الجمعة، 8 أغسطس 2025

مقدمة كتابنا الأركان الكبرى والتفصيلية لدين الحقّ، 2024

 مقدمة

 

 

سبق في كتب للمؤلف تقديم نظريات لاستخلاص الأركان والأمور والأوامر الدينية من القرءان الكريم، وهي إما أن تكون متناثرة في كتبه، أو تكون في كتب مكرسة أساسًا لذلك، هذه الكتب هي:

1.            أركان الإسلام، جزءان، نسخة ورقية، 2010.

2.            مختصر أركان دين الحق، مؤسسة الأمانة، (نسخة pdf)، 2015

3.            علم أمور الدين، نسخة ورقية، 2016، طبعة ثالثة نسخة (پي دي إف) 2021.

4.            أمور دين الحق (1-4)، (نسخة (پي دي إف))، 2018، 2020

5.            منظومة الأمور والسنن الدينية، نسخة پي دي إف، 2021

6.            خلاصة أمور وأركان دين الحق، نسخة پي دي إف، 2024

 

وها هي مقدمة كتاب "مختصر أركان دين الحق"

نقدم في هذا الكتاب بفضل الله تعالى واحدة من أعظم وأضخم نتائج مشروعات تجديد الدين على مدى التاريخ الإسلامي، ألا وهي منظومة أركان الدين الكبرى، ويمكن القول بأن هذه المنظومة هي التمثيل الحقيقي والتجسيد الصادق لدين الحق، وأن العلم والعمل بها على كافة المستويات هو السبيل إلى إصلاح أحوال المسلمين وتمكينهم من أداء المهام المنوطة بهم.

وكنا قد نشرنا كثيرا في هذا المجال ثم أفردنا له كتابا ضخما بعنوان أركان الإسلام، 2010م، فضلا عن رسائل لا حصر لها، ثم رؤي أن يتم نشر موجز لهذا الكتاب بصيغة الـ pdf حتى يكون متاحا للجميع على المستوى العالمي خاصة بعد تعذر النشر على نطاق واسع نتيجة هلع الناشرين ورعبهم الشديد من شياطين الإنس والجن.

ويقدم هذا الكتاب بيانًا بأركان دين الحق وشرحا مختصرا لها، وقد اقتضى ذلك بيان معنى مصطلح الإسلام ومشتقاته، وكذلك بيان الفروق بين المصطلحات المختلفة.

والإسلام المراد بيانه في كتاباتنا هو دين الحق؛ ذلك الدين العالمي الخاتم الذي أكمله الله تعالى وارتضاه لعباده وتمَّت به كلمته صدقا وعدلا والذي هو ملزم للناس كافة والذي بُعث به خاتم النبيين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ والذي يتضمنه القرءان الكريم وما يصدقه مما تواتر عن الرسول من السنن وما نُسب إليه عن طريق المرويات، وهو دين الحق الجامع لكل الصور المعلومة للإسلام، فكلها أجزاء منه أو مراحل من مراحله أو من ثمار العمل به، فهذا الإسلام هو الدين الرسمي الاصطلاحي، والقرءان الكريم هو المرجع الأوحد لهذا الدين في كل الأمور الكبرى والمرجع الرئيس فيما هو دون ذلك من الأمور.

فعناصر هذا الدين مبرهن عليها كلها بآيات القرءان الكريم، ذلك لأنه أصلا مستخلص منه وفق منهج قرءاني علمي منطقي صارم، أما المذاهب التي حلَّت محلّ الإسلام فقد اتخذت القرءان مهجورا وقدمت عليه ما شاء لها هواها أن تقدم من مصادر وحكَّمتها فيه وقضت بها عليه رغم كل دعاواهم وعبارات المدح المنمقة التي يكيلونها له.

وهذا الإسلام هو المطلوب من الإنسان الآن، وهو الدين التام الكامل الخاتم، وكل الأديان التي جاءت قبله كانت تمهيدا له، ولا يمكن أن يأتي دينٌ آخرَ بعده، ولا أن يظهر نبي بعد نبيه، وكل ما سيأتي بعده لا يمكن أن يكون إلا مندرجا في سياقه أو تفصيلا لبعض عناصره أو تأويلا لبعض آياته؛ أي من لوازم تحقيق وإتمام ظهوره، وهذا الإسلام ماثل في القرءان الذي هو رسالة الرحمـن إلى كل بني الإنسان، فمرجعه الأوحد في الأمور الكبرى هو القرءان، وهو مرجعه الأعلى في الأمور الثانوية، وهو ملزم للناس كافة إلى يوم الدين، وهو الطريق الرسمي المتاح للكافة للفوز بالنجاة والأمن والسعادة في الدار الآخرة.

فهذا الإسلام هو دين الحق الملزم للناس كافة، (The religion of truth, The official or the true Islâm)  ، وهو الذي كان الرسول مجسدا له بأقواله وأفعاله وسنته وحياته، وهذا الإسلام هو الدين الكامل الجامع الخاتم، وهو أيضا الدين العالمي، وهذا الدين هو الصورة الكاملة التامة للدين الذي أرسل به كل الأنبياء، وهو دين الفطرة في صورته الكاملة التامة، وهو الذي أعلن الله تعالى في القرءان أنه أكمله للناس وأنه سيظهره على الدين كله، {....الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا.....}المائدة3، ولهذا الدين سماتُه وعلومُه وبيِّناته ومقاصده وقيمه وأركانه وسننه، ولكل عنصر من العناصر الواردة في القرءان مكانه في هذا الدين، وأركانه هي كل ما ورد به أمر شرعي ملزِم ومشدَّد وحرص القرءان علي تأكيده وبيان أهميته، وعلي رأس تلك الأركان الإيمان بالإله الواحد الذي له الأسماء الحسني والأفعال والشئون المذكورة في القرءان، ولب هذه الأركان عبادة الله تعالى بإخلاص وذكر الله والعمل على إقامة صلة وثيقة به والتزكِّي، ولا نجاة لإنسان الآن إلا بالالتزام بهذا الإسلام طالما بلغه البلاغ الكافي والمبين، ومن كان حريصا على الالتزام المطلق بهذا الإسلام قلبا وقالبا فهو من المؤهلين لجني ثماره وهو من المبشرين بالجنة.

ولهذا الدين مقاصده العظمى الثابتة بالقرءان، وقد عبَّر القرءان عنها بمقتضياتها ولوازمها، وأركان الدين الملزمة للفرد هي وسائل تحقيق المقصد الديني الأعظم الخاص به، هذا المقصد هو لبّ المقاصد الدينية، وهو إعداد الإنسان الرباني الفائق (الصالح المفلح المحسن الشاكر) أي الإنسان الذي يجسِّد المثل الإسلامي الأعلى على المستوي الفردي والمؤهل للعيش السعيد والفلاح في الدنيا والآخرة، وهو أيضا الذي يقوم بقدر وسعه بأركان الدين الحقيقية الملزمة للفرد، فالأركان مع المقصد منها تمثل حلقة تغذية موجبة ترقى بالإنسان إلى ربه.

فكل أركان الدين لازمة لتحقيق المقصد من الدين، ونتيجة للأهمية البالغة لكافة أركان الدين فقد كان لاختزالها إلى تلك الأركان الخمسة المعلومة عواقبه الوخيمة علي الأمة، وبجعل هذه الأركان هي الإسلام تمَّ تفريغه من جوهره وروحه وأسسه الكبرى ومقاصده العظمى، ولقد كان ذلك من أسباب الانهيار المزري الذي لحق بتلك الأمة وأنزلها من عليائها وتفردها حتى لقد صارت أحقر وأذل الأمم وأعصاها على تحقيق النهضة والتقدم وأشدها رفضا للحضارة ومقتضيات التطور وأعجزها عن تحقيق التعايش السلمي بين مكوناتها، وكذلك صارت بلادها مباءة للظلم والجور والفساد والطغيان والعدوان علي حقوق وكرامة الإنسان، ولن يتم تصحيح الأمر إلا بإعادة الاعتبار إلي سائر الأركان الأخرى، ويلاحظ أنه كان للنظم الطاغوتية المجرمة التي تسلطت علي الأمة ومزقتها إربا وسحقتها سحقا منذ ذلك الانقلاب الأموي المشئوم مصلحة مؤكدة في اختزال الدين إلي هذه الأركان المشهورة وتضخيم شأنها علي حساب سائر الأركان الأخرى إذ كيف يسمح نظام طاغوتي استبدادي مجرم بتفعيل أركان تسحب منه كل شرعية وتوجب علي الناس أن يلعنوه كما توجب عليهم التصدي له والعمل علي تقويضه واجتثاثه من جذوره.

ويقدم الكتاب قوائم بالأركان الملزمة للفرد متدرجة من حيث الإيجاز أو التفصيل.

وشروح الأركان مقدمة طبقا لمنهج وأسلوب المؤلف، فهو لا يؤلف كتبه بطريقة تقليدية سردية، وإنما هو يتبع المنهج القرءاني، وهو لا يرجع إلى أي مرجع للاستخلاص أو الاستنباط إلا إلى القرءان الكريم، ويستطيع القارئ الجيد أن يتحقق من ذلك بنفسه، وقد يرجع إلى كتب المرويات لمزيدٍ من بيان وتوضيح وإثبات ما سبق استخلاصه من القرءان الكريم، وكتب المرويات التي تمَّ الرجوع إليها معلومة، وهي مذكورة في سياق الكلام.

وقد تتكرر بعض الفقرات مع إضافات جديدة في كل حالة مثلما هو الأمر في القرءان الذي نتأسَّى به، فيكون الهدف المزيد من التأكيد على بعض المعاني، وهذه الفقرات كُتِبت أصلا مستقلة عن بعضها وعلى فترات متفاوتة، ولا جدوى من محاولة دمجها.

كما يقدم الكتاب كذلك الأركان الملزمة للأمة، ومن الأركان ما هو ملزم لكلٍّ من الفرد والأمة كما سيتم بيانه، وهذه الأركان هي سبل تحقيق مقصدين من مقاصد الدين العظمى، كما أنها تساعد على تحقيق المقاصد الأخرى.

فالأركان الملزمة للأمة هي وسائل تحقيق ما يلي:

1.   إعداد الأمة الخيرة القوية الفائقة التي تجسِّد المثل الإسلامي الأعلى علي المستوي الأممي، وهي التي تسعى لتحقيق مقاصد الدين بالقيام بأركان الدين الملزمة للأمة ومنها الدعوةُ إلى الله تعالى والقيامُ بمقتضيات حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض، والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر واحترامُ حقوق وكرامة الإنسان ومعاملةُ كل من ينتمي إليها أو يحتمي بها وفق الأوامر والقيم والسنن الدينية، فالأمةُ تمثل الإنسان المستخلفَ والمكرمَ وحاملَ الأمانة على المستوى الأممي، وهي الأمةُ الداعية إلي الخير المجاهدةُ لإعلاء كلمة الله تعالى الساعيةُ إلي إظهار دين الحق المدافعة عن المستضعفين في الأرض والمقاومة للفتن والتعصب والاضطهادِ الديني والاستعلاءِ العنصري والإفسادِ في الأرض.

2.   تحقيق التعايش السلمي البناء المثمر بين الناس، وذلك بتزويدُ كل كيانٍ إنساني -بما في ذلك الفرد والأسرة والأمة وكل ما يمكن أن يستجدَ من كيانات والبشرية جمعاء- بالمنظومة المعنوية التي تمكنه من التعايشِ السلمي المثمر مع الكيانات الأخرى رغم الاختلاف في الدين والمذهب وأسلوب المعيشة والوطن والقومية والسلالة....إلخ، وهذا يتضمنُ التوظيفَ الإيجابيَّ للاختلافات بين الفرق المختلفة، وهذه العلوم لازمةٌ لصلاحِ أمر البشرية وازدهارها وقيامِها بمقتضياتِ حمل الأمانة والاستخلاف في الأرض وحتى يتحقق الأمن والسلام والتعايشُ السلمي بين الناس وحتى تتحققَ الاستفادةُ الأمثل من موارد الأرض والحفاظ عليها والانتهاء عن الإفساد فيها، والمنظومة المعنوية تشمل العلوم والقيم والمناهج والأوامر والسنن والأحكام والمعايير الأسس والآليات والسلوكيات، ومن فروع ذلك تزويدُ الجماعةِ المسلمة في أي بلد من البلدان بالمنظومة المعنوية اللازمة لتمكينها من أداء المهام المنوطة بالأمة بقدر وسعها ومن التعايش مع شتي الأحوال الممكنة. 

ويجب العلم بأنه من الممكن إعادة ترتيب بعض الأركان، أو تحويل بعضها من أركان فرعية إلى أركان أصلية، ولكن في كل الأحوال يجب بقاء كل العناصر في النسيج الحيّ للمنظومة.

=======

أما في هذا الكتاب فسيتم التركيز على أركان الدين وعناصره الكبرى والتفصيلية.

ويلزم العلم بأنه يمكن صياغة أمور دين الحقّ بطريقة أكثر تركيزًا باستعمال نظرية الأركان، وطبقًا للنظرية هناك منظومة أركان ملزمة للفرد، ومنظومة أركان ملزمة للأمة، وبالنظر إلى المنظومتين تتبين الفوارق بين الدينين، دين الحقّ القرءاني، ودين عالم المرويات.

وهناك طرق عديدة لصياغة أركان الدين، ومنها مثلا ما يعتبر أن من الأركان الكبرى التحقق بأمهات القيم والأخلاق الإسلامية مثل التقوى والفلاح والصبر.

ونظريتنا لاستخلاص أركان الدين الكبرى مبينة في كتب سابقة عديدة، بفضل الله تعالى سنقدم نظرية جديدة للأركان تتضمن النظرية السابقة، وتضيف إليها

وبذلك يكون هناك نظرية للأركان تتضمن الأركان اللوازمية التفصيلية.

 

=======

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق