الأربعاء، 20 أغسطس 2025

هل يجوز تقسيم الأسماء الحسنى إلى أسماء جلالية وأسماء جمالية؟

هل يجوز تقسيم الأسماء الحسنى إلى أسماء جلالية وأسماء جمالية؟

 

من المسائل التي تثار في مباحث الأسماء الحسنى ما يُسمَّى بمحاولة تقسيمها إلى أسماء جلالية (توجب الهيبة والخوف) وأسماء جمالية (توجب المحبة والرجاء). غير أن التدقيق في النصوص القرءانية، ومقاصد معاني الأسماء نفسها، يكشف أن هذا التقسيم فيه تكلف ظاهر، ولا أصل له في الكتاب العزيز.

 

1.    الأصل القرءاني في وصف الأسماء

  • القرءان الكريم وصف الأسماء جميعًا بأنها حسنى: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} [طه:8]
  • ومن أسمائه سبحانه الاسم "ذو الجلال والإكرام" الذي يتضمن صراحة سمة الجلال، وهو من الأسماء الحسنى، فيجب فقه معانيه ومقتضياته على ضوء ذلك، فضلًا عن أنه يجمع مع الجلال معنى الإكرام، مما يدل أن الجلال مقرون بالإكرام، والرهبة ممتزجة بالمحبّة.
  • فالأسماء الإلهية لا تُفصل إلى جلالٍ محض أو جمالٍ محض، بل كل اسمٍ يجمع مقتضيات متكاملة، قد يبرز منها جانب الهيبة أو جانب اللطف، ولكنها مترابطة في النهاية.

 

2.    المعنى الحق للأسماء الحسنى

  • لكل اسمٍ من الأسماء الحسنى معانيه، ودلالاته، وتجلياته التي تستوجب في قلب المؤمن هيبةً ومحبةً معًا.
  • فمثلًا: اسم العليم يوجب الهيبة لأنك تهاب من يعلم عنك بعض أسرارك، فكيف بمن يعلم عنك كل شيء ظاهرًا وباطنًا!، وفي الوقت نفسه يوجب المحبة لأن علمه شامل وحكيم، لا جهل فيه ولا عبث.
  • واسم الغفور يبعث الرجاء والاطمئنان، لكنه يوجب كذلك الخشية، لأن علمك بسعة مغفرته يجعلك تستحي أن تعصي من هذا شأنه.

 

3.   إشكاليات تقسيم الأسماء

  • تكلف اصطلاحي: لأن محاولة وضع حد فاصل بين "جلالية" و"جمالية" تُخِلّ بالمعنى المركب لكل اسم.
  • غياب الأصل الشرعي: فالقرءان لم يشر إلى هذا التقسيم، بل وصفها جميعًا بالحُسن.
  • التباس في التطبيق: إذ يعتمد أغلب من يتحدثون عن هذا التقسيم على القائمة الشائعة للأسماء، التي تضم أسماءً غير ثابتة، أو أسماء لا يصح أن تُعد من الأسماء الحسنى، ويغفلون عن أسماء قرءانية صريحة.

 

4.    خطأ الاقتصار على القوائم الشائعة

  • كثيرٌ ممن يتناولون الأسماء الحسنى يبنون تصوراتهم على قوائم مشهورة ترجع إلى اجتهادات الرواة، ولا يميزون بين الثابت والضعيف.
  • وبهذا يُغفلون عن أسماء وردت في القرءان بجلاء، ويتداولون أسماء لم ترد فيه أصلًا.
  • كما يجهلون ما ذكره القرءان من المثاني والحلقات الإلهية، وهي ضمن البنية المتكاملة للأسماء الحسنى التي تُظهر ارتباطها العميق، وتكشف أن كل اسمٍ يتكامل مع غيره في شبكة دلالية واحدة.

 

الخلاصة

الأسماء الحسنى كلها أسماء حُسنى، فلا مجال لتقسيمها إلى "جلالية" و"جمالية" على نحو مصطنع.

  • كل اسمٍ يجمع في داخله ما يوجب الهيبة والمحبّة معًا.
  • القرءان لم يشر إلى هذا التقسيم، بل جعله البشر من باب التصنيف الذهني المتكلَّف.
  • الواجب هو فقه المعاني الحقيقية للأسماء كما وردت في القرءان، وفهم شبكة الارتباطات بينها، وعدم الاقتصار على القوائم الشائعة غير المحكمة.

 

*******

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق