من الأعمال التي تطعن في أهلية الإنسان للخلافة، وسفك الدماء والإفساد في الأرض هما أمران مرتبطان، ولذلك أيضا ارتبط ما يقابلهما من الأعمال وهما الحرص علي استمرار حالة السلم وتعمير الأرض.
------------
إن المعوَّل هو على ما يتركه العمل من أثر في كيان الإنسان الجوهري، وهذا الأثر يتحدد بعمق الخُلق الباعث عليه والدافع إليه، وأسوأ الأعمال عاقبة هو ما صدر عن فسق أو عن نفاق مستفحل.
------------
إن بعض المنادين بالإصلاح قد انبروا للدفاع عن أهل الغرب الذين يقومون بأفعال عديدة لصالح البشرية رغم عدم إيمانهم ويزعمون أنهم بذلك مسلمون ولهم أجرهم، إنه يجب القول بأن لإله الكون وخالقه ومالكه وحده الحق في تقرير مثل هذه الأمور، وأن الأمور إنما تجري وفق سننه وحده والتي هي من مقتضيات أسمائه، ومن يكفر به وينكر وجوده عمدا إنما يقضي على إمكان تحسن كيانه الجوهري، فلا يمكن أن يصلح لدخول العالم الأسمى من أنكر أو جحد الحقائق العليا، فمن يكفر بوجود حقيقة ثابتة ويتصرف بمقتضى ذلك إنما يجني على نفسه، ولكن لمن لم تبلغه الدعوة البلاغ المبين عذره، وعندها يمكن أن ينتفع بعمله.
------------
قال عز وجل: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ(117)} (هود)، تلك الآية تبين بما لا يدع مجالا للشك أن الإصلاح عاصم من الهلاك وأن إهلاك المصلحين ظلم، وهذا ما يقوض مزاعم الأشعرية فيما يتعلق بالظلم وتعريفه، وقال تعالى: {ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ }الأنعام131 والآية تبين أن أخذ القرى وأهلها غافلون من الظلم، والإصلاح ليس بأمر غامض بل هو معرَّف تماماً في القرءان وهو مضاد للإفساد، فيمكن دائما تعريف الأمر بنقيضه الفعال، ولقد نبأ الله تعالى عباده بالسنن التي يعاملهم بمقتضاها، وهذه السنن هي من كلمات الله التي لا تبديل لها ولا تحويل، وتلك السنن مبينة في الكتاب بأبلغ بيان بحيث يفقهها سائر الناس، فمن تلك السنن ما هو متضمن في الآيات:
{مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }الأنعام160، {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}النمل89، {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }القصص84، فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ{7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ{8} الزلزلة، ولقد اعتبر تفضلاً منه الخروج عن هذه السنن ظلما، فلا يجوز لبعض المتكلمين أن يجوزوا عليه خلاف ما أخبر به عن نفسه، ويجب العلم بأنه هو سبحانه الذي يعطي المعنى معناه والمبنى مبناه.
------------
لقد عبر القرءان عن سيادة الإنسان علي الأرض وما ارتبط بها من سماء بأنه سخَّر له ما فيهما وكرَّمه وفضله واستخلفه في الأرض وأسجد له الملائكة؛ فعبر عن السيادة بمقتضياتها، وتلك السيادة منوطة بالإنسان من حيث هو كذلك لا من حيث انتمائه إلي طائفة معينة وهي من لوازم الماهية الإنسانية العامة فلا وجود لإنسان ولا تعريف له بدونها، وهي ليست بمنحة من إنسان آخر، فلا يحق لأحد أن يشكك فيها ولا أن يحرم إنساناً منها.
------------
إنه يجب أن يعلم الإنسان أنه لا يملك شيئاً من حيث ذاته بل إنه لا يملك جسده ولا نفسه وإنما هو مستخلف فيما لديه، فأنية الإنسان رغم أنها أو لأنها آخر حقائقه تعيناً مستخلفة في كل ما سبقها من الكيانات الكثيفة واللطيفة؛ فكل هذه الكيانات مسخرة لها مؤتمرة بأمرها، والاستخلاف في المال وظيفة يخدم بها الإنسان أمته بل البشرية جمعاء، ولكنه يجب أن يساعد الأقرب فالأقرب، فالمال من وسائل تحقيق مقاصد الدين العظمي، فالإنسان حال تصرفه فيما هو مستخلف فيه يؤمن بأن كل عمل يعمله لابد له من اثر علي نفسه وعلي أمته وأن أثر هذا العمل لن يذهب سدى، لذلك لابد من التزام الإنسان بمنظومة المعاني والمثل الإسلامية، والإنسان ملزم باستثمار ماله الاستثمار الأمثل من حيث أنه مستخلف في الأرض ومكلف باستعمارها، فعليه أن يصلح ولا يفسد وأن يصون ولا يبدد وأن يحافظ علي سلامة بيئته.
------------
والعمل الصالح هو من الأركان الكبرى الملزمة للأمة وهو يلزمها بالقيام بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض على المستوى الأممي، ومن ذلك استعمار الأرض والانتفاع الأمثل بمواردها والحفاظ عليها وعلي الكائنات الحية التي تقاسم الإنسان العيش فيها، ومقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض تتسع بالتقدم الحضاري، ومن ذلك في هذا العصر الامتناع عن الإفساد في الأرض واجتناب تبديد الموارد والإسراف والترف والحفاظ علي الأمم من دواب الأرض، ومن ذلك التصدي للمفسدين في الأرض من مؤججي الفتن وموقدي نيران الحروب والملوثين للأرض والجو والبحار والأنهار.
------------
إن ركن العمل الصالح هو من الأركان المظهرة لعالمية الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان، وهو أيضا الركن الذي هو من لوازم كون هذا الدين هو الدين الخاتم.
*******
إن الإثم الأعظم المضاد لركن العمل الصالح هو الإفساد في الأرض بالعدوان على حقوق الآخرين والتخريب وترويع الآمنين وبخس الناس أشياءهم وإهدار وتبديد الموارد واسترهاب الناس والعمل على إفساد الأخلاق وإشاعة الفواحش وتخريب بنيان الإنسان بتسهيل الاتجار بالمخدرات وتلويث الأرض والماء والهواء، فقدرة الإنسان على الإفساد في الأرض تزداد مع التقدم العلمي والتكنولوجي، ولم يكن للسلف أن يدركوا كل الجوانب الحقيقية لهذا الركن.
------------
إن العمل الصالح وهو كل عمل يقوم به الإنسان للوفاء بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض، وهو كل عمل يقوم به الإنسان لتحقيق مقاصد الدين، وهو أيضاً كل عمل يقوم به الإنسان كمقتضى لكونه حاملاً للرسالة العالمية الخاتمة، والعمل الصالح هو العمل المتقن الذي يؤديه الإنسان وهو يعلم أن ربه رقيب عليه وحسيب عليه، وهو كل عمل يترتَّب عليه صلاح أو إصلاح أو فلاح، ولكي يكون مثمراً على المستوى الجوهري فلابد من أن يقترن بالإيمان أو أن يكون مترتباً على إيمان.
------------
قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة30، {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38، {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }الأنعام165، {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً }فاطر39، {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الجاثية13.
بمقتضى كل هذه الآيات فالإنسان مسئول عن كافة ما هو أمم أمثاله، فهو خليفة في الأرض وكل ما في السماوات والأرض مسخر له، وهو مسئول عن الإصلاح في الأرض منهي عن الإفساد فيها، ولذلك فمد يد الغوث للمنكوب وحسن معاملة دواب الأرض بل والجماد من سمات الإسلام وأوامره، أما الجور على الدواب بالقتل دون مبرر شرعي أو بالتعذيب فهو من الآثام بلا ريب.
ولقد رووا أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ قال: "إن رجلاً وجد كلباً يلهث من شدة العطش فحمل خفه ونزل بئراً وملأه وسقى الكلب فشكر الله له"، وكذلك: "إن امرأة دخلت النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض"، ولقد أوصى الرسول بالاهتمام بزراعة النخيل والأشجار وعدم قطعها حتى أثناء الحروب في مرويات عديدة، والمرويات تشير إلى أصل صحيح يندرج في الإطار العام لدين الحق وهما يبينان الآيات المذكورة.
فالعمل الصالح في الإسلام يتضمن كل ما يؤدي إلى الحفاظ على البيئة ومراعاة مصالح كل دواب الأرض.
============
إن العمل الصالح يتضمن القيام بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض، ومن ذلك استعمار الأرض والانتفاع الأمثل بمواردها والحفاظ عليها وعلي الكائنات الحية التي تقاسم الإنسان العيش فيها، والكثير من تفاصيل ومقتضيات هذا الركن يستلزم كياناً إنسانياً كبيراً للقيام بها، ومقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض تتسع بالتقدم الحضاري، ومن ذلك الآن إيجاد مؤسسات كبيرة للبحث العلمي في كل المجالات التي تؤدي إلي تحقيق مقاصد الدين وإلي ازدهار الحضارة، إيجاد مؤسسات لمد يد العون للأقليات الإسلامية وللمنكوبين والمضطهدين والمستضعفين وكذلك مساعدة كافة الشعوب علي مواجهة الفقر والجهل والتخلف والاستبداد والطغيان وسوء الاستغلال وآثار الحروب والكوارث الطبيعية، وكذلك مساعدتها علي التصدي لكل من يحاول انتهاك حقوقها والعدوان علي كرامتها، ومن ذلك الامتناع عن الإفساد في الأرض والانتهاء عن الإسراف والترف والحفاظ علي الأمم من دواب الأرض، والإثم الأعظم المضاد لهذا الركن هو الإفساد في الأرض.
ويلاحظ أنه كلما تقدمت البشرية كلما اتجهت نحو إيجاد آليات لتفعيل هذا الركن، ولقد سبق الغربُ أولئك المحسوبين ظلماً علي الإسلام إلي العمل ببعض تفاصيل هذا الركن وقدم لهم المثل وأقام عليهم الحجج وبين لهم ما كان يجب عليهم أن يفعلوه عندما كانوا سادة العالم.

*******



هناك تعليقان (2):

  1. يوم جيد شعبي في المملكة العربية السعودية

    شهادة على كيف حصلت على قرض لشراء منزل من شركة حقيقية وديعة حقيقية دعا شركة القرض ألباكر. أنا سعيد جدا اليوم و الله صلى الله خوسيه لويس قرض الشركة.
    ،
    اسمي عبد الله أنا من مدينة الرياض لقد تم البحث عن شركة قرض حقيقية على مدى 5 أشهر، لشراء منزل
    كل ما حصلت عليه كان حفنة من الحيل الذي جعلني أن أثق بهم وفي النهاية
    من اليوم، أخذوا أموالي دون إعطاء أي شيء في المقابل، كل شيء
    فقدت أملي، وحصلت على الخلط والإحباط، وأنا لم أكن أريد أن يكون أي علاقة مع شركات القروض على شبكة الإنترنت، لذلك ذهبت إلى اقتراض بعض المال من
    صديق، قلت لها كل ما حدث وقالت انها يمكن أن تساعدني، ذلك
    أنها تعرف شركة القرض التي يمكن أن تساعدني مع أي مبلغ من القروض
    التي يحتاجها لي مع معدل فائدة منخفض جدا من 2٪، أنها حصلت للتو
    قرض من لهم، وقالت انها وجهت لي على كيفية التقدم بطلب للحصول على القرض، فعلت
    تماما كما قالت لي، وأنا تقدمت معهم على البريد الإلكتروني: (albakerloanfirm@gmail.com) لم أكن أعتقد ولكن حاولت وأنا
    أعظم مفاجأة حصلت على القرض في غضون 24 ساعة، لم أستطع أن أصدق،
    أنا سعيد وغني مرة أخرى وأنا أشكر الله أن هذا القرض
    شركات مثل هذا لا تزال موجودة على هذه الحيل في جميع أنحاء الأماكن،
    يرجى أنصح الجميع هناك الذين هم في حاجة إلى قرض للذهاب
    (albakerloanfirm@gmail.com) أنها لن تفشل لك، و
    يجب أن تتغير حياتك كما فعلت الألغام. الاتصال بسرعة (albakerloanfirm@gmail.com) اليوم والحصول على القرض الخاص بك منهم، بارك الله شركة ألباكر قرض للحصول على عرض قرض حقيقي.
     تأكد من الاتصال شركة ألبكر قرض للحصول على القرض الخاص بك لأنني حصلت على قرض بلدي بنجاح من هذه الشركة دون إجهاد.

    ردحذف