منظومة السنن المتعلقة باعتناق الدين

منظومة السنن المتعلقة باعتناق الدين

من هذه المنظومة الحقائق والقوانين الآتية:

       1-              الإنسان بحكم طبيعته الذاتية ذو إرادة حرة واختيار، وهذا ما أراده الله تعالى له وحققه.

       2-              والإنسان لا يمكن أن ينتفع إلا بما آمن به بمحض إرادته.

       3-              القول بأنه "لا إكراه في الدين" هو في الوقت ذاته سنة كونية وحقيقة علمية وسنة شرعية ونهي في صورة خبر.

       4-              لا جدوى من محاولة إكراه الناس على الإيمان أو على القيام بأمر ديني.

       5-              حقوق الإنسان مقدسة في الإسلام، فالإنسان في القرءان هو خليفة في الأرض ومكرَّم وحامل للأمانة، ومن هذه الحقوق حرية الإيمان.

       6-              إن أمر إيمان الإنسان خاضع لنسق من القوانين والسنن الكونية والتي تتضمن حرية الإرادة الإنسانية وتجعل الإنسان لا ينتفع إلا بما أقدم عليه بمحض اختياره.

       7-              الرسل لا يملكون إلا البلاغ المبين والإنذار والدلالة على سبل الهدي ولكنهم لا يملكون إحداث الهدي في قلوب الناس وليس لهم سلطان علي إرادة الناس ولا على قلوب الناس.

       8-              الشيطان لا يملك إلا أن يوسوس للناس وأن يزين لهم سبل الضلال والهلاك ولا سلطان له على الناس إلا بقدر ما يسمحون هم له به، والإنسان الذي ضعفت مناعته الذاتية يعرض نفسه لتسلط الشيطان عليه.

       9-              اختلاف الناس في كل شيء بما في ذلك العقائد والمذاهب هو أمر من لوازم سريان وتحقق القوانين والسنن ومن لوازم الظهور التفصيلي للكمال المطلق.

   10-              لا توجد سلطة أرضية لها الحق في الحكم على مسلم بالكفر طالما أنه يعلن أنه مسلم.

   11-              في الرسالة العالمية لا توجد عقوبة مادية أو دنيوية على تغيير الدين، وحسب المرتد أنه خسر نفسه وجلب عليها الدمار والهلاك.

   12-              لا عقاب علي ما لدي الإنسان من تصورات بخصوص الأمور الغيبية ما دام قد التزم بما نص عليه الكتاب العزيز ولم يجزم بالصحة المطلقة لتصوراته وببطلان تصورات الآخرين وما دام قد نزه ربه عن تصوراته، وداوم على التسبيح باسمه والتسبيح بحمده.

   13-              لا يؤاخذ الإنسان في أمور الدين إلا بما أعلنه وشهد به علي نفسه فلا يجوز التنقيب عما في قلبه، والنفاق لا يستوجب عقابا دنيويا وإنما يجب تقويم المنافق وإصلاحه بالحكمة والموعظة الحسنة وغيرها من الأساليب المقررة وإلا فإنه يلزم جهاده وهذا لا يعني بالضرورة قتاله.

            14-    لا توجد عقوبات دنيوية على ترك أداء شعيرة وإنما يجب دائما التواصي بالحق والأمر بالمعرف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير.

            15-    لا يجوز مطالبة الجماعة المؤمنة ولا الفرد المؤمن بما لا تقوم به الا أمة مؤمنة متمكنة.

            16-    شاء الله تعالى أن يكون الناس شعوباً وقبائل وأن يكونوا مختلفين في أمور الدين وأن يكون لكلٍّ منهم شرعة ومنهاجاً.

            17-    يجب التصرف بمقتضى أن الفصل النهائي بين كافة الشيع والطوائف لن يتم إلا في يوم الفصل؛ أي يوم القيامة.

            18-    يجب العمل بمقتضي الآيات التي تنص على أن الذين آمنوا بالله وباليوم الآخر وعملوا الصالحات لا خوف عليهم ولا هم يحزنون مهما كانت عقائدهم الأخرى، وعلي المسلم أن يعلم أنه ولد مسلماً بفضل من الله وليس باستحقاق ذاتي، فعليه أن يتصف بالرحمة تجاه سائر خلق الله وأن يشكر لله بمد يد العون إليهم وبأن يتقي الله فيهم وبأن يعاملهم بالبر والرفق والقسط.

            19-    السبل الشرعية للدعوة إلى دين الحق والأمر بالمعروف كلها سبل سلمية.

            20-    لا يجوز أخذ أموالٍ من الناس مقابل ممارسة ما هو حق لهم؛ وهو أن يعتنقوا ما يشاؤون من الدين.

ومن سنن التعامل مع أهل الكتاب أنهم يجب أن يعاملوا كبشر لهم كافة حقوق الإنسان المقررة في القرءان؛ فهم مستخلفون في الأرض وحاملون للأمانة ومكرمون وهم إخوة للمسلمين في الإنسانية وهم أقرب الناس إلى المسلمين باعتبارهم أهل كتاب منزل مثلهم، فيجب برهم والإقساط إليهم ومعاملتهم بالمودة والرحمة واحترام حقوقهم كبشر مكرمين، وإذا اقتضى الأمر مجادلتهم فليكن بالتي هي أحسن، ويمكن للمسلم أن يتزوج منهم والزواج من أوثق الروابط الإنسانية، وبالتالي فكل علاقة أدنى من ذلك كالصداقة أو الزمالة هي مباحة وهي محكومة بقيم الإسلام ومثله العليا.

ولكن كل هذا لا يجوز أن يدفع المسلم إلي مجاملتهم علي حساب عقيدته وإيمانه، وهو محرم عليه أن يظلمهم أو أن يعتدي عليهم ولكن عليه ألا يتهاون معهم إذا تآمروا مع أعداء الإسلام أو ظلموا أو أفسدوا في الأرض، والموالاة المنهي عنها هي عندما يكونون في حالة عداء سافر مع الأمة وذلك عندما كان الناس يتمايزون بأديانهم؛ أي كان الدين هو الهوية، أما ما ورد في المرويات من الأمر بالتشديد عليهم أحيانا فإنما يتعلق بالفترة التي ناصب فيها بنو إسرائيل المؤمنين العداء وتحالفوا مع أعدائهم وأصبح هنالك حالة حرب وتربص بين الفريقين وعندها أُمر المؤمنون أيضا بمخالفتهم في بعض الأمور التي تتعلق بالزي والمظهر الخارجي.

أما المعاهدة مع اليهود بعد الهجرة فلم تكن أسلوبا تكتيكيا مكيافيليا أملته ظروف مرحلية وإنما هي سنة يجب الالتزام بها في الظروف المشابهة؛ أي عندما تتعايش جماعة مؤمنة مع طائفة تخالفها في الدين في بلد واحد، ولقد عقدها الرسول معهم وظل على التزامه بها وكان صادقا مع ربه ومع نفسه ولكنهم هم الذين أخذوا في نقضها فريقا إثر فريق، ولو التزموا بتلك الوثيقة لكان خيرا لهم ولتغير التاريخ ولكنهم لم يفعلوا فجنوا على أنفسهم وعلى البشرية جمعاء من بعدهم.

وفي هذا العصر الذي أصبح الوطن هو الكيان المعترف به على مستوى العالم يصبح جميع من هم فيه شركاء في ملكيته وملكية موارده، فليس لطائفة أن تدعي أنها أحق به من غيرها ولا أن تفرض جزية على كل من اختلف عنها ولا أن تعامله كمواطن من الدرجة الثانية أو الثالثة، وحقوق المواطنة هي مستمدة بالأصالة من منظومات القيم والسنن الإسلامية، ومنها الحكم بالعدل والقيام بالقسط وأداء الأمانات إلى أهلها واحترام حقوق الإنسان وكرامته، ومن لا يقبل بالتعايش السلمي مع الآخرين فيجب الضرب على يديه بالشدة اللازمة.

أما ما يُسمَّى بالعهدة العمرية بالصورة الموجودة بها في كتب السلفية فالإسلام بريء منها، ويجب أن يتبرأ منها كل مسلم وأن يعتذر لكل من عانوا من تطبيقها على مدى التاريخ، ويمكن أن تُدرَّس في كتب التاريخ كمثال صارخ وفادح على انتهاك حقوق وكرامة الإنسان الذي كرَّمه الله تعالى وحمله في البر والبحر واستخلفه في الأرض.

*******