الثلاثاء، 27 يناير 2015

سورة الجمعة

سورة الجمعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)
فالاسم (الْمَلِك الْقُدُّوس الْعَزِيز الْحَكِيم) هو بذلك من أسماء النسق الأول من الأسماء الحسنى، وهو اسم واحد يشير إلى سمةٍ واحدة، تفصيلُها تلك السمات الأربعة التي يشير إلى كل سمةٍ منها واحدٌ من الأسماء المتضمنَّة، والتي يفضي كل سابقٍ منها إلى اللاحق ويفضي آخرُها إلى أولها في شكل حلقة إلهية محكمة تحيط بكل المملكة الإلهية.

فهو سبحانه الملك لأن له كلَّ شيء في هذا الوجود وله وحده بالأصالة حقُّ التصرفِ فيه، وكلُّ من لديه تصرفٌ ما فهو بسماحٍ أو بتفويضٍ أو باستخلافٍ منه، وله في مملكته الأمرُ والنهي والتشريعُ والتدبيرُ والتفصيل، كما أنه الملِك لكل عالَم من العوالم، ولكل عالَمٍ في كافة أطواره، فهو ملك يوم الدين، كما أنه هو القاهر فوق عباده وله الحكم المطلق على كل شيء وفي كل أمر.
ولكنه ليس كمثله ملِك، إذ هو المتقدس المنزه في ملكه هذا عن كل ما يظهرُ فيه من تجلياتٍ وآلاء فهي تشير إليه وتدلّ عليه، ولكنها لا ترقى أبداً إليه وإن كانت كلها تستند إليه، وهو بالأحرى منزَّهٌ عن كل ما هو لخلقه، وعن كل تصوراتِهم له وعما يجول في خواطرهم نحوه وعما يسبغونه من صفات عليه، وهو المقدس عن كل ما يجري في مملكته مما هو مترتب على النقص الذاتي الذي لدى الناس، فالشرُّ ليس إليه، ذلك لأن الشر هو مقتضى ما تتسم به الكائنات من صِبغة عدمية هي من أخص خصائصِهم الذاتية، أمَّا الخيرُ فهو منجذب انجذاباً ذاتياً إليه، لذلك فالخيرُ يصعدُ دائماً إليه، إذ هو سبحانه أصلُ ومصدرُ كل خير في هذا الوجود، كما أن لديه دائماً ما هو خير منه، ولديه دائماً المزيد، كما أنه أعلى من كل ما يتجلَّى به من كمالات، وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى.
فهو العزيز الذي ليس كمثله شيء، فلا شيء كمثله ولا إمكان لوصفه، ولا تبلغ الأوهام كنه ثنائه ومجده، فهو ذا الثـَّـناءِ الْفاخِرِ وَالْعِزِّ وَالْمَجْدِ وَالْكِبْرِيَاءِ َفلا يَزولُ عِزُّهُ، ولا ندَّ له ولا كفءَ له، ولا مطمعَ لأحدٍ في الإحاطةِ به أو إدراكِ كنهه أو الوصولِ إلى مقامه، فالساعي إليه يسعى على طريق لا نهائي يبقى دائماً أمامه بقدر ما ترك وراءه، مع أنه قد يسبق غيره بما لا يتناهى من الدرجات، ولذلك يسبِّح لله ما في السموات وما في الأرض تسبيحاً ذاتياً، حتى من تمرَّد على أوامره التكليفية، فإن ذلك التمرد لا يعنى أكثر من التخبُّطِ الموضعي المحلى والمرحلي، لذلك فإن التيار العام يجرفه إليه، فالأرض بكل من عليها تسعى طوعاً إليه، والأكوان التي ليست السماوات والأرض إلا من لبِناتها تسبح إليه.
وبعزته كان الحاكمَ المطلق عليهم بكل ما يعنيه ذلك، وعين تسبيحِهم له وسعيهم ورجوعهم إليه هو عين عبادتهم له، أما الكائنات المخيرة فعليهم أن يتوجهوا إليه وفق ما لديهم من إرادة حرة واختيار؛ طوعا لا كرها، وذلك هو من مقتضيات الحكمة وتجلياتها، فعليهم أن يتوجهوا إليه بالعبادة، ولكنه بحكمته أيضاً لا يكلفهم إلا بما هو في وسعهم، ولا يطالبهم إلا بما هو في مقدرتهم.
وقد اقتضى ذلك أن يتولى هذا الاسم بعثَ الرسلِ بالدين الذي بأوامره الحكيمةِ يبلغ بكل فرد إلى كماله المنشود، والحكيم هو من له الحكمة المطلقة؛ السابقة على كل أمر واللاحقة، فهي محيطة بكل أمر من حيث البداية والنهاية، ومن حيث المصدر والمرجع والمآل، فكل أمر له محاط بالحكمة بل هو من مقتضياتها؛ بل هو عينها، وبذلك كان الحكم له، بل لم يكن بالأصالة إلا له، فله الحكم على كل ما خلق وعلى الناس، بكل ما يعنيه ذلك، فله الحكم بمعنى أن له حق التقويم المطلق وحق إصدار الأحكام وحق تقدير وإصدار الأوامر، وله بذلك حق الحكم عليهم كما له حق حكمهم، فهو بذلك مالكهم والملِك عليهم، وللملك إرسالُ الرسل بالتعليمات والأوامر، فهذا من فعل الملك مع رعيته، وبذلك اكتملت الحلقة الإلهية، فبحكمته وحكمه يدبر أمر مملكته ويحكم على كل فعل صدر عن غيره.
فذلك الاسم هو الذي يقتضي أن يسبِّح له ما في السماوات وما في الأرض، ومن حيث هذه السمة هو الذي أجاب دعوة إبراهيم عليه السلام وبعث في الأميِّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم، وزاد عليهم بأن علمهم الكتاب والحكمة كما علمهم ما لم يكونوا يعلمون، فتعلموا بذلك كيف يقدِّسون الله ويمجدونه، وكيف يكونون خلفاءه في الأرض، وكيف يحملون رسالته إلى الناس أجمعين، وهذا الاقتضاء يعني أن لنسق السنن الخاص بهذا الاسم الهيمنة على الأنساق الأخرى فيما يتعلق بهذا الأمر.

والاسم (الْمَلِك الْقُدُّوس الْعَزِيز الْحَكِيم) يقتضي أن يُقرَّ الإنسان لربه بأن الملك ملكُه، فلا يحاول أن ينازعه فيه أو أن يشرك معه غيرَه، كما يحاول أن يلتزم بما شرعه وأن يثني عليه بقدر استطاعته بما هو أهله، كما يقتضي أن يتحلَّى الإنسان بالطهارة والعزة والحكمة، وأن يتجنب كل ما يجلب عليه النقمة، فإن عزته سبحانه تقتضي تعذيب من يخالفه ويتمرد على أوامره، كذلك عليه أن يوقِّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حيث أنه مرسل من لدن من له الملك المطلق، وأن يتأسَّى به وأن يقتدي بهديه، وأن يتمسَّك بسنته من حيث أنه معلِّم الناس كتاب ربه، تالٍ لآياته، ومزَكٍّ لأنفس عباده.
وعلى الإنسان الذي يتطلع إلى المراتب العلية أن يلهج بذكر هذا الاسم، وأن يذكره ظاهرا وباطنا وأن يلوذ به، ومن التسبيحات العظمى ما هو وارد في الآية التي تتضمن هذا الاسم، لذلك فعلى الإنسان أن يتلو هذه الآية وأن يقول أيضاً: "سبحان الله الْمَلِكِ الْقُدّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ"، وبذلك يتسق الإنسان مع قوى الوجود وجنود المملكة والسنن الإلهية والكونية.
=======
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)
لقد اقتضت منظومة أسماء الله الحسنى وخاصة الحلقة الإلهية الْمَلِك الْقُدُّوس الْعَزِيز الْحَكِيم وكذلك المثنى العزيز الحكيم أن يبين للناس ماذا يمكن أن تفعل رسالة الحق في أمة كانت في ضلال مبين وفى معزل عن الحضارات العريقة، وكيف أخرجتهم آيات الكتاب من الظلمات إلى النور وكيف تعلموا منها وحدها وتزكوا بها وحدها وكيف أصبحوا بفضلها وبفضل الرسول الخاتم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ خير أمة أخرجت للناس بينما ظلوا محتفظين تماما ببشريتهم، فلم يتحولوا إلى طائفة من الملائكة أو القديسين، ولقد ذكر الكتاب ورأي الناس كيف كانوا يخطئون ويستغفرون فيغفر الله لهم، ورأوا كيف خاضوا في حديث الإفك وكيف انفضوا من حول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ عندما رأوا تجارة أو لهوا وكيف كادوا يقتتلون وكيف أرادوا عرض الدنيا في بدر فلم يثخنوا في القتل وكيف كانوا يختانون أنفسهم وكيف ارتكب بعضهم الكبائر وكيف فرّ بعضهم وتولى يوم التقى الجمعان وكيف أعجبتهم كثرتهم فلم تغن عنهم شيئا ثم ولوا مدبرين وكيف اتخذوا الأعداء أولياء يلقون إليهم بالمودة ويفشون لهم أسراراً كان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حريصا على كتمانها …. الخ، ومع كل ذلك فلقد كانت المحصلة العامة ايجابية بدرجة فائقة بل كانت تلك الأمة التي رباها الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير أمة أخرجت للناس، ذلك لأن هذا الدين جاء للتعامل مع البشر على ما هم عليه ولتزكيتهم ولم يفترض فيهم قدسية ولا ملائكية، وتلك هي خصائص وسمات الدين الخاتم الذي ارتضاه الله للعالمين، وكان على الرواة والمؤرخين وكاتبي السير من السلف والخلف أن ينقلوا كل الوقائع بكل صدق وأمانة للأجيال اللاحقة وكان عليهم أن يلتزموا بسنة الكتاب وهديه، ولذلك أيضاً كان عليهم ألا يرسموا للسلف الصالح صورة إلهية أو قدسية غير حقيقية تلقى اليأس في قلوب اللاحقين وتحول بينهم وبين التأسي بهم، وهذا ما حاوله الرواة الأوائل أصلا، ولكن الفتن المظلمة المدلهمة التي نجمت وجسمت على صدر الأمة فمزقتها وفرقتها دفعت البعض إلى المغالاة في أمر طوائف من السلف الصالح وإلى أن يزعموا لهم ما ليس لهم وإلى أن يحاولوا إسدال الستار على أخطائهم ولولا أن القرءان قد ذكرها لمحوها محوا، ولم يكتفوا بكل ذلك بل حاولوا إرهاب الناس بتكفير كل من حاول دراسة وتمحيص بعض ما هو منسوب من السلف أو انتقاد بعض أخطائهم الواضحة، بل تمادى بعضهم ووضع من المرويات ما يدعم اتجاهه هذا، وفى حين أنهم أخطئوا في حق رب العالمين وشبهوه وجسموه أو على الأقل أبدوا تسامحا تجاه من يفعل مثل هذا فلم يجرءوا على تكفيره فإنهم لم يبدوا أدنى تساهل أو تسامح تجاه من حاول انتقاد تصرفات بعض الأسلاف.
-------
إن العلاقة الممكنة الوحيدة بين أفراد تلك الأمة وبين نبيهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ هي علاقة طائعين بمطاع وتابعين بمتَّبع ومتعلمين بمعلِّم, فإذا ما تواضع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع بعض السابقين الأولين الذين كان يتولى بنفسه تربيتهم وتزكيتهم فسماهم أحياناً أصحابه فلقد كان ذلك من مظاهر ومقتضيات خلقه العظيم ومن باب خفض الجناح للمؤمنين وحتى يعرف قدرهم بصفة أساسية من سيسلم من بعد فلا يتطاول عليهم بسبب علو مكانته عليهم في العصر الجاهلي، وبذلك أدَّب القائد الفذ خالد بن الوليد عندما تشاجر مع أحد السابقين الأولين وهو عبد الرحمن بن عوف، فهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقصد أبدا ولم يرد عنه مطلقا ما يجعل ما يسمي بالصحبة مرتبة شرعية ولذلك استعمل هذه الكلمة للإشارة إلي رأس النفاق عبد الله ابن أبي في واقعة مشهورة.
والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعتمد أبدا أسلوب كسر النفوس الذي استحدثه المربون من بعده بل اعتمد أسلوب تزكيتها وتقويتها وتنمية ملكاتها ومواهبها واستخدامها لصالح الدعوة الإسلامية ولتحقيق مقاصد الدين، أما كتاب الله فلم تستخدم فيه كلمة الصحبة بمعني خارج نطاقها اللغوي، ولم يسم من آمن به بصحابته أبدا ولم يقم الكتاب وزنا أبدا للاعتبارات الذاتية أو العلاقات الشخصية وإنما سمي العباد بصفاتهم ونسبهم إلي المشهور من أعمالهم فتحدث عن المؤمنين وعن الذين أمنوا وعن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وبين أن مراتب الذين أنعم الله عليهم هي مراتب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين, فالقرن الإسلامي الأول لم يسمهم القرءان بأصحاب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا بخلانه وإنما سماهم بالمهاجرين والأنصار، وهذا الوصف يستبعد بالضرورة من لم يهاجر من الطلقاء والأعراب، ولم يعدهم إلا بما وعد به كل من آمن وعمل عملا صالحا، فكل من كان كذلك هو مبشر بالجنة وبرضوان من الله، ولذلك حثهم علي السعي للفوز بما هو ممكن من درجات الصلاح الباقية إلي يوم القيامة بعد ختم النبوة وحذرهم من الانقلاب علي الأعقاب لأنه يعلم أن هذا كان أمراً ممكنا فهو الأعلم بمن خلق، ولقد نص الكتاب علي أن منهم من عصي وخالف عن أمر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياته فليس ثمة ما يمنع من تكرار الأمر بعد انتقاله.
أما رؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهي تجعل مسؤولية القرن الأول مضاعفة، فبقدر ما يُضاعف لهم الثواب إذا ما اتقوا وأصلحوا بقدر ما يضاعف عليهم العقاب إذا ما عصوا وبدلوا وأفسدوا وكلما ازدادت قرابة الإنسان من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلما ازدادت مسؤوليته وضوعف له الثواب أو عليه العقاب، لذلك اشتد العذاب علي عمه أبي لهب وعلت درجة الإمام عليّ على سائر السابقين الأولين.
أما المراتب الممكنة لمن أنعم الله عليهم فهي متاحة لكل مؤمن إلي يوم الدين، فمن صدق بالصدق وصدق ما عاهد الله عليه وكان حريصا علي الصدق فهو صديق، ومن شهد لله تعالي بانفراده بالألوهية وبالأسماء الحسني وكان كل عمله مصدقا لشهادته تلك وجهر بشهادته بين الناس فهو شهيد, أما من آمن بالله كما سمي نفسه في القرءان وآمن بكل ما أورده في كتابه وعمل بمقتضيات هذا الإيمان فهو صالح ومبشر بالجنة.
والآية {وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)} تتضمن ثناءً على من سبق منهم؛ أي السابقين الأولين  وحثا لمن لم يلحق بهم ممن تأخر إسلامه لكي يحاول اللحاق بهم.
وتبين الآيات أن اختصاص قرن معين من الناس بفضل أن بعث الله تعالى فيهم النبي الخاتم واصصطفاهم لحمل الرسالة إلى العالمين هو من فضله الذي يعطيه للناس وفق قوانينه وسننه، فهو أعلم حيث يجعل رسالته، وذلك رداً على من سيقول من بعد: "ولماذا اختص الله تعالى العرب الأميين بهذا الفضل العظيم والمترتب عليه أن كانت الرسالة الخاتمة بلسانهم؟ ولقد أعلن الله تعالى للناس أن من أسمائه الحسنى الاسم "ذو الفضل"، ليعلم الناس أن الفضل كله له، وأن كل فضل لابد من أن أصله عنده، فهو المصدر الأوحد لكل فضل.
وورود الاسم الإلهي "الْعَزِيز الْحَكِيم" في الآيات هو تذكير للناس بدعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام القديمة الواردة في الآيات:
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)} البقرة
ويلاحظ أن الدعوة قد تحققت تماماً وأن المهام التي نيطت بالرسول هي بالفعل ما طلبه الرسولان الكريمان وأن ذريتهم من الأميين قد أصبحت أُمَّةً مُسْلِمَةً لله تعالى.
=======
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{5}
هذا المثل ينطبق على كل من نيط به حمل رسالة إلهية إلى نفسه وإلى الناس فلم يحملها ولم يحاول أن يتفقه فيها ولم يتبعها ولم يقم بما تقتضيه منه، فهو يحكم على نفسه بأن يكون دابة بهيمية أو بالتحديد حمارا على المستوى الجوهري، فهو يكون بذلك قد ظلم نفسه وحرمها من أن تكون أهلا للهداية، فالسنن الإلهية تقتضي ألا يهتدي مثل هذا أبدا.
فالتحميل هو التكليف بالوسع، وهو تكليف بما تتضمنه هذه الأسفار الكاشفة الهادية، وهو يكون بما في وسع الإنسان فليس للإنسان عذر في إعراضه عما يحمله وما هو مكلف به.
وتذكر الآية سنة إلهية وفي الوقت ذاته سنة كونية خاصة بالمخيرين، وهي أن اللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، وهذه السنة تستند إلى أسماء الله الحسنى، فهي شأن إلهي، لذلك فمن استمرأ اقتراف الظلم حتى أصبح صفة ثابتة له لا يمكن أن يهتدي، هذه سنة كونية أي قانون، ولا إكراه في ذلك، فالظالم يتصرف بمقتضى صفاته الثابتة، وبالطبع فباب التوبة مفتوح له إن لم يكن قد خُتم على قلبه.
=======
قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7)
هذا تحذير قوي للناس أجمعين، فكل مدَّع مبتلى، ولا يجوز لأحد أن يدعي أنه ولي لله تعالى من دون الناس إلا إذا كان لديه منه برهان مبين، ومن كان متورطا في اقتراف المعاصي لن يتمنى لقاء ربه، أما من كان على بينة من أمره وعلى ثقة تامة من حسن مكانته عنده فلن يرهب الموت.
ومن ادعى لنفسه ما ليس له هو ظالم لنفسه ولغيره، وقد يتمكن من خداع الناس ولكنه لن يتمكن من خداع ربه، فالله تعالى يعلم السر وأخفى.
ويلاحظ هاهنا أن اليهود نودوا باللقب الأفضل وهو "الَّذِينَ هَادُوا" والذي يشمل صالحهم وطالحهم، والآيات تحذر أية طائفة من أن تدعي لنفسها مكانة خاصة عند ربها لمجرد أنهم يتسمون باسم معين أو يحملون لقبا شريفا، وكل طائفة زعمت أنها الطائفة الناجية لمجرد حملها لقبا معينا واقعة تحت طائلة هذا التحذير الشديد.
=======
وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ{11}
هذه السورة من أواخر السور نزولا، وانفضاض الناس من أهل القرن الأول إلى اللهو والتجارة وتركهم الرسول قائما هو خطأ كبير منهم وإثم مبين خاصة بعد أن رأوا البينات وتحققوا من صدق ما وعدهم به، والآية تتضمن توبيخا شديدا لهم فما ذكرته ردا على فعلهم هو معلوم بالضرورة لكل مؤمن، فلا يشك أي مؤمن في أن مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ولا يرتاب في أن اللَّه هو خَيْرُ الرَّازِقِينَ.  
ووجود مثل هذه الآيات هو حجة على عبدة الأوثان البشرية، والمسلم الذي يتلو القرءان بنية اتباعه يكتسب بتلاوتها حصانة ضد الشرك، أما المحسوب على الإسلام الذي نشأ على توثين (الصحابة) والغلو في أمرهم فلن يقيم للآية وزنا أو سيتولد في نفسه كفرٌ بها قد لا يحس به، وقد يستفحل فيودي به، والأدب الإلهي اقتضى عدم التنديد الصريح بهم وإنما مجرد ذكر ما فعلوه ثم تذكيرهم بأن مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ، وَكذلك إعلامهم بأن اللَّه هو خَيْرُ الرَّازِقِينَ.
ولو أن أي مسلم في هذا العصر مهما كان مذهبه قيل له إن الرسول موجود في مسجدٍ ما لهرع عليه ولو حبوا على الثلج، ولما تركه قائماً إلا للضرورة القصوى من بعد أن يأذن له!
وفي الحقيقة يكاد يكون من علامات الأنبياء وورثتهم الثابتة أن يُبتلوا بإعراض المعاصرين لهم عنهم والتفافهم حول من هم من دونهم وإقبالهم الشديد عليهم.
*******


هناك تعليق واحد:

  1. يوم جيد شعبي في المملكة العربية السعودية

    شهادة على كيف حصلت على قرض لشراء منزل من شركة حقيقية وديعة حقيقية دعا شركة القرض ألباكر. أنا سعيد جدا اليوم و الله صلى الله خوسيه لويس قرض الشركة.
    ،
    اسمي عبد الله أنا من مدينة الرياض لقد تم البحث عن شركة قرض حقيقية على مدى 5 أشهر، لشراء منزل
    كل ما حصلت عليه كان حفنة من الحيل الذي جعلني أن أثق بهم وفي النهاية
    من اليوم، أخذوا أموالي دون إعطاء أي شيء في المقابل، كل شيء
    فقدت أملي، وحصلت على الخلط والإحباط، وأنا لم أكن أريد أن يكون أي علاقة مع شركات القروض على شبكة الإنترنت، لذلك ذهبت إلى اقتراض بعض المال من
    صديق، قلت لها كل ما حدث وقالت انها يمكن أن تساعدني، ذلك
    أنها تعرف شركة القرض التي يمكن أن تساعدني مع أي مبلغ من القروض
    التي يحتاجها لي مع معدل فائدة منخفض جدا من 2٪، أنها حصلت للتو
    قرض من لهم، وقالت انها وجهت لي على كيفية التقدم بطلب للحصول على القرض، فعلت
    تماما كما قالت لي، وأنا تقدمت معهم على البريد الإلكتروني: (albakerloanfirm@gmail.com) لم أكن أعتقد ولكن حاولت وأنا
    أعظم مفاجأة حصلت على القرض في غضون 24 ساعة، لم أستطع أن أصدق،
    أنا سعيد وغني مرة أخرى وأنا أشكر الله أن هذا القرض
    شركات مثل هذا لا تزال موجودة على هذه الحيل في جميع أنحاء الأماكن،
    يرجى أنصح الجميع هناك الذين هم في حاجة إلى قرض للذهاب
    (albakerloanfirm@gmail.com) أنها لن تفشل لك، و
    يجب أن تتغير حياتك كما فعلت الألغام. الاتصال بسرعة (albakerloanfirm@gmail.com) اليوم والحصول على القرض الخاص بك منهم، بارك الله شركة ألباكر قرض للحصول على عرض قرض حقيقي.
     تأكد من الاتصال شركة ألبكر قرض للحصول على القرض الخاص بك لأنني حصلت على قرض بلدي بنجاح من هذه الشركة دون إجهاد.

    ردحذف