مهام الرسول ﷺ ومكانة الأمة في ضوء القرءان الكريم
أولًا: مهام
خاتم النبيين ﷺ كما وردت في القرءان الكريم
لقد حدد الله تعالى في كتابه
العزيز مهام النبي ﷺ بوضوح، وهي مهام متعددة، تتكامل لتشكّل صورة القائد والرسول
الذي بعثه الله رحمة للعالمين، لا مُستبدًا ولا جبارًا. وأهم هذه المهام ما يلي:
1.
الرسالة: حمل
رسالة الحق والرحمة والعدل للعالمين، وإعداد الأمة الخيرة الصالحة.
2.
النبوة: تلقي الوحي الإلهي، والعمل بمقتضاه.
3.
الدعوة إلى الله: دعوة الناس لعبادة الله وحده، بلا إكراه،
وبأسلوب الحكمة والموعظة الحسنة.
4.
التبشير: تبشير المؤمنين الذين يستجيبون بالجنة
ورضوان الله.
5.
الإنذار: تحذير المعرضين والكافرين من عواقب الظلم
والضلال والعناد.
6.
التبليغ: أداء أمانة الرسالة دون كتمان شيء من
الوحي.
7.
تبيين آيات
القرءان: شرح وتوضيح
معاني الآيات، وبيان الأحكام المستخرجة منها.
8.
تلاوة القرءان
على الناس: تلاوة الآيات
لتكون نورًا وهدايةً للعالمين.
9.
تزكية النفوس: تطهيرها من الشرك، والرياء، وحب الدنيا،
والأهواء الفاسدة.
10.
تعليم الكتاب
والحكمة: تعليم القرءان
وتعاليمه العميقة التي تُكوِّن وعي الأمة.
11.
تعليم ما لم
يكونوا يعلمون: رفع الجهل،
وتأسيس المعرفة النافعة في أمور الدين والدنيا.
12.
الولاية على أمة
المؤمنين: أي تولي القيادة
الروحية والتربوية والتنظيمية للمؤمنين فقط.
13.
الحكم بينهم: أي القضاء بينهم في الخصومات والنزاعات،
وفق الأحكام الإلهية القرءانية.
14.
أخذ الصدقات
وتوزيعها: إدارة المال
العام والتكافل الاجتماعي.
15.
الصلاة عليهم: الدعاء لهم، والمشاركة في شؤونهم
الاجتماعية.
16.
تشريع بعض
الأمور بإذن الله: مثل تحديد الحج
مرة واحدة في العمر.
17.
سن الأذكار
والأدعية: خاصة في الصلاة
وغيرها، بإذن من الله.
18.
الشهادة على
أمته: يوم القيامة،
يشهد أنه بلغهم ودعاهم للحق.
19.
الشهادة على
الأمم السابقة: يشهد على من
بلغتهم رسالات الأنبياء من قبله.
20.
ختم النبوة: فلا نبي بعده، وهو حامل آخر الرسالات
السماوية.
21.
بناء أمة خيّرة: إعداد أمة تُقيم العدل، وتنشر الرحمة،
وتشهد على الناس.
ثانيًا: علاقة
النبي ﷺ بأمة المؤمنين
النبي محمد ﷺ كان قائدًا لأمة
المؤمنين، لكنه لم يكن حاكمًا جبريًا ولا ملكا ولا ديكتاتورًا ولا وكيلا ولا
مسيطرا، بل كانت علاقته بالمؤمنين قائمة على الإيمان الطوعي والطاعة القائمة على
القناعة، لا على الإكراه أو الاستبداد.
فقد كان ﷺ:
- وليًا
على المؤمنين فقط، ممن اتبعوه بإيمان، لا على سائر الناس.
- غير
مُسيطر ولا مُكره: لم يكن
وكيلاً عن الناس، ولا حافظًا عليهم، ولا متسلطًا، كما نَفَى القرءان هذه
الصفات عنه في آيات متعددة.
- مُخيّرًا
في الحكم على غير المسلمين: خصوصًا أهل
الكتاب الذين عاشوا مع المسلمين في المدينة، إذ لم يُجبرهم على حكم الإسلام.
ولهذا، فإن الاتهام القديم بأن
النبي ﷺ كان يريد أن يكون ملكًا أو يستولي على الحكم، هي تهمة باطلة، وقد رددها
خصومه عبر العصور.
ثالثًا: أمة
الإسلام ليست مشروعًا سياسيًا
نظرًا لأن الإسلام دين عالمي، فإن
الأمة التي أسسها النبي ﷺ هي أمة إيمانية، وليست أمة ذات حدود سياسية أو شكل نظام
معين.
- فليس
من الإسلام أن يُفرض على الناس نظام قَبَلي بدائي يعود للقرن السابع الميلادي.
- يمكن
لأمة المؤمنين أن تعيش داخل أي دولة، وتحت أي نظام سياسي، طالما تُمكنهم من
أداء شعائرهم بحرية.
- فالمسلمون
في أمريكا أو أوروبا يمكنهم أن يكونوا أمة إيمانية دون أن يسعوا لتغيير
النظام السياسي القائم.
- الإسلام
لا يُحتِّم على المسلمين أن يُقيموا دولة عالمية أو يفرضوا الإسلام بالقوة.
الإسلام دينٌ عالمي، وليس مشروعًا
استعماريًا.
رابعًا: التحذير
من الطوائف المفسدة باسم الدين
على مر العصور، ظهرت فئات تدّعي
أنها تُقيم الإسلام، لكنها في الحقيقة جعلت منه وسيلة للفساد، والغزو، وسفك الدماء.
هؤلاء هم الذين:
- أوقدوا
نار الحرب، والله يطفئها.
- سعوا
في الأرض فسادًا، والله لا يحبهم.
- اعتدوا
على الشعوب الآمنة، فاستحقوا غضب الله وسننه العادلة.
ولذلك، فإنهم كلما ظهروا، حدث
واحد من أمرين:
1.
اقتتلوا فيما
بينهم: بسبب الطمع
والسلطة، كما وقع في العصور الأولى من الفتن.
2.
سُلِّط عليهم من
لا يخافهم ولا يرحمهم: كما حدث مرارًا
في التاريخ الإسلامي من الغزوات والانهيارات.
خامسًا: سنن
الله لا تحابي أحدًا
القرءان يبيّن أن الله تعالى لا
يحابي أحدًا، حتى المسلمين، إذا ظلموا أو فسدوا أو طغوا.
لقد أصابتهم:
- الفتن
الداخلية: لأنهم
تنافسوا على الدنيا، وابتعدوا عن مقاصد الدين.
- العقوبات
الإلهية: لأنهم طغوا
في البلاد، وأكثروا فيها الفساد.
كما قال تعالى:
{فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ
سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)} الفجر
خلاصة
- مهام
الرسول ﷺ قرءانية واضحة ومتعددة، وليست محدودة بالتبليغ.
- العلاقة
بين النبي ﷺ وأمته قائمة على الإيمان، لا القهر.
- الأمة
الإسلامية لا تفرض شكلًا سياسيًا معينًا، وهي قابلة للتعايش مع العالم.
- الإسلام
ليس دينًا توسعيًا، ولا يدعو للغزو والهيمنة.
- من
يستغل الدين للدمار والفساد، فسنن الله كفيلة بهلاكهم، ولا مفر من العقاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق