الاثنين، 11 أغسطس 2025

مقدمة كتابنا رقم 139، دحض القول بوجود آيات قرءانية منسوخة، الطبعة الثالثة، 2018

 مقدمة

 

المقصد من هذا الكتاب تمحيص عقائد وأقوال الأصوليين وأتباع المذاهب بخصوص ما يسمونه بعلم الناسخ والمنسوخ باستعمال منهجنا القرءاني المنطقي الصارم.

والكتاب يقدم البراهين اللازمة لدحض زعمهم بأنه توجد في القرءان آيات منسوخة أو أنه توجد آيات قرءانية لم تُدوَّن، ويثبت أن القرءان إنما نسخ بعض ما أخذ به المسلمون من أحكام الشرائع السابقة وبعض ما كانوا قد عملوا به لأي سبب من الأسباب، ويثبت أن القرءان يتضمن الآيات الناسخة، وليس المنسوخة، واتجاه النسخ هو نحو التخفيف ووضع الإصر والأغلال عن كاهل الناس، وتحقيق سمات دين الحقّ الملزم للناس كافة.

ولما كان النسخ أنواع، ومنها ما هو مقبول، فإنه يجب بيان أن المراد بالنسخ الباطل المذموم هو ما يلي:

1.   زعمهم بأنه توجد في القرءان آيات منسوخة؛ أي بقي رسمها وبطل حكمها.

2.   زعمهم بأنه توجد آيات قرءانية لم تُدوَّن وبقيت لها أحكام ملزمة للناس وناسخة لما ورد في القرءان.

3.   زعمهم بأنه توجد آيات قرءانية نُسِخت رسمًا وحكما.

فكل نسخ ذُكِر على سبيل الذم في هذا الكتاب هو من هذه الأبواب، أما القول بأن القرءان ينسخ ما يسمونه بالسنة فالتعبير الصحيح عنه هو أن القرءان قد نسخ بعض ما ورد في الآثار والمرويات الظنية مما يمكن أن يكون المسلمون قد عملوا به لفترة من الفترات قبل أن ينزل الحكم القرءاني الملزم، ولا مشكلة في هذا النوع من النسخ، فلكتاب الله تعالى الهيمنة المطلقة على كل مصادر الأمور الدينية، وكذلك لا مشكلة في أن تنسخ مروية مرويةً أخرى.

 

*******

 


الباب الأول

دحض القول بوجود آيات قرءانية منسوخة بالاستناد إلى أسس كلية

 

بدايةً يجب التأكيد على أن نسخ الأحكام والأوامر الشرعية والآيات الكونية ممكن وثابت، ولا مشكلة فيه، ولكن قولهم بوجود آيات قرءانية منسوخة بطل حكمها ولا يُعمل بها هو القول الباطل المدحوض، وهو النسخ الكفري لتضمنه كفرا ببعض الكتاب وبمنهجه، فلا وجود لآيات منسوخة في القرءان، القرءان به آيات ناسخة لأحكامٍ من الشرائع السابقة، وهو أيضًا الآية الناسخة لما لدى أهل الكتاب الآن ومن الكتب التي أنسيت، والمقصود أنه يغني عنها بما يتضمنه من الهدى والآيات والبينات والأوامر والأحكام، فلم يعد ثمة حاجة إليها فيما يتعلق بدين الحق الملزم للبشرية جمعاء، فالقرءان هو الآية التي أنزلها الله تعالى بديلا عن آيات الكتب السابقة، ولقد تعهد الله تعالى بحفظ القرءان وجمعه وبيانه في آيات محكمة، وبالتالي يجب رفض كل مروياتهم التي تشكك في ذلك والتي بنوا عليها أحكاما تأخذ بها المذاهب التي حلَّت محل الإسلام.

فالنسخ المقبول هو أن تنسخ آية القرءان ما سبقها من آيات الكتب الأخرى بحكم أن الدين واحد، وأن البشرية كانت تتدرَّج نحو كمالها على المستوى الجوهري، وكان الدين ينمو معها إلى أن أعلن الله تعالى أنه أكمله ورضيه للناس كافة.

فالمقصد من هذا الكتاب هو فحص وتمحيص عقائدهم بخصوص النسخ، وأهم نتائجه هو دحض القول بوجود آيات قرءانية منسوخة، وهذا النوع من النسخ هو النسخ الكفري، وقد يشار إليه في هذا الكتاب بالنسخ على سبيل الاختصار.

*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق