الجمعة، 23 يناير 2015

القسـط والعــدل

القسـط والعــدل

إن القسط هو إعطاء كل ذي حق حقه سواء أكان له خصوم أم لا، أما العدل فهو حالة خاصة من القسط وهي التي يكون فيها خصمان أو أكثر.
والعدل والقسط هما من لوازم ومقتضيات الاسم الإلهي الحق على كافة المستويات، والإنسان يتعبد إلى ربه بالقيام بحقوق أسمائه وإبداء الاستجابة المناسبة لها والتعامل بالأدب اللازم مع تجلياتها، لذلكن كان كل كيان إنساني ملزماً بالحكم بالعدل والقيام بالقسط، ولقد جعل الله تعالى القيام بالقسط المقصد من إرسال الرسل وإنزال الكتب معهم، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحديد25.
ولقد أمر الله تعالى بالعدل، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90.
ومن أقوى الأوامر القرءانية ما ورد في الآية:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }النساء58
 وفيها يأمر الله تعالى الناس أن يؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وأن يحكموا بالعدل فيما بينهم.
والعدل هو من أقدس قيم المنظومة الأمرية الرحمانية (منظومة القيم الإسلامية)، ذلك لأنه مقتضى الاسم الإلهي "الحق" ومن مقتضى المنظومة الكلية للأسماء الحسنى ومنظومة الحق، والتي منها الأسماء: الحق، الملك الحق، الحق المبين، المولى الحق، ولذلك فمن كان منحازاً إلى الحق كان متعلقا بالوجود منتصراً به على العدم، فحقَّ له أن يفوز وأن ينتصر.
فالعدل يقتضى الحكم بين الناس بالحق وليس وفق الأهواء أو غيرها من الأمور الباطلة، والعمل على إعطاء كل ذي حقه وأن يتساوى الناس جميعا أمام القانون بحيث يطبق عليهم جميعا ولا يسمح لأحد بأن يتجاوزه اتباعا لأهوائه.
والحكم بين الناس بالعدل أكبر وأشمل من مجرد الحكم بينهم في القضايا والمنازعات ولكنه يعني الحكم بمعناه العام والذي يشمل كل أمور الحياة، ومن ذلك أن تُوزَّع الثروة والمراكز والمهام فيما بينهم بالعدل والقسط وفق معايير معلومة ومرتضاة لديهم أجمعين، ويعامل الناس وفق معايير مرتضاة ومعلومة أيضا، فلا تجور فئة علي أخرى ولا تمس حقوقها، كما يقتضي التقييم والتقويم بالحق، فالعدل قيمة مقدسة لا يجوز إهمالها لحساب أمور باطلة، فيجب أن يتعامل الإنسان مع الناس كلهم بالعدل فيعدل في تقييمه لهم وفي الحكم عليهم ولا يسمح لأهوائه وظنونه أن تجعله يحيد عن العدل معهم.
-------
إن أهمية القسط والعدل لا تتمثل فقط في الأمر بهما وإنما في النهي المشدد عن الظلم وهو نقيضهما، والأهم من ذلك أن القسط والعدل هما من مقتضيات منظومة أسماء الحق، بينما الظلم هو فعل تبرأ الله تعالى منه وأعلن ذلك في القرءان بكل ما هو ممكن من أساليب لغوية، هذا رغم أنه ليس مسئولا أمام أحد.
-------
إن كثيراً من القيم الأولية يكون لها معنى غامض يُحسّ ولكن لا يمكن التعبير الدقيق عنه أو تعريفه بطريقة جامعة مانعة، فتلك القيم يكون الإحساس والوعي بها سابقين لإمكانية التعريف العقلاني لها، ومن تلك القيم العدل فإن من الأفضل تعريفه بمقتضياته ولوازمه على كافة المستويات، والإنسان مأمور بأن يحكم بين الناس بالعدل، وهذا يعنى أن يجتهد لكي يصل إلى الحق في القضية المعروضة أو الأمر المعروض عليه، فإذا ما توفرت لديه الأدلة والحجج علي أن زيدا سرق عمرا فعليه أن يحكم بأن يسترد عمر ما سُرِق منه وأن ينال زيد عقابه الملائم، فإذا كان ثمـة نص يحدد العقاب اللازم أنفذه، فإعادة الحق لصاحبه وعقاب المخطئ هو العدل المأمور به الذي عليه ألا يحيد عنه لأي سبب غير حقاني كالمكانة أو المرتبة الدنيوية أو المعنوية لأحد المختصمين فلا يجامل أحدا على حساب الحق.
وكذلك على الإنسان أن يقضى بالحق بين كياناته المختلفة فيعرف لكل كيان حقه فلا يسخر ملكاته العليا لتحقيق مآرب كياناته الدنيا وعليه أن يلتزم بالتعليمات المنصوص عليها بخصوص نفسه.
أما إذا كان يحكم بين الناس في أمرٍ ما ولم يجد نصا صريحا يتضمن الحكم اللازم فعليه أن يجتهد ملتزما بمنظومات قيم الدين وسننه وبما يمليه عليه الحق لا الهوى ولا أي أمر غير موضوعي آخر.
أما الله سبحانه فهو يحكم على الناس وبين الناس بالحق أي وفق القوانين والسنن التي أطلعهم عليها وأعلمهم بها في نصوص بيِّنة واضحة، فهو لن يكون مثلما تصور الأشاعرة وغيرهم، وهو ليس بخليفة عباسي كسائر الخلفاء الذين صاغ الأشاعرة مذهبهم فى وجودهم، وإنما سيحكم عليهم وبينهم بما يتفق ويتسق مع أسمائه الحسنى وسيقيم عليهم الحجة بما تضمنته الرسالات التي أرسلها إليهم وكذلك بآياته البينة في الآفاق وفى أنفسهم، ذلك لأن أحكامه هي مقتضيات أسمائه وهى تعبر عنها وتمثلها وهى مترتبة على القوانين التي هي مقتضيات أسمائه ولقد عبر عن تلك الأحكام بصفات أو بأفعال إجمالية، فثمة أفعال إنسانية تستوجب الغضب واللعن والعذاب المهين وثمة أفعال إنسانية تستوجب الرضا والمحبة والنعيم المقيم، ولابد أن يجد كل من يفعل فعلا ما أثره في باطنه والذي لابد أن يترتب عليه كما يترتب الإحساس بالجوع على الامتناع عن الأكل أو الإحساس بالشبع على تناول الطعام، وكل أثر باطني يؤثر على صورة الإنسان الجوهرية بطريقة يترتب عليها المصير الأخروي.
-------
إن المساواة هي اصطلاح حديث وهي من لوازم ومقتضيات الحكم بالعدل والقيام بالقسط وما يقرره القرءان من وحدة الأصل البشري، ولقد أعلن الله تعالى أنه أرسل رسله بالبينات وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأمر بالحكم بين الناس بالعدل وكل ذلك يعنى أن كل البشر سواء أمام القانون بمعنى أنه إذا كان ثمة نص قانوني ينطبق على اثنين فلا يجوز أن يتغير الحكم طبقا لاختلاف مكانتيهما، وكذلك من مجالات المساواة الحقوق الأساسية لكل إنسان، ولكن ينبغي دائما تذكر أن البشر متفاوتون أيضا من حيث نوعية ودرجة ما لدى كل منهم من الملكات، فمن الظلم التسوية في الحكم على أمر بين المختلفين فيما يتعلق بهذا الأمر.
والمساواة تقتضي أن يكون الناس سواء أمام القانون فلا يكون ثمة تمييز فيما بينهم بسبب أمور غير موضوعية وغير حقانية، وهى تقتضي أن تتكافأ الفرص أمام الناس، فكل إنسان مأمور بالسعي نحو أعلى مراتب الكمال على كافة المستويات ومن ذلك ولاية أمر من الأمور، فلا يتفاضل الناس عند ذلك إلا بمقدار جدارتهم بالأمر وقدرتهم على القيام بمقتضياته.
والمساواة هي القيمة المعنوية المعبرة عن كون كل البشر ينتمون إلى أصل واحد ونوع واحد أي إلى نفس واحدة، فهم أكفاء من تلك الحيثية فقط، وتلك القيمة تقتضي منظومة من القوانين والسنن كما تقتضي مجموعة أخرى من القيم، ولكن كل ذلك لا يجوز أن يجور على القيم المعبرة عن الأمور الأخرى مثل التفاوت في المراحل العمرية مثلا، والمساواة هي أيضا أمر نسبى.
إن المساواة كقيمة هي من لوازم إحقاق الحق والقيام بالقسط بالنسبة إلى أمر معين بين أناس معينين يشتركون في هذا الأمر، فلو كان هذا الأمر هو الطفولة مثلا فإن كل البشر الذين يتصفون بهذه الصفة أو يدخلون تحت هذا النوع يكون لهم حقوق معينة من تلك الحيثية ينبغي أن ينالوها جميعا بمقتضى العدل، وتلك هي المساواة، فلا ينبغي أن يعطي الطفل الأبيض أكثر مما يعطي الطفل الأسمر مثلا، ولا ينبغي أبداً الخلط بين الأمور فإن المساواة محكومة بقواعد وقيم أعلي منها، وهي أمر نسبي، فإذا كان المطلوب تعيين مؤذن مثلا فإن القواعد هنا تحتم اختيار من كان صوته أندي وأقوى، وليس لأحد أن يتعلل بالمساواة ليأخذ ما ليس له، فليس من العدل له ولا لغيره أن يعتدي على حقوق غيره.
-------
إن القيام بالقسط والحكم بالعدل يقتضيان ألا يحصل أي إنسان على مزايا مجانية بسبب أمور غير موضوعية بالنسبة إلى أمر ما، ففي حالة النزاع القضائي بين امرأتين مثلا ينبغي ألا يتأثر القاضي بكون إحداهما أجمل من الأخرى مثلا، وفي حالة اختيار أحد المهندسين مثلا للقيام بوظيفة ما يجب أن يتم اختيار أفضلهم تأهيلا للقيام بتلك الوظيفة بغض النظر عن لون البشرة مثلا أو مكانة العائلة، ولا يجوز أن يتولى الفاشل غير المؤهل أي أمر لمجرد كونه من الأهل أو العشيرة.
-------
إن القرآن يعبر كثيرا عن الأمور بمقتضياتها ولوازمها أو ينص على الأمر الكلى الذي اقتضى فروعه، والحق هو أن اتساق عناصر منظومة القيم الإسلامية والترابط الموجب لعناصرها يغني عن الحاجة إلي المصطلحات الحديثة الغامضة.
-------
ومن مقتضيات الحكم بالعدل والقيام بالقسط الوفاء بالكيل وإقامة الوزن بالقسط وألا يطفف الإنسان، وكل ذلك من الأوامر المشددة وتنكب ذلك هو من كبائر الإثم الواجب اجتنابها: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }الأنعام152، {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}الإسراء35، {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ{1} الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ{2} وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ{3} أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ{4} لِيَوْمٍ عَظِيمٍ{5} يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ{6} اِلْمُطَفِّفِينَ.
ولقد كان عدم القيام بذلك من أسباب إرسال الرسل وهلاك الأمم التي رفضت الامتثال للأوامر المتعلقة بذلك مثل مدين، قال لهم رسولهم النبي شعيب عليه السلام: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }الأعراف85، {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ{84} وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ{85} بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ{86} هود، {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ }الشعراء181.
ولكنهم أبوا فكان مصيرهم كما تصفه الآيات: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ{91} الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ{92} فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ{93}الأعراف، {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ{94} كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ{95} هود.
-------
إن العدل ومقتضياته يشكل أساس ودعائم ركن التعامل مع الكيانات الأخرى وفق الأوامر الشرعية أي وفق منظومة القيم الإسلامية، وهذا الركن يسبق إقامة الصلاة والصيام والحج من حيث الأهمية، ومن أركان تلك المنظومة: الحكم بالعدل والقيام بالقسط والشهادة بالقسط، ومن ذلك الحكم بين الناس بما أنزل الله تعالى في كتابه العزيز، ومن كبائر الإثم المضادة لهذا الركن الفرعي الظلم والبغي والعدوان وقول الزور والحكم بغير ما أنزل الله تعالى، والعمل وفق مقتضيات هذه المنظومة هو من أسس وأركان منظومة السنن التشريعية.
-------
إن الحكم بالعدل والقيام بالقسط يعني على المستوى الوجودي التشبث بالوجود ورفض العدم، والكيان الإنساني الذي يكون كذلك يكون له البقاء الحقيقي جزاءً وفاقاً، فالأمم تبقى بذلك، والفرد يحيى حياة حقيقية في الدنيا والآخرة، ويكون له عز البقاء وعز الغلبة، فكما لا يثبت العدم للوجود لا يثبت الباطل للحق، فالبقاء الحقيقي يوم القيامة هو لأهل الحق، أما الظلم فهو من موجبات اللحوق بالعدم؛ أي الهلاك.
-------
والآيات الآتية تبين مكانة العدل والقسط:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }النساء58، {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ }البقرة282، {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ }النساء3، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }النساء135، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }المائدة8، {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }الأنعام152، {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }الأعراف181، {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }النحل76، {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ }الشورى15، {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الحجرات9.
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحديد25، {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }آل عمران18، {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً }النساء127، { وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }المائدة42، {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }الأنعام152، {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ }الأعراف29، {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }يونس47، {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }يونس54، {وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ }هود85، {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }الإسراء35، {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }الأنبياء47، {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ}الشعراء182، {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الأحزاب5، {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الحجرات9، {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ }الرحمن9، {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}الممتحنة8.
وبالنظر في الآيات يتبين أن أقوى الأوامر الإلهية هي الأوامر بالحكم بالعدل وأن القيام بالقسط هو من مقاصد إرسال الرسل وأن الإنسان يتعبد إلى ربه بذلك.

*******


هناك تعليقان (2):

  1. يوم جيد شعبي في المملكة العربية السعودية

    شهادة على كيف حصلت على قرض لشراء منزل من شركة حقيقية وديعة حقيقية دعا شركة القرض ألباكر. أنا سعيد جدا اليوم و الله صلى الله خوسيه لويس قرض الشركة.
    ،
    اسمي عبد الله أنا من مدينة الرياض لقد تم البحث عن شركة قرض حقيقية على مدى 5 أشهر، لشراء منزل
    كل ما حصلت عليه كان حفنة من الحيل الذي جعلني أن أثق بهم وفي النهاية
    من اليوم، أخذوا أموالي دون إعطاء أي شيء في المقابل، كل شيء
    فقدت أملي، وحصلت على الخلط والإحباط، وأنا لم أكن أريد أن يكون أي علاقة مع شركات القروض على شبكة الإنترنت، لذلك ذهبت إلى اقتراض بعض المال من
    صديق، قلت لها كل ما حدث وقالت انها يمكن أن تساعدني، ذلك
    أنها تعرف شركة القرض التي يمكن أن تساعدني مع أي مبلغ من القروض
    التي يحتاجها لي مع معدل فائدة منخفض جدا من 2٪، أنها حصلت للتو
    قرض من لهم، وقالت انها وجهت لي على كيفية التقدم بطلب للحصول على القرض، فعلت
    تماما كما قالت لي، وأنا تقدمت معهم على البريد الإلكتروني: (albakerloanfirm@gmail.com) لم أكن أعتقد ولكن حاولت وأنا
    أعظم مفاجأة حصلت على القرض في غضون 24 ساعة، لم أستطع أن أصدق،
    أنا سعيد وغني مرة أخرى وأنا أشكر الله أن هذا القرض
    شركات مثل هذا لا تزال موجودة على هذه الحيل في جميع أنحاء الأماكن،
    يرجى أنصح الجميع هناك الذين هم في حاجة إلى قرض للذهاب
    (albakerloanfirm@gmail.com) أنها لن تفشل لك، و
    يجب أن تتغير حياتك كما فعلت الألغام. الاتصال بسرعة (albakerloanfirm@gmail.com) اليوم والحصول على القرض الخاص بك منهم، بارك الله شركة ألباكر قرض للحصول على عرض قرض حقيقي.
     تأكد من الاتصال شركة ألبكر قرض للحصول على القرض الخاص بك لأنني حصلت على قرض بلدي بنجاح من هذه الشركة دون إجهاد.

    ردحذف