المحسوبون ظلماً على الإسلام

المحسوبون ظلماً على الإسلام

المحسوبون ظلماً على الإسلام هم الذين منّ الله عليهم بأن خلقهم أبناء لآباء مسلمين، فظنوا أنهم بذلك قد ضمنوا الجنة وأصبحوا خير أمة وأنهم شعب الله المختار وأن رب العالمين هو ربهم وحدهم، وأنه ملزم بالسهر على راحتهم وتحقيق مطالبهم من دون الناس، فهم يعاملون رب العالمين كأنه موظف لديهم؛ هو ملزم بأن يهزم لهم أعداءهم وأن يفرق جمعهم وأن يبدد شملهم وأن يمكنهم من الاستيلاء على نسائهم وأولادهم وأموالهم وديارهم، لا يتمتعون بأية مشاعر إنسانية، يضمرون حقدا أسود على كل من اختلف معهم وغِلَّا لا علاج له، يظنون أنهم من الممكن أن يتقربوا إلى ربهم بسفك الدماء والإفساد في الأرض وترويع الآمنين، يطالبون الآخرين بأن يكونوا مثلهم دون أن يقدموا الدليل أو البرهان لهم على صحة ما لديهم، ودون أن يكونوا هم أهلا لكي يتأسَّى أحد بهم، يكادون ينفجرون من الغطرسة والكبر رغم جهلهم وانحطاطهم وتخلفهم، يحسبون كل صيحة عليهم، لا يعبدون الإله الذي تحدث عن نفسه في القرءان وإنما يعبدون تصوُّرا اختلقه لهم واضعو مذاهبهم؛ يلحدون في أسماء الله وآياته، لا يؤمنون بالكتاب كله وإنما بما يتفق مع مذاهبهم، يقدمون على القرءان مقولات مذاهبهم وأئمتهم، لا يقيمون وزنا لأوامر الدين الجوهرية، ولا يعنيهم منه إلا الأمورُ الشكلية، يعانون من أنواع شتى من الشرك والكفر ومن شتى الأمراض الجوهرية، يظنون أن الجنة لهم خالصة من دون الناس لمجرد الانتماء إلى مذاهبهم مهما ساءت أخلاقهم وأعمالهم ومهما حقرت مكانتهم وثبت جهلهم وتخلفهم، كما يظنون أن الآخرين مهما قدموا من عمل صالح وإن كانوا مسلمين هم أكفر من اليهود والنصارى لمجرد اختلافهم في المذهب عنهم، ذلك لأنهم اتخذوا بعض مسلمي القرن الأول أرباباً رغم أنوفهم، وكذلك اتخذوا سدنة مذاهبهم ومقولاتهم أرباباً مشرعين، فلا وزن لأركان الإيمان الحقيقية عندهم، لا تحرك فيهم ساكنا ولا تشعرهم بأية أخوَّة مع المسلمين الآخرين، وهم قد اختاروا لأنفسهم أهل البغي والمنقلبين على الأعقاب والداعين إلى النار ليتأسوا بهم.

يمشي أحدهم مصعرا خده لمن لم يكن مثله، ويريد أن يمارس تدينه على الآخرين قبل أن يمارسه على نفسه، يتعبدون إلى الله تعالى بالتطاول عليه وعلى كتابه ورسوله وبالإلحاد في آياته، أولئك هم المغضوب عليهم، تودُّ الأرض أن تنشق لتبتلعهم، وتود السماء أن تنطبق عليهم، وجهنم في أشد الاشتياق إليهم.

ومثل المحسوبين ظلماً على الإسلام مع غيرهم كمثل من ولد لعائلة ثرية تمتلك المليارات من الدولارات فلما وجد الآخرين معدمين أو مدينين أخذ يتوسل إلى ربه أن يهلكهم ليرث نساءهم وأطفالهم وكل ما لديهم بدلا من أن يمدّ يد العون إليهم!!

ولذلك تجد ديار المحسوبين على الإسلام وقد اكتظت بالمساجد التي يصرخ على منابرها كائنات شديدة غليظة يُسمون برجال الدين، يدعون ربهم بأعلى صوت يمكن أن يخرج من حناجرهم أن يدمر لهم أعداءهم وأن يغنمهم أموالهم ونساءهم وهم مستلقون على أقفيتهم وأن ينصر الثوار في مكان وأن يهزمهم في مكان آخر!! وتجدهم مع ذلك أسوأ الناس أخلاقا، وتجد بلادهم مباءة للظلم والاستبداد والفساد والطغيان.

والمحسوبون ظلماً على الإسلام هم الأشداء على المسلمين الآخرين، وهم الضعفاء المتخاذلون أمام أهل الغرب والملحدين وأعداء الدين، لا تجدهم أبداً في أي موقع يدافعون عن الإسلام، بل تجدهم دائماً يتطاولون على المسلمين الآخرين ويستعرضون عليهم سوء أخلاقهم وخبث طوياتهم، يودون لو خاضوا في دماء المسلمين خوضا.

فالمحسوبون ظلماً على الإسلام يقدمون على القرءان أقوال سدنة مذاهبهم وما لديهم من مرويات ظنية ويحاولون فرض تفسيراتهم الصبيانية على آياته ويؤمنون إيمانا لا يتزعزع بكل مروية تحاول النيل من الله وكتابه ورسوله بحجة أن هذه المروية من سنة الرسول!

فهؤلاء المحسوبون ظلماً على الإسلام يقدمون للناس أسوأ صورة ممكنة للإسلام، وربما لأي دينٍ من الأديان، فهم عدوانيون شرسون دميون ومجردون من أي شعور بالانتماء إلى بني الإنسان، وهم يقدمون لغير المسلمين أقوى حجة في رفضهم للإسلام.